(الصفحة 355)
فعلا، أو مال حاضر كذلك، أو دين مؤجّل لا يبذله المديون قبل أجله، لا يجب
الاستقراض والصرف في الحج، بل كفايته على فرضه عن حجّة الإسلام مشكل،
بل ممنوع(1).
مسألة 19 : لوكان عنده ما يكفيه للحج وكان عليه دين، فإن كان مؤجّلاً وكان
مطمئنّاً بتمكّنه من أدائه زمان حلوله مع صرف ما عنده وجب، بل لا يبعد وجوبه
مع التعجيل ورضا دائنه بالتأخير مع الوثوق بإمكان الأداء عند المطالبة، وفي غير
هاتين الصورتين لا يجب(2). ولا فرق في الدين بين حصوله قبل الاستطاعة أو
بعدها، بأن تلف مال الغير على وجه الضمان عنده بعدها. وإن كان عليه(3) خمس أو
زكاة وكان عنده مايكفيه للحج لولا هما فحالهما حال الدين مع المطالبة، فلا
يكون(4) مستطيعاً، والدين المؤجّل بأجل طويل جدّاً كخمسين سنة، وما هو مبنيّ
على المسامحة وعدم الأخذ رأساً، وما هو مبنيّ على الإبراء مع الاطمئنان بذلك، لم
يمنع(5) عن الاستطاعة.
مسألة 20: لو شك في أنّ ماله وصل إلى حدّ الاستطاعة، أو علم مقداره وشك
في مقدار مصرف الحج وأنّه يكفيه، يجب عليه الفحص على الأحوط.
مسألة 21 : لو كان مابيده بمقدار الحج وله مال لو كان باقياً يكفيه في رواج
- (1) قد مرّ الإشكال في إطلاقه في الحاشية السابقة.
- (2) بل يجب تخييراً.
- (3) أي كان على ذمّته، وأمّا لو كان متعلّقاً بالعين فلا إشكال في تقدّمه على الحج، وكذا على سائر الديون، وهكذا في الزكاة.
- (4) بناءً على تقدّم الدّين، وكون الوجه فيه هو عدم الاستطاعة.
- (5) بل يمنع في بعض الصور، وعلى مبنى التزاحم كما هو الحقّ يقع التزاحم في ذلك البعض أيضاً.
(الصفحة 356)
أمره بعد العود وشك في بقائه، فالظاهر وجوب الحج، كان المال حاضراً عنده أو
غائباً.
مسألة 22 : لوكان عنده ما يكفيه للحجّ، فإن لم يتمكّن من المسير لأجل عدم
الصحّة في البدن، أو عدم تخلية السرب فالأقوى جواز التصرّف فيه بما يخرجه عن
الاستطاعة، وإن كان لأجل عدم تهيئة الأسباب أو فقدان الرفقة فلا يجوز، مع
إحتمال الحصول فضلاً عن العلم به، وكذا(1) لا يجوز التصرّف قبل مجيء وقت
الحج، فلو تصرّف استقرّ عليه لو فرض رفع العذر فيما بعد في الفرض الأوّل، وبقاء
الشرائط في الثاني، والظاهر جواز التصرّف لو لم يتمكّن في هذا العام، وإن علم
بتمكّنه في العام القابل فلا يجب إبقاء المال إلى السنين القابلة.
مسألة 23: إن كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو مع غيره، وتمكّن
من التصرّف فيه ولو بالتوكيل يكون مستطيعاً وإلاّ فلا، فلو تلف في الصورة الأُولى
بعد مضيّ الموسم، أو كان التلف بتقصير منه ولو قبل أوان خروج الرفقة استقرّ
عليه الحج على الأقوى، وكذا الحال لو مات مورِّثه وهو في بلد آخر.
