(الصفحة 501)مسألة 6 : الأولى بل الأحوط أن يكون الحكمان من أهل الطرفين ، بأن يكون حَكم من أهله وحَكم من أهلها ، فإن لم يكن لهما أهل أو لم يكن أهلهما أهلا لهذا الأمر تعيّن من غيرهم ، ولا يُعتبر أن يكون من جانب كلّ منهما حَكم واحد ، بل لو اقتضت المصلحة بعث أزيد تعيّن1.مسألة 7 : ينبغي للحكمين إخلاص النيّة وقصد الإصلاح ، فمن حسنت نيّته فيما تحرّاه أصلح الله مسعاه ، كما يرشد إلى ذلك قوله جلّ شأنه في هذا المقام : { إِن يُرِيدا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} 2
المواقعة ، كما وقع التصريح به في روايه سماعة المتقدّمة(1) .1 ـ قد وقع البحث عن هذه الجهة في الأمر من الأمور المتقدّمة ، لكنّ الّذي ينبغي التعرّض له هنا عدم لزوم أن يكون المبعوث شخصين ، بل لو اقتضت المصلحة بَعث أزيد من واحد تعيّن; لأنّ الظّاهر أنّ الآية(2) على ما هو المتفاهم عند العرف إنّما يكون في مقام تحديد الأقلّ ، وأنّه يعتبر أن لا يكون أقلّ من إثنين; لأنّ في الواحد توهّم الحماية من جانب واحد . نعم لو لم يقدر الحاكم على بعث إثنين صالحين لهذه الجهة فهل يكفي الواحد أم لا؟ فيه إشكال .2 ـ وقد ذكر في الجواهر أنّ قوله تعالى :
{إِن يُرِيدا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا}(3)يقتضي بمفهوم الشرط أنّ عدم التوفيق بين الزوجين يدلّ على فساد قصد الحكمين ،
- (1) في ص494 .
- (2 ، 3) سورة النساء : 4/35 .
(الصفحة 502)
وأنّهما لم يجتمعا على قصد الإصلاح ، بل في نيّة أحدهما أو هما فساد ، فلذلك لم يبلغا المراد(1) . والأمر سهل بعد وضوحه كما لا يخفى .
- (1) جواهر الكلام : 31/217 .
(الصفحة 503)
فصل في أحكام الأولاد والولادة
مسألة 1 : إنّما يلحق ما ولدته المرأة بزوجها بشروط : الدخول مع الإنزال أو الإنزال في الفرج وحواليه ، أو دخول منيّه فيه بأيّ نحو كان ، وفي الدخول بلا إنزال إشكال ، ومضيّ ستة أشهر أو أكثر من حين الوطء إلى زمن الولادة ، وأن لا تتجاوز عن أقصى مدّة الحمل ، وفي كونه تسعة أشهر إشكال ، بل الأرجح بالنظر أن يكون الأقصى سنة ، فلو لم يدخل بها أصلا ولم ينزل في فرجها أو حواليه بحيث يحتمل الجذب ولم يدخل المنيّ فيه بنحو من الأنحاء لم يلحق به قطعاً ، بل يجب نفيه عنه ، وكذا لو دخل بها وأنزل وجاءت بولد حيّ كامل لأقلّ من ستّة أشهرمن حين الدخول ونحوه، أو جاءت بهوقد مضى من حينوطئه ونحوه أزيد من أقصى الحمل ، كما إذا اعتزلها أو غاب عنها أزيد منه وولدت بعده1.
1 ـ الكلام في هذه المسألة يقع في شروط لحوق ما ولدته المرأة بزوجها ، فنقول : هي أمور :
الأول : الإنزال ، سواء كان مع الدخول أو بدونه ، وسواء كان في الفرج أو في
(الصفحة 504)
حواليه ، مع احتمال الجذب أو دخل منيّه فيه بأيّ نحو كان ، كالآلات الحديثة المعدّة لإدخال منيّ الزوج في رحم الزوجة وحصول الولادة من هذا الطريق كثيراً ، كما هو المعمول في هذه الأزمنة في غير واحد من الموارد على ما وقع نقله متواتراً .
