(الصفحة 67)
وأمّا المكروه منه; بمعنى قلّة الثواب(1) ففي مواضع أيضاً:
منها: صوم عاشوراء(2).
ومنها: صوم عرفة لمن خاف أن يضعّفه عن الدعاء الذي هو أفضل من
الصوم، وكذا مع الشك في هلال ذي الحجة خوفاً من أن يكون يوم العيد.
ومنها: صوم الضيف بدون إذن مضيفه، والأحوط تركه مع نهيه، بل الأحوط
تركه مع عدم إذنه أيضاً.
ومنها: صوم الولد بدون إذن والده، بل الأحوط تركه خصوصاً مع النهي، بل
يحرم إذا كان إيذاءً له(3) من حيث شفقته عليه، والظاهر جريان الحكم في ولد الولد
بالنسبة إلى الجد، والأولى مراعاة إذن الوالدة، ومع كونه إيذاءً لها يحرم كما في
الوالد.
وأما المحظور منه ففي مواضع أيضاً:
أحدها: صوم العيدين الفطر والأضحى، وإن كان عن كفارة القتل في أشهر
الحرم، والقول بجوازه للقاتل شاذ، والرواية الدالّة عليه ضعيفة سنداً ودلالة.
الثاني: صوم أيّام التشريق; وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر
من ذي الحجة لمن كان بمنى، ولا فرق على الأقوى بين الناسك وغيره.
الثالث: صوم يوم الشك في أنّه من شعبان أو رمضان بنيّة أنّه من رمضان،
وأمّا بنيّة أنّه من شعبان فلا مانع منه كما مرّ.
الرابع: صوم وفاء نذر المعصية، بأن ينذر الصوم إذا تمكّن من الحرام الفلاني أو
- (1) أو بمعنى المزاحمة مع ما هو أرجح منه، أو بمعنى انطباق عنوان مرجوح عليه أهمّ من رجحان الصوم، كالتبعية لبني اُميّة في صوم العاشور.
- (2) لكنّه يستحب فيه الإمساك إلى العصر لا بقصد الصوم.
- (3) لكن المحرّم هو عنوان الإيذاء لا الصوم.
(الصفحة 68)
إذا ترك الواجب الفلاني يقصد بذلك الشكر على تيسّره، وأمّا إذا كان بقصد الزجر
عنه فلا بأس به. نعم، يلحق بالأوّل في الحرمة ما إذا نذر الصوم زجراً عن طاعة
صدرت منه أو عن معصية تركها.
الخامس: صوم الصمت، بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام
النهار أو بعضه بجعله في نيّته من قيود صومه، وأمّا إذا لم يجعله قيداً وإن صمت فلا
بأس به، بل وإن كان في حال النيّة بانياً على ذلك إذا لم يجعل الكلام جزءاً من
المفطرات وتركه قيداً في صومه.
السادس: صوم الوصال; وهو صوم يوم وليلة إلى السحر، أو صوم يومين بلا
إفطار في البين، وأمّا لو أخّر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد
جعل تركه جزءاً من الصوم فلا بأس به، وإن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر
مطلقاً.
السابع: صوم الزوجة مع المزاحمة لحقّ الزوج، والأحوط(1) تركه بلا إذن
منه، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه وإن لم يكن مزاحماً لحقّه.
الثامن: صوم المملوك مع المزاحمة لحقّ المولى، والأحوط تركه من دون إذنه،
بل لا يترك الاحتياط مع نهيه.
التاسع: صوم الولد مع كونه موجباً لتألّم الوالدين وأذيّتهما.
العاشر: صوم المريض ومن كان يضره الصوم.
الحادي عشر: صوم المسافر إلاّ في الصور المستثناة على ما مر.
الثاني عشر: صوم الدهر حتّى العيدين على ما في الخبر، وإن كان يمكن أن
يكون من حيث اشتماله عليهما لا لكونه صوم الدهر من حيث هو.
- (1) لا يترك، وكذا في المملوك.
(الصفحة 69)
[2559] مسألة 3: يستحب الإمساك تأدّباً في شهر رمضان وإن لم يكن
صوماً في مواضع.
أحدها: المسافر إذا ورد أهله أو محلّ الإقامة بعد الزوال مطلقاً أو قبله وقد
أفطر، وأمّا إذا ورد قبله ولم يفطر فقد مر أنّه يجب عليه الصوم.
