(الصفحة 671)
منه ، فإذا أعتقه المولى قبل الأداء بطل عتقه .
وما عن «المسالك» من عدم حصول الانعتاق قبل الأداء ـ لأنّ الحوالة ليست في حكم الأداء بل في حكم التوكيل ، وعلى هذا إذا أعتقه المولى صحّ وبطلت الكتابة ولم يسقط عن المكاتب مال الحوالة ; لأنّه صار لازماً للمحتال، ولايضمن السيد ما يغرمه من مال الحوالة ـ فيه نظر من وجوه ، وكأنّ دعواه أنّ الحوالة ليست في حكم الأداء ، إنّما هي بالنظر إلى ما مرّ(1) من دعوى توقّف شغل ذمّة المحيل للمحال عليه على الأداء كما في الضمان ، فهي وإن كان كالأداء بالنسبة إلى المحيل والمحتال، فبمجرّدها يحصل الوفاء وتبرأ ذمّة المحيل ، لكن بالنسبة إلى المحال عليه والمحيل ليس كذلك ، وفيه منع التوقّف المذكور كما عرفت ، فلا فرق بين المقامين في كون الحوالة كالأداء فيتحقّق بها الوفاء .
[3627] مسألة 12 : لو باع السيّد مكاتبه سلعة فأحاله بثمنها صحّ ; لأنّ حاله حال الأحرار ; من غير فرق بين سيّده وغيره ، وما عن الشيخ(2) من المنع ضعيف .
[3628] مسألة 13 : لو كان للمكاتب دين على أجنبيّ فأحال سيّده عليه من مال الكتابة صحّ ، فيجب عليه تسليمه للسيّد ويكون موجباً لانعتاقه، سواء أدّى المحال عليه المال للسيّد أم لا.
[3629] مسألة 14 : لو اختلفا(3) في أنّ الواقع منهما كانت حوالة أو وكالة، فمع
- (1) ولكن مورد ما مرّ هو الحوالة على البريء لا المديون، إلاّ أن يقال بكون المقام أيضاً كذلك; لأنّه لا يعقل أن يكون العبد مديوناً للمولى; لأنّه يلزم أن يكون المولى مديوناً لنفسه، ولكنّه كما ترى.
- (2) ولكن المحكي عن الشيخ (قدس سره) هو المنع فيما لو أحاله بمال الكتابة، وأمّا الحوالة عليه بثمن السلعة التي ابتاعها فاحتمل فيها الوجهان.
- (3) لابدّ من فرض المسألة فيما إذا كان مدّعي الوكالة يدّعيها بأن يكون أمانة عند الوكيل، وإلاّ فلا يترتّب على هذه الدعوى بالنسبة إلى ما بعد القبض أثر أصلاً، ضرورة اتفاقهما حينئذ على كون المال للمحتال وارتفاع اشتغال ذمّة المحيل له، كما أنّ إجراء الاُصول المذكورة بالنسبة إلى ما بعد القبض مخدوش في هذه الصورة، ضرورة أنّ ارتفاع اشتغال ذمّة المحيل للمحتال، وكذا ذمّة المحال عليه للمحيل، وكذا ملكية المحتال للمال المأخوذ معلوم، سواء كان الواقع هي الحوالة أو الوكالة بالنحو المذكور. نعم، لو كانت الوكالة بنحو الأمانة لا بأس بجريان أكثر هذه الاُصول.
(الصفحة 672)
عدم البيّنة يقدّم قول منكر الحوالة ، سواء كان هو المحيل أو المحتال ، وسواء كان ذلك قبل القبض من المحال عليه أو بعده ، وذلك لأصالة بقاء اشتغال ذمّة المحيل للمحتال، وبقاء اشتغال ذمّة المحال عليه للمحيل، وأصالة عدم ملكيّة المال المحال به للمحتال ، ودعوى أنّه إذا كان بعد القبض يكون مقتضى اليد ملكيّة المحتال، فيكون المحيل المنكر للحوالة مدّعياً ، فيكون القول قول المحتال في هذه الصورة ، مدفوعة بأنّ مثل هذه اليد لايكون أمارة على ملكيّة ذيها ، فهو نظير ما إذا دفع شخص ماله إلى شخص وادّعى أنّه دفعه أمانة ، وقال الآخر : دفعتني هبة أو قرضاً ، فإنّه لايقدّم قول ذي اليد .
