(الصفحة 336)
الأولى ، حيث إنّه يقع باقي أعمالها أيضاً في رجب ، والظاهر عدم الفرق بين العمرة المندوبة والواجبة بالأصل أو بالنذر ونحوه .
[3220] مسألة 2 : كما لايجوز تقديم الإحرام على الميقات ، كذلك لايجوز التأخير عنها ، فلايجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول مكّة أن يجاوز الميقات اختياراً إلاّ محرماً ، بل الأحوط عدم المجاوزة عن محاذاة الميقات أيضاً إلاّ محرماً ، وإن كان أمامه ميقات آخر ، فلو لم يحرم منها وجب العود إليها مع الإمكان ، إلاّ إذا كان أمامه ميقات آخر ، فإنّه يجزئه الإحرام منها، وإن أثم بترك الإحرام من الميقات الأوّل ، والأحوط العود إليها مع الإمكان مطلقاً، وإن كان أمامه ميقات آخر . وأمّا إذا لم يرد النسك ولا دخول مكّة ; بأن كان له شغل خارج مكّة ، ولو كان في الحرم فلايجب الإحرام . نعم ، في بعض الأخبار وجوب الإحرام من الميقات إذا أراد دخول الحرم وإن لم يرد دخول مكّة ، لكن قد يدّعى الإجماع على عدم وجوبه ، وإن كان يمكن استظهاره من بعض الكلمات .
[3221] مسألة 3 : لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً ولم يتمكّن من العود إليها لضيق الوقت أو لعذر آخر ، ولم يكن أمامه ميقات آخر بطل إحرامه وحجّه على المشهور الأقوى ، ووجب عليه قضاؤه إذا كان مستطيعاً ، وأمّا إذا لم يكن مستطيعاً فلا يجب ، وإن أثم بترك الإحرام بالمرور على الميقات ، خصوصاً إذا لم يدخل مكّة ، والقول بوجوبه عليه ولو لم يكن مستطيعاً، بدعوى وجوب ذلك عليه إذا قصد مكّة فمع تركه يجب قضاؤه لا دليل عليه ، خصوصاً إذا لم يدخل مكّة ، وذلك لأنّ الواجب عليه إنّما كان الإحرام لشرف البقعة ، كصلاة التحيّة في دخول المسجد ، فلا قضاء مع تركه ، مع أنّ وجوب الإحرام لذلك لايوجب وجوب الحجّ عليه ، وأيضاً إذا بدا له ولم يدخل مكّة كشف عن عدم الوجوب من الأوّل ، وذهب بعضهم إلى أنّه لو تعذّر عليه العود إلى الميقات أحرم من مكانه ، كما في الناسي
(الصفحة 337)
والجاهل نظير ما إذا ترك التوضّؤ إلى أن ضاق الوقت ، فإنّه يتيمّم وتصحّ صلاته وإن أثم بترك الوضوء متعمّداً ، وفيه : أنّ البدليّة في المقام لم تثبت ، بخلاف مسألة التيمّم ، والمفروض أنّه ترك ما وجب عليه متعمّداً .
[3222] مسألة 4 : لو كان قاصداً من الميقات للعمرة المفردة وترك الإحرام لها متعمّداً يجوز له أن يحرم من أدنى الحلّ ، وإن كان متمكّناً من العود إلى الميقات فأدنى الحلّ له مثل كون الميقات أمامه ، وإن كان الأحوط مع ذلك العود إلى الميقات . ولو لم يتمكّن من العود ولا الإحرام من أدنى الحلّ بطلت عمرته .
