(الصفحة 619)
أو تخلّف بعض الشروط ، أو بعروض مانع عامّ موجب للبطلان ، أو نحو ذلك .
[3538] مسألة 8 : لا تبطل بموت أحد الطرفين، فمع موت المالك ينتقل الأمر إلىوارثه ، ومع موت العامل يقوم مقامه وارثه ، لكن لايجبر على العمل ، فإن اختار العمل بنفسه أو بالاستئجار فله ، وإلاّ فيستأجر الحاكم من تركته من يباشره إلى بلوغ الثمر ثمّ يقسّم بينه وبين المالك . نعم ، لو كانت المساقاة مقيّدة بمباشرة العامل تبطل بموته ، ولو اشترط عليه المباشرة لا بنحو التقييد فالمالك مخيّر بين الفسخ لتخلّف الشرط ، وإسقاط حقّ الشرط والرضا باستئجار من يباشر .
[3539] مسألة 9 : ذكروا أنّ مع إطلاق عقد المساقاة جملة من الأعمال على العامل وجملة منها على المالك ، وضابط الاُولى ما يتكرّر كلّ سنة ، وضابط الثانية ما لايتكرّر نوعاً وإن عرض له التكرّر في بعض الأحوال ، فمن الأوّل : إصلاح الأرض بالحفر فيما يحتاج إليه ، وما يتوقّف عليه من الآلات ، وتنقية الأنهار ، والسقي ومقدّماته ـ كالدلو والرشا ـ وإصلاح طريق الماء واستقائه إذا كان السقي من بئر أو نحوه ، وإزالة الحشيش المضرّة ، وتهذيب جرائد النخل والكرم ، والتلقيح واللقاط، والتشميس ، وإصلاح موضعه ، وحفظ الثمرة إلى وقت القسمة .
ومن الثاني : حفر الآبار والأنهار، وبناء الحائط والدولاب والدالية، ونحو ذلك ممّا لايتكرّر نوعاً ، واختلفوا في بعض الاُمور أنّه على المالك أو العامل; مثل البقر الذي يدير الدولاب ، والكشّ للتلقيح ، وبناء الثلم ، ووضع الشوك على الجدران وغير ذلك ، ولا دليل على شيء من الضابطين ، فالأقوى أنّه إن كان هناك انصراف في كون شيء على العامل أو المالك فهو المتّبع ، وإلاّ فلابدّ من ذكر مايكون على كلّ منهما رفعاً للغرر ، ومع الإطلاق وعدم الغرر يكون عليهما معاً ; لأنّ المال مشترك بينهما ، فيكون ما يتوقّف عليه تحصيله عليهما .
[3540] مسألة 10 : لو اشترطا كون جميع الأعمال على المالك فلاخلاف بينهم في
(الصفحة 620)
البطلان ; لأنّه خلاف وضع المساقاة . نعم ، لو أبقى العامل شيئاً من العمل عليه واشترط كون الباقي على المالك ، فإن كان ممّا يوجب زيادة الثمرة فلا إشكال في صحّته ، وإن قيل بالمنع من جواز جعل العمل على المالك ولو بعضاً منه ، وإلاّ كما في الحفظ ونحوه ففي صحّته قولان ، أقواهما(1) الأوّل . وكذا الكلام إذا كان إيقاع عقد المساقاة بعد بلوغ الثمر وعدم بقاء عمل إلاّ مثل الحفظ ونحوه، وإن كان الظاهر في هذه الصورة عدم الخلاف في بطلانه كما مرّ .
[3541] مسألة 11 : إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال ، فإن لم يفت وقته فللمالك إجباره على العمل ، وإن لم يمكن فله الفسخ ، وإن فات وقته فله الفسخ بخيار تخلّف الشرط ، وهل له أن لايفسخ ويطالبه باُجرة العمل بالنسبة إلى حصّته ; بمعنى أن يكون مخيّراً بين الفسخ وبين المطالبة بالاُجرة ؟ وجهان ، بل قولان ; أقواهما ذلك(2) ، ودعوى أنّ الشرط لايفيد تمليك العمل المشروط لمن له على وجه يكون من أمواله ، بل أقصاه التزام من عليه الشرط بالعمل وإجباره عليه والتسلّط على الخيار بعدم الوفاء به ، مدفوعة بالمنع من عدم إفادته التمليك ، وكونه قيداً في المعاملة لا جزءاً من العوض يقابل بالمال لاينافي إفادته لملكيّة من له الشرط إذا كان عملاً من الأعمال على من عليه ، والمسألة سيّالة في سائر العقود ، فلو شرط في عقد البيع على المشتري مثلا خياطة ثوب في وقت معيّن وفات الوقت فللبائع الفسخ أو المطالبة باُجرة الخياطة وهكذا .
