(الصفحة 753)
والإسلام إذا كان المولّى عليه مسلماً ، فلا ولاية للصغير والصغيرة على مملوكهما من عبد أو أمة ، بل الولاية حينئذ لوليّهما ، وكذا مع فساد عقلهما(1) بجنون أو إغماء أو نحوه ، وكذا لا ولاية للأب والجدّ مع جنونهما ونحوه ، وإن جنّ أحدهما دون الآخر فالولاية للآخر ، وكذا لا ولاية للمملوك ولو مبعّضاً على ولده ; حرّاً كان أو عبداً ، بل الولاية في الأوّل للحاكم وفي الثاني لمولاه ، وكذا لا ولاية للأب الكافر على ولده المسلم ، فتكون للجدّ إذا كان مسلماً وللحاكم إذا كان كافراً أيضاً ، والأقوى(2)ثبوت ولايته على ولده الكافر ، ولايصحّ تزويج الولي في حال إحرامه أو إحرام المولّى عليه ; سواء كان بمباشرته أو بالتوكيل . نعم ، لا بأس بالتوكيل حال الإحرام ليوقع العقد بعد الإحلال .
[3880] مسألة 17 : يجب على الوكيل في التزويج أن لايتعدّى عمّا عيّنه الموكّل من حيث الشخص والمهر وسائر الخصوصيات ، وإلاّ كان فضوليّاً موقوفاً على الإجازة ، ومع الإطلاق وعدم التعيين يجب مراعاة مصلحة الموكّل من سائر الجهات ، ومع التعدّي يصير فضولياً ، ولو وكّلت المرأة رجلاً في تزويجها لايجوز له أن يزوّجها من نفسه ; للانصراف عنه . نعم ، لو كان التوكيل على وجه يشمل نفسه أيضاً بالعموم أو الإطلاق(3) جاز ، ومع التصريح فأولى بالجواز ، ولكن ربما يقال بعدم الجواز مع الإطلاق ، والجواز مع العموم ، بل قد يقال بعدمه حتّى مع التصريح بتزويجها من نفسه ; لرواية عمّار المحمولة على الكراهة أو غيرها من المحامل .
[3881] مسألة 18 : الأقوى صحّة النكاح الواقع فضولاً مع الإجازة، سواء كان
- (1) أي وإن لم يكونا صغيرين.
- (2) إذا لم يكن له جدّ أو كان ولم يكن مسلماً، وإلاّ فدعوى اختصاصها به غير بعيدة.
- (3) أي من دون انصراف.
(الصفحة 754)
فضولياً من أحد الطرفين أو كليهما ، كان المعقود له صغيراً أو كبيراً ، حرّاً أو عبداً ، والمراد بالفضولي العقد الصادر(1) من غير الولي والوكيل ، سواء كان قريباً كالأخ والعمّ والخال وغيرهم أو أجنبياً ، وكذا الصادر(2) من العبد أو الأمة لنفسه بغير إذن الولي ، ومنه العقد الصادر من الولي أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه من الله أو من الموكّل ، كما إذا أوقع الوليّ العقد على خلاف المصلحة(3) ، أو تعدّى الوكيل عمّا عيّنه الموكّل ، ولايعتبر في الإجازة الفورية ، سواء كان التأخير من جهة الجهل بوقوع العقد أو مع العلم به ، وإرادة التروّي أو عدمها أيضاً . نعم ، لا تصحّ الإجازة بعد الردّ ، كما لايجوز الردّ بعد الإجازة ، فمعها يلزم العقد .
[3882] مسألة 19 : لايشترط في الإجازة لفظ خاصّ ، بل تقع بكلّ ما دلّ على إنشاء الرضا بذلك العقد ، بل تقع بالفعل الدالّ عليه .
[3883] مسألة 20 : يشترط في المجيز علمه بأنّ له أن لايلتزم بذلك العقد ، فلو اعتقد لزوم العقد عليه فرضي به لم يكف في الإجازة . نعم ، لو اعتقد لزوم الإجازة عليه بعد العلم بعدم لزوم العقد فأجاز، فإن كان على وجه التقييد لم يكف ، وإن كان على وجه الداعي يكون كافياً .
[3884] مسألة 21 : الإجازة كاشفة (4) عن صحّة العقد من حين وقوعه ، فيجب ترتيب الآثار من حينه .
