(الصفحة 78)
أثنائه لم يجب عليه إتمامه، ولو شرع فيه بإذن المولى ثمّ اُعتق في الأثناء، فإن كان في
اليوم الأوّل أو الثاني لم يجب عليه الإتمام إلاّ أن يكون من الاعتكاف الواجب(1)،
وإن كان بعد تمام اليومين وجب عليه الثالث، وإن كان بعد تمام الخمسة وجب
السادس.
[2588] مسألة 29: إذا أذن المولى لعبده في الاعتكاف جاز له الرجوع عن
إذنه ما لم يمض يومان، وليس له الرجوع بعدهما لوجوب إتمامه حينئذ. وكذا لا
يجوز له الرجوع إذا كان الاعتكاف واجباً بعد الشروع فيه(2) من العبد.
[2589] مسألة 30: يجوز للمعتكف الخروج من المسجد لإقامة الشهادة أو
لحضور الجماعة(3) أو لتشييع الجنازة وإن لم يتعيّن عليه هذه الأُمور، وكذا في سائر
الضرورات العرفية أو الشرعية الواجبة أو الراجحة، سواء كانت متعلّقة بأُمور
الدنيا أو الآخرة ممّا يرجع مصلحته إلى نفسه أو غيره، ولا يجوز الخروج اختياراً
بدون أمثال هذه المذكورات.
[2590] مسألة 31: لو أجنب في المسجد ولم يمكن(4) الاغتسال فيه وجب
عليه الخروج، ولو لم يخرج(5) بطل اعتكافه لحرمة لبثه فيه.
[2591] مسألة 32: إذا غصب مكاناً من المسجد سبق إليه غيره; بأن أزاله
وجلس فيه فالأقوى بطلان(6) اعتكافه، وكذا إذا جلس على فراش مغصوب، بل
- (1) أي المعيّن.
- (2) الظاهر تعلّق القيد بالوجوب لا بالرجوع، كما إذا نذر الإتمام بعد الشروع.
- (3) إن كان المراد بها الجمعة فالظاهر هو الجواز لو كانت تقام في غير المسجد الذي اعتكف فيه، وإن كان المراد بها الجماعة فهو محلّ إشكال حتّى في مكّة.
- (4) تقدّم حكم الاغتسال.
- (5) أي بالمرّة أو فوراً، والحكم بالبطلان محلّ إشكال.
- (6) محلّ تأمّل بل منع، وكذا فيما بعده.
(الصفحة 79)
الأحوط الاجتناب عن الجلوس على أرض المسجد المفروش بتراب مغصوب، أو
آجر مغصوب على وجه لا يمكن إزالته، وإن توقف على الخروج خرج على
الأحوط. وأمّا إذا كان لابساً لثوب مغصوب أو حاملاً له فالظاهر عدم البطلان.
[2592] مسألة 33: إذا جلس على المغصوب ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً أو
مضطرّاً لم يبطل اعتكافه.
[2593] مسألة 34: إذا وجب عليه الخروج لأداء دين واجب الأداء عليه،
أو لإتيان واجب آخر متوقّف على الخروج ولم يخرج أثم، ولكن لا يبطل اعتكافه
على الأقوى.
[2594] مسألة 35: إذا خرج عن المسجد لضرورة فالأحوط مراعاة أقرب
الطرق، ويجب عدم المكث إلاّ بمقدار الحاجة والضرورة، ويجب أيضاً أن لا يجلس
تحت الظلال مع الإمكان، بل الأحوط(1) أن لا يمشي تحته أيضاً، بل الأحوط عدم
الجلوس مطلقاً إلاّ مع الضرورة.
[2595] مسألة 36: لو خرج لضرورة وطال خروجه بحيث انمحت صورة
الاعتكاف بطل.
[2596] مسألة 37: لا فرق في اللبث في المسجد بين أنواع الكون من القيام
والجلوس والنوم والمشي ونحو ذلك، فاللازم الكون فيه بأيّ نحو كان.
[2597] مسألة 38: إذا طلّقت المرأة المعتكفة في أثناء اعتكافها طلاقاً رجعياً
وجب عليها الخروج إلى منزلها للاعتداد وبطل اعتكافها، ويجب استئنافه إن كان
واجباً موسّعاً بعد الخروج من العدّة. وأمّا إذا كان واجباً معيّناً فلا يبعد التخيير(2)
- (1) الأقوى هو الجواز.
- (2) والأحوط الخروج ثمّ القضاء.
(الصفحة 80)
بين إتمامه ثمّ الخروج، وإبطاله والخروج فوراً; لتزاحم الواجبين ولا أهمية معلومة
في البين. وأمّا إذا طلّقت بائناً فلا إشكال; لعدم وجوب كونها في منزلها في أيّام
العدّة.
[2598] مسألة 39: قد عرفت أنّ الاعتكاف إمّا واجب معيّن أو واجب
موسّع، وإمّا مندوب، فالأوّل يجب بمجرّد الشروع بل قبله ولا يجوز الرجوع عنه،
وأمّا الأخيران فالأقوى فيهما جواز الرجوع قبل إكمال اليومين، وأمّا بعده فيجب
اليوم الثالث، لكن الأحوط فيهما أيضاً وجوب الإتمام بالشروع، خصوصاً الأوّل
منهما.
