(الصفحة 255)مسألة 23 : لو زنى بامرأة في العدّة الرجعيّة حرمت عليه أبداً كذات البعل دون البائنة ومن في عدّة الوفاة ، ولو علم بأنّها كانت في العدّة ولم يعلم بأنّها كانت رجعية أو بائنة فلا حرمة . نعم لو علم بكونها في عدّة رجعية وشكّ في انقضائها فالظاهر الحرمة1.
والحدّ وأمثالهما ، فيبعد أن يكون مؤثّراً في الحكم الوضعي وهي الحرمة الأبدية المساوقة للبطلان كذلك .
وإن شئت قلت : إنّ عمدة الدليل على الحكم كما اعترف به في الجواهر هو الإجماع ، ولا يعلم بشمول اطلاقه للمقام خصوصاً بعد كون الإجماع من الأدلّة اللبّية التي يقتصر فيها على القدر المتيقّن ، وكيف كان فلو كان الزاني مكرهاً على الزنا ففي لحوق الحكم إشكال ، خصوصاً بعد كونه مخالفاً للقواعد والعمومات والاُصول ، فتدبّر جيّداً .1 ـ قد مرّ أن المحقّق قد جمع في عبارته بين الزنا بذات البعل أو الزنا بذات العدّة الرجعية ، وقد عرفت أنّ عمدة الدليل عليه هو الإجماع ومقعده العدّة الرجعية ، فلا يشمل البائنة ومن في عدّة الوفاة ، وهنا فرعان :
أحدهما : ما لو علم بكونها في عدّة رجعية وشكّ في انقضائها ، فإنّ الظاهر فيه الحرمة بمقتضى استصحاب البقاء ، كما لايخفى .
ثانيهما : لو علم بكون المرأة في العدّة وشكّ في كون العدّة رجعية أو بائنة وزنى فيها ، فإنّ الحرمة التكليفية وإن كانت معلومة لكن الحرمة الأبدية الوضعية غير معلومة; للشك في تحقّق موضوعها ومقتضى الأصل العدم ، ولا ملازمة بين الأمرين كما لايخفى .
(الصفحة 256)مسألة 24 : من لاط بغلام فأوقبه ولو ببعض الحشفة حرمت عليه أبداً اُمّ الغلام وإن علت وبنته وإن نزلت واُخته ، من غير فرق بين كونهما صغيرين أو كبيرين أو مختلفين ، ولا تحرم على المفعول اُمّ الفاعل وبنته واُخته على الأقوى ، والاُمّ والبنت والاُخت الرّضاعيات للمفعول كالنسبيّات1.
1 ـ من لاط بغلام فأوقبه ولو ببعض الحشفة حرمت عليه المذكورات في المتن ، ولا يوجد فيه خلاف ، بل عن بعض الكتب القديمة كالانتصار(1) والخلاف(2)الإجماع عليه ، ويدلّ عليه روايات كثيرة ، مثل :
مرسلة ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل يعبث بالغلام ، قال : إذا أوقب حرمت عليه ابنته واُخته(3) .
ورواية حمّاد بن عثمان قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل أتى غلاماً أتحلّ له اُخته؟ قال : فقال : إن كان ثقب فلا(4) .
ورواية إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل لعب بغلام هل تحلّ له اُمّه؟ قال : إن كان ثقب فلا(5) . إلى غير ذلك من الروايات التي لا يبقى مع ملاحظة المجموع الارتياب في أصل الحكم في الجملة وإن كان على خلاف القاعدة ، وينبغي التنبيه على اُمور :
الأوّل : أنّه لا إشكال في أنّ اُمّ الموطوء والمثقوب حرام وإن علت ، وكذا بنته
- (1) الانتصار : 262 ـ 265 .
- (2) الخلاف: 4 / 308.
- (3) الكافي : 5/417 ح2 ، الوسائل : 20/444 ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب15 ح1 .
- (4) الكافي : 5/417 ح1 ، الوسائل : 20/445 ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب15 ح4 .
- (5) التهذيب : 71/310 ح1287 ، الوسائل : 20/445 ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب15 ح7 .
(الصفحة 257)
حرام وإن نزلت; وامّا في ناحية الاُخت فالحكم لا يتجاوز عنها ، والسرّ أنّ عنوان الاُمومة والبنتيّة يغاير عنوان الاُختية ، فإنّ الأوّلين يشملان العالي والنازل والثاني لا يشمل مع الفصل والواسطة كما لايخفى ، فانّ ابنة الاُخت لا تكون اُختاً .
