(الصفحة 73)
الثامن: استدامة اللبث في المسجد، فلو خرج عمداً اختياراً لغير الأسباب
المبيحة بطل، من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به، وأمّا لو خرج ناسياً أو
مكرهاً فلا يبطل، وكذا لو خرج لضرورة عقلاً أو شرعاً أو عادة كقضاء الحاجة
من بول أو غائط، أو للاغتسال من الجنابة أو الاستحاضة ونحو ذلك، ولايجب
الاغتسال(1) في المسجد وإن أمكن من دون تلويث، وإن كان أحوط. والمدار على
صدق اللبث، فلا ينافيه خروج بعض أجزاء بدنه من يده أو رأسه أو نحوهما.
[2560] مسألة 1: لو ارتدّ المعتكف في أثناء اعتكافه بطل ـ وإن تاب بعد ذلكـ
إذا كان ذلك في أثناء النهار، بل مطلقاً على الأحوط.
[2561] مسألة 2: لا يجوز العدول بالنية من اعتكاف إلى غيره وإن اتحدا في
الوجوب والندب، ولا عن نيابة ميت إلى آخر أو إلى حيّ، أو عن نيابة غيره إلى
نفسه أو العكس.
[2562] مسألة 3: الظاهر عدم جواز النيابة عن أكثر من واحد في اعتكاف
واحد. نعم، يجوز ذلك بعنوان إهداء الثواب، فيصحّ إهداؤه إلى متعدّدين أحياءً أو
أمواتاً أو مختلفين.
[2563] مسألة 4: لا يعتبر في صوم الاعتكاف أن يكون لأجله، بل يعتبر
فيه أن يكون صائماً أيّ صوم كان، فيجوز الاعتكاف مع كون الصوم استئجارياً(2)
أو واجباً من جهة النذر ونحوه، بل لو نذر الاعتكاف يجوز له بعد ذلك(3) أن يؤجر
- (1) بل لا يجوز في المسجدين مطلقاً، وفي غيرهما مع التوقّف على المكث.
- (2) كفاية الصوم عن الغير مطلقاً ـ أجيراً كان أو وليّاً أو متبرّعاً ـ في الاعتكاف عن غير ذلك الغير سواء كان لنفسه أو لغيره ـ محلّ تأمّل وإشكال.
- (3) إذا كان الاعتكاف منذوراً بنحو الإطلاق، وأمّا إذا كان منذوراً في أيّام معيّنة فلا يجوز أن يؤجر نفسه لصوم تلك الأيّام، ولو فرض الجواز إذا كان الإيجار قبله.
(الصفحة 74)
نفسه للصوم ويعتكف في ذلك الصوم، ولا يضرّه وجوب الصوم عليه بعد نذر
الاعتكاف، فإنّ الذي يجب لأجله هو الصوم الأعم من كونه له أو بعنوان آخر، بل
لا بأس بالاعتكاف(1) المنذور مطلقاً في الصوم المندوب الذي يجوز له قطعه، فإن لم
يقطعه تمّ اعتكافه، وإن قطعه انقطع ووجب عليه الاستئناف.
[2564] مسألة 5: يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأوّلين، ومع
تمامهما يجب الثالث، وأمّا المنذور، فإن كان معيّناً فلا يجوز قطعه مطلقاً، وإلاّ
فكالمندوب.
[2565] مسألة 6: لو نذر الاعتكاف في أيّام معينة وكان عليه صوم منذور أو
واجب لأجل الإجارة(2) يجوز له أن يصوم في تلك الأيّام وفاءً عن النذر أو
الإجارة. نعم، لو نذر الاعتكاف في أيّام مع قصد كون الصوم له ولأجله لم يجزئ
عن النذر أو الإجارة.
[2566] مسألة 7: لو نذر اعتكاف يوم أو يومين، فإن قيّد بعدم الزيادة بطل
نذره، وإن لم يقيّده صحّ ووجب ضمّ يوم أو يومين.
[2567] مسألة 8: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام معيّنة أو أزيد فاتفق
كون الثالث عيداً بطل من أصله، ولا يجب عليه قضاؤه لعدم انعقاد نذره، لكنّه
أحوط.
- (1) إن قلنا بأنّ تعلّق النذر لا يستتبع إلاّ مجرّد وجوب الوفاء به، ولا يسري الوجوب إلى العنوان المنذور، فنفس الاعتكاف أيضاً لا يصير واجباً فضلاً عن الصوم، وإن لم نقل بذلك كما هو ظاهرهم على خلاف ما هو التحقيق عندنا، فالظاهر صيرورة الصوم أيضاً واجباً. نعم، في النذر المطلق يجوز قطع الاعتكاف في اليومين الأوّلين.
- (2) تقدّم الإشكال فيه.
(الصفحة 75)
[2568] مسألة 9: لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد بطل إلاّ أن يعلم(1) يوم
قدومه قبل الفجر، ولو نذر اعتكاف ثاني يوم قدومه صح، ووجب عليه ضمّ
يومين آخرين.
[2569] مسألة 10: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام من دون الليلتين المتوسطتين لم
ينعقد.
[2570] مسألة 11: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام أو أزيد لم يجب إدخال
الليلة الأُولى فيه بخلاف ما إذا نذر اعتكاف شهر، فإنّ الليلة الاُولى جزء من
الشهر.
