(الصفحة 746)
حينئذ إلى الإذن من المولى أو لا ؟ وجهان ، أقواهما ذلك(1) ; لأنّ الإذن السابق إنّما كان بعنوان الزوجيّة وقد زالت بالملك ، فيحتاج إلى الإذن الجديد . ولو اشتراها لا بقصد كونها لنفسه أو للمولى، فإن اشتراها بعين مال المولى كانت له وتبقى الزوجيّة(2) ، وإن اشتراها بعين ماله كانت له وبطلت الزوجيّة ، وكذا إن اشتراها في الذمّة ; لانصرافه إلى ذمّة نفسه ، وفي الحاجة إلى الإذن الجديد وعدمها الوجهان .
[3861] السابعة : يجوز تزويج امرأة تدّعي أنّها خليّة من الزوج من غير فحص مع عدم حصول العلم بقولها ، بل وكذا إذا لم تدّع ذلك ولكن دعت الرجل إلى تزويجها ، أو أجابت إذا دعيت إليه ، بل الظاهر ذلك وإن علم كونها ذات بعل سابقاً وادّعت طلاقها أو موته . نعم ، لو كانت متّهمة في دعواها فالأحوط (3) الفحص عن حالها ، ومن هنا ظهر جواز تزويج زوجة من غاب غيبة منقطعة ولم يعلم موته وحياته إذا ادّعت حصول العلم لها بموته من الأمارات والقرائن، أو بإخبار المخبرين وإن لم يحصل العلم بقولها ، ويجوز للوكيل أن يجري العقد عليها ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم ، ولكن الأحوط الترك ، خصوصاً إذا كانت متّهمة .
[3862] الثامنة : إذا ادّعت امرأة أنّها خليّة فتزوّجها رجل ثمّ ادّعت بعد ذلك كونها ذات بعل(4) لم تسمع دعواها . نعم ، لو أقامت البيّنة على ذلك فرّق بينها وبينه وإن لم يكن هناك زوج معيّن ، بل شهدت بأنّها ذات بعل على وجه الإجمال .
[3863] التاسعة : إذا وكّلا وكيلاً في إجراء الصيغة في زمان معيّن لايجوز لهما المقاربة بعد مضيّ ذلك الزمان إلاّ إذا حصل لهما العلم بإيقاعه ، ولايكفي الظنّ بذلك
- (1) بل الوجه الثاني قويّ.
- (2) على نحو ما مرّ، وكذا البطلان في الفرض الآتي.
- (3) والأولى.
- (4) أي حين وقوع التزويج.
(الصفحة 747)
وإن حصل من إخبار مخبر بذلك وإن كان ثقة . نعم ، لو أخبر الوكيل بالإجراء كفى إذا كان ثقة ، بل مطلقاً ; لأنّ قول الوكيل حجّة فيما وكّل فيه .
فصل
في أولياء العقد
وهم : الأب والجدّ من طرف الأب; بمعنى أب الأب فصاعداً ، فلايندرج فيه أب اُمّ الأب ، والوصيّ(1) لأحدهما مع فقد الآخر ، والسيّد بالنسبة إلى مملوكه ، والحاكم ، ولا ولاية للاُمّ ولا الجدّ من قبلها ولو من قبل اُمّ الأب ، ولا الأخ والعمّ والخال وأولادهم .
[3864] مسألة 1 : تثبت ولاية الأب والجدّ على الصغيرين والمجنون المتّصل جنونه بالبلوغ ، بل والمنفصل على الأقوى(2) ، ولا ولاية لهما على البالغ الرشيد ، ولا على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيّبة ، واختلفوا في ثبوتها على البكر الرشيدة على أقوال ; وهي استقلال الوليّ واستقلالها ، والتفصيل بين الدوام والانقطاع باستقلالها في الأوّل دون الثاني ، والعكس ، والتشريك; بمعنى اعتبار إذنهما معاً ، والمسألة مشكلة(3) ، فلايترك مراعاة الاحتياط بالاستئذان منهما ، ولو تزوّجت من دون إذن الأب أو زوّجها الأب من دون إذنها وجب إمّا إجازة الآخر أو الفراق
- (1) يأتي الكلام فيه.
