(الصفحة 353)
القول(1) بوجوبه، وإن لا يخلو من إشكال.
مسألة 13 : لو وجد مركب كسيّارة أو طائرة ولم يوجد شريك للركوب، فإن لم
يتمكّن من أُجرته لم يجب عليه، وإلاّ وجب، إلاّ أن يكون حرجيّاً عليه، وكذا
الحال في غلاء الأسعار في تلك السّنة، أو عدم وجود الزاد والراحلة إلاّ بالزيادة
عن ثمن المثل، أو توقّف السير على بيع أملاكه بأقلّ منه.
مسألة 14 : يعتبر في وجوب الحج وجود نفقة العود إلى وطنه إن أراده، أو إلى
ما أراد التوقف فيه بشرط أن لا تكون نفقة العود إليه أزيد من العود إلى وطنه، إلاّ
إذا ألجأته الضرورة إلى السكنى فيه(2).
مسألة 15 : يعتبر في وجوبه وجدان نفقة الذهاب والإياب زائداً عمّا يحتاج
إليه في ضروريّات معاشه، فلا تباع دار سكناه اللائقة بحاله، ولا ثياب تجمّله،
ولاأثاث بيته، ولا آلات صناعته، ولا فرس ركوبه، أو سيّارة ركوبه، ولا سائر
ما يحتاج إليه بحسب حاله وزيّه وشرفه، بل ولا كتبه العلمية المحتاج إليها في
تحصيل العلم(3)، سواء كانت من العلوم الدينية أو من العلوم المباحة المحتاج إليها في
معاشه وغيره، ولايعتبر في شيء منها الحاجة الفعلية، ولو فرض وجود المذكورات
أو شيء منها بيده(4) من غير طريق الملك ـ كالوقف ونحوهـ وجب(5) بيعها للحج
بشرط كون ذلك غير مناف لشأنه، ولم تكن المذكورات في معرض الزوال.
- (1) ولكن هذا القول ضعيف، وعلى تقديره لافرق بين ما إذا كان أمامه ميقات آخر وما إذا لم يكن.
- (2) بل إلى العود إليه للسكنى، لا مجرّد السكنى فيه.
- (3) أو العمل.
- (4) أو أمكنه تحصيلها.
- (5) بمعنى صيرورته مستطيعاً، لا وجوب البيع بنفسه.
(الصفحة 354)
مسألة 16: لو لم يكن المذكورات زائدة على شأنه عيناً لا قيمة يجب تبديلها
وصرف قيمتها في مؤنة الحج أو تتميمها، بشرط عدم كونه حرجاً ونقصاً ومهانةً
عليه، وكانت الزيادة بمقدار المؤنة أو متمّمة لها ولو كانت قليلة.
مسألة 17 : لو لم يكن عنده من أعيان ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه
وتكسّبه، وكان عنده من النقود ونحوها مايمكن شراؤها يجوز صرفها في ذلك، من
غير فرق بين كون النقد عنده ابتداءً أو بالبيع بقصد التبديل أو لا بقصده، بل لو
صرفها في الحج ففي كفاية حجّه عن حجّةالإسلام إشكال، بل منع. ولو كان عنده
ما يكفيه للحجّ ونازعته نفسه للنكاح جاز صرفه فيه، بشرط كونه ضروريّاً
بالنسبة إليه، إمّا لكون تركه مشقّة عليه أو موجباً لضرر أو موجباً(1) للخوف في
وقوع الحرام، أو كان تركه نقصاً ومهانة عليه. ولو كانت عنده زوجة ولا يحتاج
إليها وأمكنه طلاقها وصرف نفقتها في الحج لا يجب ولا يستطيع.
