(الصفحة 751)
الاحتياط ، ولو تشاحّ الجدّ الأسفل والأعلى هل يجري عليهما حكم الأب والجدّ أو لا ؟ وجهان ، أوجههما الثاني(1) ; لأنّهما ليسا أباً وجدّاً ، بل كلاهما جدّ فلايشملهما ما دلّ على تقديم الجدّ على الأب .
[3873] مسألة 10 : لايجوز للولي تزويج المولّى عليه بمن به عيب(2) ، سواء كان من العيوب المجوّزة للفسخ أو لا ; لأنّه خلاف المصلحة . نعم ، لو كان هناك مصلحة لازمة المراعاة جاز ، وحينئذ لا خيار له ولا للمولّى عليه إن لم يكن من العيوب المجوّزة للفسخ. وإن كان منها، ففي ثبوت الخيار للمولّى عليه بعد بلوغه أو إفاقته وعدمه; لأنّ المفروض إقدام الولي مع علمه به وجهان ، أوجههما الأوّل ; لإطلاق أدلّة(3) تلك العيوب وقصوره بمنزلة جهله ، وعلم الولي ولحاظه المصلحة لايوجب سقوط الخيار للمولّى عليه ، وغاية ما تفيد المصلحة إنّما هو صحّة العقد، فتبقى أدلّة الخيار بحالها ، بل ربما يحتمل ثبوت الخيار للوليّ أيضاً من باب استيفاء ما للمولّى عليه من الحقّ ، وهل له إسقاطه أم لا ؟ مشكل ، إلاّ أن يكون هناك مصلحة ملزمة لذلك .
وأمّا إذا كان الولي جاهلاً بالعيب ولم يعلم به إلاّ بعد العقد ، فإن كان من العيوب المجوّزة للفسخ فلا إشكال في ثبوت الخيار له وللمولّى عليه إن لم يفسخ ، وللمولّى عليه فقط إذا لم يعلم به الوليّ إلى أن بلغ أو أفاق ، وإن كان من العيوب
- (1) الأوجهية ممنوعة، بل لا يبعد دعوى أوجهية الأوّل.
- (2) موجب للضرر عرفاً لا مطلق العيب، كنقص بعض الأصابع مثلاً أو زيادته، فإنّه لا يمنع من الصحّة.
- (3) مقتضى الإطلاق ثبوت الخيار في حال القصور أيضاً، ولا دلالة فيه على الحدوث بعد البلوغ أو الإفاقة كما هو ظاهر المتن، وعليه فاحتمال ثبوته للولي أيضاً إنّما يكون مورده تلك الحال. وبالجملة الحكم بالحدوث بعد ارتفاع القصور لا يكاد يجتمع مع احتمال الثبوت للولي أيضاً.
(الصفحة 752)
الاُخر فلا خيار للولي ، وفي ثبوته للمولّى عليه وعدمه وجهان ; أوجههما ذلك(1) ; لأنّه يكشف عن عدم المصلحة في ذلك التزويج ، بل يمكن أن يقال : إنّ العقد فضوليّ حينئذ لا أنّه صحيح وله الخيار .
[3874] مسألة 11 : مملوك المملوك كالمملوك في كون أمر تزويجه بيد المولى .
[3875] مسألة 12 : للوصيّ أن يزوّج المجنون(2) المحتاج إلى الزواج ، بل الصغير(3) أيضاً ، لكن بشرط نصّ الموصي عليه ، سواء عيّن الزوجة أوالزوج أو أطلق ، ولا فرق بين أن يكون وصيّاً من قبل الأب أو من قبل الجدّ ، لكن بشرط عدم وجود الآخر ، وإلاّ فالأمر إليه .
[3876] مسألة 13 : للحاكم الشرعي تزويج من لا وليّ له من الأب والجدّ والوصي بشرط الحاجة إليه ، أو قضاء المصلحة اللازمة المراعاة .
[3877] مسألة 14 : يستحبّ للمرأة المالكة أمرها أن تستأذن أباها أو جدّها ، وإن لم يكونا فتوكّل أخاها ، وإن تعدّد اختارت الأكبر .
[3878] مسألة 15 : ورد في الأخبار أنّ إذن البكر سكوتها عند العرض عليها ، وأفتى به العلماء ، لكنّها محمولة على ما إذا ظهر رضاها وكان سكوتها لحيائها عن النطق بذلك .
