(الصفحة 404)مسألة 9 : لو فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها ، وإن كان بعده استقرّ عليه المهر المسمّى . وكذا الحال فيما إذا فسخت المرأة بعيب الرجل ، فتستحقّ تمام المهر إن كان بعده ، وإن كان قبله لم تستحق شيئاً إلاّ في العنن ، فانّها تستحقّ عليه نصف المهر المسمّى 1.
وكيف كان فمقتضى إطلاق الأدلّة ما ذكرنا من عدم توقّف صحّة الفسخ واقعاً على إذن الحاكم لعدم الدليل ، كما لايخفى .1 ـ قال في الجواهر : إذا فسخ الزوج أو الزوجة بأحد العيوب السابقة فلا يخلو إمّا أن يكون قبل الدخول أو بعده ، حيث يجوز للجهل بالحال ، وعلى التقديرين إمّا أن يكون العيب متقدّماً على العقد أو متأخّراً عنه ، قبل الدخول أو بعده بناء على تحقّق الخيار بذلك ، والفاسخ إمّا الزوج أو الزوجة ، وعلى كلّ تقدير إمّا أن يكون هناك مدلّس أم لا ، فالصور أربعة وعشرون صورة(1) .
أقول : المهمّ فعلاً بلحاظ عدم البحث بالاضافة إلى التدليس البحث في مقامين :
المقام الأوّل : فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة ، وفيه صورتان :
الصورة الاُولى : ما إذا كان قبل الدخول ، ولا إشكال ولا خلاف في عدم ثبوت مهر لها حينئذ ، لا مهر المسمّى ولا مهر المثل ، لا كلاًّ ولا بعضاً ، ويدلّ عليه مثل :
صحيحة أبي عبيدة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في رجل تزوّج امرأة من وليّها فوجد بها عيباً بعدما دخل بها ، قال : فقال : إذا دلّست العفلاء ، والبرصاء ، والمجنونة ، والمفضاة ، ومن كان بها زمانة ظاهرة فانّها تردّ على أهلها من غير طلاق ، ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها ، فإن لم يكن وليّها علم بشيء
- (1) جواهر الكلام : 30/346 .
(الصفحة 405)
من ذلك فلا شيء عليه وتردّ على أهلها ، قال : وإن أصاب الزوج شيئاً ممّا أخذت منه فهو له ، وإن لم يصب شيئاً فلا شيء له ، قال : وتعتدّ منه عدّة المطلّقة إن كان دخل بها ، وإن لم يكن دخل بها فلا عدّة عليها ولا مهر لها(1) .
ورواية أبي الصباح قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل تزوّج امرأة فوجد بها قرناً؟ قال : فقال : هذه لا تحبل ولا يقدر زوجها على مجامعتها تردّ على أهلها صاغرة ولا مهر له ، الحديث(2) .
ورواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ (عليهم السلام) في رجل تزوّج امرأة فوجدها برصاء أو جذماء ، قال : إن كان لم يدخل بها ولم يتبيّن له فإن شاء طلّق ، وإن شاء أمسك ولا صداق لها ، وإذا دخل بها فهي امرأته(3) .
وقد عرفت(4) أنّ المراد بالطلاق فيها هو المعنى اللغوي الذي هو عبارة عن الفراق ، ضرورة عدم اشتراط الطلاق الشرعي بالخصوصيات المزبورة .
إلى غير ذلك من الروايات(5) الدالّة عليه ، التي يساعدها الاعتبار; لأن الفسخ وإن كان منه إلاّ أنّ سببه كان فيها ، كما لايخفى .
الصورة الثانية : ما إذا فسخ بعد الدخول ، ولابدّ من فرضه فيما إذا كان الدخول
- (1) الكافي : 5/408 ح14 ، التهذيب : 7/425 ح1699 ، الإستبصار : 3/247 ح885 ، الوسائل : 21/211 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 ح1 .
- (2) الكافي : 5/409 ح18 ، التهذيب : 7/427 ح1704 ، الإستبصار : 3/249 ح890 ، الوسائل : 21/208 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح4 .
- (3) التهذيب : 7/426 ح1700 ، الإستبصار : 3/247 ح887 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 65 ، الوسائل : 21/210 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح14 .
- (4) في ص397 .
- (5) الوسائل : 21/21/211 ـ 214 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 .
(الصفحة 406)
جائزاً شرعاً ، كما إذا كان مع الجهل بالحال ، وإلاّ فمع فرض العلم لابدّ من المبادرة العرفية إلى الفسخ إذا أراده ، كما مرّ(1) . ويدلّ عليه جملة من النصوص المتقدّمة وغيرها(2) . مضافاً إلى استقرار المهر بمجرّد الوطء ولو مرّة ، كما يدلّ عليه النصّ(3)والفتوى(4) . والكلام فعلاً في غير صورة التدليس الذي يأتي البحث عنه إن شاء الله تعالى .
ودعوى أنّ مرجع الفسخ إلى إزالة قيد النكاح من الأصل وجعله كأن لم يكن ، فليس عليه إلاّ الغرامة مدفوعة ، بأنّ مقتضى النص الخلاف وثبوت المهر المسمّى عليه في هذه الصورة ، ولا محيص عن الأخذ به ، فتدبّر جيّداً .