- (2) والأحوط الاستئذان من الحاكم.
- (3) وإن كان القول الثاني وهو استقلالها لا يخلو عن قوّة، ومع ذلك فلا يترك مراعاة الاحتياط بالاستئذان من الأب أو الجدّ أيضاً.
(الصفحة 748)
بالطلاق . نعم ، إذا عضلها الولي ; أي منعها من التزويج بالكفو مع ميلها سقط اعتبار إذنه ، وأمّا إذا منعها من التزويج بغير الكفو شرعاً فلايكون عضلاً ، بل وكذا لو منعها(1) من التزويج بغير الكفو عرفاً ممّن في تزويجه غضاضة وعار عليهم وإن كان كفواً شرعياً ، وكذا لو منعها من التزويج بكفو معيّن مع وجود كفو آخر ، وكذا يسقط اعتبار إذنه إذا كان غائباً لايمكن الاستئذان منه مع حاجتها إلى التزويج .
[3865] مسألة 2 : إذا ذهبت بكارتها بغير الوطء من وثبة ونحوها فحكمها حكم البكر . وأمّا إذا ذهبت بالزنا أو الشبهة ففيه إشكال ، ولايبعد الإلحاق بدعوى(2) أنّ المتبادر من البكر من لم تتزوّج ، وعليه فإذا تزوّجت ومات عنها أو طلّقها قبل أن يدخل بها لايلحقها حكم البكر ، ومراعاة الاحتياط أولى(3) .
[3866] مسألة 3 : لايشترط في ولاية الجدّ حياة الأب ولا موته ، والقول بتوقّف ولايته على بقاء الأب كما اختاره جماعة ضعيف ، وأضعف منه القول بتوقّفها على موته كما اختاره بعض العامّة .
[3867] مسألة 4 : لا خيار للصغيرة إذا زوّجها الأب أو الجدّ بعد بلوغها ورشدها ، بل هو لازم عليها ، وكذا الصغير على الأقوى(4) والقول بخياره في الفسخ والإمضاء ضعيف ، وكذا لا خيار للمجنون بعد إفاقته .
- (1) بل ربما يقال بجواز منع الولي عن التزويج بغير الكفؤ عرفاً، وإن لم تكن الولاية ثابتة له بوجه. غاية الأمر أنّها لو خالفت وزوّجت نفسها منه يصحّ نكاحها ولكنّه مشكل، كما أنّ ما في المتن أيضاً كذلك.
- (2) الدعوى ممنوعة، بل عدم الإلحاق غير بعيد.
- (3) بل لا يترك.
- (4) وإن ورد في رواية صحيحة ثبوت الخيار لهما إذا زوّجهما الأبوان، لكن النصوص المتظافرة والإجماع المدّعى على عدم الخيار للصغيرة بعد بلوغها توجب حمل الخيار فيها مطلقاً على معنى آخر غير ما هو المصطلح.
(الصفحة 749)
[3868] مسألة 5 : يشترط في صحّة تزويج الأب والجدّ ونفوذه عدم المفسدة ، وإلاّ يكون العقد فضولياً كالأجنبي ، ويحتمل (1) عدم الصحّة بالإجازة أيضاً ، بل الأحوط مراعاة المصلحة ، بل يشكل الصحّة إذا كان هناك خاطبان أحدهما أصلح من الآخر بحسب الشرف، أو من أجل كثرة المهر أو قلّته بالنسبة إلى الصغير ، فاختار الأب غير الأصلح لتشهّي نفسه .
[3869] مسألة 6 : لو زوّجها الوليّ بدون مهر المثل ، أو زوّج الصغير بأزيد منه ، فإن كان هناك مصلحة تقتضي ذلك صحّ العقد والمهر ولزم ، وإلاّ ففي صحّة العقد وبطلان المهر والرجوع إلى مهر المثل أو بطلان العقد أيضاً قولان ، أقواهما الثاني(2) ، والمراد من البطلان عدم النفوذ ; بمعنى توقّفه على إجازتها بعد البلوغ ، ويحتمل البطلان(3) ولو مع الإجازة بناءً على اعتبار وجود المجيز في الحال .
