(الصفحة 623)
بالذهب والفضّة أو جريانها في مطلق الضميمة ، والأمر سهل .
[3549] مسألة 19 : في صورة اشتراط شيء من الذهب والفضّة أو غيرهما على أحدهما إذا تلف بعض الثمرة هل ينقص منهما شيء أو لا ؟ وجهان ، أقواهما العدم، فليس قرارهما مشروطاً بالسلامة . نعم ، لو تلف الثمرة بجميعها أو لم تخرج أصلاً ففي سقوط الضميمة وعدمه أقوال ، ثالثها : الفرق بين ما إذا كانت للمالك على العامل فتسقط ، وبين العكس فلا تسقط . رابعها(1) : الفرق بين صورة عدم الخروج أصلاً فتسقط ، وصورة التلف فلا ، والأقوى عدم السقوط مطلقاً ; لكونه شرطاً في عقد لازم فيجب الوفاء به .
ودعوى أنّ عدم الخروج أو التلف كاشف عن عدم صحّة المعاملة من الأوّل ; لعدم ما يكون مقابلا للعمل ; أمّا في صورة كون الضميمة للمالك فواضح ، وأمّا مع كونها للعامل فلأنّ الفائدة ركن في المساقاة، فمع عدمها لايكون شيء في مقابل العمل، والضميمة المشروطة لاتكفي في العوضيّة، فتكون المعاملة باطلة من الأوّل، ومعه لايبقى وجوب الوفاء بالشرط .
مدفوعة ـ مضافاً إلى عدم تماميّته بالنسبة إلى صورة التلف; لحصول العوض بظهور الثمرة وملكيّتها وإن تلف بعد ذلك ـ بأنّا نمنع كون المساقاة معاوضة بين حصّة من الفائدة والعمل ، بل حقيقتها(2) تسليط من المالك للعامل على الاُصول
- (1) ولعلّه الأقرب.
- (2) الظاهر أنّ حقيقتها ما يدلّ عليه تعريفها في السابق، وهي المعاملة على أُصول ثابتة بحصّة من ثمرها، وهو الذي يدلّ عليه قوله (عليه السلام) في صحيحة ابن شعيب: «اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج» فإنّ ظهوره في مقابلة الحصّة والعمل لا ريب فيه، وعليه فوجود الثمرة ركن في تحقّق المساقاة، ومنه يظهر تغاير اعتبارها مع المضاربة التي هي التسليط على المال للاسترباح، مع أنّه على تقدير كون حقيقتها هي التسليط على الاُصول للاستنماء له وللمالك، فمجرّد الاحتمال وإن كان يكفي في تعلّق القصد بهذه الحقيقة، إلاّ أنّه مع انكشاف عدم النماء رأساً لا مجال لاتّصافها بالصحّة; لأنّه لا يعقل الاستنماء حقيقة في ما لا نماء فيه واقعاً، وهذا هو الوجه في البطلان فيما لو تبيّن عدم قابلية الاُصول للثمر لليبس أو الكبر أو نحوهما.
(الصفحة 624)
للاستنماء له وللمالك ، ويكفيه احتمال الثمر وكونها في معرض ذلك ، ولذا لايستحقّ العامل اُجرة عمله إذا لم يخرج، أو خرج وتلف بآفة سماوية أو أرضية في غير صورة ضمّ الضميمة ، بدعوى الكشف عن بطلانها من الأوّل واحترام عمل المسلم ، فهي نظير المضاربة ; حيث إنّها أيضاً تسليط على الدرهم أو الدينار للاسترباح له وللعامل ، وكونها جائزة دون المساقاة لايكفي في الفرق ، كما أنّ ما ذكره في «الجواهر» من الفرق بينهما ; بأنّ في المساقاة يقصد المعاوضة بخلاف المضاربة التي يراد منها الحصّة من الربح الذي قد يحصل وقد لايحصل، وأمّا المساقاة فيعتبر فيها الطمأنينة بحصول الثمرة ولايكفي احتمال مجرّد دعوى لا بيّنة لها .
ودعوى أنّ من المعلوم أنّه لو علم من أوّل الأمر عدم خروج الثمر لايصحّ المساقاة ، ولازمه البطلان إذا لم يعلم ذلك ثمّ انكشف بعد ذلك ، مدفوعة بأنّ الوجه في عدم الصحّة كون المعاملة سفهيّة مع العلم بعدم الخروج من الأوّل بخلاف المفروض ، فالأقوى ما ذكرنا من الصحّة ولزوم الوفاء بالشرط; وهو تسليم الضميمة وإن لم يخرج شيء أو تلف بالآفة . نعم ، لو تبيّن عدم قابليّة الاُصول للثمر إمّا ليبسها أو لطول عمرها أو نحو ذلك كشف عن بطلان المعاملة من الأوّل ، ومعه يمكن استحقاق العامل للاُجرة إذا كان جاهلاً(1) بالحال .