مسألة 18 : لو لم يكن عنده ما يحجّ به، ولكن كان له دين على شخص بمقدار
مؤنته أو تتميمها يجب اقتضاؤه إن كان حالاًّ، ولو بالرجوع إلى حاكم الجور مع
فقد حاكم الشرع أو عدم بسط يده. نعم، لو كان الاقتضاء حرجيّاً أو المديون
معسراً لم يجب(2)، وكذا لو لم يمكن إثبات الدين. ولو كان مؤجّلا والمديون باذلا
يجب أخذه وصرفه فيه، ولا يجب في هذه الصورة مطالبته، وإن علم(3) بأدائه لو
طالبه. ولو كان غير مستطيع وأمكنه الاقتراض للحج والأداء بعده بسهولة لم يجب
ولا يكفي(4) عن حجّةالإسلام، وكذا لو كان له مال غائب لا يمكن صرفه في الحج
- (1) جواز الصرف في النكاح في هذا الفرض محلّ إشكال.
- (2) إلاّ إذا أمكن بيعه بأقلّ نقداً وكان الأقلّ كافياً.
- (3) عدم الوجوب في صورة العلم محل إشكال بل منع.
- (4) يجري فيهالتفصيل الآتيفيالدين،فلاوجهللحكم بعدمالكفاية بنحوالإطلاق.
(الصفحة 355)
فعلا، أو مال حاضر كذلك، أو دين مؤجّل لا يبذله المديون قبل أجله، لا يجب
الاستقراض والصرف في الحج، بل كفايته على فرضه عن حجّة الإسلام مشكل،
بل ممنوع(1).
مسألة 19 : لوكان عنده ما يكفيه للحج وكان عليه دين، فإن كان مؤجّلاً وكان
مطمئنّاً بتمكّنه من أدائه زمان حلوله مع صرف ما عنده وجب، بل لا يبعد وجوبه
مع التعجيل ورضا دائنه بالتأخير مع الوثوق بإمكان الأداء عند المطالبة، وفي غير
هاتين الصورتين لا يجب(2). ولا فرق في الدين بين حصوله قبل الاستطاعة أو
بعدها، بأن تلف مال الغير على وجه الضمان عنده بعدها. وإن كان عليه(3) خمس أو
زكاة وكان عنده مايكفيه للحج لولا هما فحالهما حال الدين مع المطالبة، فلا
يكون(4) مستطيعاً، والدين المؤجّل بأجل طويل جدّاً كخمسين سنة، وما هو مبنيّ
على المسامحة وعدم الأخذ رأساً، وما هو مبنيّ على الإبراء مع الاطمئنان بذلك، لم
يمنع(5) عن الاستطاعة.
مسألة 20: لو شك في أنّ ماله وصل إلى حدّ الاستطاعة، أو علم مقداره وشك
في مقدار مصرف الحج وأنّه يكفيه، يجب عليه الفحص على الأحوط.
مسألة 21 : لو كان مابيده بمقدار الحج وله مال لو كان باقياً يكفيه في رواج
- (1) قد مرّ الإشكال في إطلاقه في الحاشية السابقة.
- (2) بل يجب تخييراً.
- (3) أي كان على ذمّته، وأمّا لو كان متعلّقاً بالعين فلا إشكال في تقدّمه على الحج، وكذا على سائر الديون، وهكذا في الزكاة.
- (4) بناءً على تقدّم الدّين، وكون الوجه فيه هو عدم الاستطاعة.
- (5) بل يمنع في بعض الصور، وعلى مبنى التزاحم كما هو الحقّ يقع التزاحم في ذلك البعض أيضاً.
(الصفحة 356)
أمره بعد العود وشك في بقائه، فالظاهر وجوب الحج، كان المال حاضراً عنده أو
غائباً.