[3879] مسألة 16 : يشترط في ولاية الأولياء المذكورين البلوغ والعقل والحرّية
- (1) بل الأوجه الثاني; لأنّه بعدما كان المفروض وجود المصلحة في النكاح حاله بحسب نظر الولي لا وجه للخيار، مع عدم كون العيب من العيوب المجوّزة للفسخ، وانكشاف عدم المصلحة لا يؤثّر فيما وقع صحيحاً. ودعوى الفضولية في هذا الفرض ممنوعة جدّاً.
- (2) إذا كان جنونه متّصلاً بالصغر; لأنّه المسلّم من مورد ثبوت الولاية للموصي، وأمّا مع الانفصال فالأحوط الاستئذان من الحاكم كما في الموصي.
- (3) ثبوت الولاية للوصي على الصغير محلّ إشكال وعلى تقديرها لا فرق بين تصريح الموصي وبين إطلاقه، والاحتياط في كلتا الصورتين لا يترك.
(الصفحة 753)
والإسلام إذا كان المولّى عليه مسلماً ، فلا ولاية للصغير والصغيرة على مملوكهما من عبد أو أمة ، بل الولاية حينئذ لوليّهما ، وكذا مع فساد عقلهما(1) بجنون أو إغماء أو نحوه ، وكذا لا ولاية للأب والجدّ مع جنونهما ونحوه ، وإن جنّ أحدهما دون الآخر فالولاية للآخر ، وكذا لا ولاية للمملوك ولو مبعّضاً على ولده ; حرّاً كان أو عبداً ، بل الولاية في الأوّل للحاكم وفي الثاني لمولاه ، وكذا لا ولاية للأب الكافر على ولده المسلم ، فتكون للجدّ إذا كان مسلماً وللحاكم إذا كان كافراً أيضاً ، والأقوى(2)ثبوت ولايته على ولده الكافر ، ولايصحّ تزويج الولي في حال إحرامه أو إحرام المولّى عليه ; سواء كان بمباشرته أو بالتوكيل . نعم ، لا بأس بالتوكيل حال الإحرام ليوقع العقد بعد الإحلال .
[3880] مسألة 17 : يجب على الوكيل في التزويج أن لايتعدّى عمّا عيّنه الموكّل من حيث الشخص والمهر وسائر الخصوصيات ، وإلاّ كان فضوليّاً موقوفاً على الإجازة ، ومع الإطلاق وعدم التعيين يجب مراعاة مصلحة الموكّل من سائر الجهات ، ومع التعدّي يصير فضولياً ، ولو وكّلت المرأة رجلاً في تزويجها لايجوز له أن يزوّجها من نفسه ; للانصراف عنه . نعم ، لو كان التوكيل على وجه يشمل نفسه أيضاً بالعموم أو الإطلاق(3) جاز ، ومع التصريح فأولى بالجواز ، ولكن ربما يقال بعدم الجواز مع الإطلاق ، والجواز مع العموم ، بل قد يقال بعدمه حتّى مع التصريح بتزويجها من نفسه ; لرواية عمّار المحمولة على الكراهة أو غيرها من المحامل .
[3881] مسألة 18 : الأقوى صحّة النكاح الواقع فضولاً مع الإجازة، سواء كان
- (1) أي وإن لم يكونا صغيرين.
- (2) إذا لم يكن له جدّ أو كان ولم يكن مسلماً، وإلاّ فدعوى اختصاصها به غير بعيدة.
- (3) أي من دون انصراف.
(الصفحة 754)
فضولياً من أحد الطرفين أو كليهما ، كان المعقود له صغيراً أو كبيراً ، حرّاً أو عبداً ، والمراد بالفضولي العقد الصادر(1) من غير الولي والوكيل ، سواء كان قريباً كالأخ والعمّ والخال وغيرهم أو أجنبياً ، وكذا الصادر(2) من العبد أو الأمة لنفسه بغير إذن الولي ، ومنه العقد الصادر من الولي أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه من الله أو من الموكّل ، كما إذا أوقع الوليّ العقد على خلاف المصلحة(3) ، أو تعدّى الوكيل عمّا عيّنه الموكّل ، ولايعتبر في الإجازة الفورية ، سواء كان التأخير من جهة الجهل بوقوع العقد أو مع العلم به ، وإرادة التروّي أو عدمها أيضاً . نعم ، لا تصحّ الإجازة بعد الردّ ، كما لايجوز الردّ بعد الإجازة ، فمعها يلزم العقد .
