(الصفحة 365)
نعم في رواية محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : عدّة المتعة خمسة وأربعون يوماً ، والاحتياط خمسة وأربعون ليلة(1) .
وحيث إنّ الاحتياط في الحكم لا معنى له من الإمام (عليه السلام) ، فاللازم أن يقال : بأنّ المراد منه عدم اعتبار التلفيق كما لايخفى ، هذا كلّه بالنسبة إلى الحائل غير الحامل .
وأمّا الحامل ، فعدّتها وضع حملها على إشكال كما في المتن ، واحتاط وجوباً بأنّ عدّتها أبعد الأجلين من وضع الحمل ، ومن مضيّ خمسة وأربعين يوماً أو حيضتين ، ولكنّه ذكر في كتاب الطلاق في بحث العدد أنّ عدّة المتعة في الحامل وضع حملها(2) من دون استشكال ولا رعاية للاحتياط .
وذكر في الجواهر : وأمّا الحامل فعدّتها أبعد الأجلين من المدّة والوضع(3) ، وتركه المصنّف ـ يعني المحقّق في متن الشرائع ـ لوضوحه واتكالاً على ما ذكره سابقاً . والظاهر أنّ المراد بما ذكره سابقاً هو ما أفاده في أنّ عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها في النكاح المنقطع هو أبعد الأجلين من مضي أربعة أشهر وعشراً ومن الوضع ، وستعرف أنّ قوله : «على الأصح» في عبارة الشرائع لا يرجع إلى هذه الفتوى كما أفاده صاحب الجواهر(4) . وتحقيق الحال في هذا المجال موكول إلى كتاب الطلاق وبحث العدد فانتظر إن شاء الله تعالى .
الأمر الثالث : في عدّة الوفاة ، قال المحقّق في الشرائع : وتعتدّ من الوفاة ولو لم يدخل بها بأربعة أشهر وعشرة أيّام إن كانت حائلاً ، وبأبعد الأجلين إن كانت
- (1) الكافي : 5/458 ح2 ، الوسائل : 21/51 ، أبواب المتعة ب22 ح2 .
- (2) تحرير الوسيلة : مسألة 6 من «القول في العدد» .
- (3 ، 4) جواهر الكلام : 30/200 .
(الصفحة 366)
حاملاً على الأصح(1) ، وذكر في الجواهر : أنّ قوله : على الأصح راجع للأوّل وهو العدّة في الحائل(2) ، والوجه فيه أنّه حكي عن المفيد(3) والمرتضى(4) والعماني(5)وسلاّر(6) إنّ عدّتها شهران وخمسة أيام; لأنّها كالأمة في الحياة فكذلك في الموت .
ويدلّ على الأوّل مضافاً إلى الآية الشريفة(7) الواردة في مطلق الأزواج صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن الصادق (عليه السلام) قال : سألته عن المرأة يتزوّجها الرجل متعة ، ثمّ يتوفّى عنها زوجها هل عليها العدّة؟ فقال : تعتدّ أربعة أشهر وعشراً(8) .
وصحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) ما عدّة المتعة إذا مات عنها الذي تمتّع بها؟ قال : أربعة أشهر وعشراً ، قال : ثم قال : يا زرارة كلّ النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرّة كانت أو أمة وعلى أيّ وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجاً أو ملك يمين فالعدّة أربعة أشهر وعشراً(9) .
ودليل غير المشهور ـ مضافاً إلى عموم التنزيل المتقدّم ـ مرسلة الحلبي ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة متعة ثمّ مات عنها ما
- (1) شرائع الإسلام : 2/307 .
- (2) جواهر الكلام : 30/200 .
- (3) المقنعة : 536 .
- (4) الانتصار : 114 .
- (5) حكى عنه في مختلف الشيعة: 7 / 242 مسألة 164.
- (6) المراسم : 166 .
- (7) سورة البقرة : 2/234 .
- (8) التهذيب : 8/157 ح544 ، الإستبصار : 3/350 ح1251 ، الفقيه : 3/296 ح1407 ، الوسائل : 22/275 ، أبواب العدد ب52 ح1 .
- (9) التهذيب : 8/157 ح545 ، الإستبصار : 3/350 ح1252 ، الفقيه : 3/296 ح 1408 ، الوسائل : 22/275 ، أبواب العدد ب52 ح2 .
(الصفحة 367)مسألة 17 : يستحبّ أن تكون المتمتّع بها مؤمنة عفيفة ، والسؤال عن حالها قبل التزويج وأنّها ذات بعل أو ذات عدّة أم لا ، وأمّا بعده فمكروه ، وليس السؤال والفحص عن حالها شرطاً في الصحّة1.
عدّتها؟ قال : خمسة وستّون يوماً(1) . وفي سندها مضافاً إلى ضعفها بالإرسال الطاطري المخالف للإمامية ، شديد العناد في مذهبه ، واحتمل الحمل على الأمة .
وأمّا رواية ابن يقطين ، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : عدّة المرأة إذا تمتّع بها فمات عنها خمسة وأربعون يوماً(2) . فهي من الشواذّ ، هذا كلّه إذا كانت حائلاً .
وامّا إذا كانت حاملاً فالعدّة أبعد الأجلين بلا خلاف ولا إشكال ، وقد عرفت أنّ كلمة الأصحّ في عبارة المحقّق ترجع إلى الصورة الاُولى لا الثانية ، كما هو ظاهر العبارة .1 ـ أمّا استحباب أن تكون مؤمنة فلرواية الحسن التفليسي قال : سألت الرضا (عليه السلام)أيتمتّع من اليهودية والنصرانية؟ فقال : يتمتّع من الحرّة المؤمنة أحبّ إلي وهي أعظم حرمة منهما(3) .
