(الصفحة 278)
عنه بعد موته قولان ، أقواهما العدم ، وإن قلنا بالوجوب بالنسبة إلى حجّة الإسلام ، إلاّ أن يكون قصده من قوله : «لله عليّ أن أحجّ» الاستنابة .
[3119] مسألة 12 : لو نذر أن يحجّ رجلاً في سنة معيّنة فخالف مع تمكّنه وجب عليه القضاء والكفّارة ، وإن مات قبل إتيانهما يقضيان من أصل التركة ; لأنّهما واجبان ماليّان بلا إشكال ، والصحيحتان المشار إليهما سابقاً الدالّتان على الخروج من الثلث معرض عنهما كما قيل ، أو محمولتان على بعض المحامل ، وكذا إذا نذر الإحجاج من غير تقييد بسنة معيّنة مطلقاً، أو معلّقاً على شرط وقد حصل وتمكّن منه وترك حتّى مات ، فإنّه يقضى عنه من أصل التركة ، وأمّا لو نذر الإحجاج بأحد الوجوه ولم يتمكّن منه حتّى مات ، ففي وجوب قضائه وعدمه وجهان ، أوجههما ذلك ; لأنّه واجب ماليّ أوجبه على نفسه فصار ديناً . غاية الأمر أنّه ما لم يتمكّن معذور ، والفرق بينه وبين نذر الحجّ بنفسه أنّه لايعدّ ديناً مع عدم التمكّن منه واعتبار المباشرة ، بخلاف الإحجاج فإنّه كنذر بذل المال ، كما إذا قال : «لله عليّ أن اُعطي الفقراء مائة درهم» ومات قبل تمكّنه ، ودعوى كشف عدم التمكّن عن عدم الانعقاد ممنوعة ، ففرق بين إيجاب مال على نفسه أو إيجاب عمل مباشري ، وإن استلزم صرف المال ، فإنّه لايعدّ ديناً عليه بخلاف الأوّل .
[3120] مسألة 13 : لو نذر الإحجاج معلّقاً على شرط، كمجيء المسافر أو شفاء المريض فمات قبل حصول الشرط مع فرض حصوله بعد ذلك وتمكّنه منه قبله ، فالظاهر وجوب القضاء عنه إلاّ أن يكون مراده التعليق على ذلك الشرط مع كونه حيّاً حينه ، ويدلّ على ما ذكرنا خبر مسمع بن عبد الملك فيمن كان له جارية حبلى فنذر إن هي ولدت غلاماً أن يحجّه أو يحجّ عنه ; حيث قال الصادق (عليه السلام) ـ بعدما سئل عن هذا ـ : «إنّ رجلاً نذر لله ـ عزّوجلّ ـ في ابن له إن هو أدرك أن يحجّ عنه أو يحجّه ، فمات الأب وأدرك الغلام بعد ، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
(الصفحة 279)
الغلام فسأله عن ذلك ، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يحجّ عنه ممّا ترك أبوه» . وقد عمل به جماعة ، وعلى ما ذكرنا لايكون مخالفاً للقاعدة كما تخيّله سيّد «الرياض» وقرّره عليه صاحب «الجواهر» وقال : إنّ الحكم فيه تعبّدي على خلاف القاعدة .
[3121] مسألة 14 : إذا كان مستطيعاً ونذر أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد على الأقوى ، وكفاه حجّ واحد ، وإذا ترك حتّى مات وجب القضاء عنه والكفّارة من تركته ، وإذا قيّده بسنة معيّنة فأخّر عنها وجب عليه الكفّارة، وإذا نذره في حال عدم الاستطاعة انعقد أيضاً ووجب عليه تحصيل الاستطاعة مقدّمة ، إلاّ أن يكون مراده الحجّ بعد الاستطاعة .
[3122] مسألة 15 : لايعتبر في الحجّ النذري الاستطاعة الشرعيّة ، بل يجب مع القدرة العقليّة ، خلافاً للدروس ، ولا وجه له ; إذ حاله حال سائر الواجبات التي تكفيها القدرة عقلاً .
[3123] مسألة 16 : إذا نذر حجّاً غير حجّة الإسلام في عامه وهو مستطيع لم ينعقد إلاّ إذا نوى ذلك على تقدير زوالها فزالت ، ويحتمل الصحّة مع الإطلاق أيضاً إذا زالت ، حملاً لنذره على الصحّة .
