(الصفحة 479)
[3278] مسألة 8 : إذا وجد المؤجر عيباً سابقاً(1) في الاُجرة ولم يكن عالماً به كان
له فسخ العقد وله الرضا به، وهل له مطالبة الأرش معه؟ لايبعد(2) ذلك، بل ربّما
يدّعىعدم الخلاف فيه، لكن هذا إذا لم تكن الاُجرة منفعة عين وإلاّ فلا أرش فيه،
مثل ما مرّ في المسألة السابقة من كون العين المستأجرة معيباً. هذا إذا كانت الاُجرة
عيناً شخصيّة، وأمّا إذا كانت كلّيّة فله مطالبة البدل لا فسخ أصل العقد، إلاّ مع
تعذّر البدل على حذو ما مرّ في المسألة السابقة.
[3279] مسألة 9 : إذا أفلس المستأجر بالاُجرة كان للمؤجر الخيار بين الفسخ
واسترداد العين، وبين الضرب مع الغرماء، نظير ما إذا أفلس المشتري بالثمن،
حيث إنّ للبائع الخيار إذا وجد عين ماله.
[3280] مسألة 10 : إذا تبيّن غبن المؤجر أو المستأجر فله الخيار إذا لم يكن عالماً به
حال العقد، إلاّ إذا اشترطا سقوطه في ضمن العقد.
[3281] مسألة 11 : ليس في الإجارة خيار المجلس(3) ولا خيار الحيوان، بل ولا
خيار التأخير على الوجه المذكور في البيع، ويجري فيها خيار الشرط حتّى
للأجنبي، وخيار العيب(4) والغبن كما ذكرنا، بل يجري فيها سائر الخيارات، كخيار
الاشتراط، وتبعّض الصفقة، وتعذّر التسليم، والتفليس والتدليس، والشركة، وما
يفسد ليومه(5)، وخيار شرط ردّ العوض، نظير شرط ردّ الثمن في البيع.
- (1) أي على العقد، وأمّا إذا كان سابقاً على القبض فقط فجريان الحكم فيه مشكل وإن كان ظاهر المشهور عدم الفرق.
- (2) بل العدم غير بعيد.
- (3) على إشكال، خصوصاً إذا اشترط بعنوانه.
- (4) لا على النحو الذي يجري فيه البيع من التخيير بين الردّ والأرش، فهو وخيار التأخير على نحو واحد.
- (5) أي إذا كانت الاُجرة ما يفسد ليومه، ومع ذلك جريان هذا الخيار فيها مشكل.
(الصفحة 480)
[3282] مسألة 12 : إذا آجر عبده أو داره مثلا ثمّ باعه من المستأجر لم تبطل
الإجارة، فيكون للمشتري منفعة العبد مثلا من جهة الإجارة قبل انقضاء مدّتها
لامن جهة تبعيّة العين، ولو فسخت الإجارة رجعت إلى البائع، ولو مات بعد
القبض رجع المشتري المستأجر على البائع بما يقابل بقيّة المدّة من الاُجرة، وإن كان
تلف العين عليه، والله العالم.
فصل
[في أحكام العوضين]
يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان، والعمل في الإجارة على الأعمال
بنفس العقد من غير توقّف على شيء، كما هو مقتضى سببيّة العقود، كما أنّ المؤجر
يملك الاُجرة ملكيّة متزلزلة(1) به كذلك، ولكن لايستحقّ المؤجر مطالبة الاُجرة
إلاّ بتسليم العين أو العمل، كما لايستحقّ المستأجر مطالبتهما إلاّ بتسليم الاُجرة، كما
هو مقتضى المعاوضة، وتستقرّ ملكيّة الاُجرة باستيفاء المنفعة أو العمل أو ما بحكمه،
فأصلالملكيّةللطرفينموقوفعلىتماميّةالعقد،وجوازالمطالبةموقوفعلى التسليم،
واستقرار ملكيّة الاُجرة موقوف على استيفاء المنفعة أو إتمام العمل أو ما بحكمهما،
- (1) ظاهر هذه العبارة وكذا عبارة الذيل أنّ تزلزل الملكية إنّما هو من ناحية المؤجر بالإضافة إلى الاُجرة، وأمّا المستأجر فالملكية الثابتة له ملكية مستقرّة غير متزلزلة، ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّه لم يعلم الفرق بينهما بعد كون مقتضى سببية العقود حصول الملكية للطرفين بنحو واحد، خصوصاً بعد كون منشأ التزلزل في الاُجرة حصول المانع عن استيفاء المنفعة، كانهدام الدار مثلاً، كما يظهر من قوله(قدس سره): فلو حصل مانع الخ، وعليه فكيف يمكن اتصاف ملكية الاُجرة بالتزلزل دون ملكية المنفعة ـ أنّ تحقّق موجب الانفساخ أحياناً لا يوجب اتّصاف الملكية بالتزلزل.
