(الصفحة 613)
وأنّ ملكيّة السابق كانت إلى حين موته ، بدعوى أنّه إذا آجر مدّة لاتزيد على عمره الطبيعي، ومقتضى الاستصحاب بقاؤه بمقداره ، فكما أنّها في الظاهر محكومة بالصحّة كذلك عند الشارع وفي الواقع ، فبموت السابق ينتقل ما قرّره من الاُجرة إلى اللاحق لا الأرض بمنفعتها، إلى آخر ما ذكره من النقض والإبرام، وفيه ما لايخفى ، ولاينبغي الإشكال في البطلان بموته في المقامين .
[3526] السادسة : يجوز مزارعة الكافر مزارعاً كان أو زارعاً .
[3527] السابعة : في جملة من الأخبار النهي عن جعل ثلث للبذر وثلث للبقر وثلث لصاحب الأرض ، وأنّه لاينبغي أن يسمّي بذراً ولا بقراً، فإنّما يحرّم الكلام ، والظاهر كراهته، وعن ابن الجنيد وابن البرّاج حرمته، فالأحوط (1) الترك .
[3528] الثامنة : بعد تحقّق المزارعة على الوجه الشرعي يجوز لأحدهما بعد ظهور الحاصل أن يصالح الآخر عن حصّته بمقدار معيّن ; من جنسه أو غيره بعد التخمين بحسب المتعارف ، بل لا بأس به(2) قبل ظهوره أيضاً ، كما أنّ الظاهر جواز مصالحة أحدهما مع الآخرعن حصّته في هذه القطعة من الأرض بحصّة الآخر في الاُخرى ، بل الظاهر جواز تقسيمهما بجعل إحدى القطعتين لأحدهما والاُخرى للآخر ، إذ القدر المسلّم لزوم جعل الحصّة مشاعة من أوّل الأمر وفي أصل العقد .
[3529] التاسعة : لايجب في المزارعة على أرض إمكان زرعها من أوّل الأمر وفي السنة الاُولى ، بل يجوز المزارعة على أرض بائرة لايمكن زرعها إلاّ بعد إصلاحها وتعميرها سنة أو أزيد . وعلى هذا إذا كانت أرض موقوفة وقفاً عامّاً أو خاصّاً وصارت بائرة يجوز للمتولّي أن يسلّمها إلى شخص بعنوان المزارعة إلى عشر
(الصفحة 614)
سنين أو أقلّ أو أزيد، حسب ما تقتضيه المصلحة على أن يعمرها ويزرعها إلى سنتين مثلا لنفسه ، ثمّ يكون الحاصل مشتركاً بالإشاعة بحصّة معيّنه .
[3530] العاشرة : يستحبّ للزارع كما في الأخبار الدعاء عند نثر الحبّ ; بأن يقول :
«اللّهمّ قد بذرنا وأنت الزارع، فاجعله حبّاً متراكماً». وفي بعض الأخبار :
«إذا أردت أن تزرع زرعاً فخذ قبضة من البذر واستقبل القبلة وقل : {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*
ءَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 56 / 63 و64] ثلاث مرّات، ثمّ تقول : بل الله الزارع، ثلاث مرّات ، ثمّ قل : اللّهمَّ اجعله حبّاً مباركاً وارزقنا فيه السلامة ، ثمّ انثر القبضة التي في يدك في القراح». وفي خبر آخر :
«لمّا اُهبط آدم (عليه السلام)
إلى الأرض احتاج إلى الطعام والشراب فشكى ذلك إلى جبرئيل (عليه السلام)
فقال له جبرئيل : يا آدم كن حرّاثاً ، فقال (عليه السلام)
: فعلّمني دعاء، قال : قل : اللّهمّ اكفني مؤنة الدّنيا وكلّ هول دون الجنّة، وألبسني العافية حتّى تهنئني المعيشة» .
(الصفحة 615)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المساقاة
[فصل
في معنى المساقاة وشرائطها وأحكامها]
وهي معاملة على اُصول ثابتة بحصّة من ثمرها ، ولا إشكال في مشروعيّتها في الجملة ، ويدلّ عليها مضافاً إلى العمومات خبر يعقوب بن شعيب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) : سألته عن الرّجل يعطي الرجل أرضه وفيها رمّان أو نخل أو فاكهة ويقول : اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج؟ قال :
«لا بأس». وجملة من أخبار خيبر ، منها : صحيح الحلبي قال: أخبرني أبو عبدالله (عليه السلام)
«أنّ أباه حدّثه أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها، فلمّا أدركت الثمرة بعث عبدالله بن رواحة . . . » الخ . هذا، مع أنّها من المعاملات العقلائيّة ولم يرد نهي عنها، ولا غرر فيها حتّى يشملها النهي عن الغرر .
