(الصفحة 73)مسألة 12 : يشترط في صحة العقد تعيين الزوجين على وجه يمتازان عن غيرهما بالاسم أو الإشارة أو الوصف الموجب لذلك ، فلو قال : زوّجتك إحدى بناتي أو قال : زوّجت بنتي فلانة من أحد بنيك أو من أحد هذين بطل . نعم يشكل فيما لو كانا معيّنين بحسب قصد المتعاقدين ومتميّزين في ذهنهما ، لكن لم يعنياهما عند اجراء الصيغة ولم يكن مايدلّ عليه من لفظ أو فعل أو قرينة خارجية ، كما إذا تقاولا وتعاهدا على تزويج بنته الكبرى من ابنه الكبير ، ولكن في مقام إجراء الصيغة قال : «زوّجت إحدى بناتي من أحد بنيك» وقبل الآخر . نعم لو تقاولان وتعاهدا على واحدة فعقدا مبنيّاً عليه فالظاهر الصحة ، كما إذا قال بعد التقاول : «زوّجت ابنتي منك» دون أن يقول : «زوّجت إحدى بناتي»1.
العلاّمة بالتنزيل المزبور عدم بلوغ السكر إلى حدّ يصدر منه الكلام على وجه الهذيان كالنوم ونحوه ، بل هو باق على قابليّة قصد العقد كما يومئ إليه قوله : فزوّجت نفسها إلاّ أنّه لمّا غطّى السكر عقله لم يفرّق بين ذي المصلحة والمفسدة ، فهو حينئذ قاصد للعقد ، إلاّ أنّه لم يؤثر قصده لعارض السكر الذي ذهب معه صفة الرشد ، فإذا تعقّبته الإجازة صحّ(1) .
ولعلّه لأجل هذه الأُمور نهى في المتن عن ترك الاحتياط فيما إذا تعقّبته الإجازة بعد الإفاقة بتجديد العقد أو الطلاق ، كما لا يخفى .1 ـ لو لم يكن الزوجان أو أحدهما متميّزين ومتشخصين لا واقعاً ولا ظاهراً ، كما إذا فرض أنّ هناك بنتين توأمتين غير مختلفتين في الأوصاف والخصوصيات
- (1) جواهر الكلام : 29/145 .
(الصفحة 74)
الموجبة لتفاوت الرغبات واختلاف النظرات ، حتى في السنّ الملحوظ في باب النكاح نوعاً والجمال الملحوظ كذلك ، وأراد الزوج التزويج مع إحداهما من دون فرق بينهما ، فالدليل على البطلان المستفاد من المتن إن كان هو الجهالة والغرر المنهي عنها في باب البيع ، فيرد عليه أنّه لا دليل على النهي عن الغرر في غير باب البيع والمعاوضات على تقديره ، مع أنّه في باب البيع يصحّ تعلّقه بالكلّي كما في بيع السلّم ، وإن كان هو أنّه لابدّ من تعينهما حتى يقع التكليف بما هو مقتضى الزوجية ويترتّب عليه أحكامها .
فيرد عليه أنّه لا محالة يتحقّق التعيّن بعد العقد إلاّ أن يقال بأنّه حيث يكون الزوجان في باب النكاح كالمبيع والمشتري في باب البيع ، واللازم في باب العقد تعيّن الوقوع على من يقع عليه ، فعليه لابدّ وأن يكون الزوجان متشخصين ، فعدم تعيّنهما بمنزلة عدم تعيّن المبيع أو الثمن وعدم تميّزهما أصلاً .
وكيف كان لم ينهض دليل قوي على الاعتبار في النكاح ، ويؤيّده قول شعيب لموسى في القصة المذكورة في القرآن :
{ اِنِّى أُرِيدُ أَن أُنكِحَكَ إِحدَى ابنَتَىَّ هَاتَين . . .}(1) بناء على أن يكون هي بنفسها صيغة النكاح أو كانت الصيغة مماثلة له ، اللّهم إلاّ أن يكون هناك إجماع على الاعتبار أو يقتصر في خلاف أصالة العدم على القدر المتيقّن على الثبوت ، وهي صورة التعيين ، هذا إذا لم يكونا بحسب الواقع متميّزين .
وأمّا إذا كان معيّنين في الواقع ومتميّزين في ذهنهما ولكن لم يعيناهما عند إجراء الصيغة ولم يكن ما يدلّ عليه من لفظ أو فعل أو قرينة خارجية كالمثال المذكور في
(الصفحة 75)مسألة 13 : لو اختلف الاسم مع الوصف أو اختلفا أو أحدهما مع الإشارة يتبع العقد لما هو المقصود ويلغى ما وقع غلطاً وخطأً ، فإذا كان المقصود تزويج البنت الكبرى وتخيلّ أنّ اسمها فاطمة ، وكانت المسمّاة بفاطمة هي الصغرى وكانت الكبرى مسمّاة بخديجة ، وقال : «زوّجتك الكبرى من بناتي فاطمة» وقع العقد على الكبرى التي اسمها خديجة ويلغى تسميتها بفاطمة ، وإن كان المقصود تزويج فاطمة وتخيّل أنّها كبرى فتبيّن أنّها صغرى وقع العقد على المسمّاة بفاطمة واُلغي وصفها بأنّها الكبرى ، وكذا لو كان المقصود تزويج المرأة الحاضرة وتخيّل أنّها كبرى واسمها فاطمة فقال : «زوّجتك هذه وهي
المتن ، فالظاهر أنّ الصحّة مشكلة لاختلاف مدلول الفظ مع ما هو المقصود والمنظور واقعاً ، ولا دلالة للفظ عليه ، فانّ التعاهد والتقاول على تزويج ابنته الكبيرة مع ابنه الكبير ، واللفظ إنّما يكون مفاده تزويج إحدى البنات مع أحد البنين ، ففي الحقيقة يكون المقصود غير مدلول عليه والمدلول عليه غير مقصود ، وإرادة أصل التزويج غير كافية فالصحة مشكلة .
