(الصفحة 68)
إذا ترك الواجب الفلاني يقصد بذلك الشكر على تيسّره، وأمّا إذا كان بقصد الزجر
عنه فلا بأس به. نعم، يلحق بالأوّل في الحرمة ما إذا نذر الصوم زجراً عن طاعة
صدرت منه أو عن معصية تركها.
الخامس: صوم الصمت، بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام
النهار أو بعضه بجعله في نيّته من قيود صومه، وأمّا إذا لم يجعله قيداً وإن صمت فلا
بأس به، بل وإن كان في حال النيّة بانياً على ذلك إذا لم يجعل الكلام جزءاً من
المفطرات وتركه قيداً في صومه.
السادس: صوم الوصال; وهو صوم يوم وليلة إلى السحر، أو صوم يومين بلا
إفطار في البين، وأمّا لو أخّر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد
جعل تركه جزءاً من الصوم فلا بأس به، وإن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر
مطلقاً.
السابع: صوم الزوجة مع المزاحمة لحقّ الزوج، والأحوط(1) تركه بلا إذن
منه، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه وإن لم يكن مزاحماً لحقّه.
الثامن: صوم المملوك مع المزاحمة لحقّ المولى، والأحوط تركه من دون إذنه،
بل لا يترك الاحتياط مع نهيه.
التاسع: صوم الولد مع كونه موجباً لتألّم الوالدين وأذيّتهما.
العاشر: صوم المريض ومن كان يضره الصوم.
الحادي عشر: صوم المسافر إلاّ في الصور المستثناة على ما مر.
الثاني عشر: صوم الدهر حتّى العيدين على ما في الخبر، وإن كان يمكن أن
يكون من حيث اشتماله عليهما لا لكونه صوم الدهر من حيث هو.
- (1) لا يترك، وكذا في المملوك.
(الصفحة 69)
[2559] مسألة 3: يستحب الإمساك تأدّباً في شهر رمضان وإن لم يكن
صوماً في مواضع.
أحدها: المسافر إذا ورد أهله أو محلّ الإقامة بعد الزوال مطلقاً أو قبله وقد
أفطر، وأمّا إذا ورد قبله ولم يفطر فقد مر أنّه يجب عليه الصوم.
الثاني: المريض إذا برئ في أثناء النهار وقد أفطر، وكذا لو لم يفطر إذا كان بعد
الزوال، بل قبله أيضاً على ما مر من عدم صحّة صومه، وإن كان الأحوط تجديد
النيّة(1) والإتمام ثمّ القضاء.
الثالث: الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.
الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار أتى بالمفطر أم لا.
الخامس: الصبي إذا بلغ في أثناء النهار.
السادس: المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا في أثنائه.
- (1) مرّ ما يتعلّق به وبما بعده.
(الصفحة 70)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الاعتكاف
وهو اللبث في المسجد بقصد العبادة، بل لا يبعد كفاية قصد التعبّد بنفس
اللبث، وإن لم يضم إليه قصد عبادة اُخرى خارجة عنه، لكن الأحوط الأوّل،
ويصح في كلّ وقت يصح فيه الصوم، وأفضل أوقاته شهر رمضان، وأفضله العشر
الأواخر منه. وينقسم إلى واجب(1) ومندوب، والواجب منه ما وجب بنذر أو عهد
أو يمين أو شرط في ضمن عقد أو إجارة أو نحو ذلك، وإلاّ ففي أصل الشرع
مستحب، ويجوز الإتيان به عن نفسه وعن غيره الميّت، وفي جوازه نيابة عن الحيّ
قولان لا يبعد ذلك، بل هو الأقوى(2)، ولا يضرّ اشتراط الصوم فيه فإنّه تبعيّ،
فهو كالصلاة في الطواف الذي يجوز فيه النيابة عن الحي.
ويشترط في صحته أُمور:
- (1) بناءً على ما ذكرنا في النذر وشبهه لا يكون الاعتكاف بعنوانه واجباً أصلاً.
- (2) لا قوّة فيه، والأحوط الإتيان به رجاءً.
(الصفحة 71)
الأوّل: الإيمان، فلا يصح من غيره.
الثاني: العقل، فلا يصح من المجنون ولو أدواراً في دوره، ولا من السكران
وغيره من فاقدي العقل.
