(الصفحة 304)يفرّق بينهما وينتظر انقضاء العدّة ، فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما ، وإلاّ انفسخ النكاح بمعنى أنّه يتبيّن انفساخه من حين إسلام الزوج1.
1 ـ قال المحقّق في الشرائع : وإذا أسلم زوج الكتابيّة فهو على نكاحه ، سواء كان قبل الدخول أو بعده . ولو أسلمت زوجته قبل الدخول انفسخ العقد ولا مهر لها ، وإن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدّة . وقيل : إن كان الزوج بشرائط الذمّة كان نكاحه باقياً ، غير أنّه لا يمكَّن من الدخول عليها ليلاً (ولا نهاراً خل) ولا من الخلوة بها نهاراً ، والأوّل أشبه(1) .
أقول : قد وردت في هذا المجال روايات :
منها : رواية يونس ـ وفي سندها سهل بن زياد ـ قال : الذمّي تكون عنده المرأة الذمّية فتسلم امرأته، قال: هي امرأته يكون عندها بالنهار ولايكون عندها بالليل، قال : فإن أسلم الرجل ولم تسلم المرأة يكون الرجل عندها بالليل والنهار(2) .
ومنها : مرسلة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إنّ أهل الكتاب وجميع من له ذمّة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما ، وليس له أن يخرجها من دار الإسلام إلى غيرها ، ولا يبيت معها ولكنه يأتيها بالنهار ، وأمّا المشركون مثل مشركي العرب وغيرهم فهم على نكاحهم إلى انقضاء العدّة ، فإن أسلمت المرأة ثمّ أسلم الرجل قبل انقضاء عدّتها فهي امرأته ، وإن لم يسلم إلاّ بعد انقضاء العدّة فقد بانت منه ولا سبيل له عليها ، الحديث(3) .
- (1) شرائع الإسلام : 2/294 ـ 295 .
- (2) الكافي : 5/437 ح8 ، الوسائل : 20/548 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح8 .
- (3) الكافي : 5/358 ح9 ، التهذيب : 7/302 ح1259 ، الإستبصار : 3/183 ح663 ، الوسائل : 20/547 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح5 .
(الصفحة 305)
ومنها : صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث ، قال : سألته عن رجل هاجر وترك امرأته مع المشركين ، ثم لحقت به بعد ذلك أيمسكها بالنكاح الأوّل أو تنقطع عصمتها؟ قال : بل يمسكها وهي امرأته(1) .
ومنها : رواية منصور بن حازم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل مجوسي كانت تحته امرأة على دينه فأسلم أو أسلمت؟ قال : ينتظر بذلك انقضاء عدّتها ، فإن هو أسلم أو أسلمت قبل أن تنقضي عدّتها فهما على نكاحهما الأوّل ، وإن هي لم تسلم حتّى تنقضي العدّة فقد بانت منه . وروى في الوسائل رواية اُخرى لمنصور بن حازم(2) ، والظاهر اتّحادهما .
ومنها : مرسلة جميل بن درّاج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما (عليهما السلام) ، أنّه قال في اليهودي والنصراني والمجوسي إذا أسلمت امرأته ولم يسلم قال : هما على نكاحهما ولا يفرّق بينهما ، ولا يترك أن يخرج بها من دار الإسلام إلى الهجرة(3) .
ومنها : رواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام) ، أنّ امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها ، فقال عليّ (عليه السلام) : لا يفرّق بينهما ، ثمّ قال : إن أسلمت قبل انقضاء عدّتها فهي امرأتك ، وإن انقضت عدّتها قبل أن تسلم ثمّ أسلمت فأنت خاطب من الخطّاب(4) .
- (1) الكافي : 5/435 ح2 ، التهذيب : 7/300 ح 1253 ، الإستبصار : 3/181 ح 657 ، الوسائل : 20/540 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب5 ح1 .
- (2) التهذيب : 7/301 ح1258 ، الإستبصار : 3/182 ح662 ، الكافي : 5/435 ح 3 ، الوسائل : 20/546 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح3 .
- (3) التهذيب: 7/300 ح1254، الإستبصار: 3/181 ح658، الوسائل: 20/546، أبواب مايحرم بالكفر ب9 ح1.
- (4) التهذيب: 7/301 ح1257، الإستبصار: 3/182 ح661، الوسائل: 20/546، أبواب مايحرم بالكفر ب9 ح2.
(الصفحة 306)
ومنها : رواية ابن أبي نصر البزنطي قال : سألت الرضا (عليه السلام) عن الرجل تكون له ، الزوجة النصرانية فتسلم هل يحلّ لها أن تقيم معه؟ قال : إذا أسلمت لم تحلّ له ، قلت : فإنّ الزوج أسلم بعد ذلك أيكونان على النكاح؟ قال : لا إلاّ بتزويج جديد(1) .
وقد تحصّل من ملاحظة الروايات اُمور :
الأوّل : أنّه لو أسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه ، سواء كان قبل الدخول أو بعده ، وسواء كان الزوج كتابيّاً أو وثنياً ، وسواء قلنا بصحّة نكاح المسلم الكتابية ابتداءً أم لا ، ويدلّ عليه جملة من الروايات المتقدّمة ، خصوصاً صحيحة ابن سنان المتقدّمة ، فلا ينبغي الإشكال في هذا الأمر .