[3223] مسألة 5 : لو كان مريضاً لم يتمكّن من النزع ولبس الثوبين يجزئه النيّة والتلبية ، فإذا زال عذره نزع ولبسهما ، ولايجب حينئذ عليه العود إلى الميقات . نعم ، لو كان له عذر عن أصل إنشاء الإحرام لمرض أو إغماء ثمّ زال وجب عليه العود إلى الميقات إذا تمكّن ، وإلاّ كان حكمه حكم الناسي في الإحرام من مكانه إذا لم يتمكّن إلاّ منه ، وإن تمكّن العود في الجملة وجب ، وذهب بعضهم إلى أنّه إذا كان مغمى عليه ينوب عنه غيره ; لمرسل جميل، عن أحدهما (عليهما السلام) في مريض اُغمي عليه فلم يفق حتّى أتى الموقف ، قال (عليه السلام) : «يحرم عنه رجل». والظاهر أنّ المراد أنّه يحرمه رجل ويجنّبه عن محرّمات الإحرام ، لا أنّه ينوب عنه في الإحرام ، ومقتضى هذا القول عدم وجوب العود إلى الميقات بعد إفاقته وإن كان ممكناً ، ولكن العمل به مشكل ; لإرسال الخبر وعدم الجابر ، فالأقوى العود مع الإمكان وعدم الاكتفاء به مع عدمه .
[3224] مسألة 6 : إذا ترك الإحرام من الميقات ناسياً أو جاهلاً بالحكم أو الموضوع وجب العود إليها مع الإمكان ، ومع عدمه فإلى ما أمكن ، إلاّ إذا كان أمامه ميقات آخر ، وكذا إذا جاوزها محلاّ ; لعدم كونه قاصداً للنسك ولا لدخول مكّة ثمّ بدا له ذلك ، فإنّه يرجع إلى الميقات مع التمكّن، وإلى ما أمكن مع عدمه .
(الصفحة 338)
[3225] مسألة 7 : من كان مقيماً في مكّة وأراد حجّ التمتّع وجب عليه الإحرام لعمرته من الميقات إذا تمكّن ، وإلاّ فحاله حال الناسي .
[3226] مسألة 8 : لو نسي المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة ثمّ ذكر وجب عليه العود مع الإمكان ، وإلاّ ففي مكانه ولو كان في عرفات ، بل المشعر وصحّ حجّه ، وكذا لو كان جاهلاً بالحكم ، ولو أحرم له من غير مكّة مع العلم والعمد لم يصحّ ، وإن دخل مكّة بإحرامه ، بل وجب عليه الاستئناف مع الإمكان ، وإلاّ بطل حجّه . نعم ، لو أحرم من غيرها نسياناً ولم يتمكّن من العود إليها صحّ إحرامه من مكانه .
[3227] مسألة 9 : لو نسي الإحرام ولم يذكر حتّى أتى بجميع الأعمال من الحجّ أو العمرة فالأقوى صحّة عمله ، وكذا لو تركه جهلاً حتّى أتى بالجميع .
فصل
في مقدّمات الإحرام
[3228] مسألة 1 : يستحبّ قبل الشروع في الإحرام اُمور :
أحدها : توفير شعر الرأس ، بل واللحية لإحرام الحجّ مطلقاً ، ـ لا خصوص التمتّع، كما يظهر من بعضهم لإطلاق الأخبار ـ من أوّل ذي القعدة ; بمعنى عدم إزالة شعرهما ; لجملة من الأخبار ، وهي وإن كانت ظاهرة في الوجوب إلاّ أنّها محمولة على الاستحباب; لجملة اُخرى من الأخبار ظاهرة فيه ، فالقول بالوجوب ـ كما هو ظاهر جماعة ـ ضعيف ، وإن كان لاينبغي ترك الاحتياط ، كما لاينبغي ترك الاحتياط بإهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق ، حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضاً ; لخبر محمول على الاستحباب ، أو على ما إذا كان في حال الإحرام . ويستحبّ التوفير للعمرة شهراً .
(الصفحة 339)
الثاني : قصّ الأظفار، والأخذ من الشارب وإزالة شعر الإبط والعانة بالطلي، أو الحلق، أو النتف . والأفضل الأوّل ثمّ الثاني ، ولو كان مطليّاً قبله يستحبّ له الإعادة وإن لم يمضِ خمسة عشر يوماً ، ويستحبّ أيضاً إزالة الأوساخ من الجسد; لفحوى ما دلّ على المذكورات . وكذا يستحبّ الاستياك .
