(الصفحة 511)
لكن لابدّ من تعيين العمل والمدّة والاُجرة على شرائط الإجارة.
[3345] مسألة 16 : لايجوز استئجار اثنين للصلاة عن ميّت واحد في وقت
واحد; لمنافاته للترتيب(1) المعتبر في القضاء بخلاف الصوم، فإنّه لايعتبر فيه
الترتيب. وكذا لايجوز استئجار شخص واحد لنيابة الحجّ الواجب عن اثنين،
ويجوز ذلك في الحجّ المندوب، وكذا في الزيارات، كما يجوز النيابة عن المتعدّد تبرّعاً
في الحجّ(2) والزيارات، ويجوز الإتيان بها لابعنوان النيابة بل بقصد إهداء الثواب
لواحد أو متعدّد.
[3346] مسألة 17 : لايجوز الإجارة للنيابة عن الحيّ في الصلاة ولو في الصلوات
المستحبّة. نعم، يجوز ذلك في الزيارات والحجّ المندوب، وإتيان صلاة الزيارة ليس
بعنوانالنيابة بل منباب سببيّةالزيارة لاستحبابالصلاة بعدهاركعتين، ويحتمل(3)
جواز قصد النيابة فيها لأنّها تابعة للزيارة، والأحوط إتيانها بقصد ما في الواقع.
[3347] مسألة 18 : إذا عمل للغير لا بأمره ولا إذنه لايستحقّ عليه العوض، وإن
كان بتخيّل أنّه مأجور عليه فبان خلافه.
[3348] مسألة 19 : إذا أمر بإتيان عمل فعمل المأمور ذلك، فإن كان بقصد
التبرّع لايستحقّ عليه اُجرة، وإن كان من قصد الآمر إعطاء الاُجرة(4)، وإن قصد
الاُجرة وكان ذلك العمل ممّاله اُجرة استحقّ، وإنكان منقصد الآمرإتيانه تبرّعاً(5)،
- (1) بناءً على لزومه، وقد مرّ ما هو الأقوى.
- (2) أي المندوب، وكذا في الزيارة.
- (3) ولعلّه الأقرب.
- (4) وكان العمل ممّا له اُجرة.
- (5) إلاّ أن يكون هناك قرينة على قصد التبرّع من المأمور، أو على قصد الآمر التبرّع، فإنّه لا يستحقّ الاُجرة في شيء من الصورتين.
(الصفحة 512)
سواء كان العامل ممّن شأنه أخذ الاُجرة ومعدّاً نفسه لذلك أو لا، بل
وكذلك إن لم يقصد التبرّع ولا أخذ الاُجرة، فإنّ عمل المسلم محترم، ولو تنازعا
بعد ذلك في أنّه قصد التبرّع أو لا قدّم قول العامل; لأصالة عدم قصد التبرّع بعد
كون عمل المسلم محترماً، بل اقتضاء احترام عمل المسلم ذلك، وإن أغمضنا(1) عن
جريان أصالة عدم التبرّع. ولا فرق في ذلك بين أن يكون العامل ممّن شأنه وشغله
أخذ الاُجرة وغيره، إلاّ أن يكون هناك انصراف أو قرينة على كونه بقصد التبرّع
أو على اشتراطه.
[3349] مسألة 20 : كلّ ما يمكن الانتفاع به منفعة محلّلة مقصودة للعقلاء مع بقاء
عينه يجوز إجارته، وكذا كلّ عمل محلّل مقصود للعقلاء ـ عدا ما استثني ـ يجوز
الإجارة عليه، ولو كان تعلّق القصد والغرض به نادراً لكن في صورة تحقّق ذلك
النادر، بل الأمر في باب المعاوضات الواقعة على الأعيان أيضاً كذلك، فمثل حبّة
الحنطة لايجوز بيعها، لكن إذا حصل مورد يكون متعلّقاً لغرض العقلاء ويبذلون
المال في قبالها يجوز بيعها.
