(الصفحة 109)كان من العيوب الموجبة للخيار أو غيرها ، ككونه منهمكاً في المعاصي ، وكونه شارب الخمر أو بذيّ اللسان ، سيّئ الخُلق وأمثال ذلك ، إلاّ إذا كانت مصلحة ملزمة في تزويجه ، وحينئذ لم يكن خيار الفسخ لا له ولا للمولّى عليه إذا لم يكن العيب من العيوب المجوّزة للفسخ ، وإن كان منها فالظاهر ثبوت الخيار للمولّى عليه بعد بلوغه ، هذا كلّه مع علم الولي بالعيب ، وإلاّ ففيه تأمّل وتردّد وإن لا تبعد الصحّة مع إعمال جهده في إحراز المصلحة ، وعلى الصحّة له الخيار في العيوب الموجبة للفسخ ، كما أنّ للمولّى عليه ذلك بعد رفع الحجر عنه ، وفي غيرها لا خيار له ولا للولي على الأقوى1.
1 ـ يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين :
المقام الأوّل : صورة علم الوليّ بالعيب ، أي بعيب الزوج الذي يزوّج المولّى عليه منه ، وفي هذه الصورة إذا لم تكن مصلحة في تزويج الولي لا يصحّ النكاح ولا ينفذ ، سواء كان من العيوب المعروفة الموجبة للخيار أو غيرها ، كالأمثلة المذكورة في المتن ، وذلك للزوم رعاية الولي أعمّ من الأب والجدّ المصلحة فيما يتعلّق بأمر الصغير والصغيرة ، وامّا إذا كانت هناك مصلحة ملزمة في تزويج المولّى عليه ، فالظاهر أنّه إذا لم يكن العيب من العيوب المجوّزة للفسخ لا يثبت الخيار لا للولي وللمولّى عليه ، لفرض كون العيب غير مجوّز للفسخ .
نعم ، لو كان من العيوب المجوّزة يثبت الخيار للمولّى عليه فقط بعد البلوغ ، ولا يثبت الخيار للولي بوجه .
المقام الثاني: في صورة عدم علم الولي بالعيب، وقد تأمّل وتردّد في الصحة وإن نفى البُعد عن الصحة فيما إذا أعمل الوليّ جهده في إحراز المصلحة ، ولا محالة يطمئنّ أو يظنّ العدم ، ولكنّه يحتمل أن يكون الملاك في الصحة والنفوذ عدم العيب واقعاً .
(الصفحة 110)مسألة 9 : ينبغي بل يستحبّ للمرأة المالكة أمرها أن تستأذن أباها أو جدّها ، وإن لم يكونا فأخاها ، وإن تعدّد الأخ قدّمت الأكبر1.
وكيف كان لا خيار لأحد من الولي والمولّى عليه في غير العيوب المجوّزة للفسخ ، وأمّا فيها فالخيار ثابت للولي وللمولّى عليه بعد رفع الحجر عنه ، أمّا المولّى عليه فواضح ، وأمّا الولي فلأنّ الفرض عدم علمه بالعيب وكون العيب من العيوب المجوّزة .1 ـ لا شبهة في أنّه ينبغي بل يستحبّ للمرأة المالكة أمرها أن تستأذن أباها في العقد بكراً كانت أو ثيّباً ، بل قد حكي عن جماعة(1) اعتبار إذنه فيهما وإن كان مقتضى الأقوى خلافه ، مع أنّه أعرف بالأنسب من الرجال وأعرف فيها بالأحوال ، وقد دلّت الأخبار(2) الكثيرة على أنّ المتولّي لتزويج الجارية مطلقاً هو الأب ولا أقلّ من الحمل على الاستحباب ، ولكن ربما يقال بخلوّها مفهوماً ومنطوقاً عن الأمر المحمول على الاستحباب كثيراً ، بل هي ظاهرة في النهي عن نكاح البكر بدون إذن الأب ، والنهي محمول على الكراهة وهي لا تفيد استحباب الإذن ، إلاّ أن يقال بدلالتها على الولاية المحمولة على الولاية المجازية المستفادة من النصوص .