الثالث : الغسل للإحرام في الميقات ، ومع العذر عنه التيمّم ، ويجوز تقديمه على الميقات مع خوف إعواز الماء ، بل الأقوى جوازه مع عدم الخوف أيضاً ، والأحوط الإعادة في الميقات ، ويكفي الغسل من أوّل النهار إلى الليل ومن أوّل الليل إلى النهار ، بل الأقوى كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل وبالعكس ، وإذا أحدث بعدها قبل الإحرام يستحبّ إعادته خصوصاً في النوم ، كما أنّ الأولى إعادته إذا أكل أو لبس ما لايجوز أكله أو لبسه للمحرم ، بل وكذا لو تطيّب ، بل الأولى ذلك في جميع تروك الإحرام ، فلو أتى بواحد منها بعدها قبل الإحرام الأولى إعادته ، ولو أحرم بغير غسل أتى به وأعاد صورة الإحرام ، سواء تركه عالماً عامداً، أو جاهلاً، أو ناسياً ، ولكن إحرامه الأوّل صحيح باق على حاله ، فلو أتى بما يوجب الكفّارة بعده وقبل الإعادة وجبت عليه .
ويستحبّ أن يقول عند الغسل أو بعده : «بسم الله وبالله ، اللهمّ اجعَلْهُ لي نوراً وطهوراً وحرزاً وأمناً من كلّ خوف، وشفاءً من كلّ داء وسقم ، اللهمّ طهّرني وطهّر قلبي، واشرح لي صدري ، وأجر على لساني محبّتك ومدحتك والثناء عليك ، فإنّه لاقوّة لي إلاّ بك، وقد علمت أنّ قوام ديني التسليم لك ، والإتّباع لسنّة نبيّك صلواتك عليه وآله» .
الرابع : أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة ، وقيل بوجوب ذلك لجملة من الأخبار الظاهرة فيه ، المحمولة على الندب ; للاختلاف الواقع بينها ، واشتمالها على خصوصيّات غير واجبة ، والأولى أن يكون بعد صلاة الظهر في غير
(الصفحة 340)
إحرام حجّ التمتّع ، فإنّ الأفضل فيه أن يصلّي الظهر بمنى ، وإن لم يكن في وقت الظهر فبعد صلاة فريضة اُخرى حاضرة ، وإن لم يكن فمقضيّة، وإلاّ فعقيب صلاة النافلة .
الخامس : صلاة ستّ ركعات أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام ، والأولى الإتيان بها مقدّماً على الفريضة ، ويجوز إتيانها في أيّ وقت كان بلا كراهة ، حتّى في الأوقات المكروهة ، وفي وقت الفريضة حتّى على القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة ; لخصوص الأخبار الواردة في المقام ، والأولى أن يقرأ في الركعة الاُولى بعد الحمد التوحيد وفي الثانية الجحد لا العكس، كما قيل .
[3229] مسألة 2 : يكره للمرأة إذا أرادت الإحرام أن تستعمل الحنّاء إذا كان يبقى أثره إلى ما بعده مع قصد الزينة ، بل لا معه أيضاً إذا كان يحصل به الزينة وإن لم تقصدها، بل قيل بحرمته، فالأحوط تركه وإن كان الأقوى عدمها ، والرواية مختصّة بالمرأة ، لكنّهم ألحقوا بها الرجل أيضاً ; لقاعدة الاشتراك ولا بأس به ، وأمّا استعماله مع عدم إرادة الإحرام فلا بأس به وإن بقي أثره ، ولا بأس بعدم إزالته وإن كانت ممكنة .
فصل
في كيفيّة الإحرام
وواجباته ثلاثة :
الأوّل : النيّة ; بمعنى القصد إليه ، فلو أحرم من غير قصد أصلاً بطل، سواء كان عن عمد أو سهو أو جهل ، ويبطل نسكه أيضاً إذا كان الترك عمداً ، وأمّا مع السهو والجهل فلايبطل ، ويجب عليه تجديده من الميقات إذا أمكن ، وإلاّ فمن حيث أمكن على التفصيل الذي مرّ سابقاً في ترك أصل الإحرام .
|