(الصفحة 378)
الاُولى بدون الرضا صحّ عن المنوب عنه، والأحوط(1) التخلّص بالتصالح في وجه
الإجارة إذا كان التعيين على وجه القيديّة، ولو كان على وجه الشرطية فيستحق،
إلاّ إذا فسخ المستأجر الإجارة فيستحق اُجرة المثل لا المسمّـاة.
مسألة 8: لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق وإن كان في الحجّ البلدي،
لكن لو عيّن لا يجوز العدول عنه إلاّ مع إحراز أنـّه لاغرض له في الخصوصية، وإنّما
ذكرها على المتعارف وهو راض به، فحينئذ لو عدل يستحق تمام الاُجرة. وكذا لو
أسقط حق التعيين(2) بعد العقد، ولو كان الطريق المعيّن معتبراً في الإجارة فعدل
عنه صحّ الحجّ عن المنوب عنه، وبرأت ذمته إذا لم يكن ما عليه مقيّداً بخصوصية
الطريق المعيّن، ولا يستحق الأجير شيئاً لو كان اعتباره على وجه القيدية; بمعنى أنّ
الحج المتقيد بالطريق الخاص كان مورداً للإجارة، ويستحقّ من المسمّى بالنسبة،
ويسقط منه بمقدار المخالفة إذا كان الطريق معتبراً في الإجارة على وجه الجزئية.
مسألة 9 : لو آجر نفسه للحج المباشري عن شخص في سنة معيّنة ثمّ آجر
عن آخر فيها مباشرة بطلت الثانية(3)، ولو لم يشترط فيهما أو في إحداهما المباشرة
صحّتا، وكذا مع توسعتهما أو توسعة إحداهما أو إطلاقهما أو إطلاق إحداهما لو لم
يكن انصراف منهما إلى التعجيل، ولو اقترنت الإجارتان في وقت واحد بطلتا مع
التقييد بزمان واحد ومع قيد المباشرة فيهما.
مسألة 10 : لو آجر نفسه للحج في سنة معيّنة لايجوز له التأخير والتقديم إلاّ
برضا المستأجر، ولو أخّر فلا يبعد تخيّر المستأجر بين الفسخ ومطالبة الاُجرة
المسمّـاة، وبين عدمه ومطالبة اُجرة المثل، من غير فرق بين كون التأخير لعذر أو
- (1) والظاهر عدم استحقاقه شيئاً إذا كان على وجه القيدية.
- (2) الظاهر أنّ المراد به الحقّ الثابت بسبب الاشتراط.
- (3) محل إشكال، إلاّ إذا كان البطلان بمعنى الفضولية.
(الصفحة 379)
لا. هذا إذا كان على وجه التقييد، وإن كان على وجه الاشتراط فللمستأجر خيار
الفسخ، فإن فسخ يرجع إلى الاُجرة المسمّـاة، وإلاّ فعلى الموجر أن يأتي به في سنة
اُخرى، ويستحق الاُجرة المسمّـاة، ولو أتى به مؤخّراً لا يستحقّ الاُجرة على
الأوّل، وإن برأت ذمّة المنوب عنه به، ويستحقّ المسمّـاة على الثاني، إلاّ إذا فسخ
المستأجر فيرجع إلى اُجرة المثل، وإن أطلق وقلنا بوجوب التعجيل لا يبطل مع
الإهمال، وفي ثبوت الخيار للمستأجر وعدمه تفصيل(1).
مسألة 11 : لو صدّ الأجير أو أُحصر كان حكمه كالحاج عن نفسه فيما عليه
من الأعمال، وتنفسخ الإجارة مع كونها مقيّدة بتلك السنة، ويبقى الحج على ذمّته
مع الإطلاق، وللمستأجر خيار التخلّف إذا كان اعتبارها على وجه الاشتراط في
ضمن العقد، ولا يجزئ عن المنوب عنه، ولو كان ذلك بعد الإحرام ودخول الحرم.
ولو ضمن الموجر الحج في المستقبل في صورة التقييد لم تجب إجابته، ويستحقّ
الاُجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال على التفصيل المتقدّم.