ورواية محمد بن العيص قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المتعة؟ فقال : نعم إذا كانت عارفة ، قلنا : فإن لم تكن عارفة؟ قال : فاعرض عليها وقل لها ، فإن قبلت فتزوّجها وإن أبت أن ترضى بقولك فدعها ، الحديث(4) .
- (1) التهذيب : 8/158 ح547 ، الإستبصار : 3/351 ح1254 ، الوسائل : 22/276 ، أبواب العدد ب52 ح4 .
- (2) التهذيب : 8/157 ح546 ، الإستبصار : 3/351 ح1253 ، الوسائل : 22/276 ، أبواب العدد ب52 ح3 .
- (3) التهذيب : 7/256 ح1109 ، الإستبصار : 3/145 ح524 ، الوسائل : 21/38 ، أبواب المتعة ب13 ح6 .
- (4) الكافي : 5/454 ح5 ، التهذيب : 7/252 ح 1088 ، الوسائل : 21/25 ، أبواب المتعة ب7 ح1 .
(الصفحة 368)
هذا ، مضافاً إلى اعتقاد المؤمنة بالمتعة نوعاً ، ولا ينافيها مرفوعة بعض أصحابنا إلى أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا تمتّع (تتمتع خل) بالمؤمنة فتذلّها(1) . قال في الوسائل : ويحتمل أن يكون المراد به إذا كانت المرأة من أهل بيت الشرف يلحق أهلها العار ويلحقها الذلّ .
وأمّا استحباب أن تكون عفيفة فلرواية أبي سارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عنها يعني المتعة؟ فقال لي : حلال فلا تزوّج (تتزوّج خل) إلاّ عفيفة ، إنّ الله عزّوجل يقول :
{ وَالَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}(2) فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك(3) .
وامّا استحباب السؤال عن حالها فلرواية أبي مريم ، عن الباقر (عليه السلام) أنّه سئل عن المتعة؟ فقال : إنّ المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم ، إنّهنّ كنّ يومئذ يؤمنّ واليوم لا يؤمنّ ، فاسألوا عنهنّ(4) . بعد عدم لزوم السؤال مع الجهل بالحال وحجية قولها في هذه الاُمور .
وأمّا كراهة السؤال بعد التزويج فلرواية فضل مولى محمد بن راشد ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت : إنّي تزوّجت امرأة متعة فوقع في نفسي أنّ لها زوجاً ففتشت عن ذلك فوجدت لها زوجاً ، قال : ولِمَ فتّشت؟!(5) .
- (1) التهذيب : 7/253 ح1089 ، الإستبصار : 3/143 ح515 ، الوسائل : 21/26 ، أبواب المتعة ب7 ح4 .
- (2) سورة المؤمنون : 23/5 .
- (3) الكافي : 5/453 ح2 ، التهذيب : 7/252 ح 1086 ، الإستبصار : 3/142 ح 512 ، الوسائل : 21/24 ، أبواب المتعة ب6 ح2 .
- (4) الكافي : 5/453 ح1 ، التهذيب : 7/251 ح 1084 ، الفقيه : 3/292 ح 1386 ، الوسائل : 21/23 ، أبواب المتعة ب6 ح1 .
- (5) التهذيب : 7/253 ح1092 ، الوسائل : 21/31 ، أبواب المتعة ب10 ح3 .
(الصفحة 369)مسألة 18 : يجوز التمتّع بالزانية على كراهية ، خصوصاً لو كانت من العواهر المشهورات بالزّنا ، وإن فعل فليمنعها من الفجور1.
ومرسلة مهران بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قيل له : إنّ فلاناً تزوّج امرأة متعة ، فقيل له : إنّ لها زوجاً فسألها ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : ولِمَ سألها؟!(1)
وأمّا عدم كون السؤال والفحص شرطاً للصحة فيدل عليه ـ مضافاً إلى أصالة الصحة وحمل فعل المسلم على الصحيح خصوصاً في أمثال المقام ـ رواية أبان بن تغلب ـ وفي السند الآخر للكليني عن ميسّر ـ قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد ، فأقول لها : لك زوج؟ فتقول : لا ، فأتزوّجها؟ قال : نعم هي المصدّقة على نفسها(2) .
وربّما يستدلّ له برواية محمد بن عبدالله الأشعري قال : قلت للرضا (عليه السلام) : الرجل يتزوّج بالمرأة فيقع في قلبه أنّ لها زوجاً ، فقال : وما عليه؟ أرأيت لو سألها البيّنة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج(3) .
وفيه : إنّ موردها صورة السؤال بعد التزويج ، والكلام إنّما هو في الفحص قبله ، مع أنّ الظاهر أنّه لا فرق من هذه الجهة بين قسمي النكاح الدائم والمؤجّل ، بل لعلّ الثاني يكون أولى ، خصوصاً بملاحظة حكمة تشريع النكاح المنقطع واستلزامه العار والذلّ ، خصوصاً لذوات الشرف والأنساب .1 ـ ويدلّ على الكراهة رواية محمد بن الفيض قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن
- (1) التهذيب : 7/253 ح1093 ، الوسائل : 21/31 ، أبواب المتعة ب10 ح4 .
- (2) الكافي : 5/462 ح1 و 2 ، الوسائل : 21/30 ، أبواب المتعة ب10 ح1 .
- (3) التهذيب : 7/253 ح1094 ، الوسائل : 21/32 ، أبواب المتعة ب10 ح5 .