[3882] مسألة 19 : لايشترط في الإجازة لفظ خاصّ ، بل تقع بكلّ ما دلّ على إنشاء الرضا بذلك العقد ، بل تقع بالفعل الدالّ عليه .
[3883] مسألة 20 : يشترط في المجيز علمه بأنّ له أن لايلتزم بذلك العقد ، فلو اعتقد لزوم العقد عليه فرضي به لم يكف في الإجازة . نعم ، لو اعتقد لزوم الإجازة عليه بعد العلم بعدم لزوم العقد فأجاز، فإن كان على وجه التقييد لم يكف ، وإن كان على وجه الداعي يكون كافياً .
[3884] مسألة 21 : الإجازة كاشفة (4) عن صحّة العقد من حين وقوعه ، فيجب ترتيب الآثار من حينه .
[3885] مسألة 22 : الرضا الباطني التقديري لايكفي في الخروج عن الفضوليّة ،
- (1) في العبارة مسامحة واضحة، من حيث الشمول بظاهرها للعقد الصادر من الزوجين; لأنّهما غير الولي والوكيل، ومن حيث كون الفضولي وصفاً للعاقد لا للعقد.
- (2) وكذا ما إذا لم يصدر العقد منهما، بل وكّلا الغير في العقد لنفسهما.
- (3) فيما اعتبر فيه المصلحة.
- (4) على إشكال في أصل الكشف، وكذا في نوعه من جهة كونه حقيقياً أو حكمياً.
(الصفحة 755)
فلو لم يكن ملتفتاً حال العقد إلاّ أنّه كان بحيث لو كان حاضراً وملتفتاً كان راضياً لايلزم العقد عليه بدون الإجازة ، بل لو كان حاضراً حال العقد وراضياً به إلاّ أنّه لم يصدر منه قول ولا فعل يدلّ على رضاه ، فالظاهر أنّه من الفضولي(1) ، فله أن لايجيز .
[3886] مسألة 23 : إذا كان كارهاً حال العقد إلاّ أنّه لم يصدر منه ردّ له ، فالظاهر صحّته بالإجازة . نعم ، لو استؤذن فنهى ولم يأذن ومع ذلك أوقع الفضولي العقد يشكل صحّته بالإجازة ; لأنّه بمنزلة الردّ بعده ، ويحتمل صحّته (2) بدعوى الفرق بينه وبين الردّ بعد العقد ، فليس بأدون من عقد المكره الذي نقول بصحّته إذا لحقه الرضا، وإن كان لايخلو ذلك أيضاً من إشكال .
[3887] مسألة 24 : لايشترط في الفضولي قصد الفضوليّة ولا الالتفات إلى ذلك ، فلو تخيّل كونه وليّاً أو وكيلاً وأوقع العقد فتبيّن خلافه يكون من الفضولي ويصحّ بالإجازة .
[3888] مسألة 25 : لو قال في مقام إجراء الصيغة : «زوّجت موكّلتي فلانة» مثلا مع أنّه لم يكن وكيلاً عنها ، فهل يصحّ ويقبل الإجازة أم لا ؟ الظاهر الصحّة . نعم ، لو لم يذكر لفظ «فلانة» ونحوه; كأن يقول : «زوّجت موكّلتي» وكان من قصده امرأة معيّنة مع عدم كونه وكيلاً عنها يشكل صحّته(3) بالإجازة .
[3889] مسألة 26 : لو أوقع الفضوليّ العقد على مهر معيّن ، هل يجوز إجازة العقد دون المهر ، أو بتعيين المهر على وجه آخر من حيث الجنس أو من حيث القلّة
- (1) إلاّ أن يكون سكوته قرينة عرفيّة فعليّة على الرضا، فإنّه حينئذ يعدّ إجازة.
- (2) على قوّة إلاّ أن يكون النهي السابق دليلاً عرفياً على الرد بعد العقد، فإنّ الاحتمال حينئذ في غاية الضعف، لكن الدلالة العرفية ممنوعة.
- (3) وإن كان الأقرب بعد كون المرأة معيّنة هي الصحّة.