وممّا ذكرنا ظهر أنّه يستحبّ لها استئذان أخيها مع عدم الأب والجدّ ، لأنّه من
- (1) قال في مختلف الشيعة : 7/118 : لا يقول به غير ابن أبي عقيل بالنسبة إلى الثيّب من الخاصة . كما صرّح به في مسالك الأفهام : 7/120 وجامع المقاصد : 12/123 وغيرهما . نعم يقول به كثير من العامة ، كصاحب المغني : 7/337 والمبسوط للسرخسي : 5/10 والمجموع : 17/302 .
- (2) الوسائل : 20/271 و 284 ـ 285 ، أبواب عقد النكاح ب9 ح3 ، 5 ، 7 وب3 ح11 .
(الصفحة 111)مسألة 10 : هل للوصي أي القيّم من قبل الأب أو الجدّ ولاية على الصغير والصغيرة في النكاح؟ فيه إشكال لا يترك الاحتياط1.
الذي بيده عقدة النكاح المحمول على الولاية المجازية ، مضافاً إلى دلالة بعض الروايات على أنّ الأخ الأكبر بمنزلة الأب(1) ومنه يستفاد أنّه مع تعدّد الأخ تقدّم الأكبر .1 ـ على الأشهر كما في محكي المسالك(2) بل المشهور كما في غيرها(3) لأنّه يدلّ عليه مضافاً إلى الأصل أنّه لم تثبت مشروعية الأحداث لهما على وجه يشمل ذلك ، والولاية من حيث القرابة لا تكون قابلة للنقل ، كما لا تقبل الحضانة ونحوها ممّا يختصّ بالقرابة النقل بالوصية ، ومنه يظهر أنه لا ولاية للوصيّ وإن نصّ له الموصي على الانكاح فضلاً عن ما إذا كان الوصيّ قيّماً من قبل الأب والجدّ فقط .
وأورد على ما ذُكر صاحب الجواهر(قدس سره) بأنّ الأصل مقطوع بعموم
{ فَمَن بَدَّلَهُ}(4) . ونحوه ممّا دلّ على وجوب إنفاذ ما يعهد به الميّت المقتضي صحّة جميع ما يوصى به إلاّ ما علم فساده ، وانسياق إرادة خصوص الايصاء بالخير للوالدين والأقربين من الضمير في الآية مناف لمعروفية الاستدلال بها في النصوص(5) وكلام الأصحاب على عموم الموصى به ، كما لا يخفى على من لاحظ ذلك(6) .
- (1) التهذيب : 7/393 ح1575 ، الاستبصار : 3/240 ح860 ، الوسائل : 20/283 ، أبواب عقد النكاح ب8 ح6 .
- (2) مسالك الأفهام : 7/148 .
- (3) الروضة البهية : 5/118 .
- (4) سورة البقرة : 2/181 .
- (5) الوسائل : 19/337 ـ 345 ، كتاب الوصايا ب32 ، 33 ، 35 .
- (6) جواهر الكلام : 29/189 ـ 190 .
(الصفحة 112)
ويدلّ عليه صحيحة عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم كلاهما ، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الذي بيده عقدة النكاح؟ فقال : هو الأب والأخ والموصى إليه(1) . ومثلها رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)(2) . ولكنّ الظاهر عدم كونها رواية اُخرى ، والإشتمال على ذكر الأخ لايوجب السقوط عن الحجّية ، وقد ذكر صاحب الوسائل إنّ الأخ محمول على كونه وكيلاً والوصي يحتمل ذلك أيضاً ، وقد خصّه بعض علمائنا بكون البنت كبيرة غير رشيدة(3) ، وبعضهم بكونه وصيّاً في خصوص العقد(4) ، مع احتمال التقيّة .
