(الصفحة 360)
قال: «إقترض لي وحَجِّ به» وجب مع وجود المقرض كذلك.
مسألة 37 : لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج بأُجرة يصير بها مستطيعاً
وجب عليه الحج. ولو طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما يصير مستطيعاً لايجب
عليه القبول. ولو آجر نفسه للنيابة عن الغير فصار مستطيعاً بمال الإجارة قدّم
الحجّ النيابي إن كان الاستئجار للسنة الأُولى، فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل
وجب عليه الحج لنفسه. ولو حجّ بالإجارة، أو عن نفسه أو غيره تبرّعاً مع عدم
كونه مستطيعاً لا يكفيه عن حجّة الإسلام.
مسألة 38 : يشترط في الاستطاعة وجود ما يموّن به عياله حتى يرجع، والمراد
بهم من يلزمه نفقته لزوماً عرفياً، وإن لم يكن واجب النفقة شرعاً على الأقوى.
مسألة 39 : الأقوى اعتبار الرجوع إلى الكفاية; من تجارة، أو زراعة، أو
صنعة، أو منفعة ملك; كبستان ودكّان ونحوهما، بحيث لايحتاج إلى التكفّف،
ولايقع في الشدّة والحرج، ويكفي كونه قادراً على التكسّب اللائق بحاله أو
التجارة باعتباره ووجاهته، ولايكفي(1) أن يمضي أمره بمثل الزكاة والخمس، وكذا
من الاستعطاء، كالفقير الّذي من عادته ذلك ولم يقدر على التكسّب، وكذا من
لايتفاوت حاله قبل الحج وبعده على الأقوى، فإذا كان لهم مؤنة الذهاب والإياب
ومؤنة عيالهم لم يكونوا مستطيعين، ولم يجزئ حجّهم عن حجّة الإسلام.
مسألة 40 : لايجوز لكلّ من الولد والوالد أن يأخذ من مال الآخر ويحجّ به،
ولا يجب على واحد منهما البذل له، ولايجب عليه الحج، وإن كان فقيراً وكانت
نفقته على الآخر ولم يكن نفقة السفر أزيد من الحضر على الأقوى.
مسألة 41 : لو حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحجّ من ماله، فلو حجّ متسكّعاً
- (1) الظاهر هو الكفاية في الفروض الثلاثة.
(الصفحة 361)
أو من مال غيره ولو غصباً صحّ وأجزأه. نعم، الأحوط عدم صحّة صلاة الطواف
مع غصبية ثوبه، ولو شراه بالذمّة أو شرى الهدي كذلك، فإن كان بناؤه الأداء من
الغصب ففيه إشكال(1)، وإلاّ فلا إشكال في الصحّة، وفي بطلانه مع غصبية ثوب
الإحرام والسعي إشكال، والأحوط(2) الاجتناب.
مسألة 42 : يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية، فلا يجب على مريض
لايقدر على الركوب، أو كان حرجاً عليه ولو على المحمل والسيّارة والطائرة.
ويشترط أيضاً الاستطاعة الزمانية، فلا يجب لو كان الوقت ضيّقاً لايمكن الوصول
إلى الحج، أو أمكن بمشقّة شديدة. والاستطاعة السربية; بأن لا يكون في الطريق
مانع لايمكن معه الوصول إلى الميقات، أو إلى تمام الأعمال، وإلاّ لم يجب. وكذا لو
كان خائفاً(3) على نفسه، أو بدنه، أو عرضه، أو ماله، وكان الطريق منحصراً فيه،
أو كان جميع الطرق كذلك، ولو كان طريق الأبعد مأموناً يجب الذهاب منه، ولو
كان الجميع مخوفاً لكن يمكنه الوصول إليه بالدوران في بلاد بعيدة نائية لاتعدّ طريقاً
إليه لا يجب على الأقوى.
مسألة 43 : لو استلزم الذهاب إلى الحج تلف مال له في بلده معتدّ به، بحيث
يكون تحمّله حرجاً عليه لم يجب، ولو استلزم ترك واجب أهمّ منه، أو فعل حرام
كذلك يقدّم الأهم، لكن إذا خالف وحجَّ صحّ وأجزأه عن حجّة الإسلام. ولو كان
في الطريق ظالم لا يندفع إلاّ بالمال، فإن كان مانعاً عن العبور، ولم يكن السرب
مخلّى عرفاً ولكن يمكن تخليته بالمال لا يجب، وإن لم يكن كذلك لكن يأخذ من كلّ
- (1) كما أنـّه لو كان الثمن المعيّن مغصوباً لا إشكال في البطلان.