[3870] مسألة 7 : لايصحّ نكاح السفيه المبذّر(4) إلاّ بإذن الولي ، وعليه أن يعيّن(5) المهر والمرأة ، ولو تزوّج بدون إذنه وقف على إجازته ، فإن رأى المصلحة وأجاز صحّ ولايحتاج إلى إعادة الصيغة ; لأنّه ليس كالمجنون والصبي مسلوب العبارة ، ولذا يصحّ وكالته عن الغير في إجراء الصيغة ومباشرته لنفسه بعد إذن الولي .
- (1) احتمالاً في غاية الضعف، وكذا الإشكال في الصحّة في الفرض الآتي.
- (2) إذا كان في نفس العقد مفسدة وإلاّ ففيه إشكال، بل لا يخلو القول بصحّة العقد وبطلان المهر بمعنى التوقّف على الإجازة عن قوّة.
- (3) مرّ ضعف هذا الاحتمال في المسألة السابقة.
- (4) أي المحجور عليه للتبذير، كما وقع التعبير به في عبارة الشرائع وغيرها.
- (5) ظاهره وجوب التعيين على الولي، ولازمه صيرورته مفرطاً مع عدم التعيين إذا زوّج بمهر موجب لإتلاف ماله، مع أنّه لم يدلّ عليه دليل، بل اللازم عليه الإذن بما فيه المصلحة وعدم إجازة ما وقع بغيرها.
(الصفحة 750)
[3871] مسألة 8 : إذا كان الشخص بالغاً رشيداً في الماليّات ، لكن لا رشد له بالنسبة إلى أمر التزويج وخصوصيّاته من تعيين الزوجة وكيفية الإمهار ونحو ذلك ، فالظاهر كونه كالسفيه (1) في الماليّات في الحاجة إلى إذن الولي، وإن لم أر من تعرّض له .
[3872] مسألة 9 : كلّ من الأب والجدّ مستقلّ في الولاية ، فلايلزم الاشتراك ولا الاستئذان من الآخر ، فأيّهما سبق مع مراعاة ما يجب مراعاته لم يبق محلُّ للآخر . ولو زوّج كلّ منهما من شخص ، فإن علم السابق منهما فهو المقدّم ولغا الآخر ، وإن علم التقارن قدّم عقد الجدّ ، وكذا إن جهل (2) التاريخان . وأمّا إن علم تاريخ أحدهما دون الآخر ، فإن كان المعلوم تاريخ عقد الجدّ قدّم أيضاً ، وإن كان المعلوم تاريخ عقد الأب احتمل تقدّمه ، لكن الأظهر تقديم عقد الجدّ ; لأنّ المستفاد من خبر عبيد بن زرارة أولويّة الجدّ ما لم يكن الأب زوّجها قبله ، فشرط تقديم(3) عقد الأب كونه سابقاً ، وما لم يعلم ذلك يكون عقد الجدّ أولى ، فتحصّل أنّ اللازم تقديم عقد الجدّ في جميع الصور إلاّ في صورة معلوميّة سبق عقد الأب .
ولو تشاحّ الأب والجدّ فاختار كلّ منهما واحداً قدّم اختيار الجدّ ، ولو بادر الأب فعقد فهل يكون باطلاً أو يصحّ ؟ وجهان ، بل قولان ; من كونه سابقاً فيجب تقديمه ، ومن أنّ لازم أولوية اختيار الجدّ عدم صحّة خلافه ، والأحوط مراعاة
- (1) فيما إذا اتصل سفهه بزمان صغره.
- (2) لا وجه للتقديم في هذه الصورة، بل اللازم إجراء حكم العلم الإجمالي بكونها زوجة لأحد الرجلين، كما في سائر موارد وجود العلم الإجمالي في البين.
- (3) ليس في الرواية تعرّض لتقديم عقد الأب حتّى يكون سبقه شرطاً له، بل هي مسوقة لبيان تقديم عقد الجدّ مشروطاً بعدم كون الأب زوّجها قبله، وعليه فالشرط إنّما هو لهذا التقديم، ومع عدم الإحراز لا مجال له، فلا محيص إلاّ عن تقديم عقد الأب.