(الصفحة 57)
ومات فيه لم يجب القضاء عنه، ولكن يستحب النيابة عنه(1) في أدائه، والأولى أن
يكون بقصد إهداء الثواب.
[2534] مسألة 13: إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمرّ إلى رمضان
آخر، فإن كان العذر هو المرض سقط قضاؤه على الأصح وكفّر عن كلّ يوم بمدّ،
والأحوط مدّان، ولا يجزئ القضاء عن التكفير. نعم، الأحوط الجمع بينهما. وإن
كان العذر غير المرض(2) كالسفر ونحوه فالأقوى وجوب القضاء، وإن كان
الأحوط(3) الجمع بينه وبين المدّ، وكذا إن كان سبب الفوت هو المرض، وكان العذر
في التأخير غيره مستمرّاً من حين برئه إلى رمضان آخر أو العكس، فإنّه يجب
القضاء أيضاً في هاتين الصورتين على الأقوى، والأحوط الجمع خصوصاً في
الثانية.
[2535] مسألة 14: إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر، بل كان متعمّداً
في الترك ولم يأت بالقضاء إلى رمضان آخر وجب عليه الجمع(4) بين الكفارة
والقضاء بعد الشهر، وكذا إن فاته لعذر ولم يستمر ذلك العذر، بل ارتفع في أثناء
السنة ولم يأت به إلى رمضان آخر متعمّداً وعازماً على الترك، أو متسامحاً واتفق
العذر عند الضيق، فإنّه يجب حينئذ أيضاً الجمع، وأمّا إن كان عازماً على القضاء
بعد ارتفاع العذر فاتفق العذر عند الضيق فلا يبعد كفاية القضاء، لكن لا يترك
الاحتياط بالجمع أيضاً، ولا فرق فيما ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره.
- (1) لا معنى للنيابة في الأداء بعد عدم وجوبه وعدم وجوب القضاء أيضاً، كما أنّه لو كان المراد هي النيابة في أداء القضاء أي فعله، لا مجال له أيضاً.
- (2) أي المستمرّ إلى رمضان آخر.
- (3) لا يترك فيه وفيما بعده من الصورتين.
- (4) مضافاً إلى كفارة الإفطار عن عمد في خصوص هذه الصورة.
(الصفحة 58)
فتحصّل ممّا ذكر في هذه المسألة وسابقتها أنّ تأخير القضاء إلى رمضان آخر
إمّا يوجب الكفارة فقط; وهي الصورة الأولى المذكورة في المسألة السابقة، وإمّا
يوجب القضاء فقط; وهي بقية الصور المذكورة فيها، وإمّا يوجب الجمع بينهما;
وهي الصور المذكورة في هذه المسألة. نعم، الأحوط الجمع في الصور المذكورة في
السابقة أيضاً كما عرفت.
[2536] مسألة 15: إذا استمرّ المرض إلى ثلاث سنين يعني الرمضان الثالث
وجبت كفارة للأُولى وكفارة اُخرى للثانية، ويجب عليه القضاء للثالثة إذا استمر
إلى آخرها ثمّ برئ، وإذا استمرّ إلى أربع سنين وجبت للثالثة أيضاً، ويقضي للرابعة
إذا استمر إلى آخرها أي الرمضان الرابع، وأمّا إذا أخّر قضاء السنة الأُولى إلى
سنين عديدة فلا تتكرّر الكفارة بتكررها، بل تكفيه كفارة واحدة.
[2537] مسألة 16: يجوز إعطاء كفارة أيّام عديدة من رمضان واحد أو
أزيد لفقير واحد، فلا يجب إعطاء كلّ فقير مدّاً واحداً ليوم واحد.
[2538] مسألة 17: لا تجب كفارة العبد على سيّده من غير فرق بين كفارة
التأخير وكفارة الإفطار، ففي الأُولى إن كان له مال وأذن له السيد(1) أعطى من
ماله وإلاّ استغفر بدلاً عنها، وفي كفارة الإفطار يجب عليه اختيار صوم شهرين مع
عدم المال والإذن من السيّد، وإن عجز فصوم ثمانية عشر يوماً، وإن عجز
فالاستغفار.
[2539] مسألة 18: الأحوط(2) عدم تأخير القضاء إلى رمضان آخر مع
التمكّن عمداً، وإن كان لا دليل على حرمته.
- (1) بل وإن لم يأذن.
- (2) بل الأقوى.
(الصفحة 59)
[2540] مسألة 19: يجب على وليّ الميّت قضاء ما فاته من الصوم لعذر من
مرض أو سفر أو نحوهما، لا ما تركه عمداً، أو أتى به وكان باطلاً من جهة التقصير
في أخذ المسائل، وإن كان الأحوط(1) قضاء جميع ما عليه وإن كان من جهة الترك
عمداً. نعم، يشترط في وجوب قضاء ما فات بالمرض أن يكون قد تمكّن في حال
حياته من القضاء وأهمل، وإلاّ فلا يجب لسقوط القضاء حينئذ كما عرفت سابقاً،
ولا فرق في الميّت بين الأب والاُمّ(2) على الأقوى، وكذا لا فرق بين ما إذا ترك الميّت
ما يمكن التصدّق به عنه وعدمه، وإن كان الأحوط في الأوّل الصدقة عنه برضا
الوارث مع القضاء، والمراد بالولي هو الولد الأكبر وإن كان طفلاً أو مجنوناً حين
الموت، بل وإن كان حملاً.