الثاني: المريض إذا برئ في أثناء النهار وقد أفطر، وكذا لو لم يفطر إذا كان بعد
الزوال، بل قبله أيضاً على ما مر من عدم صحّة صومه، وإن كان الأحوط تجديد
النيّة(1) والإتمام ثمّ القضاء.
الثالث: الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.
الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار أتى بالمفطر أم لا.
الخامس: الصبي إذا بلغ في أثناء النهار.
السادس: المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا في أثنائه.
- (1) مرّ ما يتعلّق به وبما بعده.
(الصفحة 70)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الاعتكاف
وهو اللبث في المسجد بقصد العبادة، بل لا يبعد كفاية قصد التعبّد بنفس
اللبث، وإن لم يضم إليه قصد عبادة اُخرى خارجة عنه، لكن الأحوط الأوّل،
ويصح في كلّ وقت يصح فيه الصوم، وأفضل أوقاته شهر رمضان، وأفضله العشر
الأواخر منه. وينقسم إلى واجب(1) ومندوب، والواجب منه ما وجب بنذر أو عهد
أو يمين أو شرط في ضمن عقد أو إجارة أو نحو ذلك، وإلاّ ففي أصل الشرع
مستحب، ويجوز الإتيان به عن نفسه وعن غيره الميّت، وفي جوازه نيابة عن الحيّ
قولان لا يبعد ذلك، بل هو الأقوى(2)، ولا يضرّ اشتراط الصوم فيه فإنّه تبعيّ،
فهو كالصلاة في الطواف الذي يجوز فيه النيابة عن الحي.
ويشترط في صحته أُمور:
- (1) بناءً على ما ذكرنا في النذر وشبهه لا يكون الاعتكاف بعنوانه واجباً أصلاً.
- (2) لا قوّة فيه، والأحوط الإتيان به رجاءً.
(الصفحة 71)
الأوّل: الإيمان، فلا يصح من غيره.
الثاني: العقل، فلا يصح من المجنون ولو أدواراً في دوره، ولا من السكران
وغيره من فاقدي العقل.
الثالث: نية القربة كما في غيره من العبادات، والتعيين إذا تعدّد ولو إجمالاً، ولا
يعتبر فيه قصد الوجه كما في غيره من العبادات، وإن أراد أن ينوي الوجه ففي
الواجب منه ينوى الوجوب(1) وفي المندوب الندب، ولا يقدح في ذلك كون اليوم
الثالث الذي هو جزء منه واجباً لأنّه من أحكامه، فهو نظير النافلة إذا قلنا
بوجوبها بعد الشروع فيها، ولكن الأولى ملاحظة ذلك حين الشروع فيه، بل
تجديد نية الوجوب في اليوم الثالث، ووقت النيّة قبل الفجر، وفي كفاية النيّة في أوّل
الليل كما في صوم شهر رمضان إشكال(2). نعم، لو كان الشروع فيه في أوّل الليل أو
في أثنائه نوى في ذلك الوقت، ولو نوى الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب
اشتباهاً لم يضرّ إلاّ إذا كان على وجه التقييد لا الاشتباه في التطبيق.
الرابع: الصوم، فلا يصح بدونه، وعلى هذا فلا يصح وقوعه من المسافر في
غير المواضع التي يجوز له الصوم فيها، ولا من الحائض والنفساء ولا في العيدين،
بل لو دخل فيه قبل العيد بيومين لم يصح وإن كان غافلاً حين الدخول. نعم، لو نوى
اعتكاف زمان يكون اليوم الرابع أو الخامس منه العيد، فإن كان على وجه التقييد
بالتتابع لم يصح، وإن كان على وجه الإطلاق لا يبعد صحّته، فيكون العيد فاصلاً(3)
- (1) بناءً علىتعلّق الوجوب بعنوان الاعتكاف، وقد مرّ أنّه ممنوع، وعليه فمقتضى القاعدةـبناءً على اعتبار قصد الوجهـهي نيّة الاستحباب، كصلاة الليل إذا تعلّق النذر بها.
- (2) والظاهر أنّه كشهر رمضان، وقد مرّ حكمه.
- (3) الفصل بالعيد يمنع عن كون الطرفين اعتكافاً واحداً. نعم، يكون ما بعد العيد اعتكافاً آخر إذا كان جامعاً لشرائطه التي منها النيّة المستقلّة.