هذا كلّه إذا لم يعلم اللفظ الصادر منهما ، وأمّا إذا علم وكان ظاهراً في الحوالة أو في الوكالة فهو المتّبع ، ولو علم أنّه قال : أحلتك على فلان ، وقال : قبلت ، ثمّ اختلفا في أنّه حوالة أو وكالة ، فربما يقال : إنّه يقدّم قول مدّعي الحوالة ; لأنّ الظاهر من لفظ أحلت هو الحوالة المصطلحة واستعماله في الوكالة مجاز، فيحمل على الحوالة ، وفيه : منع(1) الظهور المذكور . نعم ، لفظ الحوالة ظاهر في الحوالة المصطلحة ، وأمّا ما يشتقّ منها كلفظ أحلت فظهوره فيها ممنوع ، كما أنّ لفظ الوصيّة ظاهر في الوصيّة المصطلحة، وأمّا لفظ «أوصيت» أو «اُوصيك بكذا» فليس كذلك ، فتقديم قول مدّعي الحوالة في الصورة المفروضة محلّ منع .
- (1) في المنع منع، وتقديم مدّعي الحوالة لا يخلو عن قوّة.
(الصفحة 673)
[3630] مسألة 15 : إذا أحال البائع من له عليه دين على المشتري بالثمن ، أو أحال المشتري البائع بالثمن على أجنبيّ بريء أو مديون للمشتري ، ثمّ بان بطلان البيع بطلت الحوالة في الصورتين ; لظهور عدم اشتغال ذمّة المشتري للبائع ، واللازم اشتغال ذمّة المحيل للمحتال . هذا في الصورة الثانية ، وفي الصورة الاُولىوإن كان المشتري محالاً عليه ويجوز الحوالة على البريء ، إلاّ أنّ المفروض إرادة الحوالة عليه من حيث ثبوت الثمن في ذمّته ، فهي في الحقيقة حوالة على ما في ذمّته(1) لا عليه ، ولافرق بين أن يكون انكشاف البطلان قبل القبض أو بعده ، فإذا كان بعد القبض يكون المقبوض باقياً (2) على ملك المشتري فله الرجوع به ، ومع تلفه يرجع على المحتال في الصورة الاُولى وعلى البائع في الثانية .
[3631] مسألة 16 : إذا وقعت الحوالة بأحد الوجهين ثمّ انفسخ البيع بالإقالة أو بأحد الخيارات فالحوالة صحيحة ; لوقوعها في حال اشتغال ذمّة المشتري بالثمن ، فيكون كما لو تصرّف أحد المتبايعين فيما انتقل إليه ثمّ حصل الفسخ ، فإنّ التصرّف لايبطل بفسخ البيع . ولا فرق بين أن يكون الفسخ قبل قبض مال الحوالة أو بعده ، فهي تبقى بحالها ويرجع البائع على المشتري بالثمن ، وما عن الشيخ وبعض آخر من الفرق بين الصورتين والحكم بالبطلان في الصورة الثانية ـ وهي ما إذا أحال
- (1) لا معنى للحوالة على ما في ذمّته، بل الحوالة هنا على الشخص بما في ذمّته، فإن كان ذلك بنحو الداعي صحّت الحوالة وتكون على البريء، وإن كان بنحو التقيّد بطلت.