[2571] مسألة 12: لو نذر اعتكاف شهر يجزئه ما بين الهلالين وإن كان
ناقصاً(2)، ولو كان مراده مقدار شهر وجب ثلاثون يوماً.
[2572] مسألة 13: لو نذر اعتكاف شهر وجب التتابع، وأمّا لو نذر مقدار
الشهر جاز له التفريق ثلاثة ثلاثة إلى أن يكمل ثلاثون يوماً، بل لا يبعد جواز
التفريق(3) يوماً فيوماً، ويضمّ إلى كلّ واحد يومين آخرين، بل الأمر كذلك في كلّ
مورد لم يكن المنساق منه هو التتابع.
[2573] مسألة 14: لو نذر الاعتكاف شهراً أو زماناً على وجه التتابع ـ سواء
شرطه لفظاً، أو كان المنساق منه ذلك ـ فأخلّ بيوم أو أزيد بطل، وإن كان ما
- (1) بناءً على عدم كفاية التلفيق كما اخترناه. وأمّا بناءً عليها، فإن كان صام في ذلك اليوم الذي علم بالقدوم بعد طلوع فجره يصحّ الاعتكاف.
- (2) لكن الأحوط حينئذ ضمّ يوم آخر كما مرّ.
- (3) بأن يعتكف يوماً من نذره ثمّ يضمّ إليه يومين مندوبين أو واجبين بغير النذر، لكن الأحوط الترك، وعلى فرض الجواز يجوز يومين فيومين أيضاً.
(الصفحة 76)
مضى ثلاثة فصاعداً واستأنف آخر مع مراعاة التتابع فيه، وإن كان معيّناً وقد أخلّ
بيوم أو أزيد وجب قضاؤه(1)، والأحوط التتابع فيه أيضاً، وإن بقي شيء من ذلك
الزمان المعيّن بعد الإبطال بالإخلال فالأحوط ابتداء القضاء منه.
[2574] مسألة 15: لو نذر اعتكاف أربعة أيّام فأخلّ بالرابع ولم يشترط
التتابع ولا كان منساقاً من نذره وجب قضاء ذلك اليوم وضمّ يومين آخرين،
والأولى جعل المقضي أوّل الثلاثة، وإن كان مختاراً في جعله أيّاً منها شاء.
[2575] مسألة 16: لو نذر اعتكاف خمسة أيّام وجب أن يضمّ إليها سادساً،
سواء تابع أو فرّق بين الثلاثتين.
[2576] مسألة 17: لو نذر زماناً معيّناً شهراً أو غيره وتركه نسياناً أو عصياناً
أو اضطراراً وجب قضاؤه، ولو غمّت الشهور فلم يتعيّن عنده ذلك المعيّن عمل
بالظن(2)، ومع عدمه يتخيّر بين موارد الاحتمال.
[2577] مسألة 18: يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد، فلا يجوز أن
يجعله في مسجدين، سواء كانا متصلين أو منفصلين. نعم، لو كانا متصلين على وجه
يعدّ مسجداً واحداً فلا مانع.
[2578] مسألة 19: لو اعتكف في مسجد ثمّ اتفق مانع من إتمامه فيه من
خوف أو هدم أو نحو ذلك بطل، ووجب استئنافه أو قضاؤه إن كان واجباً في
مسجد آخر، أو ذلك المسجد إذا ارتفع عنه المانع، وليس له البناء، سواء كان في
مسجد آخر أو في ذلك المسجد بعد رفع المانع.
- (1) أي قضاء المنذور بأجمعه.
- (2) بل يحتاط بالجمع بين المحتملات مع عدم استلزام الحرج، من غير فرق بين صورة الظن وعدمه.
(الصفحة 77)
[2579] مسألة 20: سطح المسجد وسردابه ومحرابه منه ما لم يعلم خروجها،
وكذا مضافاته إذا جعلت جزءاً منه كما لو وسّع فيه.
[2580] مسألة 21: إذا عيّن موضعاً(1) خاصّاً من المسجد محلاًّ لاعتكافه لم
يتعيّن وكان قصده لغواً.
[2581] مسألة 22: قبر مسلم وهانئ ليس جزءاً من مسجد الكوفة على
الظاهر.
[2582] مسألة 23: إذا شك في موضع من المسجد أنّه جزء منه أو من مرافقه
لم يجر عليه حكم المسجد.
[2583] مسألة 24: لابدّ من ثبوت كونه مسجداً أو جامعاً بالعلم الوجداني
أو الشياع المفيد للعلم أو البينة الشرعية، وفي كفاية خبر العدل الواحد إشكال(2)،
والظاهر كفاية حكم الحاكم الشرعي.
[2584] مسألة 25: لو اعتكف في مكان باعتقاد المسجدية أو الجامعية فبان
الخلاف تبيّن البطلان.
[2585] مسألة 26: لا فرق في وجوب كون الاعتكاف في المسجد الجامع بين
الرجل والمرأة، فليس لها الاعتكاف في المكان الذي أعدته للصلاة في بيتها، بل ولا
في مسجد القبيلة ونحوها.
[2586] مسألة 27: الأقوى صحّة اعتكاف الصبي المميّز، فلا يشترط فيه
البلوغ.
[2587] مسألة 28: لو اعتكف العبد بدون إذن المولى بطل، ولو أُعتق في
- (1) الظاهر أنّ المراد هو التعيين بالنذر، وعليه يشكل صحّته في بعض الفروض.
- (2) أظهره العدم.