[3124] مسألة 17 : إذا نذر حجّاً في حال عدم الاستطاعة الشرعيّة ثمّ حصلت له ، فإن كان موسّعاً أو مقيّداً بسنة متأخّرة قدّم حجّة الإسلام لفوريّتها . وإن كان مضيّقاً; بأن قيّده بسنة معيّنة وحصل فيها الاستطاعة أو قيّده بالفوريّة قدّمه ، وحينئذ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجبت وإلاّ فلا ; لأنّ المانع الشرعي كالعقلي ، ويحتمل وجوب تقديم النذر ولو مع كونه موسّعاً ; لأنّه دين عليه ، بناءً على أنّ الدين ولو كان موسّعاً يمنع عن تحقّق الاستطاعة ، خصوصاً مع ظنّ عدم تمكّنه من الوفاء بالنذر إن صرف استطاعته في حجّة الإسلام .
[3125] مسألة 18 : إذا كان نذره في حال عدم الاستطاعة فوريّاً ، ثمّ استطاع
(الصفحة 280)
وأهمل عن وفاء النذر في عامه وجب الإتيان به في العام القابل مقدّماً على حجّة الإسلام ، وإن بقيت الاستطاعة إليه لوجوبه عليه فوراً ففوراً ، فلايجب عليه حجّة الإسلام إلاّ بعد الفراغ عنه ، لكن عن «الدروس» أنّه قال ـ بعد الحكم بأنّ استطاعة النذر شرعيّة لا عقليّة ـ : «فلو نذر ثمّ استطاع صرف ذلك إلى النذر ، فإن أهمل واستمرّت الاستطاعة إلى العام القابل وجب حجّة الإسلام أيضاً» . ولا وجه له . نعم ، لو قيّد نذره بسنة معيّنة وحصل فيها الاستطاعة فلم يف به وبقيت استطاعته إلى العام المتأخّر أمكن أن يقال بوجوب حجّة الإسلام أيضاً ; لأنّ حجّه النذري صار قضاء موسّعاً ، ففرق بين الإهمال مع الفوريّة والإهمال مع التوقيت ، بناءً على تقديم حجّة الإسلام مع كون النذري موسّعاً .
[3126] مسألة 19 : إذا نذر الحجّ وأطلق من غير تقييد بحجّة الإسلام ولا بغيره وكان مستطيعاً أو استطاع بعد ذلك ، فهل يتداخلان فيكفي حجّ واحد عنهما ، أو يجب التعدّد، أو يكفي نيّة الحجّ النذري عن حجّة الإسلام دون العكس؟ أقوال ، أقواها الثاني ; لأصالة تعدّد المسبّب بتعدّد السبب ، والقول بأنّ الأصل هو التداخل ضعيف ، واستدلّ للثالث بصحيحتي رفاعة ومحمّد بن مسلم عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله فمشى ، هل يجزئه عن حجّة الإسلام؟ قال (عليه السلام) : نعم ، وفيه: أنّ ظاهرهما كفاية الحجّ النذري عن حجّة الإسلام مع عدم الاستطاعة وهو غير معمول به ، ويمكن حملهما على أنّه نذر المشي لا الحجّ ثمّ أراد أن يحجّ، فسأل (عليه السلام)عن أنّه هل يجزئه هذا الحجّ الذي أتى به عقيب هذا المشي أم لا ؟ فأجاب (عليه السلام)بالكفاية . نعم ، لو نذر أن يحجّ مطلقاً أيّ حجّ كان كفاه عن نذره حجّة الإسلام ، بل الحجّ النيابي وغيره أيضاً ; لأنّ مقصوده حينئذ حصول الحجّ منه في الخارج بأيّ وجه كان .
[3127] مسألة 20 : إذا نذر الحجّ حال عدم استطاعته معلّقاً على شفاء ولده مثلا
(الصفحة 281)
فاستطاع قبل حصول المعلّق عليه فالظاهر تقديم حجّة الإسلام ، ويحتمل تقديم المنذور إذا فرض حصول المعلّق عليه قبل خروج الرفقة مع كونه فوريّاً ، بل هو المتعيّن إن كان نذره من قبيل الواجب المعلّق .
[3128] مسألة 21 : إذا كان عليه حجّة الإسلام والحجّ النذري ولم يمكنه الإتيان بهما ; إمّا لظنّ الموت أو لعدم التمكّن إلاّ من أحدهما ، ففي وجوب تقديم الأسبق سبباً أو التخيير، أو تقديم حجّة الإسلام لأهمّيتها وجوه ، أوجهها الوسط ، وأحوطها الأخير ، وكذا إذا مات وعليه حجّتان ولم تفِ تركته إلاّ لإحداهما ، وأمّا إن وفت التركة فاللازم استئجارهما ولو في عام واحد .
