(الصفحة 604)
النسبة على الأوّل دون الأخيرين ، فإنّه لصاحب البذر .
ومنها : في مسألة الزكاة .
ومنها : في مسألة الانفساخ أو الفسخ في الأثناء قبل ظهور الحاصل .
ومنها : في مسألة مشاركة الزارع مع غيره ومزارعته معه .
ومنها : في مسألة ترك الزرع إلى أن انقضت المدّة ، إلى غير ذلك .
[3508] مسألة 16 : إذا حصل ما يوجب الانفساخ في الأثناء قبل ظهور الثمر أو بلوغه ، كما إذا انقطع الماء عنه ولم يمكن تحصيله، أو استولى عليه ولم يمكن قطعه، أو حصل مانع آخر عامّ ، فالظاهر لحوق حكم تبيّن البطلان من الأوّل على ما مرّ ; لأنّه يكشف عن عدم قابليتها للزرع ، فالصحّة كانت ظاهريّة ، فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر ، ويحتمل بعيداً(1) كون الانفساخ من حينه، فيلحقه حكم الفسخ في الأثناء على ما يأتي ، فيكون مشتركاً بينهما على النسبة .
[3509] مسألة 17 : إذا كان العقد واجداً لجميع الشرائط وحصل الفسخ في الأثناء إمّا بالتقايل ، أو بخيار الشرط لأحدهما ، أو بخيار الاشتراط بسبب تخلّف ما شرط على أحدهما ، فعلى ما ذكرنا من مقتضى وضع المزارعة ـ وهو الوجه الأوّل من الوجوه المتقدّمة ـ فالزرع الموجود مشترك بينهما على النسبة ، وليس(2)لصاحب الأرض على العامل اُجرة أرضه، ولا للعامل اُجرة عمله بالنسبة إلى ما مضى ; لأنّ المفروض صحّة المعاملة وبقاؤها إلى حين الفسخ . وأمّا بالنسبة إلى
- (1) هذا الاحتمال قريب جدّاً في مفروض المسألة، الذي هو ما إذا حصل الموجب بعد خروج الزرع، فإنّ الزرع الخارج مشترك بينهما ـ على ما اختاره واخترناه ـ من عدم توقّف تحقّق الشركة على ظهور الحاصل أو بلوغه. نعم، لو كان حصول الموجب قبل خروج الزرع فالظاهر تحقّق الانفساخ من الأصل.
- (2) قد تقدّم منه (قدس سره) في المسألة التاسعة أنّ مقتضى الفسخ رجوع مالك الأرض إلى اُجرة المثل لها، والمفروض هناك وإن كان صورة حصول الفسخ بعد بلوغ الحاصل، إلاّ أنّه لا فرق بين المسألتين من هذه الجهة، والحقّ ما هناك.
(الصفحة 605)
الآتي فلهما التراضي على البقاء إلى البلوغ بلا اُجرة أو معها ، ولهما التراضي على القطع قصيلاً ، وليس للزارع الإبقاء إلى البلوغ بدون رضا المالك ولو بدفع اُجرة الأرض ، ولا مطالبة الأرش إذا أمره المالك بالقلع ، وللمالك مطالبة القسمة وإبقاء حصّته في أرضه إلى حين البلوغ وأمر الزارع بقطع حصّته قصيلاً .
هذا ، وأمّا على الوجهين الآخرين فالزرع الموجود لصاحب البذر(1) ، والظاهر عدم ثبوت شيء عليه من اُجرة الأرض أو العمل ; لأنّ المفروض صحّة المعاملة إلى هذا الحين ، وإن لم يحصل للمالك أو العامل شيء من الحاصل فهو كما لو بقي الزرع إلى الآخر ولم يحصل حاصل من جهة آفة سماويّة أو أرضيّة ، ويحتمل(2)ثبوت الاُجرة عليه إذا كان هو الفاسخ .
فذلكة
قد تبيّن ممّا ذكرنا في طيّ المسائل المذكورة أنّ هاهنا صوراً :
الاُولى : وقوع العقد صحيحاً جامعاً للشرائط والعمل على طبقه إلى الآخر ، حصل الحاصل أو لم يحصل ; لآفة سماوية أو أرضيّة .