ويشترط فيها اُمور :
الأوّل : الإيجاب والقبول ، ويكفي فيهما كلّ لفظ دالّ على المعنى المذكور ماضياً كان أو مضارعاً أو أمراً ، بل الجملة الاسميّة مع قصد الإنشاء بأيّ لغة كانت ، ويكفي
(الصفحة 616)
القبول الفعلي(1) بعد الإيجاب القولي، كما أنّه يكفي المعاطاة .
الثاني : البلوغ والعقل والاختيار .
الثالث : عدم(2) الحجر لسفه أو فلس .
الرابع : كون الاُصول مملوكة عيناً ومنفعة ، أو منفعة فقط ، أو كونه نافذ التصرّف فيها لولاية أو وكالة أو تولية .
الخامس : كونها معيّنة عندهما معلومة لديهما .
السادس : كونها ثابتة مغروسة ، فلاتصحّ في الوديّ ; أي الفسيل قبل الغرس .
السابع : تعيين المدّة بالأشهر والسنين وكونها بمقدار يبلغ فيه الثمر غالباً . نعم ، لايبعد(3) جوازها في العام الواحد إلى بلوغ الثمر من غير ذكر الأشهر ; لأنّه معلوم بحسب التخمين، ويكفي ذلك في رفع الغرر ، مع أنّه الظاهر من رواية يعقوب بن شعيب المتقدّمة .
الثامن : أن يكون قبل ظهور الثمر أو بعده وقبل البلوغ، بحيث كان يحتاج بعد إلى سقي أو عمل آخر . وأمّا إذا لم يكن كذلك ففي صحّتها إشكال، وإن كان محتاجاً إلى حفظ أو قطوف أو نحو ذلك .
التاسع : أن يكون الحصّة معيّنه مشاعة ، فلا تصحّ مع عدم تعيينها إذا لم يكن هناك انصراف ، كما لا تصحّ إذا لم تكن مشاعة; بأن يجعل لأحدهما مقداراً معيّناً
- (1) مرّ الإشكال فيه في كتاب المزارعة.
- (2) هذا إنّما يعتبر بالإضافة إلى المالك دون العامل إذا لم يستلزم تصرّفاً ماليّاً، كما مرّ في كتاب المزارعة.
- (3) إذا كان المبدأ معلوماً ولو للانصراف إلى الشروع من حين العقد أو بحسب العرف والعادة.
(الصفحة 617)
والبقيّة للآخر . نعم ، لايبعد (1) جواز أن يجعل لأحدهما أشجاراً معلومة وللآخر اُخرى ، بل وكذا لو اشترط اختصاص أحدهما بأشجار معلومة والاشتراك في البقيّة ، أو اشترط لأحدهما مقدار معيّن مع الاشتراك في البقيّة إذا علم كون الثمر أزيد من ذلك المقدار وأنّه تبقى بقيّة .
العاشر : تعيين ما على المالك من الاُمور وما على العامل من الأعمال إذا لم يكن هناك انصراف .
[3531] مسألة 1 : لا إشكال في صحّة المساقاة قبل ظهور الثمر ، كما لا خلاف في عدم صحتها بعد البلوغ والإدراك بحيث لايحتاج إلى عمل غير الحفظ والاقتطاف ، واختلفوا في صحّتها إذا كان بعد الظهور قبل البلوغ ، والأقوى كما أشرنا إليه صحّتها، سواء كان العمل ممّا يوجب الاستزادة أولا(2) ، خصوصاً إذا كان في جملتها بعض الأشجار التي بعد لم يظهر ثمرها .
[3532] مسألة 2 : الأقوى جواز المساقاة على الأشجار التي لا ثمر لها وإنّما ينتفع بورقها ، كالتوت والحنّاء ونحوهما .
[3533] مسألة 3 : لايجوز عندهم المساقاة على اُصول غير ثابتة، كالبطّيخ والباذنجان والقطن وقصب السكّر ونحوها، وإن تعدّدت اللّقطات فيها كالأوّلين ، ولكن لايبعد(3) الجواز للعمومات، وإن لم يكن من المساقاة المصطلحة ، بل لايبعد الجواز في مطلق الزرع كذلك ، فإنّ مقتضى العمومات الصحّة بعد كونه من
- (1) الظاهر عدم الجواز كما اختاره في المزارعة. نعم، لو حملت العبارة على الاشتراك في الباقي ـ كما هو خلاف ظاهرها ـ يمكن القول بالجواز، مع أنّه أيضاً مشكل كما في الفرضين التاليين، إلاّ إذا كانت الأشجار المعيّنة خارجة عن المساقاة.
- (2) فيه بل في الفرض الأوّل أيضاً إشكال.
- (3) محلّ إشكال، وأولى منه مطلق الزرع.