(الصفحة 32)مسألة 14 : لا إشكال في جواز العزل ، وهو اخراج الآلة عند الانزال وافراغ المني إلى الخارج في غير الزوجة الدائمة الحرّة ، وكذا فيها مع اذنها ، وأمّا فيها بدون اذنها ففيه قولان : أشهرهما الجواز مع الكراهة وهو الأقوى ، بل لا يبعد عدم الكراهة في التي علم أنّها لا تلد ، وفي المسنّة والسليطة والبذية والتي لاترضع ولدها ، كما أنّ الأقوى عدم وجوب دية النطفة عليه وان قلنا بالحرمة ، وقيل : بوجوبها عليه للزوجة ، وهي عشرة دنانير ، وهو ضعيف في الغاية1.
- فوالله لولا الله لا شيء غيره
فوالله لولا الله لا شيء غيره
-
لزلزل من هذا السرير جوانبه
لزلزل من هذا السرير جوانبه
عن أكثر ما تصبر المرأة من الجماع؟ فقيل له : أربعة أشهر ، فجعل المدّة المضروبة للغيبة أربعة أشهر(1) . وذكر صاحب الجواهر : أنّ مقتضاه عدم الفرق بين الحاضر والغائب ، فيجب على النائي الرجوع من السفر لاداء ما عليه ما لم يكن سفراً واجباً ـ إلى أن قال : ـ لكن السيرة القطعية على خلاف ذلك ، اللّهم إلاّ أن يكون المنشأ في ذلك نشوز أكثرهنّ ، فانّ الظاهر سقوط ذلك(2) .
أقول : الالتزام بكون المنشأ للجواز هو نشوز أكثرهنّ مشكل جدّاً ، بل اللازم الالتزام بجواز السفر وترك الوطء في المدّة المذكورة مع وجود داع عقلائي له كالتجارة ونحوها ، دون ما كان للميل والتفرّج والانس ، بل يمكن القول بثبوت السيرة فيه أيضاً ، لكن الاحتياط في الترك كما لا يخفى .1 ـ قال المحقّق في الشرائع : العزل عن الحرّة إذا لم يشترط في العقد ولم تأذن ،
- (1) المصنف لعبد الرزاق : 7/151 ح12593 ، السنن الكبرى للبيهقي : 9/29 ، كنز العمال : 16/576 ح45924 مع اختلاف في لفظ الحديث والشعر .
- (2) جواهر الكلام : 29/116 .
(الصفحة 33)
قيل : هو محرّم ، ويجب معه دية النطفة عشرة دنانير ، وقيل : هو مكروه وإن وجبت الدية ، وهو أشبه(1) . وذكر صاحب الجواهر(2) أنّ القائل بالقول الثاني هو المشهور نقلاً وتحصيلاً ، والدليل على الجواز روايات :
منها : صحيحة محمد بن مسلم ، التي رواها المشايخ الثلاثة ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن العزل؟ فقال : ذاك إلى الرجل يصرفه حيث شاء(3) .
ومنها : رواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن العزل؟ فقال : ذاك إلى الرجل(4) .
ومنها : رواية عبد الرحمن الحذاء ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : كان عليّ بن الحسين (عليهما السلام) لايرى بالعزل بأساً ، يقرأ هذه الآية :
{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم}(5) فكلّ شيء أخذ الله منه الميثاق فهو خارج ، وإن كان على صخرة صماء(6) .
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) أنّه سئل عن العزل؟ فقال : أمّا الأمة فلا بأس ، وأمّا الحرّة فانّي أكره ذلك إلاّ أن يشترط عليها حين يتزوّجها(7) .
- (1) شرائع الإسلام : 2/270 .
- (2) جواهر الكلام : 29/112 .
- (3) الكافي : 5/504 ح3 ، التهذيب : 7/417 ح 1669 ، الفقيه : 3/273 ح 1295 ، الوسائل : 20/149 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح1 .
- (4) الكافي : 5/504 ح1 ، التهذيب : 7/416 ح1667 ، الوسائل : 20/149 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح2 .
- (5) سورة الأعراف : 7/172 .
- (6) الكافي : 5/504 ح4 ، التهذيب : 7/417 ح1670 ، الوسائل : 20/149 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح3 .
- (7) التهذيب : 7/417 ح1671 ، الوسائل : 20/151 ، أبواب مقدّمات النكاح ب76 ح1 .
(الصفحة 34)
ثمّ إنّ صاحب الوسائل نقل عن محمد بن مسلم في هذا المجال ستّ روايات مع اختلاف يسير(1) . وتبعه صاحب الجواهر(2) . والظاهر كما نبّهنا عليه مراراً الاتحاد وعدم التعدّد .
ومنها : رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : ما تقول في العزل؟ فقال : كان علي (عليه السلام) لا يعزل ، وأمّا أنا فأعزل ، فقلت : هذا خلاف! فقال : ما ضرّ داود أن خالفه سليمان ، والله يقول :
{ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمنَ}(3) .(4)
ومنها : رواية يعقوب الجعفي قال : سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول : لابأس بالعزل في ستّة وجوه : المرأة التي تيقّنت أنّها لا تلد ، والمسنّة ، والمرأة السليطة ، والبذية ، والمرأة التي لا ترضع ولدها ، والأمة(5) .