[3350] مسألة 21 : في الاستئجار للحجّ المستحبّي أو الزيارة لايشترط أن يكون
الإتيان بها بقصد النيابة، بل يجوز أن يستأجره لإتيانها بقصد إهداء الثواب إلى
المستأجر أو إلى ميّته، ويجوز أن يكون لا بعنوان النيابة ولا إهداء الثواب، بل
يكون المقصود إيجادها في الخارج من حيث إنّها من الأعمال الراجحة(2)، فيأتي بها
- (1) بعد الإغماض لا مجال للتمسّك بالعموم مع فرض كون الشبهة مصداقية، بل المرجع هي أصالة البراءة عن الاشتغال بالاُجرة.
- (2) وإن لم يكن له غرض عقلائي آخر سوى نفس تحقّق هذا العمل الراجح من حيث كونه كذلك، المتوقّف على بذل الاُجرة كما هو المفروض.
(الصفحة 513)
لنفسه أو لمن يريد نيابة أو إهداء.
[3351] مسألة 22 : في كون ما يتوقّف عليه استيفاء المنفعة كالمداد للكتابة
والإبرة والخيط للخياطة مثلا على المؤجر أو المستأجر قولان، والأقوىوجوب
التعيين إلاّ إذا كان هناك عادة ينصرف إليها الإطلاق، وإن كان القول بكونه مع
عدم التعيين وعدم العادة على المستأجر لايخلو عن وجه أيضاً; لأنّ اللازم على
المؤجر ليس إلاّ العمل.
[3352] مسألة 23 : يجوز الجمع بين الإجارة والبيع مثلا بعقد واحد، كأن
يقول: بعتك داري وآجرتك حماري بكذا، وحينئذ يوزّع العوض عليهما
بالنسبة ويلحق كلاّ منهما حكمه. فلو قال: آجرتك هذه الدار وبعتك هذا
الدينار بعشرة دنانير فلابدّ من قبض العوضين بالنسبة إلى البيع في المجلس،
وإذا كان(1) في مقابل الدينار بعد ملاحظة النسبة أزيد من دينار أو أقلّ منه بطل
بالنسبة إليه للزوم الربا. ولو قال: آجرتك هذه الدار وصالحتك هذا الدينار
بعشرة دنانير مثلا، فإن قلنا(2) بجريان حكم الصرف من وجوب القبض في
المجلس وحكم الربا في الصلح فالحال كالبيع، وإلاّ فيصحّ بالنسبة إلى
المصالحةأيضاً.
[3353] مسألة 24 : يجوز استئجار من يقوم بكلّ ما يأمره من حوائجه، فيكون
له جميع منافعه، والأقوى أنّ نفقته على نفسه لا على المستأجر، إلاّ مع الشرط أو
الانصراف منجهةالعادة،وعلىالأوّللابدّمنتعيينهاكمّاًوكيفاًإلاّأنيكون متعارفاً،
وعلى الثاني على ما هو المعتاد المتعارف، ولو أنفق من نفسه أو أنفقه متبرّع يستحقّ
- (1) تصوّر ذلك في المثال المفروض مشكل إلاّ في بعض الموارد.
- (2) والظاهر هو الفرق بين الصرف والربا، وجريان الثاني في الصلح دون الأوّل.
(الصفحة 514)
مطالبة عوضها(1) على الأوّل، بل وكذا على الثاني; لأنّ الانصراف بمنزلة الشرط.
[3354] مسألة 25 : يجوز أن يستعمل الأجير مع عدم تعيين الاُجرة وعدم إجراء
صيغة الإجارة، فيرجع إلى اُجرة المثل، لكنّه مكروه، ولايكون حينئذ من
الإجارة المعاطاتيّة كما قد يتخيّل; لأنّه يعتبر في المعاملة المعاطاتيّة اشتمالها علىجميع
شرائط تلك المعاملة عدا الصيغة، والمفروض عدم تعيين الاُجرة في المقام، بل عدم
قصد(2) الإنشاء منهما ولا فعل من المستأجر، بل يكون من باب العمل بالضمان،
نظير الإباحة بالضمان كما إذا أذن في أكل طعامه بضمان العوض، ونظير التمليك
بالضمان كما في القرض على الأقوى من عدم كونه معاوضة، فهذه الاُمور عناوين
مستقلّة غير المعاوضة، والدليل عليها السيرة بل الأخبار أيضاً، وأمّا الكراهة
فللأخبار أيضاً.