[3550] مسألة 20 : لو جعل المالك للعامل مع الحصّة من الفائدة ملك حصّة من الاُصول ـ مشاعاً أو مفروزاً ـ ففي صحّته مطلقاً ، أو عدمها كذلك ، أو التفصيل بين
- (1) قد مرّ الإشكال على التفصيل بين العالم والجاهل مراراً.
(الصفحة 625)
أن يكون ذلك بنحو الشرط فيصحّ ، أو على وجه الجزئيّة فلا أقوال ، والأقوى الأوّل ; للعمومات ، ودعوى أنّ ذلك على خلاف وضع المساقاة كما ترى ، كدعوى أنّ مقتضاها أن يكون العمل في ملك المالك ، إذ هو أوّل الدعوى . والقول بأنّه لايعقل أن يشترط عليه العمل في ملك نفسه ، فيه : أنّه لا مانع منه إذا كان للشارط فيه غرض أو فائدة كما في المقام ، حيث إنّ تلك الاُصول وإن لم تكن للمالك الشارط ، إلاّ أنّ عمل العامل فيها ينفعه في حصول حصّة من نمائها .
ودعوى أنّه إذا كانت تلك الاُصول للعامل بمقتضى الشرط فاللازم تبعيّة نمائها لها ، مدفوعة بمنعها بعد أن كان المشروط له الأصل فقط في عرض تملّك حصّة من نماء الجميع . نعم ، لو اشترط كونها له على وجه يكون نماؤها له بتمامه كان كذلك ، لكن عليه تكون تلك الاُصول بمنزلة المستثنى من العمل ، فيكون العمل فيما عداها ممّا هو للمالك بإزاء الحصّة من نمائه مع نفس تلك الاُصول .
[3551] مسألة 21 : إذا تبيّن في أثناء المدّة عدم خروج الثمر أصلاً هل يجب على العامل إتمام السقي ؟ قولان ، أقواهما العدم .
[3552] مسألة 22 : يجوز أن يستأجر المالك أجيراً للعمل مع تعيينه نوعاً ومقداراً بحصّة من الثمرة أو بتمامها بعد الظهور وبدوّ الصلاح ، بل وكذا قبل البدوّ ، بل قبل الظهور (1) أيضاً إذا كان مع الضميمة الموجودة أو عامين ، وأمّا قبل الظهور
- (1) الظاهر هو البطلان قبل الظهور مطلقاً ولو مع القيدين; لما عرفت في كتاب الإجارة من عدم معقولية هذا النحو من التمليك، وقياسه على معاملة ما في الذمّة واضح الفساد، وهذا هو الوجه في البطلان في بيع الثمار قبل الظهور، لا الأخبار المانعة للقصور فيها سنداً أو دلالة، ولم يثبت إجماع على الجواز فيه قبل الظهور ولو مع الضميمة أو عامين. وأمّا بعد الظهور قبل البدو في المقام فالظاهر أنّه لا مانع منه مع شرط القطع والاتّصاف بالمالية إذا قطع، أو مع شرط البقاء مدّة معلومة، وبدون ذلك محلّ إشكال.
(الصفحة 626)
عاماً واحداً بلا ضميمة فالظاهر عدم جوازه ، لا لعدم معقوليّة تمليك ما ليس بموجود ; لأنّا نمنع عدم المعقوليّة بعد اعتبار العقلاء وجوده لوجوده المستقبليّ ـ ولذا يصحّ مع الضميمة أو عامين، حيث إنّهم اتّفقوا عليه في بيع الثمار، وصرّح به جماعة هاهنا ـ بل لظهور اتّفاقهم على عدم الجواز ، كما هو كذلك في بيع الثمار ، ووجه المنع هناك خصوص الأخبار الدالّة عليه ، وظاهرها أنّ وجه المنع الغرر لا عدم معقوليّة تعلّق الملكيّة بالمعدوم ، ولولا ظهور الإجماع في المقام لقلنا بالجواز مع الاطمئنان بالخروج بعد ذلك ، كما يجوز بيع ما في الذمّة مع عدم كون العين موجوداً فعلاً عند ذيها ، بل وإن لم يكن في الخارج أصلاً ، والحاصل أنّ الوجود الاعتباري يكفي في صحّة تعلّق الملكيّة ، فكأنّ العين موجودة في عهدة الشجر ، كما أنّها موجودة في عهدة الشخص .