نعم ، فيما إذا تحقّق الدخول ولم يتحقّق الإنزال في الفرج وحواليه قطعاً ، إمّا بأن لم يتحقّق الإنزال أصلا أو تحقّق ولم يتحقّق في الفرج وحواليه قطعاً ، ففي المتن أنّه في اللّحوق إشكال ، وقد صرّح فى كشف اللثام بعد قول المصنّف : بأنّ الشرط الأوّل من الشروط الثلاثة الدخول ، بأنّه أنزل أو لا; لإطلاق الفتاوى(1) . لكن في محكي الروضة : والمراد بالوطء على ما يظهر من إطلاقهم ، وصرّح به المصنّف في القواعد(2) غيبوبة الحشفة قبلا أو دبراً وإن لم ينزل ، ولا يخلو ذلك من إشكال إن لم يكن مجمعاً عليه ، للقطع بإنتفاء التولّد عادة في كثير من موارده ، ولم نقف على شيء ينافي ما نقلناه يعتمد عليه(3) . وقد تبعه في الرياض(4) .
وكيف كان فالدّليل على اللحوق في صورة الدخول مع القطع بعدم الإنزال في الفرج وحواليه وعدم سبق المني بلا شعور به أمور :
1 ـ الإجماع(5) ولعلّه لذا حكي الإطلاق عن الأصحاب ، والظاهر أنّه لا أصالة
- (1) كشف اللثام : 7/532 ـ 533 .
- (2) القواعد والفوائد : 1/177 و386 .
- (3) الروضة البهية : 5/432 .
- (4) رياض المسائل : 7/209 .
- (5) نهاية المرام : 2/432 .
(الصفحة 505)
للإجماع على تقدير تحقّقه ، وقد حكي عن السرائر(1) والتحرير(2) عدم العبرة بالوطء دبراً ، واستوجهه من المتأخّرين جماعة(3) .
2 ـ رواية أبي مريم الأنصاري قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قال : يوم آتي فلانة أطلب ولدها فهي حرّة بعد أن يأتيها ، أله أن يأتيها ولا ينزل فيها؟ فقال : إذا أتاها فقد طلب ولدها(4) . فإنّ مقتضى إطلاق الجواب ـ خصوصاً مع كونه جواباً عن سؤال الإتيان وعدم الإنزال أي قطعاً ـ أنّ مجرّد الإتيان يكفي في طلب الولد ولو كان خالياً عن الإنزال ، إلاّ أنّ عدم التقييد بعدم الإنزال في الجواب ـ خصوصاً مع كونه محطّ السؤال ، ضرورة أنّه مع ثبوت الإنزال لم يكن وجه للسؤال ـ ربّما يوجب ضعف ظهور الرواية ، إلاّ أن يُقال : إنّ هذا هو الوجه في إطلاق الجواب .
وبالجملة : فالرواية مع الغضّ عن سندها لا ظهور لها معتدّاً به في أنّ مجرّد الدخول يكفي في اللّحوق .
3 ـ ما ذكره في الجواهر من أنّه يمكن التولّد من الرجل بالدخول وإن لم ينزل ، ولعلّه لتحرّك نطفة المرأة واكتسابها العلوق من نطفة الرجل في محلّها(5) . والظاهر أنّه مخالف لقوله تعالى :
{إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن نُطْفَة أَمْشَاج}(6) الظاهر في تركيب
- (1) السرائر : 2/658 .
- (2) تحرير الأحكام : 2/45 .
- (3) كالشهيد الثاني في مسالك الأفهام : 7/377 ، والطباطبائي في رياض المسائل : 7/209 ، والبحراني في الحدائق الناضرة : 25/3 ـ 4 .
- (4) التهذيب : 7/418 ح1674 ، الوسائل : 20/190 ، أبواب مقدّمات النكاح ب103 ح1 .
- (5) جواهر الكلام : 31/223 .
- (6) سورة الإنسان : 76/2 .