وفي مقابل الصحيحة المضمرة لمحمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : سأله رجل عن رجل مات وترك أخوين وابنة والبنت صغيرة ، فعمد أحد الأخوين الوصيّ فزوّج الابنة من ابنه ثم مات أبو الابن المزوّج ، فلمّا أن مات قال الآخر : أخي لم يزوّج ابنه فزوّج الجارية من ابنه ، فقيل للجارية : أيّ الزوجين أحبّ إليك الأوّل أو الاخر؟ قالت : الآخر ، ثمّ إنّ الأخ الثاني مات وللأخ الأوّل ابن أكبر من الابن المزوجّ ، فقال للجارية : اختاري أيّهما أحبّ إليك الزوج الأوّل أو الزوج الآخر ، فقال : الرواية فيها أنّها للزوج الأخير ، ذلك أنّها قد كانت أدركت حين زوّجها وليس لها أن تنقض ما عقدته بعد إدراكها(5) .
ولكنّه يستفاد من الجواهر أنّ هذه لا تعارض ما قبلها لكونها مضمرة أوّلاً على
- (1) التهذيب : 7/484 ح1946 ، الوسائل : 20/283 ، أبواب عقد النكاح ب8 ح5 .
- (2) التهذيب : 7/393 ح1573 ، الوسائل : 20/283 ، أبواب عقد النكاح ب8 ح4 .
- (3) تذكرة الفقهاء : 2/593 .
- (4) مختلف الشيعة : 7/142 .
- (5) الكافي : 5/397 ح3 ، التهذيب : 7/387 ح 1554 ، الوسائل : 20/282 ، أبواب عقد النكاح ب8 ح1 .
(الصفحة 113)مسألة 11 : ليس للحاكم ولاية في النكاح على الصغير ذكراً كان أو أنثى مع فقد الأب والجدّ ، ولو اقتضت الحاجة والضرورة والمصلحة اللازمة المراعاة النكاح بحيث ترتّب على تركه مفسدة يلزم التحرّز عنها قام الحاكم به ، ولا يترك الاحتياط بضمّ إجازة الوصي للأب أو الجدّ مع وجوده ، وكذا فيمن بلغ فاسد العقل أو تجدّد فساد عقله إذا كان البلوغ والتجدّد في زمان حياة الأب أو الجدّ1.
ما في الكافي والتهذيب ، وعدم ثبوت كون الأخ وصيّاً على نكاح البنت ثانياً ، وإنكار الأخ الثاني ما فعله الأوّل ثالثاً ، ونسبة ذلك إلى الرواية المشعرة بالتقية لو فرض كونه من الإمام (عليه السلام) مع التعليل العليل رابعاً ، قال : كلّ ذلك بعد منع دعوى عدم ثبوت ولايتهما على الاحداث بعموم ولايتهما على وجه يشمل ذلك(1) .
ولأجل ماذُكر نهى في المتن بعدالاستشكال في المسألة عن ترك الاحتياط ، فتدبّر .1 ـ على المشهور على ما في محكي الروضة(2) للأصل وعدم الحاجة إلى النكاح بعد فرض الصغير في الذكر أو الأنثى ، لكن حيث إنّه لا ينحصر مصلحة النكاح في الوطء ولذا يجوز للأب والجدّ إيقاعه إذا اقتضت المصلحة اللازمة المراعاة النكاح ، بحيث ترتّب على تركه مفسدة يلزم التحرّز عنها ، يقوم الحاكم بإيقاعه مع فقد الأب والجدّ ، ويستفاد جوازه من نحو قوله (صلى الله عليه وآله) : السلطان وليّ من لا ولّي له(3) .
- (1) جواهر الكلام : 29/190 .
- (2) الروضة البهية : 5/118 .
- (3) سنن ابن ماجة : 1/605 ح1879 ، سنن أبي داود : 320 ح2083 ، سنن الدارمي : 2/96 ح2180 .