[2541] مسألة 20: لو لم يكن للميت ولد لم يجب القضاء على أحد من
الورثة، وإن كان الأحوط قضاء أكبر الذكور من الأقارب عنه.
[2542] مسألة 21: لو تعدّد الولي اشتركا، وإن تحمّل أحدهما كفى عن
الآخر، كما أنّه لو تبرّع أجنبي سقط عن الولي.
[2543] مسألة 22: يجوز للولي أن يستأجر من يصوم عن الميّت، وأن
يأتي به مباشرة، وإذا استأجر ولم يأت به المؤجر أو أتى به باطلاً لم يسقط
عنالولي.
[2544] مسألة 23: إذا شك الولي في اشتغال ذمّة الميّت وعدمه لم يجب
عليه شيء، ولو علم به إجمالاً وتردّد بين الأقلّ والأكثر جاز له الاقتصار على
الأقلّ.
- (1) لا يترك كما مرّ في باب الصلاة.
- (2) مرّ أنّ الحكم في الاُمّ إنّما هو بنحو الاحتياط.
(الصفحة 60)
[2545] مسألة 24: إذا أوصى الميّت باستئجار ما عليه من الصوم أو الصلاة
سقط عن الولي بشرط أداء الأجير صحيحاً(1) وإلاّ وجب عليه.
[2546] مسألة 25: إنّما يجب على الولي قضاء ما علم اشتغال ذمة الميّت به أو
شهدت به البيّنة أو أقرّ به(2) عند موته، وأمّا لو علم أنّه كان عليه القضاء وشك في
إتيانه حال حياته أو بقاء شغل ذمته فالظاهر عدم الوجوب(3) عليه باستصحاب
بقائه. نعم، لو شك هو في حال حياته وأجرى الاستصحاب أو قاعدة الشغل ولم
يأت به حتّى مات فالظاهر وجوبه على الولي.
[2547] مسألة 26: في اختصاص ما وجب على الولي بقضاء شهر رمضان
أو عمومه لكلّ صوم واجب قولان، مقتضى إطلاق بعض الأخبار الثاني، وهو
الأحوط.
[2548] مسألة 27: لا يجوز للصائم قضاء شهر رمضان إذا كان عن نفسه
الإفطار بعد الزوال، بل تجب عليه الكفارة به; وهي كما مرّ إطعام عشرة مساكين
لكلّ مسكين مدّ، ومع العجز عنه صيام ثلاثة أيّام. وأمّا إذا كان عن غيره بإجارة
أو تبرّع فالأقوى جوازه وإن كان الأحوط الترك(4)، كما أنّ الأقوى الجواز في سائر
أقسام الصوم الواجب الموسّع، وإن كان الأحوط الترك فيها أيضاً. وأمّا الإفطار
قبل الزوال فلا مانع منه حتّى في قضاء شهر رمضان عن نفسه إلاّ مع التعيّن بالنذر
أو الإجارة أو نحوهما، أو التضيّق بمجيء رمضان آخر إن قلنا بعدم جواز التأخير
إليه كما هو المشهور.
- (1) ولو بمعونة أصالة الصحّة.
- (2) على الأحوط.
- (3) محلّ إشكال، بل الظاهر الوجوب.
- (4) لا يترك.
(الصفحة 61)
فصل
في صوم الكفارة
وهو أقسام:
منها: ما يجب فيه الصوم مع غيره، وهي كفارة قتل العمد، وكفارة من أفطر
على محرّم(1) في شهر رمضان، فإنّه تجب فيهما الخصال الثلاث.
ومنها: ما يجب فيه الصوم بعد العجز عن غيره; وهي كفارة الظهار، وكفارة
قتل الخطأ، فإنّ وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق، وكفّارة الإفطار في قضاء
رمضان، فإنّ الصوم فيها بعد العجز عن الإطعام كما عرفت، وكفّارة اليمين; وهي
عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وبعد العجز عنها فصيام ثلاثة
أيّام، وكفارة صيد النعامة(2)، وكفارة صيد البقر الوحشي، وكفارة صيد الغزال،
فإنّ الأوّل تجب فيه بدنة ومع العجز عنها صيام ثمانية عشر يوماً، والثاني يجب فيه
ذبح بقرة ومع العجز عنها صوم تسعة أيّام، والثالث يجب فيه شاة ومع العجز عنها
صوم ثلاثة أيّام، وكفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عامداً; وهي بدنة وبعد
العجز عنها صيام ثمانية عشر يوماً، وكفارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتّى
أدمته، ونتفها رأسها فيه، وكفّارة شقّ الرجل ثوبه على زوجته أو ولده، فإنّهما
ككفارة اليمين.
ومنها: ما يجب فيه الصوم مخيّراً بينه وبين غيره، وهي كفارة الإفطار في شهر
- (1) على الأحوط كما مرّ.
- (2) يأتي تفصيل الكفّارات المرتبطة بالحجّ في كتابه إن شاء الله تعالى.