(الصفحة 481)
فلو حصل مانع عن الاستيفاء أو عن العمل تنفسخ الإجارة، كما سيأتي تفصيله.
[3283] مسألة 1 : لو استأجر داراً مثلا وتسلّمها ومضت مدّة الإجارة استقرّت
الاُجرة عليه، سواء سكنها أو لم يسكنها باختياره، وكذا إذا استأجر دابّة للركوب
أو لحمل المتاع إلى مكان كذا ومضى زمان يمكن له ذلك وجب عليه الاُجرة
واستقرّت وإن لم يركب أو لم يحمل، بشرط أن يكون مقدّراً بالزمان المتّصل بالعقد،
وأمّا إذا عيّنا وقتاً فبعد مضيّ ذلك الوقت. هذا إذا كانت الإجارة واقعة علىعين
معيّنة شخصيّة في وقت معيّن، وأمّا إن وقعت على كلّي وعيّن في فرد وتسلّمه
فالأقوى أنّه كذلك مع تعيين الوقت وانقضائه. نعم، مع عدم(1) تعيين الوقت
فالظاهر(2) عدم استقرار الاُجرة المسمّـاة وبقاء الإجارة وإن كان ضامناً لاُجرة
المثل لتلك المدّة من جهة تفويته المنفعة على المؤجر.
[3284] مسألة 2 : إذا بذل المؤجر العين المستأجرة للمستأجر ولم يتسلّم حتّى
انقضت المدّة استقرّت عليه الاُجرة، وكذا إذا استأجره ليخيط له ثوباً معيّناً مثلا في
وقت معيّن وامتنع من دفع الثوب إليه حتّى مضى ذلك الوقت، فإنّه يجب عليه دفع
الاُجرة، سواء اشتغل في ذلك الوقت مع امتناع المستأجر من دفع الثوب إليه بشغل
آخر لنفسه أو لغيره أو جلس فارغاً.
[3285] مسألة 3 : إذا استأجره لقلع ضرسه ومضت المدّة التي يمكن إيقاع ذلك
فيها وكان المؤجر باذلاً نفسه استقرّت(3) الاُجرة، سواء كان المؤجر حرّاً أو عبداً
بإذن مولاه، واحتمال الفرق بينهما بالاستقرار في الثاني دون الأوّل; لأنّ منافع الحرّ
- (1) أي سواء كانت الإجارة واقعة على عين معيّنة شخصية، أو على كلّي وعيّن في فرد.
- (2) بل الظاهر الاستقرار من دون فرق بين الصورتين.
- (3) بناءً على التفصيل الذي اختاره في المسألة الاُولى لابدّ من التقييد هنا بما إذا كان الوقت معيّناً، وأمّا بناءً على ما اخترناه فالإطلاق تامّ.
(الصفحة 482)
لا تضمن إلاّ بالاستيفاء لا وجه له; لأنّ منافعه بعد العقد عليها صارت مالاً
للمستحقّ، فإذا بذلها ولم يقبل كان تلفها منه، مع أنّا لا نسلّم أنّ منافعه لا تضمن إلاّ
بالاستيفاء، بل تضمن بالتفويت أيضاً إذا صدق ذلك، كما إذا حبسه وكان كسوباً،
فإنّه يصدق في العرف أنّه فوّت عليه(1) كذا مقداراً. هذا، ولو استأجره لقلع ضرسه
فزال الألم بعد العقد لم تثبت الاُجرة لانفساخ(2) الإجارة حينئذ.
[3286] مسألة 4 : إذا تلفت العين المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت
الإجارة، وكذا إذا تلفت عقيب قبضها بلا فصل، وأمّا إذا تلفت بعد استيفاء(3)
منفعتها في بعض المدّة فتبطل بالنسبة إلى بقيّة المدّة، فيرجع من الاُجرة بما قابل
المتخلّف من المدّة إن نصفاً فنصف، وإن ثلثاً فثلث، مع تساوي الأجزاء بحسب
الأوقات، ومع التفاوت تلاحظ النسبة.