مسألة 22 : لوكان عنده ما يكفيه للحجّ، فإن لم يتمكّن من المسير لأجل عدم
الصحّة في البدن، أو عدم تخلية السرب فالأقوى جواز التصرّف فيه بما يخرجه عن
الاستطاعة، وإن كان لأجل عدم تهيئة الأسباب أو فقدان الرفقة فلا يجوز، مع
إحتمال الحصول فضلاً عن العلم به، وكذا(1) لا يجوز التصرّف قبل مجيء وقت
الحج، فلو تصرّف استقرّ عليه لو فرض رفع العذر فيما بعد في الفرض الأوّل، وبقاء
الشرائط في الثاني، والظاهر جواز التصرّف لو لم يتمكّن في هذا العام، وإن علم
بتمكّنه في العام القابل فلا يجب إبقاء المال إلى السنين القابلة.
مسألة 23: إن كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو مع غيره، وتمكّن
من التصرّف فيه ولو بالتوكيل يكون مستطيعاً وإلاّ فلا، فلو تلف في الصورة الأُولى
بعد مضيّ الموسم، أو كان التلف بتقصير منه ولو قبل أوان خروج الرفقة استقرّ
عليه الحج على الأقوى، وكذا الحال لو مات مورِّثه وهو في بلد آخر.
مسألة 24: لو وصل ماله بقدر الاستطاعة وكان جاهلاً به، أو غافلا عن
وجوب الحج عليه، ثمّ تذكّر بعد تلفه بتقصير منه ولو قبل أوان خروج الرفقة، أو
تلف ولو بلا تقصير منه بعد مضيّ الموسم، استقرّ عليه مع حصول سائر الشرائط
حال وجوده.
مسألة 25: لو اعتقد أنـّه غير مستطيع فحجّ ندباً، فإن أمكن فيه الاشتباه في
التطبيق صحّ وأجزأ عن حجّة الإسلام، لكن حصوله مع العلم والالتفات بالحكم
والموضوع مشكل، وإن قصد الأمر الندبي على وجه التقييد لم يجزئ عنه، وفي
- (1) لم يعلم المراد من هذا الفرض.
(الصفحة 357)
صحّة حجّه تأمّل، وكذا لو علم باستطاعته ثمّ غفل عنها، ولو تخيّل عدم فوريّته
فقصد الندب لا يجزئ، وفي صحّته تأمّل.
مسألة 26 : لايكفي(1) في وجوب الحج الملك المتزلزل، كما لو صالحه شخص
بشرط الخيار إلى مدّة معيّنة إلاّ إذا كان واثقاً بعدم فسخه، لكن لو فرض فسخه
يكشف عن عدم استطاعته.
مسألة 27: لو تلفت بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلى وطنه، أو تلف ما به
الكفاية من ماله في وطنه، بناءً على اعتبار الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة لا
يجزئه(2) عن حجّة الإسلام، فضلاً عمّا لو تلف قبل تمامها، سيّما إذا لم يكن له مؤنة
الإتمام.
مسألة 28 : لو حصلت الاستطاعة بالإباحة اللازمة وجب الحج، ولو أوصي
له بما يكفيه له فلا يجب عليه بمجرّد موت الموصي، كما لا يجب عليه القبول.
مسألة 29 : لو نذر قبل حصول الاستطاعة زيارة أبي عبدالله الحسين(عليه السلام)مثلاً
في كلّ عرفة، فاستطاع يجب عليه الحج بلا إشكال، وكذا الحال لو نذر أو عاهد
مثلا بما يضادّ الحج، ولو زاحم الحج واجب، أو استلزمه فعل حرام يلاحظ الأهمّ
عند الشارع الأقدس.
مسألة 30 : لو لم يكن له زاد و راحلة ولكن قيل له: حجّ وعليّ نفقتك ونفقة
عيالك، أو قال: حجّ بهذا المال، وكان كافياً لذهابه و إيابه ولعياله(3) وجب عليه،
من غير فرق بين تمليكه للحجّ أو إباحته له، ولا بين بذل العين أو الثمن، ولابين
- (1) الظاهر هو الكفاية ولايعتبر الوثوق.
- (2) محل إشكال.
- (3) اعتبار نفقة العيال محلّ إشكال.