مسألة 12 : ثوبا الإحرام وثمن الهدي على الأجير إلاّ مع الشرط، وكذا لو أتى
بموجب كفّارة فهو من ماله.
مسألة 13 : إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل; بمعنى الحلول في مقابل الأجل
لابمعنى الفورية بشرط عدم انصراف إليها، فحينئذ حالها حال البيع، فيجوز
للمستأجر المطالبة وتجب المبادرة معها، كما أنّ إطلاقها يقتضي(2) المباشرة،
- (1) يرجع إلى أنّ التعجيل إذا كان بمعنى الفورية فمرجعه إلى ثبوتها على نحو القيدية أو الاشتراط، والتخلّف يوجب الخيار بالنحو المذكور، وإذا كان بمعنى الحلول فلا يترتّب على إهماله إلاّ مجرّد مخالفة حكم تكليفي فقط.
- (2) هذا ينافي مع إطلاق ما تقدّم في المسألة التاسعة من أنـّه مع عدم اشتراط المباشرة فيالإجارتين أوفيإحداهما صحّتا، فإنّ مقتضى ما هنا أنّه تبطل الثانية.
(الصفحة 380)
فلايجوز للأجير أن يستأجر غيره إلاّ مع الإذن.
مسألة 14 : لو قصرت الاُجرة لا يجب على المستأجر إتمامها، كما أنّها لو زادت
ليس له الاسترداد.
مسألة 15 : يملك الأجير الاُجرة بالعقد، لكن لايجب تسليمها إلاّ بعد العمل لو
لم يشترط التعجيل، ولم تكن قرينة على إرادته من انصراف أو غيره، كشاهد حال
ونحوه، ولا فرق في عدم وجوبه بين أن تكون عيناً أو ديناً، ولو كانت عيناً فنماؤها
للأجير، ولا يجوز للوصيّ والوكيل التسليم قبله إلاّ بإذن من الموصي أو الموكِّل،
ولو فعلا كانا ضامنين على تقدير(1) عدم العمل من الموجر، أو كون عمله باطلاً،
ولايجوز للوكيل اشتراط(2) التعجيل بدون إذن الموكِّل، وللوصي اشتراطه إذا تعذّر
بغير ذلك، ولا ضمان عليه مع التسليم إذا تعذّر، ولو لم يقدر الأجير على العمل كان
للمستأجر خيار الفسخ، ولو بقي على هذا الحال حتى انقضى الوقت فالظاهر
انفساخ العقد، ولو كان المتعارف تسليمها أو تسليم مقدار منها قبل الخروج
يستحقّ الأجير مطالبتها على المتعارف في صورة الإطلاق، ويجوز للوكيل
والوصي دفع ذلك من غير ضمان.
مسألة 16 : لا يجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحج(3) تمتّعاًـوكانت
وظيفته العدول إلى الإفراد ـ عمّن عليه حجّ التمتّع، ولو استأجره في سعة الوقت ثمّ
اتفق الضيق فالأقوى وجوب العدول، والأحوط(4) عدم إجزائه عن المنوب عنه.
مسألة 17: يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب مطلقاً والمندوب، بل
- (1) بل بمجرّد التسليم، غاية الأمر أنّ وقوع العمل الصحيح من الأجير يرفع الضمان.
- (2) أي قبول شرط التعجيل.
- (2) أي عن الإتيان به كذلك، لأنّه لا يعقل الاستئجار بعد الشروع.
- (4) لا بأس بتركه.
(الصفحة 381)
يجوز التبرّع عنه بالمندوب، وإن كان عليه الواجب حتى قبل الاستئجار له. وكذا
يجوز الاستئجار عنه في المندوب مطلقاً، وقد مرّ حكم الحيّ في الواجب. وأمّا
المندوب فيجوز التبرّع عنه كما يجوز الاستئجار له، حتى إذا كان عليه حجّ واجب
لا يتمكّن من أدائه فعلاً، بل مع تمكّنه أيضاً، فجواز الاستئجار للمندوب قبل أداء
الواجب إذا لم يخل(1) بالواجب لا يخلو من قوّة. كما أنّ الأقوى(2) صحة التبرّع عنه.