[3542] مسألة 12 : لو شرط العامل على المالك أن يعمل غلامه معه صحّ ، أمّا لو شرط أن يكون تمام العمل على غلام المالك فهو كما لو شرط أن يكون تمام العمل على المالك ، وقد مرّ عدم الخلاف في بطلانه ; لمنافاته لمقتضى وضع المساقاة . ولو
- (1) بل الأقرب الثاني، وكذا في الفرع التالي.
- (2) محلّ تأمّل، بل منع مطلقاً.
(الصفحة 621)
شرط العامل على المالك أن يعمل غلامه في البستان الخاصّ بالعامل فلاينبغي الإشكال في صحّته ، وإن كان ربما يقال بالبطلان، بدعوى أنّ عمل الغلام في قبال عمل العامل فكأنّه صار مساقياً بلا عمل منه ، ولايخفى ما فيها. ولو شرطا أن يعمل غلام المالك للعامل تمام عمل المساقاة ; بأن يكون عمله له بحيث يكون كأنّه هو العامل ففي صحّته وجهان ، لايبعد الأوّل(1) ; لأنّ الغلام حينئذ كأنّه نائب عنه في العمل بإذن المالك، وإن كان لايخلو عن إشكال مع ذلك ، ولازم القول بالصحّة الصحّة في صورة اشتراط تمام العمل على المالك بعنوان النيابة عن العامل .
[3543] مسألة 13 : لايشترط(2) أن يكون العامل في المساقاة مباشراً للعمل بنفسه ، فيجوز له أن يستأجر في بعض أعمالها أو في تمامها ويكون عليه الاُجرة ، ويجوز أن يشترط كون اُجرة بعض الأعمال على المالك ، والقول بالمنع لا وجه له ، وكذا يجوز أن يشترط كون الاُجرة عليهما معاً في ذمّتهما أو الأداء من الثمر . وأمّا لو شرط على المالك أن يكون اُجرة تمام الأعمال عليه أو في الثمر ففي صحّته وجهان :
أحدهما : الجواز ; لأنّ التصدّي لاستعمال الاُجراء نوع من العمل ، وقد تدعو الحاجة إلى من يباشر ذلك ; لمعرفته بالآحاد من الناس وأمانتهم وعدمها ، والمالك ليس له معرفة بذلك .
والثاني : المنع ; لأنّه خلاف وضع المساقاة ، والأقوى الأوّل(3) . هذا ، ولو شرطا كون الاُجرة حصّة مشاعة من الثمر بطل ; للجهل بمقدار مال الإجارة ، فهي باطلة .
- (1) بل هو بعيد جدّاً كما في لازمه، وهو اشتراط تمام العمل على المالك بعنوان النيابة عن العامل.
- (2) أي عند الإطلاق وعدم الانصراف.
- (3) بل الثاني إلاّ إذا لم يكن الغرض متعلّقاً بالمساقاة المصطلحة ففيه إشكال.
(الصفحة 622)
[3544] مسألة 14 : إذا شرطا انفراد أحدهما بالثمر بطل العقد وكان جميعه للمالك ، وحينئذ فإن شرطا انفراد العامل به استحقّ اُجرة المثل(1) لعمله ، وإن شرطا انفراد المالك به لم يستحقّ العامل شيئاً ; لأنّه حينئذ متبرّع بعمله .
[3545] مسألة 15 : إذا اشتمل البستان على أنواع كالنخل والكرم والرمّان ونحوها من أنواع الفواكه فالظاهر عدم اعتبار العلم بمقدار كلّ واحد ، فيجوز المساقاة عليها بالنصف أو الثلث أو نحوهما، وإن لم يعلم عدد كلّ نوع إلاّ إذا كان الجهل بها موجباً للغرر .
[3546] مسألة 16 : يجوز أن يفرد كلّ نوع بحصّة مخالفة للحصّة من النوع الآخر ; كأن يجعل النخل بالنصف والكرم بالثلث والرمّان بالربع مثلا وهكذا ، واشترط بعضهم في هذه الصورة العلم بمقدار كلّ نوع ، ولكن الفرق بين هذه وصورة اتّحاد الحصّة في الجميع غير واضح ، والأقوى الصحّة مع عدم الغرر في الموضعين والبطلان معه فيهما .