[3553] مسألة 23 : كلّ موضع بطل فيه عقد المساقاة يكون الثمر للمالك وللعامل اُجرة المثل لعمله ، إلاّ إذاكان عالماً (1) بالبطلان ومع ذلك أقدم على العمل ، أو كان الفساد لأجل اشتراط كون جميع الفائدة للمالك ، حيث إنّه بمنزلة المتبرّع في هاتين الصورتين ، فلايستحقّ اُجرة المثل على الأقوى، وإن كان عمله بعنوان المساقاة .
[3554] مسألة 24 : يجوز اشتراط مساقاة في عقد مساقاة ، كأن يقول : ساقيتك على هذا البستان بالنصف على أن اُساقيك على هذا الآخر بالثلث ، والقول بعدم الصحّة ـ لأنّه كالبيعين في بيع المنهيّ عنه ـ ضعيف ; لمنع كونه من هذا القبيل ، فإنّ المنهيّ عنه البيع حالاّ بكذا ومؤجّلاً بكذا، أو البيع على تقدير كذا بكذا وعلى تقدير آخر بكذا ، والمقام نظير أن يقول : «بعتك داري بكذا على أن أبيعك بستاني
- (1) قد مرّ عدم الفرق بين الجاهل والعالم في ذلك. نعم، لو كان منشأ الفساد جعل تمام الثمر للمالك لا يستحقّ شيئاً مطلقاً، كما أنّه في صورة الاستحقاق يستحقّ أقلّ الأمرين من اُجرة المثل ومن مقدار حصّته من الثمرة.
(الصفحة 627)
بكذا» ولا مانع منه ; لأنّه شرط مشروع في ضمن العقد .
[3555] مسألة 25 : يجوز تعدّد العامل ، كأن يساقي مع اثنين بالنصف له والنصف لهما ، مع تعيين عمل كلّ منهما بينهم أو فيما بينهما ، وتعيين حصّة كلّ منهما ، وكذا يجوز تعدّد المالك واتّحاد العامل ، كما إذا كان البستان مشتركاً بين اثنين فقالا لواحد : ساقيناك على هذا البستان بكذا ، وحينئذ فإن كانت الحصّة المعيّنة للعامل منهما سواء كالنصف أو الثلث مثلا صحّ وإن لم يعلم العامل كيفيّة شركتهما وأنّها بالنصف أو غيره ، وإن لم يكن سواء ـ كأن يكون في حصّة أحدهما بالنصف وفي حصّة الآخر بالثلث مثلا ـ فلابدّ من علمه بمقدار حصّة كلّ منهما ; لرفع الغرر والجهالة في مقدار حصّته من الثمر .
[3556] مسألة 26 : إذا ترك العامل العمل بعد إجراء العقد ابتداءً وفي الأثناء فالظاهر أنّ المالك مخيّر بين الفسخ أو الرجوع إلى الحاكم الشرعي ، فيجبره على العمل ، وإن لم يمكن استأجر من ماله من يعمل عنه ، أو بأجرة مؤجّلة إلى وقت الثمر فيؤدّيها منه ، أو يستقرض عليه ويستأجر من يعمل عنه ، وإن تعذّر الرجوع إلى الحاكم أو تعسّر فيقوم بالاُمور المذكورة عدول المؤمنين ، بل لايبعد جواز إجباره بنفسه ، أو المقاصّة من ماله ، أو استئجار المالك عنه ثمّ الرجوع عليه أو نحو ذلك . وقد يقال بعدم جواز الفسخ إلاّ بعد تعذّر الإجبار وأنّ اللازم(1) كون الإجبار من الحاكم مع إمكانه ، وهو أحوط(2) ، وإن كان الأقوى التخيير بين الاُمور المذكورة .
هذا إذا لم يكن مقيّداً بالمباشرة ، وإلاّ فيكون مخيّراً(3) بين الفسخ والإجبار ،
- (1) في العبارة مسامحة، فإنّ لزوم كون الإجبار من الحاكم مع إمكانه لا يختصّ بهذا القول بل هو مسلّم لا إشكال فيه.
- (2) لا يترك.
- (3) بالنحو الذي عرفت من تأخّر رتبة الفسخ عن الإجبار احتياطاً.