(الصفحة 41)
النهار، سواء كان قادراً على المراعاة أو عاجزاً عنها لعمى أو حبس أو نحو ذلك، أو
كان غير عارف بالفجر، وكذا مع المراعاة وعدم اعتقاد بقاء الليل; بأن شك في
الطلوع(1) أو ظن(2) فأكل ثمّ تبيّن سبقه، بل الأحوط(3) القضاء حتّى مع اعتقاد بقاء
الليل، ولا فرق في بطلان الصوم بذلك بين صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب
والمندوب، بل الأقوى فيها ذلك حتّى مع المراعاة(4) واعتقاد بقاء الليل.
الخامس: الأكل تعويلاً على من أخبر ببقاء الليل وعدم طلوع الفجر مع كونه
طالعاً.
السادس: الأكل إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر لزعمه سخرية المخبر، أو لعدم
العلم بصدقه.
السابع: الإفطار تقليداً لمن أخبر بدخول الليل وإن كان جائزاً له لعمى أو
نحوه، وكذا إذا أخبره عدل بل عدلان، بل الأقوى وجوب الكفارة أيضاً إذا لم يجز
له التقليد.
الثامن: الإفطار لظلمة قطع بحصول الليل منها فبان خطؤه ولم يكن في السماء
علّة، وكذا لو شك أو ظن بذلك منها، بل المتّجه في الأخيرين الكفارة أيضاً لعدم
جواز الإفطار حينئذ، ولو كان جاهلاً بعدم جواز الإفطار فالأقوى عدم الكفارة،
وإن كان الأحوط(5) إعطاؤها. نعم، لو كانت في السماء علّة فظن دخول الليل فأفطر
ثمّ بان له الخطأ لم يكن عليه قضاء فضلاً عن الكفارة.
- (1) على الأحوط في صورة الشك.
- (2) أي بالطلوع.
- (3) لا بأس بترك هذا الاحتياط.
- (4) إلاّ في الواجب المعيّن، فإنّ مقتضى الاحتياط الإتمام ثمّ القضاء إن كان فيه القضاء.
- (5) لا يترك في المقصّر.
(الصفحة 42)
ومحصّل المطلب أنّ من فعل المفطر بتخيّل عدم طلوع الفجر أو بتخيل دخول
الليل بطل صومه في جميع الصور إلاّ في صورة ظن(1) دخول الليل مع وجود علّة
في السماء من غيم أو غبار(2) أو بخار أو نحو ذلك، من غير فرق بين شهر رمضان
وغيره من الصوم الواجب والمندوب، وفي الصور التي ليس معذوراً شرعاً في
الإفطار، كما إذا قامت البيّنة(3) على أنّ الفجر قد طلع ومع ذلك أتى بالمفطر، أو شك
في دخول الليل، أو ظن ظنّاً غير معتبر ومع ذلك أفطر تجب الكفارة أيضاً فيما فيه
الكفارة.
[2496] مسألة 1: إذا أكل أو شرب مثلاً مع الشك في طلوع الفجر ولم يتبيّن
أحد الأمرين لم يكن عليه شيء. نعم، لو شهد عدلان بالطلوع ومع ذلك تناول
المفطر وجب عليه القضاء، بل الكفارة أيضاً وإن لم يتبيّن له ذلك بعد ذلك، ولو شهد
عدل واحد بذلك فكذلك على الأحوط(4).
[2497] مسألة 2: يجوز له فعل المفطر ولو قبل الفحص ما لم يعلم طلوع
الفجر ولم يشهد به البيّنة، ولا يجوز له ذلك إذا شك في الغروب عملاً بالاستصحاب
في الطرفين، ولو شهد عدل واحد بالطلوع أو الغروب فالأحوط ترك المفطر عملاً
بالاحتياط; للإشكال في حجّية خبر العدل الواحد وعدم حجّيته، إلاّ أنّ الاحتياط
في الغروب إلزامي وفي الطلوع استحبابي نظراً للاستصحاب.
التاسع: إدخال الماء في الفم للتبرّد بمضمضة أو غيرها فسبقه ودخل الجوف،
فإنّه يقضي ولا كفارة عليه، وكذا لو أدخله عبثاً فسبقه، وأمّا لو نسي فابتلعه فلا
- (1) وإلاّ في صورة المراعاة واعتقاد بقاء الليل كما مرّ.
- (2) الأحوط الاختصاص بالغيم.
- (3) ولم يجر فيه احتمال السخرية احتمالاً عقلائيّاً.
- (4) لا بأس بترك هذا الاحتياط.
(الصفحة 43)
قضاء عليه أيضاً وإن كان أحوط، ولا يلحق بالماء غيره(1) على الأقوى وإن كان
عبثاً، كما لا يلحق بالإدخال في الفم الإدخال في الأنف للاستنشاق أو غيره، وإن
كان أحوط في الأمرين.
[2498] مسألة 3: لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء لم يجب عليه
القضاء، سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة على الأقوى(2)، بل لمطلق الطهارة وإن
كانت لغيرها من الغايات، من غير فرق بين الوضوء والغسل، وإن كان الأحوط
القضاء فيما عدا ما كان لصلاة الفريضة، خصوصاً فيما كان لغير الصلاة من الغايات.