- (2) يجوز ترك هذا الاحتياط.
- (3) في ارتفاع الوجوب بمجرد الخوف إشكال، إلاّ إذا كان حرجيّاً، وبدونه يرتفع في خصوص صورة الخوف على النفس.
(الصفحة 362)
عابر شيئاً يجب، إلاّ إذا كان دفعه حرجيّاً.
مسألة 44 : لو اعتقد كونه بالغاً فحجَّ، ثمّ بان خلافه لم يجزئ عن حجّة
الإسلام، وكذا لو اعتقد كونه مستطيعاً مالا فبان الخلاف. ولو اعتقد عدم الضرر
أو الحرج فبان الخلاف، فإن كان الضرر نفسياً(1) أو مالياً بلغ حدّ الحرج، أو كان
الحجّ حرجيّاً، ففي كفايته إشكال، بل عدمها لايخلو من وجه، وأمّا الضرر المالي
غير البالغ حدّ الحرج فغير مانع عن وجوب الحج. نعم، لو تحمّل الضرر والحرج
حتى بلغ الميقات فارتفع الضرر والحرج وصار مستطيعاً فالأقوى كفايته. ولو
اعتقد عدم المزاحم الشرعي الأهمّ فحجَّ فبان الخلاف صحّ. ولو اعتقد كونه غير
بالغ فحج ندباً فبان خلافه، ففيه تفصيل مرّ نظيره. ولو تركه مع بقاء الشرائط إلى
تمام الأعمال استقرّ عليه، ويحتمل اشتراط بقائها إلى زمان إمكان العود إلى محلّه
على إشكال. وإن اعتقد عدم كفاية ماله عن حجّة الإسلام فتركها فبان الخلاف
استقرّ عليه مع وجود سائر الشرائط. وإن اعتقد المانع، من العدوّ أو الحرج، أو
الضرر المستلزم له فترك فبان الخلاف فالظاهر استقراره عليه، سيّما في الحرج. وإن
اعتقد وجود مزاحم شرعيّ أهمّ فترك فبان الخلاف استقرّ عليه.
مسألة 45 : لو ترك الحج مع تحقّق الشرائط متعمّداً استقر عليه مع بقائها إلى
تمام الأعمال. ولو حجّ مع فقد بعضها، فإن كان البلوغ فلا يجزئه إلاّ إذا بلغ قبل أحد
الموقفين، فإنّه مجزئ على الأقوى، وكذا لو حج مع فقد الاستطاعة المالية. وإن حج
مع عدم أمن الطريق، أو عدم صحة البدن و حصول الحرج(2)، فإن صار قبل
- (1) إن كان المراد بالضرر النفسي ما يعمّ البدني، فاللازم التقييد بالحرج، وإن كان المراد خصوص تلف النفس، فمع أنّه لا يلائم مع فرض المسألة; لأنّ المفروض فيها أنّه بان الخلاف بعد الحجّ، يكون هذا من قبيل التزاحم الذي حكم فيه بالصحة والإجزاء.
- (2) لامجال لتقييد عدم صحّة البدن بحصول الحرج، لأنّها بنفسها معتبرة فيوجوب الحجّ.
(الصفحة 363)
الإحرام مستطيعاً، وارتفع العذر صحّ وأجزأ، بخلاف ما لو فقد شرط في حال
الإحرام إلى تمام الأعمال، فلو كان نفس الحج، ولو ببعض أجزائه حرجيّاً أو
ضرريّاً على النفس(1) فالظاهر عدم الإجزاء.
مسألة 46: لو توقّف تخلية السرب على قتال العدوّ لا يجب ولو مع العلم
بالغلبة، ولو تخلّى لكن يمنعه عدوّ عن الخروج للحج فلا يبعد وجوب قتاله مع العلم
بالسلامة والغلبة، أو الاطمئنان والوثوق بهما. ولا تخلو المسألة عن إشكال.