مسألة 24: لو وصل ماله بقدر الاستطاعة وكان جاهلاً به، أو غافلا عن
وجوب الحج عليه، ثمّ تذكّر بعد تلفه بتقصير منه ولو قبل أوان خروج الرفقة، أو
تلف ولو بلا تقصير منه بعد مضيّ الموسم، استقرّ عليه مع حصول سائر الشرائط
حال وجوده.
مسألة 25: لو اعتقد أنـّه غير مستطيع فحجّ ندباً، فإن أمكن فيه الاشتباه في
التطبيق صحّ وأجزأ عن حجّة الإسلام، لكن حصوله مع العلم والالتفات بالحكم
والموضوع مشكل، وإن قصد الأمر الندبي على وجه التقييد لم يجزئ عنه، وفي
- (1) لم يعلم المراد من هذا الفرض.
(الصفحة 357)
صحّة حجّه تأمّل، وكذا لو علم باستطاعته ثمّ غفل عنها، ولو تخيّل عدم فوريّته
فقصد الندب لا يجزئ، وفي صحّته تأمّل.
مسألة 26 : لايكفي(1) في وجوب الحج الملك المتزلزل، كما لو صالحه شخص
بشرط الخيار إلى مدّة معيّنة إلاّ إذا كان واثقاً بعدم فسخه، لكن لو فرض فسخه
يكشف عن عدم استطاعته.
مسألة 27: لو تلفت بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلى وطنه، أو تلف ما به
الكفاية من ماله في وطنه، بناءً على اعتبار الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة لا
يجزئه(2) عن حجّة الإسلام، فضلاً عمّا لو تلف قبل تمامها، سيّما إذا لم يكن له مؤنة
الإتمام.
مسألة 28 : لو حصلت الاستطاعة بالإباحة اللازمة وجب الحج، ولو أوصي
له بما يكفيه له فلا يجب عليه بمجرّد موت الموصي، كما لا يجب عليه القبول.
مسألة 29 : لو نذر قبل حصول الاستطاعة زيارة أبي عبدالله الحسين(عليه السلام)مثلاً
في كلّ عرفة، فاستطاع يجب عليه الحج بلا إشكال، وكذا الحال لو نذر أو عاهد
مثلا بما يضادّ الحج، ولو زاحم الحج واجب، أو استلزمه فعل حرام يلاحظ الأهمّ
عند الشارع الأقدس.
مسألة 30 : لو لم يكن له زاد و راحلة ولكن قيل له: حجّ وعليّ نفقتك ونفقة
عيالك، أو قال: حجّ بهذا المال، وكان كافياً لذهابه و إيابه ولعياله(3) وجب عليه،
من غير فرق بين تمليكه للحجّ أو إباحته له، ولا بين بذل العين أو الثمن، ولابين
- (1) الظاهر هو الكفاية ولايعتبر الوثوق.
- (2) محل إشكال.
- (3) اعتبار نفقة العيال محلّ إشكال.
(الصفحة 358)
وجوب البذل وعدمه، ولا بين كون الباذل واحداً أو متعدّداً. نعم، يعتبر الوثوق(1)
بعدم رجوع الباذل، ولو كان عنده بعض النفقة فبذل له البقية وجب أيضاً، ولو لم
يبذل تمام النفقة أو نفقة عياله لم يجب، ولا يمنع الدين(2) من وجوبه، ولو كان حالاًّ
والدائن مطالباً وهو متمكّن من أدائه لو لم يحج ففي كونه مانعاً وجهان(3)، ولا
يشترط الرجوع إلى الكفاية فيه. نعم، يعتبر أن لا يكون الحج موجباً لاختلال
أُمور معاشه فيما يأتي لأجل غيبته.