والدليل على المنع بدون اذنها النبويان المرويان عن طرق العامة ، ففي أحدهما : نهى أن يعزل عن الحرّة إلاّ باذنها(6) ، وفي الثاني : أنّه الوأد الخفيّ(7) ، أي قتل الولد ، مضافاً إلى أنّ فيه فواتاً لغرض النكاح وهو الاستيلاد ، وللحقّ الذي للزوجة وهو الالتذاذ ، بل ربما كان فيه إيذاء لها .
لكن الجمع بين الروايات على تقدير الاعتبار يقتضي الحمل على الكراهة ،
- (1) الوسائل : 20/149 ـ 150 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح1 ، 4 ، 5 و ب76 ح1 ـ 3 .
- (2) جواهر الكلام : 29/112 .
- (3) سورة الأنبياء : 21/79 .
- (4) مختصر البصائر : 95 ، الوسائل : 20/150 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح6 .
- (5) الفقيه : 3/281 ح1340 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : 1/278 ح 17 ، الخصال : 328 ح 22 ، التهذيب : 7/491 ح 1972 ، الوسائل : 20/152 ، أبواب مقدّمات النكاح ب76 ح4 .
- (6) دعائم الإسلام : 2/212 ح777 ، مستدرك الوسائل : 14/233 ، أبواب مقدّمات النكاح ب57 ح1 .
- (7) السنن الكبرى للبيهقي : 7/231 .
(الصفحة 35)مسألة 15 : يجوز لكلّ من الزوج والزوجة النظر إلى جسد الآخر ظاهره وباطنه حتى العورة ، وكذا مسّ كلّ منهما بكلّ عضو منه كلّ عضو من الآخر مع التلذّذ وبدونه1.
خصوصاً مع أنّ أصل الوطء يجوز تركه نوعاً ، فلا تصل النوبة إلى العزل ، وخصوصاً مع جواز الوطء في الأدبار على ما عرفت(1) ، وهو لا يحصل منه الولد كما لايخفى .
بقي الكلام في وجوب الدية على الزوج ، وهي عشرة دنانير ، والظاهر العدم ، فانّ موضوعها هو المفزع للمجامع ، وأمّا إذا أراد الزوج الانزال من غير وجود المفزع فالظاهر عدم الدليل على ثبوت الدية بوجه ، وتؤيّده سيرة المتشرعة فانّهم لا يرون الوجوب أصلاً ، ومنه يظهر الاشكال على المحقّق في الشرائع في العبارة المتقدّمة ، حيث إنّ ظاهرها وجوب الدية وإن قلنا بكراهة العزل فضلاً عن القول بالحرمة ، فتدبّر .1 ـ لا إشكال في أنّه يجوز لكلّ من الزوجين النظر إلى جسد الآخر ظاهره وباطنه ، وكذا مسّه بأيّ عضو كان مع التلذّذ أو بدونه ، وإن كره النظر إلى العورة ، للنهي(2) المحمول على الكراهة جزماً ، وفي محكي كشف اللّثام ربما يرشد إليه قوله تعالى :
{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ ليُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مَن سَوْآتِهِمَا}(3) ،
- (1) في ص17-22 مسألة 11 .
- (2) الفقيه: 3/359 ح1712 وص363 ح1727، الوسائل: 20/121 ـ 122، أبواب مقدّمات النكاح ب59 ح5 و6.
- (3) سورة الأعراف : 7/20 .
(الصفحة 36)مسألة 16 : لا إشكال في جواز نظر الرجل إلى ما عدا العورة من مماثله ، شيخاً كان المنظور إليه أو شابّاً ، حسن الصورة أو قبيحها ما لم يكن بتلذّذ وريبة ،
وقوله تعالى :
{ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمْا}(1) ، وقوله تعالى :
{ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا ليُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا}(2) (3) . لكن في الجواهر : وفيه ما لا يخفى(4) .
وكذا يجوز لكلّ من الرجل والمرأة النظر إلى المحارم ما عدا العورة ، وما عن ظاهر التحرير من أنّه ليس للمحرم التطلّع في العورة والجسد عارياً(5) واضح الضعف ، وإن كان في خبر أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، المرويّ في تفسير عليّ ابن إبراهيم ، والمنقول في المستدرك في قوله تعالى :
{ وَلاَ يُبْدِيِنَ زِيَنَتُهنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}(6) فهو الثياب ، والكحل ، والخاتم ، وخضاب الكف ، والسّوار ، والزينة ثلاث : زينة للناس ، وزينة للمحرم ، وزينة للزوج ، فأمّا زينة الناس فقد ذكرناه ، وأمّا زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها ، والدملج وما دونه ، والخلخال وما أسفل منه ، وأمّا زينة الزوج فالجسد كلّه(7) ، لكنّه مضافاً إلى ضعف الرواية قد ذكرنا في كتاب الصلاة أنّ المراد من الآية هي أنّ المرأة بنفسها زينة ، والزينة الظاهرة هي الوجه والكفّان لا الزينة المتعارفة(8) ، فراجع .
- (1) سورة الأعراف : 7/22 .
- (2) سورة الأعراف : 7/27 .
- (3) كشف اللثام : 7/24 .
- (4) جواهر الكلام : 29/72 .
- (5) تحرير الاحكام : 2/3 .
- (6) سورة النور : 24/31 .
- (7) تفسير القمي : 2/101 ، مستدرك الوسائل : 14/275 ، أبواب مقدّمات النكاح ب85 ح3 .
- (8) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الصلاة : 1/569 ـ 576 .