[2499] مسألة 4: يكره المبالغة في المضمضة مطلقاً، وينبغي له أن لا يبلع
ريقه حتّى يبزق ثلاث مرّات.
[2500] مسألة 5: لا يجوز التمضمض مطلقاً مع العلم بأنّه يسبقه الماء إلى الحلق
أو ينسى فيبلعه.
العاشر: سبق المني بالملاعبة أو الملامسة إذا لم يكن ذلك من قصده ولا عادته
على الأحوط(3)، وإن كان الأقوى عدم وجوب القضاء أيضاً.
فصل
في الزمان الذي يصحّ فيه الصوم
وهو النهار من غير العيدين، ومبدؤه طلوع الفجر الثاني، ووقت الإفطار
ذهاب الحمرة من المشرق، ويجب الإمساك من باب المقدّمة في جزء من الليل في
- (1) أي لا يجب فيه القضاء أيضاً.
- (2) عدم وجوب القضاء في النافلة محلّ إشكال، فلا يترك الاحتياط.
- (3) لا يترك.
(الصفحة 44)
كلّ من الطرفين ليحصل العلم بإمساك تمام النهار، ويستحب تأخير الإفطار حتّى
يصلّي العشاءين لتكتب صلاته صلاة الصائم، إلاّ أن يكون هناك من ينتظره
للإفطار، أو تنازعه نفسه على وجه يسلبه الخضوع والإقبال، ولو كان لأجل
القهوة والتتن والترياك، فإنّ الأفضل حينئذ الإفطار ثمّ الصلاة مع المحافظة على
وقت الفضيلة بقدر الإمكان.
[2501] مسألة 1: لا يشرع الصوم في الليل، ولا صوم مجموع الليل والنهار،
بل ولا إدخال جزء من الليل فيه إلاّ بقصد المقدّمية.
فصل
في شرائط صحّة الصوم
وهي أُمور:
الأوّل: الإسلام والإيمان، فلا يصح من غير المؤمن ولو في جزء من النهار،
فلو أسلم الكافر في أثناء النهار ولو قبل الزوال لم يصح صومه، وكذا لو ارتدّ ثمّ عاد
إلى الإسلام بالتوبة، وإن كان الصوم معيّناً وجدّد النيّة قبل الزوال على الأقوى.
الثاني: العقل، فلا يصحّ من المجنون ولو أدواراً ـ وإن كان جنونه في جزء من
النهار ـ ولا من السكران(1) ولا من المغمى عليه ولو في بعض النهار، وإن سبقت منه
النيّة على الأصح.
الثالث: عدم الإصباح جنباً أو على حدث الحيض والنفاس بعد النقاء من الدم
- (1) الأحوط في السكران مع سبق نيّة الصوم الإتمام والقضاء، وفي المغمى عليه كذلك الإتمام، ومع عدمه القضاء.
(الصفحة 45)
على التفصيل المتقدّم.
الرابع: الخلوّ من الحيض والنفاس في مجموع النهار، فلا يصح من الحائض
والنفساء إذا فاجأهما الدم ولو قبل الغروب بلحظة، أو انقطع عنهما بعد الفجر
بلحظة، ويصح من المستحاضة إذا أتت بما عليها من الأغسال النهارية(1).
الخامس: أن لا يكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة مع العلم بالحكم في
الصوم الواجب إلاّ في ثلاثة مواضع:
أحدها: صوم ثلاثة أيّام بدل هدي التمتع.
الثاني: صوم بدل البدنة ممن أفاض من عرفات قبل الغروب عامداً وهو
ثمانية عشر يوماً.
الثالث: صوم النذر المشترط فيه سفراً خاصة أو سفراً وحضراً دون النذر
المطلق، بل الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر أيضاً إلاّ ثلاثة أيّام
للحاجة في المدينة، والأفضل إتيانها في الأربعاء والخميس والجمعة، وأمّا المسافر
الجاهل بالحكم لو صام فيصح صومه ويجزئه حسبما عرفته في جاهل حكم الصلاة،
إذ الإفطار كالقصر، والصيام كالتمام في الصلاة، لكن يشترط أن يبقى على جهله إلى
آخر النهار، وأمّا لو علم بالحكم في الأثناء فلا يصح صومه. وأمّا الناسي فلا يلحق
بالجاهل في الصحّة، وكذا يصح الصوم من المسافر إذا سافر بعد الزوال، كما أنّه
يصحّ صومه إذا لم يقصّر في صلاته كناوي الإقامة عشرة أيّام، والمتردّد ثلاثين يوماً
وكثير السفر والعاصي بسفره، وغيرهم ممّن تقدّم تفصيلاً في كتاب الصلاة.
السادس: عدم المرض أو الرمد الذي يضرّه الصوم، لإيجابه شدّته أو طول
برئه أو شدّة ألمه أو نحو ذلك، سواء حصل اليقين بذلك أو الظن، بل أو الاحتمال(2)
- (1) وغيرها على ما مرّ.
- (2) أي الاحتمال الذي يعتني به العقلاء لا مجرّده، وإن لم يكن كذلك.