مسألة 18 : لا يجوز أن ينوب واحد عن إثنين أو أزيد في عام واحد في الحجّ
الواجب، إلاّ إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة، كما إذا نذر(3) كلّ منهما أن
يشترك مع الآخر في تحصيل الحج، ويجوز في المندوب كما يجوز بعنوان إهداء
الثواب.
مسألة 19 : يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحج
المندوب تبرّعاً أو بالإجارة، بل يجوز ذلك في الحج الواجب أيضاً، كما إذا كان على
الميّت حجّان مختلفان نوعاً كحجّة الإسلام والنذر، أو متّحدان نوعاً كحجّتين
للنذر، وأمّا استنابة الحج النذري للحيّ المعذور فمحلّ إشكال كما مرّ(4). وكذا يجوز
إن كان أحدهما واجباً والآخر مستحباً، بل يجوز استئجار أجيرين لحج واجب
واحد، كحجّة الإسلام في عام واحد، فيصح قصد الوجوب من كلّ منهما، ولو كان
أحدهما أسبق شروعاً، لكنّهما يراعيان التقارن فيالختم.
- (1) بل إذا أخلّ يكون الاستئجار صحيحاً من جهة الحكم الوضعي، كما أنّ عمل الأجير كذلك.
- (2) هو تكرار لقوله: «وأمّا المندوب فيجوز التبرّع عنه»، إلاّ أن يكون المراد من الأوّل هو الجواز في الجملة، ومن الثاني هي الصحة، ولو كان عليه حج واجب مطلقاً، ولا مجال هنا لصورة استثناء ما إذا أخلّ بالواجب.
- (3) صحة هذا النذر محل إشكال.
- (4) الظاهر أنـّه لم يمرّ هذا الفرض، كما أنّ الظاهر لا إشكال في صحّتها.
(الصفحة 382)
القول في الوصيّة بالحجّ
مسألة 1 : لو أوصى بالحج أُخرج من الأصل لو كان واجباً، إلاّ أن يصرّح
بخروجه من الثلث فاُخرج منه، فإن لم يف اُخرج الزائد من الأصل. ولا فرق في
الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام والحج النذري والإفسادي(1). واُخرج من
الثلث لو كان ندبيّاً. ولو لم يعلم كونه واجباً أو مندوباً، فمع قيام قرينة أو تحقّق
انصراف فهو، وإلاّ فيخرج من الثلث، إلاّ أن يعلم وجوبه عليه سابقاً وشك في
أدائه فمن الأصل.
مسألة 2 : يكفي الميقاتي، سواء كان الموصى به واجباً أو مندوباً، لكن الأوّل
من الأصل، والثاني من الثلث. ولو أوصى بالبلدية فالزائد على اُجرة الميقاتية من
الثلث في الأوّل وتمامها منه في الثاني.
مسألة 3 : لو لم يعيّن الاُجرة فاللازم على الوصي مع عدم رضا الورثة أو
وجود قاصر فيهم الاقتصار على اُجرة المثل. نعم، لغير القاصر أن يؤدّي لها من
سهمه بماشاء. ولو كان هناك من يرضى بالأقل منها وجب على الوصي استئجاره
مع الشرط المذكور، ويجب الفحص عنه على الأحوط، مع عدم رضا الورثة أو
وجود قاصر فيهم، بل وجوبه لا يخلو من قوّة، خصوصاً مع الظن بوجوده. نعم،
الظاهر عدم وجوب الفحص البليغ. ولو وجد متبرّع عنه يجوز(2) الاكتفاء به; بمعنى
- (1) وكذا الحج الاستئجاري مع التصريح بعدم مدخلية قيد المباشرة، فإنّه يجب على الأجير، ومع عدم الإتيان به يوصي به.
- (2) فيما اذا كان الموصى به هو الحجّ الواجب، وأمّا في الحج المستحب فلا يجوز الاكتفاء به، بل يجب الاستئجار، ولو مع إتيان المتبرّع به خارجاً صحيحاً.