[3129] مسألة 22 : من عليه الحجّ الواجب بالنذر الموسّع يجوز له الإتيان بالحجّ المندوب قبله .
[3130] مسألة 23 : إذا نذر أن يحجّ أو يُحجّ انعقد ووجب عليه أحدهما على وجه التخيير ، وإذا تركهما حتّى مات يجب القضاء عنه مخيّراً .
وإذا طرأ العجز من أحدهما معيّناً تعيّن الآخر ، ولو تركه أيضاً حتّى مات يجب القضاء عنه مخيّراً أيضاً ; لأنّ الواجب كان على وجه التخيير ، فالفائت هو الواجب المخيّر ، ولا عبرة بالتعيين العرضي ، فهو كما لو كان عليه كفّارة الإفطار في شهر رمضان وكان عاجزاً عن بعض الخصال ثمّ مات ، فإنّه يجب الإخراج عن تركته مخيّراً ، وإن تعيّن عليه في حال حياته في إحداها ، فلايتعيّن في ذلك المتعيّن . نعم ، لو كان حال النذر غير متمكّن إلاّ من أحدهما معيّناً ولم يتمكّن من الآخر إلى أن مات أمكن أن يقال باختصاص القضاء بالذي كان متمكّناً منه ، بدعوى أنّ النذر لم ينعقد بالنسبة إلى ما لم يتمكّن منه ، بناءً على أنّ عدم التمكّن يوجب عدم الانعقاد ، لكن الظاهر أنّ مسألة الخصال ليست كذلك ، فيكون الإخراج من تركته على وجه التخيير، وإن لم يكن في حياته متمكّناً إلاّ من البعض أصلاً .
(الصفحة 282)
وربما يحتمل في الصورة المفروضة ونظائرها عدم انعقاد النذر بالنسبة إلى الفرد الممكن أيضاً ، بدعوى أنّ متعلّق النذر هو أحد الأمرين على وجه التخيير ، ومع تعذّر أحدهما لايكون وجوب الآخر تخييريّاً ، بل عن «الدروس» اختياره في مسألة ما لو نذر إن رزق ولداً أن يحجّه أو يحجّ عنه إذا مات الولد قبل تمكّن الأب من أحد الأمرين ، وفيه : أنّ مقصود الناذر إتيان أحد الأمرين من دون اشتراط كونه على وجه التخيير ، فليس النذر مقيّداً بكونه واجباً تخييريّاً حتّى يشترط في انعقاده التمكّن منهما .
[3131] مسألة 24 : إذا نذر أن يحجّ أو يزور الحسين (عليه السلام) من بلده ثمّ مات قبل الوفاء بنذره وجب القضاء من تركته ، ولو اختلفت اُجرتهما يجب الاقتصار على أقلّهما اُجرة إلاّ إذا تبرّع الوارث بالزائد ، فلايجوز للوصيّ اختيار الأزيد اُجرةً ، وإن جعل الميّت أمر التعيين إليه ، ولو أوصى باختيار الأزيد اُجرة خرج الزائد من الثلث .
[3132] مسألة 25 : إذا علم أنّ على الميّت حجّاً ولم يعلم أنّه حجّة الإسلام أو حجّ النذر وجب قضاؤه عنه من غير تعيين، وليس عليه كفّارة ، ولو تردّد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفّارة أيضاً ، وحيث إنّها مردّدة بين كفّارة النذر وكفّارة اليمين فلابدّ من الاحتياط ، ويكفي حينئذ إطعام ستّين مسكيناً ; لأنّ فيه إطعام عشرة أيضاً، الذي يكفي في كفّارة الحلف .
[3133] مسألة 26 : إذا نذر المشي في حجّه الواجب عليه أو المستحبّ انعقد مطلقاً حتّى في مورد يكون الركوب أفضل ; لأنّ المشي في حدّ نفسه أفضل من الركوب بمقتضى جملة من الأخبار ، وإن كان الركوب قد يكون أرجح لبعض الجهات ، فإنّ أرجحيّته لا توجب زوال الرجحان عن المشي في حدّ نفسه ، وكذا ينعقد لو نذر الحجّ ماشياً مطلقاً ، ولو مع الإغماض عن رجحان المشي ; لكفاية
|