(الصفحة 124)مسألة 24 : إذا كان العقد فضوليّاً من أحد الطرفين كان لازماً من طرف الأصيل ، فلو كان هي الزوجة ليس لها أن تتزوّج بالغير قبل أن يردّ الآخر العقد ويفسخه ، وهل يثبت في حقّه تحريم المصاهرة قبل إجازة الآخر وردّه ، فلو كان زوجاً حرم عليه نكاح اُمّ المرأة وبنتها واُختها والخامسة إن كانت هي الرابعة؟ الأحوط ذلك وإن كان الأقوى خلافه1.
انّ مقتضى الروايات(1) جواز الحلف في كلّ مورد تتحقّق فيه التهمة ، وإن كان الشخص في نفس المورد أميناً بالذات ، فلا فرق بين هذه الصورة وبين أصل المسألة ، لا من جهة اللزوم بالإجازة ولا من جهة ثبوت الحلف ، كما لايخفى .1 ـ مقتضى القاعدة أنّه إذا كان العقد فضوليّاً من أحد الطرفين فقط يكون لازماً من طرف الأصيل ، فلو كان الأصيل هي الزوجة ليس لها أن تتزوّج بالغير قبل أن يردّ الآخر ويفسخه ، وقد أفاد الشيخ الأعظم الأنصاري(قدس سره) أنّه من جملة المواضع التي تظهر الثمرة بين الكشف والنقل : جواز تصرّف الأصيل فيما انتقل عنه بناء على النقل ، وإن قلنا بأنّ فسخه غير مبطل لإنشائه ، فلو باع جارية من فضوليّ جاز له وطؤها ، وإن استولدها صارت اُمّ ولد; لأنها ملكه ، وكذا لو زوّجت نفسها من فضوليّ جاز لها التزويج من الغير ، فلو حصلت الإجازة في المثالين لغت; لعدم بقاء المحلّ قابلاً .
وأمّا على القول بالكشف ، فلا يجوز التصرّف فيه على ما يستفاد من كلمات
- (1) الوسائل : 19/146 ، كتاب الاجارة ب29 ح16 و 17 . والوسائل : 26/219 ـ 220 ، أبواب ميراث الأزواج ب11 ح1 و4 .
(الصفحة 125)مسألة 25 : إن ردّ المعقود له أو المعقود لها العقد الواقع فضولاً صار العقد كأنّه لم يقع ، سواء كان العقد فضوليّاً من الطرفين وردّاه معاً أو ردّه أحدهما ، بل ولو أجاز أحدهما وردّ الآخر ، أو من طرف واحد وردّ ذلك الطرف فتحلّ المعقود لها على أب المعقود له وابنه وتحلّ بنتها واُمّها على المعقود له1.مسألة 26 : إن زوّج الفضولي امرأة برجل من دون اطّلاعها وتزوّجت هي برجل آخر صحّ الثاني ولزم ولم يبق محلّ لإجازة الأوّل ، وكذا لو زوّج الفضولي
جماعة ، كالعلاّمة(1) والسيد العميدي(2) والمحقّق الثاني(3) وظاهر غيرهم(4) . ومقتضى عموم وجوب الوفاء وجوبه على الأصيل ولزوم العقد وحرمة نقضه من جانبه ، ووجوب الوفاء عليه ليس مراعى بإجازة المالك ، بل مقتضى العموم وجوبه حتى مع العلم بعدم إجازة المالك ومن هنا يظهر أنّه لا فائدة في أصالة عدم الإجازة(5) . وتفصيل الكلام في محلّه وهو الإجازة في بيع الفضولي .
وهل يثبت في حقّ الأصيل تحريم المصاهرة قبل إجازة الآخر وردّه؟ مقتضى الاحتياط الاستحبابي ذلك ، ولكنّ الظاهر عدم الفرق .1 ـ الحكم في هذه المسألة وجهه واضح .
- (1) قواعد الاحكام : 1/124 و 208 .
- (2) اُنظر كنز الفوائد : 1/385 .
- (3) جامع المقاصد : 4/75 و ج 6/331 .
- (4) ايضاح الفوائد : 1 / 419 .
- (5) كتاب المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 16/412 ـ 415 .
(الصفحة 126)رجلاً بامرأة من دون اطّلاعه وزوّج هو باُمّها أو بنتها ثمّ علم1.مسألة 27 : لو زوّج فضوليان امرأة كلّ منهما برجل كانت بالخيار في إجازة أيّهما شاءت ، وإن شاءت ردّتهما ، سواء تقارن العقدان أو تقدّم أحدهما على الآخر ، وكذلك الحال فيما إذا زوّج أحد الفضوليّين رجلاً بامرأة والآخر باُمّها أو بنتها أو اُختها فانّ له إجازة أيّهما شاء2
1 ـ الحكم بصحّة عقد نفسه أو نفسها واضح ، ولا يوجب العقد الفضولي سلب الاختيار له أو لها ، وبعد صحّة عقد نفسه أو نفسها لا يبقى محلّ لإجازة العقد الفضولي أصلاً; لعدم إمكان اجتماعهما شرعاً . نعم الفرق بين العقد الفضولي الواقع قبل عقد النفس وبين العقد الفضولي الواقع بعده هو عدم إمكان لحوق الإجازة للثاني من الأوّل بخلاف الصورة الاُولى ، حيث إنّه يمكن لحوق الإجازة بالإضافة إليها ، كما لايخفى .2 ـ إذا تحقّق عقدان فضوليان بالإضافة إلى امرأة واحدة كلّ واحد منهما برجل تكون المرأة بالخيار في إجازة أيّهما شاءت من المتقدّم أو المتأخّر ولها ردّهما معاً ، ولا يمكن لها إجازة كليهما كما هو واضح ، وكذلك الحال فيما إذا زوّج أحد الفضوليين رجلاً بامرأة والآخر باُمّها أو بنتها أو اُختها ، فانّ له إجازة أيّهما شاء كما أن له ردّهما ، ولا يمكن له إجازة كليهما أيضاً بعد عدم إمكان الجمع بين المرأة وبين المذكورات من الاُمّ والبنت والاُخت; لاشتراك الجميع في عدم إمكان الجمع ، وان كان الحرمة في بعضها أبدية دون البعض الآخر ، كما هو المذكور في محلّه(1) فراجع .