[3355] مسألة 26 : لو استأجر أرضاً مدّة معيّنة فغرس فيها أو زرع ما لايدرك
في تلك المدّة فبعد انقضائها للمالك أن يأمره بقلعها، بل وكذا لواستأجر لخصوص
الغرس(3) أو لخصوص الزرع، وليس له الإبقاء ولو مع الاُجرة ولا مطالبة الأرش
مع القلع; لأنّ التقصير من قبله. نعم، لو استأجرها مدّة يبلغ الزرع فاتّفق التأخير
لتغيّر الهواء أو غيره أمكن أن يقال بوجوب الصبر(4) على المالك مع الاُجرة; للزوم
الضرر إلاّ أن يكون موجباً لتضرّر المالك.
- (1) الظاهر عدم الاستحقاق; لأنّ تخلّف الشرط لا يوجبه، خصوصاً إذا كان المشروط عبارة عن نفس الفعل كالإنفاق في المقام، فانّه ليس له عوض حينئذ.
- (2) لا يخلو عن النظر.
- (3) صحّة الاستئجار في هذه الصورة محلّ تأمّل لو كانت المدّة غير صالحة للغرس والزرع مطلقاً، لا لخصوص المغروس والمزروع.
- (4) الظاهر عدم الوجوب.
(الصفحة 515)
فصل
في التنازع
[3356] مسألة 1 : إذا تنازعا في أصل الإجارة قدّم(1) قول منكرها مع اليمين، فإن
كان هو المالك استحقّ اُجرة المثل دون ما يقوله المدّعي، ولو زاد عنها لم يستحقّ(2)
تلكالزيادةوإنوجبعلىالمدّعيالمتصرّفإيصالها إليه. وإنكانالمنكرهو المتصرّف
فكذلك لم يستحقّ المالك إلاّ اُجرة المثل، ولكن لو زادت عمّا يدّعيه من المسمّى لم
يستحقّ الزيادة(3); لاعترافه بعدم استحقاقها، ويجب على المتصرّف إيصالها إليه،
هذا إذا كان النزاع بعد استيفاء المنفعة، وإن كان قبله رجع كلّ مال إلى صاحبه.
[3357] مسألة 2 : لو اتّفقا على أنّه أذن للمتصرّف في استيفاء المنفعة، ولكن
المالك يدّعي أنّه على وجه الإجارة بكذا أو الإذن بالضمان، والمتصرّف يدّعي أنّه
علىوجه العارية، ففي تقديم أيّهما وجهان بل قولان; من أصالة البراءة بعد فرض
كون التصرّف جائزاً، ومن أصالة احترام مال المسلم الذي لايحلّ إلاّ بالإباحة
والأصل عدمها، فتثبت(4) اُجرة المثل بعد التحالف، ولايبعد ترجيح الثاني، وجواز
التصرّف أعمّ من الإباحة.
- (1) إذا كان مصبّ الدعوى والإنكار مجرّد عنوان الإجارة، وأمّا إذا كان الإنكار مقروناً ببعض الدعاوي، كالغصب ونحوه فتقديم قول المنكر حينئذ محلّ إشكال.
- (2) ولا يتوجّه عليه اليمين حينئذ أيضاً.
- (3) ولا يتوجّه على المتصرّف اليمين أيضاً كما مرّ.
- (4) إذا لم تكن زائدة عمّا يدّعيه المالك، وفي هذه الصورة يمكن أن يقال بعدم الافتقار إلى التحالف، بل يكفي حلف المالك لكونه منكراً والطرف مدّعياً.