الثالث: نية القربة كما في غيره من العبادات، والتعيين إذا تعدّد ولو إجمالاً، ولا
يعتبر فيه قصد الوجه كما في غيره من العبادات، وإن أراد أن ينوي الوجه ففي
الواجب منه ينوى الوجوب(1) وفي المندوب الندب، ولا يقدح في ذلك كون اليوم
الثالث الذي هو جزء منه واجباً لأنّه من أحكامه، فهو نظير النافلة إذا قلنا
بوجوبها بعد الشروع فيها، ولكن الأولى ملاحظة ذلك حين الشروع فيه، بل
تجديد نية الوجوب في اليوم الثالث، ووقت النيّة قبل الفجر، وفي كفاية النيّة في أوّل
الليل كما في صوم شهر رمضان إشكال(2). نعم، لو كان الشروع فيه في أوّل الليل أو
في أثنائه نوى في ذلك الوقت، ولو نوى الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب
اشتباهاً لم يضرّ إلاّ إذا كان على وجه التقييد لا الاشتباه في التطبيق.
الرابع: الصوم، فلا يصح بدونه، وعلى هذا فلا يصح وقوعه من المسافر في
غير المواضع التي يجوز له الصوم فيها، ولا من الحائض والنفساء ولا في العيدين،
بل لو دخل فيه قبل العيد بيومين لم يصح وإن كان غافلاً حين الدخول. نعم، لو نوى
اعتكاف زمان يكون اليوم الرابع أو الخامس منه العيد، فإن كان على وجه التقييد
بالتتابع لم يصح، وإن كان على وجه الإطلاق لا يبعد صحّته، فيكون العيد فاصلاً(3)
- (1) بناءً علىتعلّق الوجوب بعنوان الاعتكاف، وقد مرّ أنّه ممنوع، وعليه فمقتضى القاعدةـبناءً على اعتبار قصد الوجهـهي نيّة الاستحباب، كصلاة الليل إذا تعلّق النذر بها.
- (2) والظاهر أنّه كشهر رمضان، وقد مرّ حكمه.
- (3) الفصل بالعيد يمنع عن كون الطرفين اعتكافاً واحداً. نعم، يكون ما بعد العيد اعتكافاً آخر إذا كان جامعاً لشرائطه التي منها النيّة المستقلّة.
(الصفحة 72)
بين أيّام الاعتكاف.
الخامس: أن لا يكون أقل من ثلاثة أيّام، فلو نواه كذلك بطل، وأمّا الأزيد
فلا بأس به وإن كان الزائد يوماً أو بعضه، أو ليلة أو بعضها، ولا حدّ لأكثره. نعم،
لو اعتكف خمسة أيّام وجب السادس، بل ذكر بعضهم(1) أنّه كلّما زاد يومين وجب
الثالث، فلو اعتكف ثمانية أيّام وجب اليوم التاسع وهكذا، وفيه تأمّل، واليوم من
طلوع الفجر إلى غروب الحمرة المشرقية، فلا يشترط إدخال الليلة الأُولى ولا
الرابعة وإن جاز ذلك كما عرفت، ويدخل فيه الليلتان المتوسّطتان، وفي كفاية
الثلاثة التلفيقية إشكال(2).
السادس: أن يكون في المسجد الجامع، فلا يكفي في غير المسجد ولا في مسجد
القبيلة والسوق، ولو تعدّد الجامع تخيّر بينها، ولكن الأحوط مع الإمكان كونه في
أحد المساجد الأربعة: مسجد الحرام، ومسجد النبي(صلى الله عليه وآله)، ومسجد الكوفة،
ومسجد البصرة.
السابع: إذن السيد بالنسبة إلى مملوكه، سواء كان قنّاً أو مدبّراً أو أُمّ ولد، أو
مكاتباً لم يتحرّر منه شيء ولم يكن اعتكافه اكتساباً، وأمّا إذا كان اكتساباً فلا مانع
منه، كما أنّه إذا كان مبعّضاً فيجوز منه في نوبته إذا هاياه مولاه من دون إذن، بل مع
المنع منه أيضاً. وكذا يعتبر إذن المستأجر بالنسبة إلى أجيره الخاصّ، وإذن الزوج
بالنسبة إلى الزوجة إذا كان منافياً لحقّه، وإذن الوالد أو الوالدة بالنسبة إلى ولدهما
إذا كان مستلزماً لإيذائهما، وأمّا مع عدم المنافاة وعدم الإيذاء فلا يعتبر إذنهم، وإن
كان أحوط، خصوصاً بالنسبة إلى الزوج والوالد.
- (1) وهو الأحوط لو لم يكن أقوى.
- (2) أظهره عدم الكفاية.