- (1) يأتي في أسباب التحريم ص133 ـ 135 وص216 ـ 258 .
(الصفحة 127)مسألة 28 : لو وكّلت رجلين في تزويجها فزوّجها كلّ منهما برجل ، فإن سبق أحدهما صحّ ولغى الآخر ، وإن تقارنا بطلا معاً ، وإن لم يعلم الحال ، فإن علم تاريخ أحدهما حكم بصحته دون الآخر ، وإن جهل تاريخهما فان احتمل تقارنهما حكم ببطلانهما معاً في حقّ كلّ من الزوجة والزوجين ، وإن علم عدم التقارن فيعلم إجمالاً بصحّة أحد العقدين وتكون المرأة زوجة لأحد الرجلين وأجنبيّة عن أحدهما ، فليس للزوجة أن تتزوّج بغيرهما ولا للغير أن يتزوّج بها ، لكونها ذات بعل قطعاً ، وأمّا حالها بالنسبة إلى الزوجين وحالهما بالنسبة إليها فالأولى أن يطلّقاها ويجدّد النكاح عليها أحدهما برضاها ، وإن تعاسرا وكان في التوقّف إلى أن يظهر الحال عسر وحرج على الزوجة أو لا يرجى ظهور الحال ، فالمتّجه تعيين الزوج منهما بالقرعة ، فيحكم بزوجيّة من وقعت عليه1.
1 ـ لا شبهة في أنّ الصحّة في مفروض المسألة للعقد السابق ، سواء علم تاريخه أم لم يعلم ، وفي أنّه في صورة التقارن يبطلان معاً; لأنّ العقدين المفروضين بمنزلة بيعين ، ولا يكونان بمنزلة بيع وإجارة في زمان واحد حتى يمكن الجمع بينهما ، فإن كان السابق معلوماً بالتفصيل فبها ، وفي صورة الجهل به وباللاحق ، غاية الأمر العلم الإجمالي بالسبق ، فلا محالة يكون أحد العقدين صحيحاً ، ولازمه أنّه لا يجوز للمرأة أن تتزوّج بالشخص الثالث ولا للشخص الثالث أن يزوّج بها ، لكونها ذات بعل قطعاً .
وأمّا حالها بالنسبة إلى الزوجين وحالهما بالنسبة إليها فالاحتياط المستحبّي يقتضي أن يطلّقاها ، وإذا أراد أحدهما أن يتزوّجها يجدّد النكاح عليها برضاها ، وإذا لم يريدوا الاحتياط المذكور فان لم يكن هناك عسر وحرج في التوقّف إلى أن يظهر الحال لا بالإضافة إلى الزوجين ولا بالنسبة إلى الزوجة ، فاللازم التوقّف أو
(الصفحة 128)مسألة 29 : لو ادّعى أحد الزوجين سبق عقده ، فان صدّقه الآخر وكذا الزوجة أو صدّقه أحدهما وقال الآخر : «لا أدري» فالزوجة لمدّعي السبق ، وإن قال كلاهما : «لا أدري» فوجوب تمكين الزوجة من المدّعي بل جوازه محلّ تأمّل ، إلاّ إذا رجع عدم دراية الرجل إلى الغفلة حين إجراء العقد ، واحتمل تطبيقه على الصحيح من باب الاتفاق ، وإن صدّقه الآخر ولكن كذّبته الزوجة كانت الدعوى بين الزوجة وكلا الزوجين ، فالزوج الأوّل يدّعي زوجيّتها وصحّة عقده وهي تنكر زوجيّته وتدّعي فساد عقده ، وتنعكس الدعوى بينها وبين الزوج الثاني ، حيث إنّه يدّعي فساد عقده وهي تدّعي صحّته ، ففي الدعوى الاُولى تكون هي المدّعية والزوج هو المنكر ، وفي الثانية بالعكس ، فإن أقامت البيّنة على فساد الأوّل المستلزم لصحّة الثاني حكم لها بزوجيتها للثاني دون الأوّل ، وإن أقام الزوج الثاني بيّنة على فساد عقده يحكم بعدم زوجيّتها له وثبوتها للأوّل ، وإن لم تكن بيّنة يتوجّه الحلف إلى الزوج الأوّل في الدعوى الأولى وإلى الزوجة في الدعوى الثانية ، فإن حلف الزوج الأوّل ونكلت الزوجة تثبت زوجيّتها للأوّل ، وإن كان العكس بأن حلفت هي دونه حكم بزوجيّتها للثاني ، وإن حلفا معاً فالمرجع هي القرعة .
هذا إذا كان مصبّ الدعوى صحّة العقد وفساده لا السبق وعدمه أو السبق واللحوق أو الزوجية وعدمها ، وبالجملة الميزان في تشخيص المدّعي والمنكر غالباً مصبّ الدعوى ، وإن ادّعى كلّ من الزوجين سبق عقده ، فإن قالت الزوجة : «لا أدري» تكون الدعوى بين الزوجين ، فإن أقام أحدهما بيّنة دون
الرجوع إلى القرعة التي هي طريق منحصر في مثل المقام ، ومنه يظهر تعين القرعة في صورة العسر والحرج وعدم رجاء ظهور الحال ، كما لايخفى .