(الصفحة 368)
الورثة أو وجدان متبرّع للتتمة، بل مع كون ذلك مرجوّ الوجود يجب حفظه على
الأقوى، والأحوط ردّه إلى وليّ الميّت، ولو كان عليه حجّ فقط ولم يكف تركته به
فالظاهر أنـّها للورثة. نعم، لو احتمل كفايتها للحجّ بعد ذلك، أو وجود متبرّع
يدفع التتمة وجب(1) إبقاؤها. ولو تبرّع متبرّع بالحجّ عن الميّت رجعت اُجرة
الاستئجار إلى الورثة، سواء عيّنها الميّت أم لا، والأحوط(2) صرف الكبار
حصتهم في وجوه البرّ.
مسألة 58: الأقوى وجوب الاستئجار عن الميّت من أقرب المواقيت إلى مكّة
إن أمكن، وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب، والأحوط الاستئجار من البلد مع سعة
المال، وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب، لكن لايحسب الزائد على اُجرة الميقاتية على
صغار الورثة. ولو أوصى بالبلدي يجب، ويحسب الزائد على اُجرة الميقاتية من
الثلث(3). ولو أوصى ولم يعيّن شيئاً كفت(4) الميقاتية، إلاّ إذا كان هناك انصراف إلى
البلدية، أو قامت قرينة على إرادتها، فحينئذ تكون الزيادة على الميقاتية من
الثلث(5)، ولو زاد على الميقاتية ونقص عن البلدية يستأجر من الأقرب إلى بلده
فالأقرب على الأحوط(6). ولو لم يمكن الاستئجار إلاّ من البلد وجب، وجميع
مصرفه من الأصل.
مسألة 59 : لو أوصى بالبلدية، أو قلنا بوجوبها مطلقاً، فخولف واستوجر من
- (1) الأحوط الأولى الإبقاء، كما مرّ.
- (2) الأولى.
- (3) بل من أصل التركة.
- (4) بل يجب من البلد، والأقرب إليه فالأقرب.
- (5) بل من الأصل كما تقدّم.
- (6) بل على الأقوى.
(الصفحة 369)
الميقات وأتى به، أو تبرّع عنه متبرّع منه برأت ذمّته وسقط الوجوب من البلد.
وكذا لو لم يسع المال إلاّ من الميقات، ولو عيّن الاستئجار من محلّ غير بلده تعيّن،
والزيادة على الميقاتية من الثلث. ولو استأجر الوصي أو الوارث من البلد مع عدم
الإيصاء(1) بتخيّل عدم كفاية الميقاتية، ضمن مازاد على الميقاتية للورثة أو
لبقيّتهم.
مسألة 60 : لو لم تف التركة بالاستئجار من الميقات إلاّ الاضطراري منه،
كمكّة أو أدنى الحِلّ وجب(2). ولو دار الأمر بينه وبين الاستئجار من البلد قدّم
الثاني ويخرج من أصل التركة، ولو لم يمكن إلاّ من البلد وجب. وإن كان عليه دين
أو خمس أو زكاة يوزّع بالنسبة لو لم يكف التركة.
مسألة 61 : يجب الاستئجار عن الميّت في سنة الفوت ولايجوز التأخير عنها،
خصوصاً إذا كان الفوت عن تقصير. ولو لم يمكن إلاّ من البلد وجب وخرج من
الأصل، وإن أمكن من الميقات في السنين الأُخر. وكذا لو أمكن من الميقات بأزيد
من الاُجرة المتعارفة في سنة الفوت وجب ولا يؤخّر، ولو أهمل الوصي أو الوارث
فتلفت التركة ضمن، ولو لم يكن للميّت تركة لم يجب على الورثة حجّه، وإن
استحب(3) على وليّه.
مسألة 62 : لو اختلف تقليد الميّت ومن(4) كان العمل وظيفته في اعتبار البلدي
والميقاتي، فالمدار تقليد الثاني، ومع التعدّد والاختلاف يرجع إلى الحاكم. وكذا لو
اختلفا في أصل وجوب الحج وعدمه، فالمدار هو الثاني، ومع التعدّد والاختلاف
- (1) ولو بنحو الإطلاق.
- (2) محل إشكال.
- (3) في الاستحباب إشكال إلاّ من جهة الإحسان، كما في المتبرّع.
- (4) أي سواء كان وارثاً أم وصيّاً.
(الصفحة 370)
فالمرجع هو الحاكم. وكذا(1) لو لم يعلم فتوى مجتهده، أو لم يعلم مجتهده، أو لم يكن
مقلِّداً، أو لم يعلم أنـّه كان مقلّداً أم لا، أو كان مجتهداً واختلف رأيه مع متصدّي
العمل، أو لم يعلم رأيه.
مسألة 63 : لو علم استطاعته مالاً، ولم يعلم تحقّق سائر الشرائط، ولم يكن
أصل محرز لها لايجب القضاء عنه. ولو علم استقراره عليه وشك في إتيانه يجب
القضاء عنه. وكذا لو علم بإتيانه فاسداً. ولو شك في فساده يحمل على الصحّة.
مسألة 64 : يجب استئجار من كان أقلّ أُجرةً مع إحراز صحّة عمله وعدم
رضا الورثة، أو وجود قاصر فيهم. نعم، لايبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص
عنه، وإن كان أحوط.
مسألة 65 : من استقرّ عليه الحج وتمكّن من أدائه ليس له أن يحج عن غيره
تبرّعاً أو بالإجارة، وكذا ليس أن يتطوّع به، فلو خالف ففي صحته إشكال، بل لا
يبعد(2) البطلان، من غير فرق بين علمه بوجوبه عليه وعدمه، ولو لم يتمكّن منه
صحّ عن الغير، ولو آجر نفسه مع تمكّن حج نفسه بطلت(3) الإجارة، وإن كان
جاهلاً بوجوبه عليه.