نعم ، في هذا الفرض إذا قال : زوّجت ابنتي منك من دون أن يقول : زوّجت إحدى بناتي ، وكان المراد من البنت التي زوّجها هي البنت التي وقعت عليها المقاولة والمواعدة ، غاية الأمر عدم دلالة اللفظ على خصوصياتها وان كان دالاًّ على المتشخص واقعاً ، فالظاهر فيه الصحة مع فرض وقوع العقد مبنيّاً على المقصود والمراد ، لأنّ الظاهر عدم كون لفظ ابنتي في هذا المقام مراداً به الكلّي القابل للانطباق على غيرها ولو بنحو الكلّي في المعيّن ، بل يكون إشارة إلى المعهود المشخص والفرد المعيّن ، فتدبّر حتى تعرف الفرق بين الفرضين ، والإشكال في الصحة في الأوّل واستظهار الصحة في الثاني .
(الصفحة 76)فاطمة وهي الكبرى من بناتي» فتبيّن أنّها الصغرى واسمها خديجة وقع العقد على المشار إليها ويلغى الاسم والوصف ، ولو كان المقصود العقد على الكبرى فلمّا تخيّل أنّ هذه المرأة الحاضرة هي تلك الكبرى قال : «زوّجتك هذه وهي الكبرى» لا يقع العقد على الكبرى بلا إشكال ، وفي وقوعه على المشار إليها وجه لكن لا يترك الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق 1.مسألة 14 : لا إشكال في صحّة التوكيل في النكاح من طرف واحد أو من
1 ـ أفاد(قدس سره) أنّه في صورة اختلاف الاسم مع الوصف أو اختلافهما أو أحدهما مع الإشارة يكون العقد تابعاً لما هو المقصود ، وأنّه يلغى ما وقع غلطاً أو خطأً خصوصاً بالإضافة إلى الإسم الذي لا يكون فيه إلاّ الحكاية عن المسمّى ، ولا يتعلّق به الغرض نوعاً في باب النكاح بخلاف جملة من الأوصاف ، وقد اشتهر أنّ العقود تابعة للقصور ، وهذا من دون فرق بين ما إذا كان الواقع غلطاً أو خطأً مذكوراً في العبارة أوّلاً أو ثانياً .
وهذا وإن كان يرد عليه أنّه لابدّ في العقود سيّما باب النكاح دلالة الصيغة عليه بالظهور العرفي ، ولا يكفي الغلط والخطأ ، مضافاً إلى أنّه يوجب تحقّق التنازع والاختلاف غالباً ، لعدم وضوح المقاصد ما لم تظهر باللفظ إلاّ أنّ الفرض صورة المعلومية ووضوح تعيّن الزوجين وتشخصهما ، غاية الأمر تحقّق الاختلاف في اللفظ .
نعم مع الخصوصية الموجودة في باب النكاح وشدّة الاحتياط المطلوبة فيه لا يترك الاحتياط في الفرض الأخير المذكور في المتن بتجديد العقد أو الطلاق ، كما أنّه لا ينبغي تركه في بعض الفروض السابقة بل في جميعها ، كما لا يخفى .
(الصفحة 77)طرفين بتوكيل الزوج أو الزوجة إن كانا كاملين أو بتوكيل وليّهما إن كانا قاصرين ، ويجب على الوكيل أن لا يتعدّى عمّا عيّنه الموكِّل من حيث الشخص والمهر وسائر الخصوصيات ، فإن تعدّى كان فضولياً موقوفاً على الإجازة ، وكذا يجب عليه مراعاة مصلحة الموكّل ، فإن تعدّى وأتى بما هو خلاف المصلحة كان فضوليّاً . نعم لو عيّن خصوصية تعيّنت ونفذ عمل الوكيل وإن كان ذلك على خلاف مصلحة الموكّل1.مسألة 15 : لو وكّلت المرأة رجلاً في تزويجها ليس له أن يزوّجها من نفسه إلاّ إذا صرّحت بالتعميم أو كان كلامها بحسب متفاهم العرف ظاهراً في العموم بحيث يشمل نفسه2
1 ـ الغرض من هذه المسألة بيان جريان التوكيل في النكاح من طرف واحد أو من طرفين ، وأمّا صحّة وقوع الإيجاب والقبول وجواز تولّي شخص أحد طرفي العقد فهو يأتي في بعض المسائل الآتية ، والوجه في صحّة جريان التوكيل في النكاح أنّه لا دليل على خصوصيته من هذه الجهة ، بل هو كسائر العقود تجري فيها الوكالة ، واللازم على الوكيل أن لا يتعدّى عمّا عيّنه الموكِّل من حيث الشخص والمهر وسائر الخصوصيّات ، ولو وقع التعدّي في إحدى الجهات المزبورة يكون فضوليّاً موقوفاً على الإجازة اللاحقة كما في سائر الموارد ، وكذا يجب على الوكيل مراعاة مصلحة الموكِّل لعدم شمول دائرة الوكالة بالإضافة إلى غيرها .
نعم لو عيّن الموكِّل خصوصية تعيّنت ونفذ عمل الوكيل مع رعاية تلك الخصوصية ، سواء كانت بمصلحة الموكل واقعاً أم لم تكن .2 ـ ظاهر توكيل المرأة رجلاً في تزويجها هو تزويجها لغير الوكيل ، إلاّ إذا كان التعميم مصرّحاً به أو كان مقتضى الكلام ظاهراً بحسب المتفاهم العرفي هو العموم