[2599] مسألة 40: يجوز له أن يشترط حين النيّة الرجوع متى شاء حتّى في
اليوم الثالث، سواء علّق الرجوع على عروض عارض أو لا، بل يشترط الرجوع
متى شاء حتّى بلا سبب عارض، ولا يجوز له اشتراط جواز المنافيات كالجماع
ونحوه مع بقاء الاعتكاف على حاله، ويعتبر أن يكون الشرط المذكور حال النيّة
فلا اعتبار بالشرط قبلها، أو بعد الشروع فيه وإن كان قبل الدخول في اليوم
الثالث. ولو شرط حين النيّة ثمّ بعد ذلك أسقط حكم شرطه فالظاهر عدم
سقوطه، وإن كان الأحوط(1) ترتيب آثار السقوط من الإتمام بعد إكمال اليومين.
[2600] مسألة 41: كما يجوز اشتراط الرجوع في الاعتكاف حين عقد نيته
كذلك يجوز اشتراطه في نذره، كأن يقول: «لله عليّ أن اعتكف بشرط أن يكون لي
الرجوع عند عروض كذا، أو مطلقاً». وحينئذ فيجوز له الرجوع وإن لم يشترط
حين الشروع في الاعتكاف، فيكفي الاشتراط(2) حال النذر في جواز الرجوع،
- (1) لا يترك.
- (2) الظاهر عدم الكفاية ولزوم الاشتراط حين الشروع.
(الصفحة 81)
لكن الأحوط ذكر الشرط حال الشروع أيضاً، ولا فرق في كون النذر اعتكاف
أيّام معيّنة أو غير معيّنة، متتابعة أو غير متتابعة، فيجوز الرجوع في الجميع مع
الشرط المذكور في النذر، ولا يجب القضاء بعد الرجوع مع التعيّن ولا الاستئناف
مع الإطلاق.
[2601] مسألة 42: لا يصح أن يشترط في اعتكاف أن يكون له الرجوع في
اعتكاف آخر له غير الذي ذكر الشرط فيه، وكذا لا يصحّ أن يشترط في اعتكافه
جواز فسخ اعتكاف شخص آخر من ولده أو عبده أو أجنبي.
[2602] مسألة 43: لا يجوز التعليق في الاعتكاف، فلو علّقه بطل إلاّ إذا
علّقه على شرط معلوم الحصول حين النيّة، فإنّه في الحقيقة لا يكون من
التعليق.
فصل
في أحكام الاعتكاف
يحرم على المعتكف أُمور:
أحدها: مباشرة النساء بالجماع في القبل أو الدبر، وباللمس والتقبيل بشهوة،
ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، فيحرم على المعتكفة أيضاً الجماع واللمس
والتقبيل بشهوة، والأقوى عدم حرمة النظر بشهوة إلى من يجوز النظر إليه وإن كان
الأحوط اجتنابه أيضاً.
الثاني: الاستمناء على الأحوط، وإن كان على الوجه الحلال كالنظر إلى
حليلته الموجب له.
الثالث: شمّ الطيب مع التلّذذ وكذا الريحان، وأمّا مع عدم التلذذ كما إذا كان
(الصفحة 82)
فاقداً لحاسّة الشمّ(1) مثلاً فلا بأس به.
الرابع: البيع والشراء، بل مطلق التجارة مع عدم الضرورة على الأحوط،
ولا بأس بالاشتغال بالأُمور الدنيوية من المباحات حتّى الخياطة والنساجة
ونحوهما، وإن كان الأحوط الترك إلاّ مع الاضطرار إليها، بل لا بأس بالبيع
والشراء إذا مسّت الحاجة إليهما للأكل والشرب مع تعذّر التوكيل أو النقل
بغيرالبيع.
الخامس: المماراة أي المجادلة على أمر دنيويّ أو ديني بقصد الغلبة وإظهار
الفضيلة. وأمّا بقصد إظهار الحقّ وردّ الخصم عن الخطأ فلا بأس به، بل هو من
أفضل الطاعات، فالمدار على القصد والنيّة، فلكلّ امرئ ما نوى من خير أو شرّ،
والأقوى عدم وجوب اجتناب ما يحرم على المحرم من الصيد وإزالة الشعر ولبس
المخيط ونحو ذلك، وإن كان أحوط.
[2603] مسألة 1: لا فرق في حرمة المذكورات على المعتكف بين الليل
والنهار. نعم، المحرّمات من حيث الصوم كالأكل والشرب والارتماس ونحوها
مختصّة بالنهار.
[2604] مسألة 2: يجوز للمعتكف الخوض في المباح، والنظر في معاشه مع
الحاجة وعدمها.
[2605] مسألة 3: كلّ ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف إذا وقع في النهار من
حيث اشتراط الصوم فيه، فبطلانه يوجب بطلانه، وكذا يفسده الجماع سواء كان
في الليل أو النهار، وكذا اللمس والتقبيل بشهوة، بل الأحوط بطلانه بسائر ما ذكر
- (1) الظاهر أنّ الفاقد للحاسّة المذكورة لا يتحقّق منه الشمّ أصلاً، ومع تحقّقه وعدم التلذّذ لا يترك الاحتياط.