القول في الحج بالنذر والعهد واليمين
مسألة 1 : يشترط في انعقادها البلوغ والعقل والقصد والاختيار، فلا تنعقد
من الصبي وإن بلغ عشراً، وإن صحّت العبادات منه، ولا من المجنون والغافل
- (1) أي يكون المدار على تقليد متصدّي العمل.
- (2) والظاهر الصحّة.
- (3) الظاهر هي الصحّة أيضاً.
(الصفحة 371)
والساهي والسكران والمُكْرَه، والأقوى صحّتها من الكافر المقرّ بالله تعالى، بل
وممّن يحتمل وجوده تعالى ويقصد القربة(1) رجاءً فيما يعتبر قصدها.
مسألة 2 : يعتبر في انعقاد يمين الزوجة والولد إذن الزوج والوالد، ولاتكفي(2)
الإجازة بعده، ولايبعد عدم الفرق بين فعل واجب أو ترك حرام وغيرهما، لكن لا
ينبغي ترك الاحتياط فيهما، بل لايترك، ويعتبر(3) إذن الزوج في انعقاد نذر
الزوجة. وأمّا نذر الولد فالظاهر عدم اعتبار إذن والده فيه، كما أنّ انعقاد العهد
لايتوقف على إذن أحد على الأقوى، والأقوى شمول الزوجة للمنقطعة، وعدم
شمول الولد لولد الولد، ولا فرق في الولد بين الذكر والأُنثى، ولا تلحق الاُمّ بالأب،
ولا الكافر بالمسلم.
مسألة 3 : لو نذر الحج من مكان معيّن فحجّ من غيره لم تبرأ ذمّته، ولو عيّنه
في سنة فحجّ فيها من غير ما عيّنه وجبت عليه الكفّارة. ولو نذر أن يحجّ حجّة
الإسلام من بلد كذا فحج من غيره صحّ ووجبت الكفّارة. ولو نذر أن يحجّ في سنة
معيّنة لم يجز التأخير، فلو أخّر مع التمكّن عصى وعليه القضاء والكفّارة. ولو لم
يقيّده بزمان جاز التأخير إلى ظنّ(4) الفوت. ولو مات بعد تمكّنه يقضى عنه من
أصل التركة على الأقوى. ولو نذر ولم يتمكّن من أدائه حتى مات لم يجب القضاء
عنه. ولو نذر معلّقاً على أمر ولم يتحقّق المعلّق عليه حتى مات لم يجب القضاء عنه.
- (1) الظاهر ارتباطه بخصوص من يحتمل، ومعنى قصد القربة رجاءً أنـّه حيث يعتبر في صيغة النذر اشتمالها على الالتزام لله تعالى، والمفروض أنـّه شاكّ في وجوده، ففي الحقيقة يرجع نذره إلى أنـّه لو كان الله موجوداً فله عليّ كذا، وليس المراد من قصد القربة رجاءً ما يكون جارياً في سائر العبادات، كمن يغتسل للجنابة باحتمالها رجاءً.
- (2) محل إشكال.
- (3) على الأحوط، سيّما في نذر المال.
- (4) بمعنى الاطمئنان، لا مطلق الظن.
(الصفحة 372)
نعم، لو نذر الإحجاج معلّقاً على شرط فمات قبل حصوله، وحصل بعد موته مع
تمكّنه قبله، فالظاهر وجوب القضاء عنه. كما أنـّه لو نذر إحجاج شخص في سنة
معيّنة فخالف مع تمكّنه وجب عليه القضاء والكفّارة، وإن مات قبل إتيانهما
يقضيان من أصل التركة. وكذا لو نذر إحجاجه مطلقاً، أو معلّقاً على شرط وقد
حصل و تمكّن(1) منه وترك حتى مات.
مسألة 4 : لو نذر المستطيع أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد ويكفيه إتيانها، ولو
تركها حتى مات وجب القضاء عنه والكفّارة من تركته. ولو نذرها غير المستطيع
انعقد ويجب عليه تحصيل الاستطاعة، إلاّ أن يكون نذره الحج بعد الاستطاعة.
مسألة 5 : لا يعتبر في الحج النذري الاستطاعة الشرعية، بل يجب مع القدرة
العقلية، إلاّ إذا كان حرجيّاً أو موجباً لضرر نفسي، أو عرضي، أو مالي إذا لزم منه
الحرج.
مسألة 6: لو نذر حجّاً غير حجّة الإسلام في عامها وهو مستطيع انعقد،
لكن تقدّم حجّة الإسلام، ولو زالت الاستطاعة يجب عليه الحج النذري، ولو
تركهما لايبعد وجوب الكفّارة. ولو نذر حجاً في حال عدمها ثمّ استطاع يقدّم حجّة
الإسلام، ولو كان نذره مضيّقاً، وكذا لو نذر إتيانه فوراً ففوراً تقدّم حجّة الإسلام
ويأتي به في العام القابل. ولو نذر حجّاً من غير تقييد وكان مستطيعاً، أو حصل
الاستطاعة بعده ولم يكن انصراف، فالأقرب كفاية حج واحد عنهما مع قصدهما،
لكن مع ذلك لايترك الاحتياط(2) في صورة عدم قصد التعميم لحجّة الإسلام،
بإتيان كلّ واحد مستقلاًّ مقدّماً لحجة الإسلام.
- (1) ومع عدم التمكّن في جميع فروض نذر الإحجاج لايجب القضاء عليه، ولا عنه، كما في نذر الحج بنفسه.
- (2) لا بأس بتركه مطلقاً.