[3287] مسألة 5 : إذا حصل الفسخ في أثناء المدّة بأحد أسبابه تثبت الاُجرة
المسمّـاة بالنسبة إلى ما مضى، ويرجع منها بالنسبة إلى مابقي، كما ذكرنا فى البطلان
على المشهور، ويحتمل(4) قريباً أن يرجع تمام المسمّى ويكون للمؤجر اُجرة المثل
- (1) لكن لا دليل على أنّ التفويت موجب للضمان، فالظاهر عدم الضمان.
- (2) لا دليل على الانفساخ إلاّ فيما إذا صار القلع محرّماً، بل يمكن دعوى عدم الانفساخ في هذه الصورة أيضاً، ولكنّها مشكلة.
- (3) أو مضى مدّة يمكنه فيها الاستيفاء، وإن لم يستوف وكانت بعض المدّة لا تمامها.
- (4) الظاهر هو التفصيل بين الموارد، فإن كان سبب الفسخ هو اشتراط الخيار في متن العقد فالظاهر أنّه تابع لكيفيّة الاشتراط من جهة التأثير من الأصل أو من الحين، وإن كان السبب هو الخيار الذي مستنده قاعدة نفي الضرر، كخيار الغبن ونحوه فاللازم ملاحظة أنّ الضرر هل يندفع بالانحلال من الحين أو بالانفساخ من الأصل، وإن كان السبب هو الخيار الثابت بمقتضى الأدلّة الخاصّة كخيار العيب ونحوه فاللازم ملاحظتها، ولا يبعد دعوى كون الظاهر أو المتيقّن منها هو الفسخ في المجموع.
(الصفحة 483)
بالنسبة إلى ما مضى; لأنّ المفروض أنّه يفسخ العقد الواقع أوّلاً، ومقتضى الفسخ
عود كلّ عوض إلى مالكه، بل يحتمل أن يكون الأمر كذلك في صورة البطلان
أيضاً، لكنّه بعيد.
[3288] مسألة6: إذا تلف بعض العين المستأجرة تبطل بنسبته(1) ويجيء خيار
تبعّض الصفقة.
[3289] مسألة 7 : ظاهر كلمات العلماء أنّ الاُجرة من حين العقد مملوكة للمؤجر
بتمامها، وبالتلف قبل القبض أو بعده أو في أثناء المدّة ترجع إلى المستأجر كلاّ أو
بعضاً من حين البطلان، كما هو الحال عندهم في تلف المبيع قبل القبض، لا أن
يكون كاشفاً عن عدم ملكيّتها من الأوّل، وهو مشكل; لأنّ مع التلف ينكشف
عدم كون المؤجر مالكاً للمنفعة إلى تمام المدّة، فلم ينتقل ما يقابل المتخلّف من
الأوّل إليه، وفرق واضح بين تلف المبيع قبل القبض وتلف العين هنا; لأنّ المبيع
حين بيعه كان مالاً(2) موجوداً قوبل بالعوض، وأمّا المنفعة في المقام فلم تكن
موجودة حين العقد ولا في علم الله إلاّ بمقدار بقاء العين. وعلى هذا فإذا تصرّف في
الاُجرة يكون تصرّفه بالنسبة إلى ما يقابل المتخلّف فضوليّاً، ومن هذا يظهر أنّ
وجه البطلان في صورة التلف ـكلاّ أو بعضاًـ انكشاف عدم الملكيّة للمعوّض.
- (1) إلاّ فيما إذا كان تلف البعض موجباً لانعدام المنفعة وزوالها رأساً، كما في استئجار بقرين لحرث الأرض إذا فرض تقوّم الغرض بهما جميعاً كما في بعض البلاد، فإنّ الظاهر في مثل ذلك البطلان رأساً.
- (2) ولكن العوض المبذول بإزائه لم يبذل باعتبار هذه المالية المحدودة، وإلاّ لم يكن وجه للانفساخ، بل باعتبار ثبوت اقتضاء البقاء فيه وكون التلف أمراً طارئاً على خلاف الأصل، وهذا التقريب جار في المنفعة أيضاً، فإنّ تلف العين المستلزم لتلف المنفعة لا يوجب خللاً فيانعقاد الإجارة بعد ثبوت هذاالاقتضاء المذكور فيها، وعليه فالحكم في المقامين واحد، وما استظهره من كلمات العلماء ـ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ـ في محلّه.