مسألة 47 : لو انحصر الطريق في البحر أو الجوّ وجب الذهاب إلاّ مع خوف
الغرق أو السقوط أو المرض خوفاً عقلائياً، أو استلزم الإخلال بأصل صلاته لا
بتبديل بعض حالاتها. وأمّا لو استلزم أكل النجس وشربه فلا يبعد وجوبه مع
الاحتراز عن النجس حتى الإمكان، والاقتصار على مقدار الضرورة. ولو لم
يحترز كذلك صحّ حجّه وإن أثم، كما لو ركب المغصوب إلى الميقات، بل إلى مكّة
ومنى وعرفات، فإنّه آثم وصحّ حجّه. وكذا لو استقرّ عليه الحج وكان عليه خمس
أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة، فإنّه يجب أداؤها. فلو مشى إلى الحج مع
ذلك أثم وصحّ حجّه. نعم، لو كانت الحقوق في عين ماله فحكمه حكم الغصب وقد
مرّ.
مسألة 48 : يجب على المستطيع الحج مباشرة، فلا يكفيه حجّ غيره عنه تبرّعاً
أو بالإجارة. نعم، لو استقرّ عليه ولم يتمكّن منها لمرض لم يرج زواله، أو حصر
كذلك، أو هرم بحيث لا يقدر، أو كان حرجاً عليه وجبت الاستنابة عليه. ولو لم
يستقرّ عليه لكن لا يمكنه المباشرة لشيء من المذكورات، ففي وجوبها وعدمه
قولان، لا يخلو الثاني من قوّة، والأحوط فوريّة وجوبها. ويجزئه حجّ النائب مع
- (1) إن كان المراد بالضرر بالنفس ما لا يكون حرجيّاً ولايبلغ حدّ التلف ـ كما هو المفروض في العبارة ـ فعدم الإجزاء فيه محلّ إشكال، بل منع.
(الصفحة 364)
بقاء العذر إلى أن مات، بل مع ارتفاعه بعد العمل بخلاف أثنائه، فضلاً عن قبله،
والظاهر بطلان الإجارة، ولو لم يتمكّن من الاستنابة سقط الوجوب وقضي عنه.
ولو استناب مع رجاء الزوال لم يجزئ(1) عنه، فيجب بعد زواله، ولو حصل اليأس
بعد عمل النائب فالظاهر الكفاية، والظاهر عدم كفاية حج المتبرّع عنه في صورة
وجوب الإستنابة، وفي كفاية الاستنابة من الميقات إشكال، وإن كان الأقرب
الكفاية.
مسألة 49 : لومات من استقر عليه الحج في الطريق، فإن مات بعد الإحرام و
دخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، وإن مات قبل ذلك وجب القضاء عنه،
وإن كان موته بعد الإحرام على الأقوى، كما لا يكفي الدخول في الحرم قبل
الإحرام، كما إذا نسيه ودخل الحرم فمات، ولا فرق في الإجزاء بين كون الموت حال
الإحرام، أو بعد الحلّ، كما إذا مات بين الإحرامين. ولو مات في الحل بعد دخول
الحرم محرماً ففي الإجزاء إشكال، والظاهر أنـّه لو مات في أثناء عمرة التمتّع أجزأه
عن حجّه، والظاهر عدم جريان الحكم في حج النذر والعمرة المفردة لومات في
الأثناء، وفي الإفسادي تفصيل. ولا يجري فيمن لم يستقرّ عليه الحجّ، فلا يجب
ولايستحب عنه القضاء لو مات قبلهما.
مسألة 50 : يجب الحج على الكافر ولا يصحّ منه، ولو أسلم وقد زالت
استطاعته قبله لم يجب عليه، ولو مات حال كفره لايقضى عنه، ولو أحرم ثمّ أسلم
لم يكفه، ووجب عليه الإعادة من الميقات إن أمكن، وإلاّ فمن موضعه. نعم، لو كان
داخلا في الحرم فأسلم، فالأحوط مع الإمكان أن يخرج خارج الحرم ويُحرم.
والمرتدّ يجب عليه الحجّ، سواء كانت استطاعته حال إسلامه أو بعد ارتداده،
- (1) محل إشكال، بل لايخلو الإجزاء عن قوّة.