(الصفحة 517)خلافه فالقول قولها بيمينها ، ويلحق الولد به ولا ينتفى عنه إلاّ باللّعان1.
1 ـ قد تعرّض في هذه المسألة لصور الاختلاف بين الزوجين :
منها : اختلافهما في أصل الدخول الموجب للإلحاق وعدمه ، فادّعته المرأة وأنكره الآخر لئلاّ تكون شروط الإلحاق الّتي أوّلها الإنزال بأجمعها موجودة ، فالظّاهر أنّ القول قول الزوج بيمينه; لأنّ المرأة مدّعية يكون قولها مخالفاً للأصل الذي يقتضي عدم تحقّقه ، ومع عدم ثبوت البيّنة لها قاعدة تصل النوبة إلى يمين المنكر ، ولأنّ الدخول من فعله فيُقبل قوله فيه .
ومنها : اختلافهما في ولادته ، بمعنى أنّه يدّعي الزوج أنّ الولد الذي ولدته أتت به من خارج ، والزوجة تدّعي أنّها ولدته منه وأنّه ولده ، ففي المتن : إنّ القول قوله بيمينه ، والدّليل عليه مضافاً إلى أنّ قولها مخالف للأصل أيضاً ، أنّه يمكن لها إقامة البيّنة على أنّها ولدته ، فمع عدم إقامة المدّعي البيّنة تصل النوبة إلى يمين المنكر ، كما هو المقرّر في كتاب القضاء(1) .
ومنها : اتّفاقهما في الدخول والولادة واختلافهما في المدّة الموجبة للإلحاق ، فادّعى الزوج ولادتها لدون ستّة أشهر أو لأزيد من أقصى الحمل ، وادّعت الزوجة خلافه وأنّها ولدت في المدّة المعتبرة ستّة أشهر أو أزيد ، أقصى الحمل أو أقلّ ، وفي المتن في هذه الصورة يكون القول قولها بيمينه ، فيلحق الولد به ولا ينتفى إلاّ باللعان ، وفي محكي اللمعة(2) حلفت ، وعلّله في محكي الروضة بقوله : تغليباً للفراش ، ولأصالة عدم زيادة المدّة في الثاني . لكن قال : أمّا الأوّل فالأصل معه
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء : 141 ـ 143 .
- (2) اللمعة الدمشقيّة : 119 .
(الصفحة 518)
فيحتمل قبول قوله فيه عملا بالأصل ، ولأنّ مآله إلى النزاع في الدخول ، فإنّه إذا قال : لم تنقض ستّة أشهر من حين الوطء فمعناه أنّه لم يطء منذ ستة أشهر ، وإنّما وقع الوطء فيما دونها ، وربّما فسّر بعضهم النزاع في المدّة بالمعنى الثاني خاصّة ليوافق الأصل ، وليس ببعيد أن تحقّق في ذلك خلاف إلاّ أنّ كلام الأصحاب مطلق(1) .
وذكر صاحب الجواهر(قدس سره) في تحقيق الحال ما ملخّصه : إنّ قاعدة الفراش حجّة شرعيّة ، ـ كقاعدة اليد ـ فالموافق لمقتضاها منكر ، فلو فرض كون النزاع بينهما على وجه إبراز التداعي فالقول قول مدّعي الإلحاق بيمينه . نعم لو لم يقتصر في الدعوى ، بل أسنده إلى سبب خاصّ يكون لحوق الولد به تبعاً ، كما لو ادّعت المرأة الدخول بها بحيث يلحق به الولد نحو ما لو أسند المسلم ما في يده إلى سبب خاصّ يقتضي بطلان دعوى المدّعي ، كما لو قال : اشتريته منك .