- (2) هذا في خصوص الصورة الاُولى، ويؤيّده التعبير بالبقاء. وأمّا الصورة الثانية بكلا شقّيها فالمأخوذ باق على ملك الأجنبي فيها، أمّا الشقّ الأوّل فواضح، وأمّا الثاني فلأنّه لم يكن في البين ما يوجب خروجه عن ملك الأجنبي إلاّ الحوالة، والأداء عقيبها بتخيّل صحّتها وقد انكشف الخلاف، فالمأخوذ باق على ملكه، ومنه يظهر أنّه مع التلف يكون الراجع هو الأجنبي في الصورة الثانية، والظاهر جواز رجوعه إلى المحتال وإلى المحيل الذي هو المشتري. نعم، له الرجوع عليه لو رجع عليه به.
(الصفحة 674)
المشتري البائع بالثمن على أجنبيّ ; لأنّها تتبع البيع في هذه الصورة، حيث إنّها بين المتبايعين ـ بخلاف الصورة الاُولى ضعيف ، والتبعيّة في الفسخ وعدمه ممنوعة . نعم ، هي تبع للبيع ، حيث إنّها واقعة على الثمن ، وبهذا المعنى لا فرق بين الصورتين ، وربما يقال ببطلانها إن قلنا : إنّها استيفاء ، وتبقى إن قلنا : إنّها اعتياض ، والأقوى البقاء وإن قلنا : إنّها استيفاء ; لأنّها معاملة مستقلّة لازمة لا تنفسخ بانفساخ البيع، وليس حالها حال الوفاء بغير معاملة لازمة ، كما إذا اشترى شيئاً بدراهم مكسّرة فدفع إلى البائع الصحاح أو دفع بدلها شيئاً آخر وفاءً ، حيث إنّه إذا انفسخ البيع يرجع إليه ما دفع من الصحاح أو الشيء الآخر لا الدراهم المكسّرة ، فإنّ الوفاء بهذا النحو ليس معاملة لازمة ، بل يتبع البيع في الانفساخ ، بخلاف ما نحن فيه ; حيث إنّ الحوالة عقد لازم وإن كان نوعاً من الاستيفاء .
[3632] مسألة 17 : إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معيّن خارجي ، فأحال دائنه عليه ليدفع إليه بما عنده فقبل المحتال والمحال عليه وجب عليه الدفع إليه، وإن لم يكن من الحوالة(1) المصطلحة ، وإذا لم يدفع له الرجوع على المحيل ; لبقاء شغل ذمّته ، ولو لم يتمكّن من الاستيفاء منه ضمن(2) الوكيل المحال عليه إذا كانت الخسارة الواردة عليه مستنداً إليه; للغرور .
- (1) بل ليس من الحوالة أصلاً، ولا يحتاج إلى قبول المحال عليه; لأنّه وكيل على ما هو المفروض، بل وقبول المحتال إذا كان ذلك المال مصداقاً لدينه.
- (2) فيه نظر وإشكال.
(الصفحة 675)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النكاح
[فصل
في فضل النكاح وآدابه]
النكاح مستحبّ في حدّ نفسه بالإجماع والكتاب والسنّة المستفيضة ، بل المتواترة، قال الله تعالى:
{وَأَنكِحُوا الاَْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 24 / 32] . وفي النبويّ المرويّ بين الفريقين :
«النكاح سنّتي فمن رغب عن سنّتي فليس منّي». وعن الصادق، عن أميرالمؤمنين (عليهما السلام) قال :
«تزوّجوا فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : من أحبّ أن يتّبع سنّتي فإنّ من سنّتي التزويج». وفي النبوي (صلى الله عليه وآله) :
«ما بني بناء في الإسلام أحبّ إلى الله تعالى من التزويج». وعن النبيّ (صلى الله عليه وآله) :
«من تزوّج أحرز نصف دينه، فليتّق الله في النصف الآخر». بل يستفاد من جملة من الأخبار استحباب حبّ النساء، ففي الخبر عن الصادق (عليه السلام) :
«من أخلاق الأنبياء حبّ النساء». وفي آخر عنه (عليه السلام) :
«ما أظنّ رجلاً يزداد في هذا الأمر خيراً إلاّ ازداد حبّاً للنساء». والمستفاد من الآية وبعض الأخبار أنّه موجب لسعة الرزق ، ففي خبر