الثانية : وقوعه صحيحاً مع ترك الزارع للعمل إلى أن انقضت المدّة ، سواء زرع غير ما وقع عليه العقد أو لم يزرع أصلاً .
الثالثة : تركه العمل في الأثناء بعد أن زرع اختياراً أو لعذر خاصّ به.
الرابعة: تبيّن البطلان من الأوّل.
الخامسة: حصول الانفساخ في الأثناء لقطع الماء أونحوه من الأعذار العامّة .
- (1) لابدّ من تقييده بما إذا كان قبل ظهور الحاصل بالنسبة إلى أوّل الوجهين.
- (2) على بُعد.
(الصفحة 606)
السادسة : حصول الفسخ بالتقايل أو بالخيار في الأثناء ، وقد ظهر(1) حكم الجميع في طيّ المسائل المذكورة، كما لايخفى .
[3510] مسألة 18 : إذا تبيّن بعد عقد المزارعة أنّ الأرض كانت مغصوبة فمالكها مخيّر بين الإجازة فتكون الحصّة له ـ سواء كان بعد المدّة أو قبلها ، في الأثناء أو قبل الشروع بالزرع ـ بشرط أن لايكون هناك قيد أو شرط لم يكن معه محلّ للإجازة ، وبين الردّ ، وحينئذ فإن كان قبل الشروع في الزرع فلا إشكال ، وإن كان بعد التمام فله اُجرة المثل لذلك الزرع وهو لصاحب البذر . وكذا إذا كان في الأثناء ويكون بالنسبة إلى بقيّة المدّة الأمر بيده ، فإمّا يأمر بالإزالة ، وإمّا يرضى بأخذ الاُجرة بشرط رضا صاحب البذر ، ثمّ المغرور من المزارع والزارع يرجع فيما خسر على غارّه ، ومع عدم الغرور فلا رجوع ، وإذا تبيّن كون البذر مغصوباً فالزرع لصاحبه، وليس(2) عليه اُجرة الأرض ولا اُجرة العمل . نعم ، إذا كان التبيّن في الأثناء كان لمالك الأرض الأمر بالإزالة .
هذا إذا لم يكن محلّ للإجازة ; كما إذا وقعت المعاملة على البذر الكلّي لا المشخّص في الخارج أو نحو ذلك ، أو كان ولم يجز ، وإن كان له محلّ وأجاز يكون هو الطرف(3) للمزارعة ويأخذ الحصّة التي كانت للغاصب ، وإذا تبيّن كون العامل
- (1) لم يظهر حكم الصورة الثالثة في المسائل السابقة، وإن ظهر بعض أحكامها منها، فإنّ الظاهر أنّها من جهة ضمان الاُجرة ومثلها وعدمه حكمها حكم الصورة الثانية، وأمّا من جهة ضمان البذر لو كان للمالك وكان ترك العمل موجباً لتلفه رأساً فيفترق عنها.
- (2) بل على الزارع اُجرة الأرض إن كان هو الغاصب للبذر بشرط جهل المالك، وعلى المزارع اُجرة العمل إن كان غاصباً.
- (3) فيما إذا كان صاحب البذر طرفاً مستقلاًّ للمزارعة بهذا العنوان، وأمّا إذا كان صاحب البذر هو العامل أو المالك فلا موقع للإجازة، ومنه يظهر أنّ الحصّة التي يأخذها هي التي لصاحب البذر بعنوانه.
(الصفحة 607)
عبداً غير مأذون فالأمر إلى مولاه ، وإذا تبيّن كون العوامل أو سائر المصارف مغصوبة فالمزارعة صحيحة، ولصاحبها اُجرة المثل أو قيمة الأعيان التالفة ، وفي بعض الصور يحتمل جريان الفضوليّة وإمكان الإجازة، كما لايخفى .