هذا بالإضافة إلى المسألة الأولى وأمّا بالإضافة إلى المسألة الثانية وهي الاختلاف في المدّة ، فالظّاهر أنّ مبناها أصالة لحوق الولد بالوطء المحترم حتى يتبيّن فساد ذلك ، وهي قاعدة اُخرى غير قاعدة «الولد للفراش» ولو لكونها أخصّ منها ، وحينئذ فمتى تحقّق الوطء حكم شرعاً بلحوق الولد إلاّ إذا علم العدم بالوضع لأقلّ الحمل أو لأقصاه أو لغير ذلك ، ففي الفرض الّذي قد تحقّق فيه الوطء واختلفا في المدّة تكون المرأة منكرة مطلقاً لموافقة دعواها للأصل المزبور(2) .
أقول : دعوى ثبوت قاعدتين هنا خصوصاً مع عدم ثبوت المستند للقاعدة الثانية في غاية البعد ، سيّما مع كون الشروط الثلاثة للّحوق في عرض واحد ،
- (1) الروضة البهيّة : 5/436 ـ 438 .
- (2) جواهر الكلام : 31/234 .
(الصفحة 519)مسألة 6 : لو طلّق زوجته المدخول بها فاعتدّت وتزوّجت ثمّ أتت بولد ، فان لم يمكن لحوقه بالثاني وأمكن لحوقه بالأوّل كما إذا ولدته لدون ستّة أشهر من وطء الثاني ولتمامها من غير تجاوز عن أقصى الحمل من وطء الأوّل فهو للأوّل ، وتبيّن بطلان نكاح الثاني; لتبيّن وقوعه في العدّة وحرمت عليه مؤبّداً لوطئه إيّاها ، وإن انعكس الأمر بأن أمكن لحوقه بالثاني دون الأوّل لحق بالثاني ، بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطء الأوّل ولأقلّ الحمل إلى الأقصى من وطء الثاني ، وإن لم يمكن لحوقه بأحدهما بأن ولدته لأزيد من أقصى الحمل من وطء الأوّل ولدون ستة أشهر من وطء الثاني انتفى منهما ، وإن أمكن إلحاقه بهما فهو للثاني1.
واللاّزم بالإضافة إلى كلّ منهما الإحراز ، ولا مجال لاشتراط العلم بالعدم في عدم اللّحوق ، وعليه فما احتمله صاحب الروضة من قبول قوله فيما إذا كان الاختلاف راجعاً إلى ثبوت أقلّ الحمل وعدمه نظراً إلى موافقة قوله للأصل غير بعيد ، فتدبّر جيّداً .1 ـ لو طلّق زوجته المدخول بها فاعتدّت عدّة الطلاق ثمّ تزوّجت ودخل بها الزوج الثاني ثمّ أتت بولد ففيه صور :
الصورة الأولى : ما إذا أمكن لحوقه بالأوّل ولم يمكن لحوقه بالثاني ، كما إذا ولدته لدون ستّة أشهر من وطء الثاني ولتمامها من غير تجاوز عن مدّة أقصى الحمل من وطء الأوّل ، فالولد في هذه الصورة ملحق بالأوّل ، ويكشف ذلك عن بطلان نكاح الثاني; لتبيّن وقوعه في عدّة الأوّل; لأنّ المفروض كونها حاملا من الأوّل حينه ، وحيث إنّ المفروض وقوع الوطء من الثاني في عدّة الأوّل تتحقّق
(الصفحة 520)
الحُرمة الأبديّة بالإضافة إلى الثاني ، وإن وقع الدخول جهلا .
الصورة الثانية : ما إذا انعكس الأمر ، بأن أمكن لحوقه بالثّاني ولم يمكن لحوقه بالأوّل ، بأن ولدته لأزيد من أقصى الحمل من وطء الأوّل ولأقلّ الحمل إلى الأقصى من وطء الثاني ، فالظّاهر أنّ الولد في هذه الصّورة ملحق بخصوص الثاني ، والنكاح باق بحاله ، والمفروض عدم إمكان اللّحوق بالأوّل .