المقام الثاني : فسخ المرأة بأحد عيوب الرجل ، وفيه صورتان أيضاً :
الصورة الاُولى : العيوب غير العنن ، فانّها لا تستحقّ من المهر شيئاً إذا كان ذلك قبل الدخول ، وأمّا إذا كان بعده فتستحقّ المهر كاملاً لاستقراره بالدخول وبما استحل من فرجها ، وقد نفى وجدان خلاف معتدّ به في الجواهر بل الإجماع عليه(5) ، ويدلّ عليه مثل :
رواية محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة حرّة تزوّجت مملوكاً على أنّه حرّ فعلمت بعد أنّه مملوك؟ فقال : هي أملك بنفسها إن شاءت
- (1) في ص397 .
- (2) الوسائل : 21/207 ـ 215 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ـ 3 .
- (3) الوسائل: 21 / 319 ـ 320، أبواب المهور ب54 .
- (4) الخلاف : 4/348 ، الروضة البهية : 5/395 ، مسالك الأفهام : 8/129 .
- (5) جواهر الكلام : 30/349 .
(الصفحة 407)
قرّت معه ، وإن شاءت فلا ، فإن كان دخل بها فلها الصداق ، وإن لم يكن دخل بها فليس لها شيء ، فإن هو دخل بها بعدما علمت أنّه مملوك وأقرّت بذلك فهو أملك بها(1) .
وموردها وإن كان غير العيوب المذكورة إلاّ أنّ الظاهر عدم الفرق من هذه الجهة المرتبطة بالمقام .
الصورة الثانية : فيما إذا فسخت بعيب العنن ، وفي هذه الصورة يثبت لها نصف المهر المسمّى ، خلافاً لأبي علي(2) فالجميع إذا خلا بها وإن لم يدخل ; لصحيحة أبي حمزة الثمالي المتقدّم صدرها ، وذيلها عبارة عن قوله : قال : فإن تزوّجت وهي بكر فزعمت أنّه لم يصل إليها ، فانّ مثل هذا تعرف النساء ، فلينظر إليها من يوثق به منهنّ ، فإذا ذكرت أنّها عذراء فعلى الامام أن يؤجّله سنة ، فإن وصل إليها وإلاّ فرّق بينهما ، واُعطيت نصف الصداق ولا عدّة عليها(3) .
وتعتضد الرواية بعمل الأصحاب(4) وبالاعتبار نوعاً ، فانّ في مثل العنن لا يثبت كذلك إلاّ بحصول مرتبة من الدخول وتحقّق مقدّماته فيتحقّق تنصيف المهر ، والعمدة النصّ كما عرفت .
ولا تعارضه رواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال : سألته عن عنّين دلّس نفسه لامرأة ما حاله؟ قال : عليه المهر ويفرّق بينهما إذا علم أنّه
- (1) الكافي : 5/410 ح2 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 76 ح166 ، التهذيب : 7/428 ح 1707 الوسائل : 21/224 ، أبواب العيوب والتدليس ب11 ح1 .
- (2) حكى عنه في مختلف الشيعة : 7/207 مسألة 133 .
- (3) تقدّمت في ص401 .
- (4) جامع المقاصد : 13/260 ، الروضة البهية : 5/394 ، مسالك الأفهام : 8/139 ، الحدائق الناضرة : 24/380 .
(الصفحة 408)مسألة 10 : لو دلّست المرأة نفسها على الرجل في أحد عيوبها الموجبة للخيار وتبيّن له بعد الدخول ، فان اختار البقاء فعليه تمام المهر ، وإن اختار الفسخ لم تستحقّ المهر ، وإن دفعه إليها استعاده ، وإن كان المدلّس غير الزوجة فالمهر المسمّى ، وإن استقرّ على الزوج بالدخول واستحقت عليه الزوجة إلاّ أنّه بعدما دفعه إليها يرجع به إلى المدلّس ويأخذ منه1.
لا يأتي النساء(1) بعد عدم صحّة الرواية في نفسها وفي مقام المعاوضة .1 ـ هذه المسألة شروع في بيان أحكام التدليس الذي يأتي بيان موضوعه في المسألة الآتية ، ومحصّل حكمه أنّه لو تحقّق فامّا أن يتحقّق من الزوجة ، وإمّا أن يتحقق من غيرها ، والكلام فعلاً في التدليس بأحد عيوب المرأة الموجبة للخيار ، ولو لم يكن تدليس ، فاعلم أنّه إن كانت المدلّسة هي الزوجة نفسها ولم يتبيّن العيب للزوج إلاّ بعد الدخول ، فان اختار البقاء على الزوجية مع وجود العيب المزبور فعلى الزوج تمام المهر المسمّى بلا إشكال ، وإن اختار الفسخ لا تستحقّ من المهر شيئاً وان تحقّق الدخول ، ويدلّ عليه جملة من الروايات ، مثل :
صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل ولّته امرأة أمرها ، أو ذات قرابة ، أو جار لها لا يعلم دخيلة أمرها ، فوجدها قد دلّست عيباً هو بها ، قال : يؤخذ المهر منها ، ولا يكون على الذي زوّجها شيء(2) .
ورواية علي بن جعفر ، عن أخيه (عليه السلام) قال : سألته عن امرأة دلّست نفسها لرجل
- (1) قرب الإسناد : 249 ح 983 ، الوسائل : 21/232 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح13 .
- (2) الكافي : 5/407 ح10 ، الوسائل : 21/212 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 ح4 .