[3511] مسألة 19 : خراج الأرض على صاحبها ، وكذا مال الإجارة إذا كانت مستأجرة ، وكذا ما يصرف في إثبات اليد عند أخذها من السلطان وما يؤخذ لتركها في يده ، ولو شرط كونها على العامل بعضاً أو كلاّ صحّ، وإن كانت ربما تزاد وربما تنقص على الأقوى ، فلايضرّ (1) مثل هذه الجهالة ; للأخبار . وأمّا سائر المؤن; كشقّ الأنهار وحفر الآبار وآلات السقي وإصلاح النهر وتنقيته، ونصب الأبواب مع الحاجة إليها، والدولاب ونحو ذلك ممّا يتكرّر كلّ سنة أو لايتكرّر، فلابدّ من تعيين كونها على المالك أو العامل ، إلاّ إذا كان هناك عادة ينصرف الإطلاق إليها ، وأمّا ما يأخذه المأمورون من الزارع ظلماً من غير الخراج فليس على المالك(2)، وإن كان أخذهم ذلك من جهة الأرض .
[3512] مسألة 20 : يجوز لكلّ من المالك والزارع أن يخرص على الآخر بعد إدراك الحاصل بمقدار منه بشرط القبول والرضا من الآخر لجملة من الأخبار هنا وفي الثمار ، فلايختصّ ذلك بالمزارعة والمساقاة، بل مقتضى الأخبار جوازه في كلّ زرع مشترك أو ثمر مشترك، والأقوى لزومه بعد القبول وإن تبيّن بعد ذلك زيادته أو نقيصته ; لبعض تلك الأخبار ، مضافاً إلى العمومات العامّة، خلافاً لجماعة ، والظاهر أنّه معاملة مستقلّة وليست بيعاً ولا صلحاً معاوضيّاً ، فلايجري فيها إشكال اتّحاد العوض والمعوّض ، ولا إشكال النهي عن المحاقلة والمزابنة ، ولا
- (1) فيه إشكال بل منع.
- (2) إلاّ إذا كان معدوداً في العرف جزءاً من الخراج، بحيث كانت العادة موجبة لانصراف الإطلاق إلى المالك.
(الصفحة 608)
إشكال الربا ولو بناءً على ما هو الأقوى من عدم اختصاص حرمته بالبيع وجريانه في مطلق المعاوضات ، مع أنّ حاصل الزرع والشجر قبل الحصاد والجذاذ ليس من المكيل والموزون ، ومع الإغماض عن ذلك كلّه يكفي في صحّتها الأخبار الخاصّة ، فهو نوع من المعاملة عقلائيّة ثبت بالنصوص ولتسمَّ بالتقبّل ، وحصر المعاملات في المعهودات ممنوع .
نعم ، يمكن أن يقال : إنّها في المعنى راجعة إلى الصلح الغير المعاوضي ، فكأنّهما يتسالمان على أن يكون حصّة أحدهما من المال المشترك كذا مقداراً والبقيّة للآخر، شبه القسمة أو نوع منها ، وعلى ذلك يصحّ إيقاعها(1) بعنوان الصلح على الوجه المذكور مع قطع النظر عن الأخبار أيضاً على الأقوى من اغتفار هذا المقدار من الجهالة فيه إذا ارتفع الغرر بالخرص المفروض ، وعلى هذا لايكون من التقبيل والتقبّل . ثمّ إنّ المعاملة المذكورة لا تحتاج إلى صيغة مخصوصة ، بل يكفي كلّ لفظ دالّ على التقبّل ، بل الأقوى عدم الحاجة إلى الصيغة أصلاً ، فيكفي(2) فيها مجرّد التراضي كما هو ظاهر الأخبار ، والظاهر اشتراط كون الخرص بعد بلوغ الحاصل وإدراكه ، فلايجوز قبل ذلك ، والقدر المتيقّن من الأخبار كون المقدار المخروص عليه من حاصل ذلك الزرع ، فلايصحّ الخرص وجعل المقدار في الذمّة من جنس ذلك الحاصل . نعم ، لو أوقع المعاملة بعنوان الصلح على الوجه الذي ذكرنا لا مانع من ذلك فيه ، لكنّه كما عرفت خارج(3) عن هذه المعاملة .
ثمّ إنّ المشهور بينهم أنّ قرار هذه المعاملة مشروط بسلامة الحاصل ، فلو تلف
- (1) محلّ إشكال مع قطع النظر عن الأخبار.
- (2) الظاهر عدم الكفاية، بل لابدّ من الإنشاء، سواء كان باللفظ أو بغيره.
- (3) وصحّتها أيضاً مشكلة كما عرفت.