[3547] مسألة 17 : لو ساقاه بالنصف مثلا إن سقى بالناضح وبالثلث إن سقى بالسيح ففي صحّته قولان ، أقواهما الصحّة ; لعدم إضرار مثل هذه الجهالة ; لعدم ايجابها الغرر مع أنّ بناءها على تحمّله ، خصوصاً على القول(2) بصحّة مثله في الإجارة ، كما إذا قال : إن خطت روميّاً فبدرهمين وإن خطت فارسيّاً فبدرهم .
[3548] مسألة 18 : يجوز أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً من ذهب أو فضّة أو غيرهما مضافاً إلى الحصّة من الفائدة ، والمشهور كراهة اشتراط المالك على العامل شيئاً من ذهب أو فضّة ، ومستندهم في الكراهة غير واضح ، كما أنّه لم يتّضح اختصاص الكراهة بهذه الصورة أو جريانها بالعكس أيضاً ، وكذا اختصاصها
- (1) أو مقدار الحصّة إذا كانت أقلّ من اُجرة المثل.
- (2) كما عرفت استظهاره منّا في حواشي كتاب الإجارة.
(الصفحة 623)
بالذهب والفضّة أو جريانها في مطلق الضميمة ، والأمر سهل .
[3549] مسألة 19 : في صورة اشتراط شيء من الذهب والفضّة أو غيرهما على أحدهما إذا تلف بعض الثمرة هل ينقص منهما شيء أو لا ؟ وجهان ، أقواهما العدم، فليس قرارهما مشروطاً بالسلامة . نعم ، لو تلف الثمرة بجميعها أو لم تخرج أصلاً ففي سقوط الضميمة وعدمه أقوال ، ثالثها : الفرق بين ما إذا كانت للمالك على العامل فتسقط ، وبين العكس فلا تسقط . رابعها(1) : الفرق بين صورة عدم الخروج أصلاً فتسقط ، وصورة التلف فلا ، والأقوى عدم السقوط مطلقاً ; لكونه شرطاً في عقد لازم فيجب الوفاء به .
ودعوى أنّ عدم الخروج أو التلف كاشف عن عدم صحّة المعاملة من الأوّل ; لعدم ما يكون مقابلا للعمل ; أمّا في صورة كون الضميمة للمالك فواضح ، وأمّا مع كونها للعامل فلأنّ الفائدة ركن في المساقاة، فمع عدمها لايكون شيء في مقابل العمل، والضميمة المشروطة لاتكفي في العوضيّة، فتكون المعاملة باطلة من الأوّل، ومعه لايبقى وجوب الوفاء بالشرط .
مدفوعة ـ مضافاً إلى عدم تماميّته بالنسبة إلى صورة التلف; لحصول العوض بظهور الثمرة وملكيّتها وإن تلف بعد ذلك ـ بأنّا نمنع كون المساقاة معاوضة بين حصّة من الفائدة والعمل ، بل حقيقتها(2) تسليط من المالك للعامل على الاُصول
- (1) ولعلّه الأقرب.
- (2) الظاهر أنّ حقيقتها ما يدلّ عليه تعريفها في السابق، وهي المعاملة على أُصول ثابتة بحصّة من ثمرها، وهو الذي يدلّ عليه قوله (عليه السلام) في صحيحة ابن شعيب: «اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج» فإنّ ظهوره في مقابلة الحصّة والعمل لا ريب فيه، وعليه فوجود الثمرة ركن في تحقّق المساقاة، ومنه يظهر تغاير اعتبارها مع المضاربة التي هي التسليط على المال للاسترباح، مع أنّه على تقدير كون حقيقتها هي التسليط على الاُصول للاستنماء له وللمالك، فمجرّد الاحتمال وإن كان يكفي في تعلّق القصد بهذه الحقيقة، إلاّ أنّه مع انكشاف عدم النماء رأساً لا مجال لاتّصافها بالصحّة; لأنّه لا يعقل الاستنماء حقيقة في ما لا نماء فيه واقعاً، وهذا هو الوجه في البطلان فيما لو تبيّن عدم قابلية الاُصول للثمر لليبس أو الكبر أو نحوهما.