الثاني : أنّه إذا أسلم زوج الوثنية، سواء كان الزوج وثنياً أو كتابياً ، فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، وإن كان بعده يفرّق بينهما وينتظر انقضاء المدّة ، فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما الأوّل ، وإلاّ انفسخ النكاح لا بالإنقضاء بل تبيّن أنّه انفسخ من حين إسلام الزوج ، ويدلّ على الانفساخ قبل الدخول وعدم ثبوت المهر أيضاً ـ مضافاً إلى بعض الروايات المتقدّمة ـ صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، في نصراني تزوّج نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها؟ قال : قد انقطعت عصمتها منه ولا مهر لها ولا عدّة عليها منه(2) .
لكن في رواية السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) الواردة في المجوسية ثبوت نصف الصداق قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لزوجها : أسلم ، فأبى زوجها أن يسلم ، فقضي
- (1) التهذيب : 7/300 ح1255 ، الإستبصار : 3/181 ح659 ، قرب الإسناد : 378 ح 1335 ، الوسائل : 20/542 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب5 ح5 .
- (2) الكافي : 5/436 ح4 ، الوسائل : 20/547 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح6 .
(الصفحة 307)مسألة 4 : لو أسلمت زوجة الوثني أو الكتابي وثنية كانت أو كتابية ، فان كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، وإن كان بعده وقف على انقضاء العدّة
لها عليه نصف الصداق . وقال : لم يزدها الإسلام إلاّ عزّاً(1) . ولكن ذكر في الجواهر : إنّي لم أجد عاملاً بالرواية(2) .
هذا، ويدلّ على الانفساخ في الحال أو بعد انقضاء العدّة جملة من الروايات المتقدّمة.
الثالث : ما إذا أسلمت الزوجة قبل الدخول بها انفسخ العقد; لحرمة تزويجها بالكافر ولو استدامة ، فإنّ الله لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً(3) . وإن كان إسلامها بعد الدخول ينتظر انقضاء العدّة ، فإن أسلم الزوج قبله يقرّا على نكاحهما وإلاّ بانت منه ، وأشار المحقّق في كلامه المتقدّم بثبوت قول بأنّه : إن كان الزوج بشرائط الذمّة كان نكاحه باقياً ، غير أنّه لا يمكنّ من الدخول عليها ليلاً ولا من الخلوة بها نهاراً(4) .
والظاهر أنّ مستند القول المشار إليها ، الذي للشيخ(5) في الكتب غير المعدّة للفتوى ـ وحكي عنه الرجوع في كتابي المبسوط والخلاف(6) ـ رواية يونس ومرسلة محمد بن مسلم المتقدّمتين ، وهما مع فقدانهما لوصف الحجّية لا ينطبقان
- (1) الكافي : 5/436 ح6 ، الوسائل : 20/548 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح7 .
- (2) جواهر الكلام : 30/52 .
- (3) إقتباس من سورة النساء : 4/141 .
- (4) شرائع الإسلام : 2/294 ـ 295 .
- (5) التهذيب : 7/300 ، الإستبصار : 3/181 .
- (6) الخلاف : 4/325 ـ 326 ، المبسوط : 4/212 .
(الصفحة 308)لكن يفرّق بينهما ، فإن أسلم قبل انقضائها فهي امرأته ، وإلاّ بان أنّها بانت منه حين إسلامها1.مسألة 5 : لو ارتدّ أحد الزوجين أو ارتدّا معاً دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ في الحال ، سواء كان الارتداد عن فطرة أو ملّة ، وكذا بعد الدخول إذا كان الارتداد من الزوج وكان عن فطرة ، وأمّا إن كان ارتداده عن ملّة أو كان الارتداد من الزوجة مطلقاً وقف الفسخ على انقضاء العدّة ، فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها كانت زوجته ، وإلاّ انكشف أنّها بانت منه عند الارتداد2
على القول المزبور .1 ـ قد تقدّم البحث عن هذه المسألة في ذيل المسألة السابقة ، ويستفاد من المتن لزوم التفريق بينهما ليلاً ونهاراً معاً ، حتى لا يتحقّق الوطء والدخول ، وهو الظاهر .2 ـ قال المحقّق في الشرائع : ولو ارتدّ أحد الزوجين قبل الدخول وقع الفسخ في الحال ، وسقط المهر إن كان من المرأة ، ونصفه إن كان من الرجل ، ولو وقع بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدّة من أيّهما كان ، ولا يسقط شيء من المهر لاستقراره بالدخول ، وإن كان الزوج ولد على الفطرة فارتدّ انفسخ النكاح في الحال ، ولو كان بعد الدخول لأنّه لا يقبل عوده(1) .
والروايات الواردة في هذا المجال عبارة عن مثل :
ما رواه الصّدوق باسناده عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام)
- (1) شرائع الإسلام : 2/294 .