مسألة 31 : لو وهبه ما يكفيه للحج لأن يحجّ وجب عليه القبول على الأقوى،
وكذا لو وهبه وخيّره بين أن يحجّ أو لا. وأمّا لو لم يذكر الحج بوجه فالظاهر عدم
وجوبه. ولو وقف شخص لمن يحجّ، أو أوصى، أو نذر كذلك، فبذل المتصدّي
الشرعي وجب. وكذا لو أوصى له بما يكفيه بشرط أن يحجّ فيجب بعد موته. ولو
أعطاه خمساً أو زكاة وشرط عليه الحج لغى الشرط ولم يجب. نعم، لو أعطاه من
سهم سبيل الله ليحجّ لا يجوز(4) صرفه في غيره، ولكن لايجب عليه القبول،
ولايكون من الاستطاعة المالية ولا البذلية، ولو استطاع بعد ذلك وجب عليه
الحج.
مسألة 32 : يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام، وكذا بعده
- (1) اعتبار الوثوق محلّ إشكال، سواء أُريد به الاعتبار بالإضافة إلى الحكم الواقعي، أو أُريد به الحكم الظاهري.
- (2) فيما إذا كان المبذول تمام النفقة، وأمّا إذا كان البعض فيجري في غير المبذول حكم الدين المذكور في الاستطاعة المالية.
- (3) ويجري ذلك فيما إذا كان الدين مؤجّلاً، ولكن كان البقاء في المحلّ موجباً للتمكّن من أدائه، ولو تدريجاً.
- (4) أي إذا قبل، وفي ترتيب العبارة مسامحة واضحة.
(الصفحة 359)
على الأقوى، ولو وهبه للحج فقبل فالظاهر جريان حكم سائر الهبات عليه، ولو
رجع عنه في أثناء الطريق فلا يبعد أن يجب عليه نفقة عوده، ولو رجع بعد الإحرام
فلا يبعد(1) وجوب بذل نفقة(2) إتمام الحج عليه.
مسألة 33 : الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل(3)، وأمّا الكفّارات فليست على
الباذل، وإن أتى بموجبها اضطراراً أو جهلاً أو نسياناً، بل على نفسه.
مسألة 34 : الحج البذليّ مجزئ عن حجّة الإسلام، سواء بذل تمام النفقة أو
متمّمها(4)، ولو رجع عن بذله في الأثناء وكان في ذلك المكان متمكِّناً من الحج من
ماله وجب(5) عليه، ويجزئه عن حجّة الإسلام إن كان واجداً لسائر الشرائط قبل
إحرامه، وإلاّ فإجزاؤه محلّ إشكال.
مسألة 35 : لو عيّن مقداراً ليحجّ به واعتقد كفايته فبان عدمها فالظاهر عدم
وجوب الإتمام عليه، سواء جاز الرجوع له أم لا. ولو بذل مالاً ليحجّ به فبان بعد
الحج أنـّه كان مغصوباً فالأقوى عدم كفايته عن حجّة الإسلام. وكذا لو قال:
«حَجِّ وعليّ نفقتك» فبذل مغصوباً.
مسألة 36: لو قال: «اقترض وحجِّ وعليّ دينك» ففي وجوبه عليه نظر. ولو
- (1) على تقدير وجوب الإتمام وهو محل تأمّل.
- (2) وكذا نفقة العود.
- (3) أي ضمانه عليه بناءً على وجوب الإتمام وكون نفقته على الباذل فيما إذا كان رجوعه بعد الإحرام، كما مرّ في المسألة السابقة، أو يجب عليه مطلقاً إذا كان البذل واجباً بالنذر أو شبهه، أو إذا قال في مقام البذل «حجِّ و عليّ نفقتك» لا ما إذا قال: «حجِّ بهذا المال».
- (4) بشرط أن يكون المتمم (بالفتح) واجداً لخصوصية الاستطاعة المالية; وهي أن يكون زائداً على مايحتاج إليه في معاشه من الدار والثياب ونحوهما.
- (5) وكذا إذا لم يكن متمكّناً من ماله. ولكن قيل بوجوب الإتمام عليه، وثبوت نفقته على الباذل، وتحقّق الإنفاق خارجاً، ولا يعتبر في هذا الفرض وجود سائر الشرائط.