الصورة الثالثة : ما إذا لم يمكن لحوقه بأحدهما ، كما إذا ولدته لأزيد من أقصى الحمل من وطء الأوّل ولدون ستّة أشهر من وطء الثاني ، وفي هذه الصورة ينتفى منهما لفرض عدم إمكان اللحوق بواحد منهما .
الصورة الرابعة : ما إذا أمكن لحوقه بكليهما ، كما إذا ولدته لأقلّ من أقصى الحمل من وطء الأوّل ولستّة أشهر أو أزيد من وطء الثاني ، وفي المتن أنّه للثاني كما هو المشهور(1) . ويُستفاد من النصوص :
منها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا كان للرجل منكم الجارية يطؤها فيعتقها فاعتدّت ونكحت ، فإن وضعت لخمسة أشهر فإنّه لمولاها الّذي أعتقها ، وإن وضعت بعدما تزوّجت لستّة أشهر فإنّه لزوجها الأخير(2) .
ومنها : رواية أبي العباس قال : قال : إذا جاءت بولد لستّة أشهر فهو للأخير ، وإن كان لأقلّ من ستّة أشهر فهو للأوّل(3) .
ومنها : مُرسلة جميل بن صالح ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما (عليهما السلام) في المرأة
- (1) النهاية : 505 ، شرائع الإسلام : 2/341 ، مسالك الأفهام : 8/382 ، الحدائق الناضرة : 25/17 ، كتاب النكاح (تراث الشيخ الأعظم) : 20/489 .
- (2) الكافي : 5/491 ح1 ، التهذيب : 8/168 ح586 ، الوسائل : 21/380 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح1 .
- (3) التهذيب : 8/167 ح583 ، الوسائل : 21/383 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح12 .
(الصفحة 521)مسألة 7 : لو طلّقها ثمّ بعد ذلك وُطئت بشبهة ثمّ أتت بولد فهو كالتزويج بعد العدّة ، فيجيء فيه الصور الأربعة المتقدّمة حتّى الصورة الأخيرة ، وهي ما إذا أمكن اللحوق بكلّ منهما ، فإنّه يلحق بالأخير هنا أيضاً1.مسألة 8 : لو كانت تحت زوج فوطأها شخص آخر بشبهة فأتت بولد ، فإن أمكن لحوقه بأحدهما دون الآخر يُلحق به ، وإن لم يمكن اللحوق بهما انتفى
تزوّج في عدّتها ، قال : يُفرّق بينهما وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً ، فإن جاءت بولد لستّة أشهر أو أكثر فهو للأخير ، وإن جاءت بولد لأقلّ من ستّة أشهر فهو للأوّل(1) .
ولولا الروايات لجرى احتمال الإقراع بينهما; لأنّ المفروض إمكان اللّحوق بكليهما ، فلابدّ من التعيين بالقرعة .1 ـ لو طلّقت ثمّ بعد ذلك وطئت بشبهة ثمّ أتت بولد فهو كالتزويج بعد العدّة ، فيجري فيه جميع الصور الأربعة المتقّدمة حتى الصورة الأخيرة ، وهي ما إذا أمكن اللحوق بكلّ منهما ، فإنّه يلحق بالأخير هنا أيضاً; للإستفادة من الروايات المتقدّمة ، وجريان احتمال الإقراع هنا أقوى; لأنّه مقتضى القاعدة ، والروايات على خلافها ، فيمكن أن يُقال بلزوم الرجوع إليها; لأنّ المسألة على خلاف ما هو المفروض فيها ، بخلاف المسألة السادسة ، فإنّ حلّية المرأة للأوّل لا فرق فيها بين أن يكون الواطىء هو الزوج أو المولى ، بخلاف الحلّيّة للثاني ، فإنّه يُمكن الفرق بين الزوج وبين الواطىء بشبهة ، كما لا يخفى .
- (1) التهذيب : 8/168 ح584 ، الوسائل : 21/383 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح13 .