الثاني : حكي عن جامع المقاصد : أنّ إطباق الأصحاب يشمل الرجل الموطوء كالغلام الموطوء(1) ، بل عن الروضة الإجماع على عدم الفرق(2) . وهو مشكل كما في الجواهر(3) لأنّ الموضوع في الأدلّة التي منها الروايات المتقدّمة هو عبث الرجل بالغلام ، ولا دليل على كون ذكر هذين العنوانين لأجل وقوع هذا العمل الشنيع على تقدير تحقّقه بالإضافة إلى العنوانين ، بل يحتمل اختصاص الحكم به مع كونه على خلاف القاعدة كما عرفت .
ودعوى أنّ اسم الغلام يقع على حديث العهد بالبلوغ ولا قائل بالفصل بينه وبين من زاد على ذلك ، مدفوعة بابتناء وقوع الاسم عليه على التسامح ، وهذا كإطلاق الكرّ على المقدار الناقص منه بقليل ، ولا يكون المناط معلوماً حتّى يحكم بتنقيحه .
نعم في مرسلة موسى بن سعدان ، عن بعض رجاله قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) فقال له رجل : ماترى في شابّين كانا مصطحبين (مضطجعين خ ل)، فولد لهذا غلام وللآخر جارية ، أيتزوّج ابن هذا ابنة هذا؟ قال : فقال : نعم ، سبحان الله لِمَ لا يحلّ؟ فقال : إنّه كان صديقاً له ، قال : فقال : وإن كان فلا بأس ، قال : فإنّه كان يفعل به، قال: فأعرض بوجهه ثم أجابه وهو مستتر بذراعه، فقال: إن كان الذي
- (1) جامع المقاصد : 12/317 .
- (2) الروضة البهية : 5/203 .
- (3) جواهر الكلام : 29/447 .
(الصفحة 258)مسألة 25 : انّما يوجب اللواط حرمة المذكورات إذا كان سابقاً ، وأمّا الطارئ على التزويج فلا يوجبها ولا بطلان النكاح ، ولا ينبغي ترك الاحتياط1.
كان منه دون الايقاب فلا بأس أن يتزوّج ، وإن كان قد أوقب فلا يحلّ له أن يتزوّج(1) .
والرواية ـ مضافاً إلى كونها مرسلة وإلى دلالتها على عدم حلية التزويج بين ولدي الواطىء والموطوء ـ لا دلالة لها على وقوع الفعل في حال بلوغ الموطوء ، فالإنصاف أنّه لا دليل على التعميم .
الثالث : أنّ ما يدلّ عليه الدليل إنّما هو ثبوت الحرمة الأبدية بالنسبة إلى المذكورات بالإضافة إلى الفاعل ، وأمّا المفعول المثقوب فلا يحرم عليه شيء من العناوين المذكورة لعدم الدليل عليها ، وإن كانت الأحكام الوضعية جارية في الصبي أيضاً إلاّ أنّ الحكم هنا ليس بثابت له ، ومقتضى القاعدة العدم .
الرابع : الظاهر أنّه لا فرق في حرمة العناوين المذكورة على الواطىء الثاقب بين النسبية والرضاعية ، فالاُمّ الرضاعية للموطوء حرام على الواطىء ، وكذا سائر العناوين .1 ـ قال المحقّق في الشرائع : ولا تحرم إحداهنّ لو كان عقدها سابقاً(2) لعدم الدليل; لأنّ مورد الأدلّة هو التزويج بعد العبث . نعم ، في مرسلة ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يأتي أخا امرأته فقال : إذا أوقبه فقد
- (1) الكافي : 5/417 ح3 ، الوسائل : 20/444 ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب15 ح3 .
- (2) شرائع الإسلام : 2/292 .
(الصفحة 259)مسألة 26 : لو شكّ في تحقّق الإيقاب حينما عبث بالغلام أو بعده بنى على العدم1.
حرمت عليه المرأة(1) . وعن ابن سعيد في الجامع(2) العمل به .
أقول : خصوصاً لو كانت مرسلات ابن أبي عمير بمنزلة المسانيد ولكنّه لم يثبت ، واستصحاب بقاء صحّة العقد السابق يقتضي عدم التحريم ، وعليه فمقتضى الاحتياط ذاك .1 ـ لو شكّ في تحقّق الدخول والإيقاب المتحقّق ولو بإدخال بعض الحشفة ، سواء كان الشك حال العمل والعبث أم بعده بنى على العدم; لاقتضاء الأصل عدم الدخول وهو واضح .
- (1) الكافي : 5/418 ح4 ، الوسائل : 20/444 ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب15 ح2 .
- (2) الجامع للشرائع : 428 .