[3885] مسألة 22 : الرضا الباطني التقديري لايكفي في الخروج عن الفضوليّة ،
- (1) في العبارة مسامحة واضحة، من حيث الشمول بظاهرها للعقد الصادر من الزوجين; لأنّهما غير الولي والوكيل، ومن حيث كون الفضولي وصفاً للعاقد لا للعقد.
- (2) وكذا ما إذا لم يصدر العقد منهما، بل وكّلا الغير في العقد لنفسهما.
- (3) فيما اعتبر فيه المصلحة.
- (4) على إشكال في أصل الكشف، وكذا في نوعه من جهة كونه حقيقياً أو حكمياً.
(الصفحة 755)
فلو لم يكن ملتفتاً حال العقد إلاّ أنّه كان بحيث لو كان حاضراً وملتفتاً كان راضياً لايلزم العقد عليه بدون الإجازة ، بل لو كان حاضراً حال العقد وراضياً به إلاّ أنّه لم يصدر منه قول ولا فعل يدلّ على رضاه ، فالظاهر أنّه من الفضولي(1) ، فله أن لايجيز .
[3886] مسألة 23 : إذا كان كارهاً حال العقد إلاّ أنّه لم يصدر منه ردّ له ، فالظاهر صحّته بالإجازة . نعم ، لو استؤذن فنهى ولم يأذن ومع ذلك أوقع الفضولي العقد يشكل صحّته بالإجازة ; لأنّه بمنزلة الردّ بعده ، ويحتمل صحّته (2) بدعوى الفرق بينه وبين الردّ بعد العقد ، فليس بأدون من عقد المكره الذي نقول بصحّته إذا لحقه الرضا، وإن كان لايخلو ذلك أيضاً من إشكال .
[3887] مسألة 24 : لايشترط في الفضولي قصد الفضوليّة ولا الالتفات إلى ذلك ، فلو تخيّل كونه وليّاً أو وكيلاً وأوقع العقد فتبيّن خلافه يكون من الفضولي ويصحّ بالإجازة .
[3888] مسألة 25 : لو قال في مقام إجراء الصيغة : «زوّجت موكّلتي فلانة» مثلا مع أنّه لم يكن وكيلاً عنها ، فهل يصحّ ويقبل الإجازة أم لا ؟ الظاهر الصحّة . نعم ، لو لم يذكر لفظ «فلانة» ونحوه; كأن يقول : «زوّجت موكّلتي» وكان من قصده امرأة معيّنة مع عدم كونه وكيلاً عنها يشكل صحّته(3) بالإجازة .
[3889] مسألة 26 : لو أوقع الفضوليّ العقد على مهر معيّن ، هل يجوز إجازة العقد دون المهر ، أو بتعيين المهر على وجه آخر من حيث الجنس أو من حيث القلّة
- (1) إلاّ أن يكون سكوته قرينة عرفيّة فعليّة على الرضا، فإنّه حينئذ يعدّ إجازة.
- (2) على قوّة إلاّ أن يكون النهي السابق دليلاً عرفياً على الرد بعد العقد، فإنّ الاحتمال حينئذ في غاية الضعف، لكن الدلالة العرفية ممنوعة.
- (3) وإن كان الأقرب بعد كون المرأة معيّنة هي الصحّة.
(الصفحة 756)
والكثرة؟ فيه إشكال ، بل الأظهر عدم الصحّة في الصورة الثانية ، وهي ما إذا عيّن المهر على وجه آخر ، كما أنّه لا تصحّ الإجازة مع شرط لم يذكر في العقد ، أو مع إلغاء ما ذكر فيه من الشرط .
[3890] مسألة 27 : إذا أوقع العقد بعنوان الفضولية فتبيّن كونه وكيلاً ، فالظاهر صحّته ولزومه إذا كان ناسياً لكونه وكيلاً ، بل وكذا إذا صدر التوكيل ممّن له العقد ولكن لم يبلغه الخبر على إشكال فيه . وأمّا لو أوقعه بعنوان الفضولية فتبيّن كونه ولياً ، ففي لزومه بلا إجازة منه، أو من المولّى عليه إشكال(1) .
[3891] مسألة 28 : إذا كان عالماً بأنّه وكيل أو وليّ ومع ذلك أوقع(2) العقد بعنوان الفضولية ، فهل يصحّ ويلزم، أو يتوقّف على الإجازة أو لايصحّ ؟ وجوه ، أقواها عدم الصحّة ; لأنّه يرجع إلى اشتراط كون العقد الصادر من وليّه جائزاً ، فهو كما لو أوقع البالغ العاقل بقصد أن يكون الأمر بيده في الإبقاء والعدم ، وبعبارة اُخرى أوقع العقد متزلزلاً .
[3892] مسألة 29 : إذا زوّج الصغيرين وليّهما ، فقد مرّ أنّ العقد لازم عليهما ولايجوز لهما بعد البلوغ ردّه أو فسخه ، وعلى هذا فإذا مات أحدهما قبل البلوغ أو بعده ورثه الآخر . وأمّا إذا زوّجهما الفضوليان فيتوقّف على إجازتهما بعد البلوغ أو إجازة وليّهما قبله ، فإن بلغا وأجازا ثبتت الزوجية ويترتّب عليها أحكامها من
- (1) والأظهر اللزوم من دون إجازة إذا كان واجداً لشرط الصحّة من الولي.
- (2) قد مرّ منه أنّه لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية ولا الالتفات إليها، والظاهر جريان هذا في الوكالة والولاية، وأنّه لا يعتبر فيهما القصد ولا الإلتفات، وعليه فلا يبقى محصّل للفرض، بل يتعيّن الصحّة واللزوم. نعم، يمكن إيقاع العقد منهما معلّقاً على رضى جديد من الموكّل، أو من المولّى عليه، أو نفسه متأخّراً، وحينئذ فالإشكال فيه إنّما هو من ناحية التعليق.
(الصفحة 757)
حين العقد ; لما مرّ من كون الإجازة كاشفة، وإن ردّا أو ردّ أحدهما ، أو ماتا(1) أو مات أحدهما قبل الإجازة كشف عن عدم الصحّة من حين الصدور ، وإن بلغ أحدهما وأجاز ثمّ مات قبل بلوغ الآخر يعزل ميراث الآخر على تقدير الزوجيّة ، فإن بلغ وأجاز يحلف على أنّه لم يكن إجازته للطمع في الإرث ، فإن حلف يدفع إليه ، وإن لم يجز أو أجاز ولم يحلف لم يدفع ، بل يردّ إلى الورثة ، وكذا لو مات بعد الإجازة وقبل الحلف . هذا إذاكان متّهماً بأنّ إجازته للرغبة في الإرث . وأمّا إذا لم يكن متّهماً بذلك، كما إذا أجاز قبل أن يعلم موته أو كان المهر اللازم عليه أزيد ممّا يرث أو نحو ذلك ، فالظاهر عدم الحاجة إلى الحلف .
[3893] مسألة 30 : يترتّب على تقدير الإجازة والحلف جميع الآثار المرتّبة على الزوجيّة ; من المهر وحرمة الاُمّ والبنت(2) وحرمتها إن كانت هي الباقية على الأب والابن ونحو ذلك ، بل الظاهر(3) ترتّب هذه الآثار بمجرّد الإجازة من غير حاجة إلى الحلف، فلو أجاز ولم يحلف مع كونه متّهماً لايرث ، ولكن يرتّب سائر الأحكام.
[3894] مسألة 31 : الأقوى جريان الحكم المذكور في المجنونين ، بل الظاهر(4)
- (1) في العبارة قصور، حيث إنّ البطلان بالموت ليس كالأثر المترتّب على الإجازة والردّ في التفرّع على البلوغ.
- (2) هو من سهو القلم كما يأتي.
- (3) بل ظاهر صحيح الحذاء الوارد في المقام عطف استحقاق المهر على الميراث في الترتّب على الحلف، وهما وإن كانا مشتركين في الاتّهام، إلاّ أنّ الظاهر عدم الفرق بين المهر وبين سائر أحكام الزوجية، مضافاً إلى أنّ الحكم على خلاف القاعدة، ولابدّ من الاقتصار فيه على المتيقّن. نعم، الاحتياط لا ينبغي أن يترك.
- (4) بعد الاستفادة من الرواية أنّ الملاك في الحلف هو رفع الاتّهام ـ والمفروض وجوده في المقام ـ لا يبقى مجال لدعوى الظهور، فلا يترك الاحتياط بالإحلاف في الإرث وأخذ المهر، وكذا سائر الأحكام.