(الصفحة 183)مسألة 7 : إذا تحقّق الرضاع الجامع للشرائط صار الفحل والمرضعة أباً وأمّاً للمرتضع ، وأُصولهما أجداداً وجدّات وفروعهما إخوة وأولاد أخوة له ، ومن في حاشيتهما وفي حاشية أصولهما أعماماً أو عمّات وأخوالا أو خالات له ، وصار هو أعني المرتضع إبناً أوبنتاً لهما ، وفروعه أحفاداً لهما ، وإذا تبيّن ذلك فكلّ عنوان نسبي محرّم من العناوين السبعة المتقدّمة إذا تحقّق مثله في الرضاع يكون محرّماً ، فالأمّ الرضاعيّة كالأمّ النسبيّة والبنت الرضاعية كالبنت النسبيّة وهكذا ، فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلا حرمت المرضعة وأُمّها وأُمّ الفحل على المرتضع للأُمومة ، والمرتضعة وبناتها وبنات المرتضع على الفحل وعلى أبيه وأبي المرضعة للبنتيّة ، وحرمت أخت الفحل وأخت المرضعة على المرتضع لكونهما عمّة وخالة له ، والمرتضعة على أخي الفحل وأخي المرضعة لكونهما بنت أخ أو بنت أخت لهما ، وحرمت بنات الفحل على المرتضع والمرتضعة على أبنائه نسبيّين كانوا أم رضاعييّن ، وكذا بنات المرضعة على
وفيه : أنّ العمدة في الشرط المزبور ما مرّ من خبري الحلبي وعمّار ، وهما قد نصّا على حرمة أُخت المرضعة للأب ، فيُعلم أنّ المراد منه اشتراطه في الأخوّة بالنسبة إلى المرتضعين الأجنبييّن من امرأة واحدة في سائر المراتب ، من غير فرق بين الخالات والأخوال والأعمام ، والعمّات ، فإنّ الأخوّة على الوجه المزبور ملحوظة في الجميع ، فاتّحاد الفحل شرط في تحقّقها لا كلّ ما كان حرمته من الرضاع ، وإن كان ربّما يوهمه ذيل خبر العجلي; لكّنه ليس كذلك نصّاً وفتوىً(1) انتهى موضع الحاجة من كلامه زِيدَ في علوّ مقامه إن شاء الله تعالى .
- (1) جواهر الكلام : 29/306 .
(الصفحة 184)المرتضع والمرتضعة على أبنائها إذا كانوا نسبييّن للأخوة . وأمّا أولاد المرضعة الرضاعيون ممّن أرضعتهم بلبن فحل آخر غير الفحل الّذي ارتضع المرتضع بلبنه فلم يحرموا على المرتضع; لِما مرّ من اشتراط اتّحاد الفحل في نشر الحرمة بين المرتضعين1.مسألة 8 : تكفي في حصول العلاقة الرضاعية المحرّمة دخالة الرضاع فيه في الجملة ، فقد تحصل من دون دخالة غيره فيها ، كعلاقة الاُبوّة والاُمومة والإبنيّة والبنتيّة الحاصلة بين الفحل والمرضعة وبين المرتضع ، وكذا الحاصلة بينه وبين أصولهما الرّضاعيين ، كما إذا كان لهما أب أو اُمّ من الرضاعة ، حيث إنّهما جدّ وجدّة للمرتضع من جهة الرضاع محضاً ، وقد تحصل به مع دخالة
1 ـ وقع التعرّض في هذه المسألة لأمرين :
الأوّل : حرمة العناوين السبعة الرضاعية كحرمة العناوين السبعة النسبيّة المتقدّمة(1) . والدّليل عليه قوله (صلى الله عليه وآله) : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب(2) أي العناوين النسبيّة الموجبة للحرمة المتقدّمة في البحث عن سبب التحريم بالنسب يحرم مثلها إذا كان موجبه الرضاع ، فالأب الرضاعي وهو الفحل كالأب النسبي ، والأمّ الرضاعيّة كالأم النسبيّة ، وهكذا سائر العناوين .
الثاني : إنّ الأُخوّة الرضاعيّة بين الاجنبيّين المرتضعين تحتاج إلى شرئط زائد على الشروط المتقدّمة في أصل الرضاع ، وهو اتّحاد الفحل ، وقد تقدّم البحث عنه في المسألة السادسة ، فراجع .
- (1) في ص 133 ـ 134 .
- (2) الفقيه : 3/305 ح467 ، الوسائل : 20/371 ، أبواب ما يحرم بالرضاع ب1 ح1 .
(الصفحة 185)النسب في حصولها ، كعلاقة الأخوّة الحاصلة بين المرتضع وأولاد الفحل والمرضعة النسبييّن ، فإنّهم وإن كانوا منسوبين إليهما بالولادة إلاّ أنّ اُخوَّتهم للمرتضع حصلت بسبب الرضاع ، فهم إخوة أو أخوات له من الرّضاعة .
توضيح ذلك : أنّ النسبة بين شخصين قد تحصل بعلاقة واحدة كالنسبة بين الولد ووالده ووالدته ، وقد تحصل بعلاقتين ، كالنسبة بين الأخوين ، فانّها تحصل بعلاقة كلّ منهما مع الأب أو الاُمّ أو كليهما ، وكالنسبة بين الشخص وجدّه الأدنى ، فانّها تحصل بعلاقة بينه وبين أبيه مثلا وعلاقة بين أبيه وبين جدّه ، وقد تحصل بعلاقات ثلاث كالنسبة بين الشخص وبين جدّه الثاني ، وكالنسبة بينه وبين عمّه الأدنى ، فإنّه تحصل بعلاقة بينك وبين أبيك ، وبعلاقة كلّ من أبيك وأخيه مع أبيهما مثلا ، وهكذا تتصاعد وتتنازل النسب وتنشعب بقلّة العلاقات وكثرتها ، حتى أنّه قد تتوقّف نسبة بين الشخصين على عشر علائق أو أقلّ أو أكثر ، وإذا تبيّن ذلك فإن كانت تلك العلائق كلّها حاصلة بالولادة كانت العلاقة نسبيّة ، وإن حصلت كلّها أو بعضها ولو واحدة من العشر بالرّضاع كانت العلاقة رضاعيّة1.مسألة 9 : لمّا كانت المصاهرة ـ الّتي هي أحد أسباب تحريم النكاح كما
1 ـ الغرض من هذه المسألة بطولها بيان أنّ العناوين المحرّمة النسبيّة ما كانت متحقّق بتمام مدخليّة النسب فيها ، ومن دون أن يكون لغير النسب دخالة فيها أصلا ، سواء كانت العلاقة الحاصلة واحدة أم اثنتين أو أكثر ، كالأمثلة المذكورة في المتن ، وأمّا في ناحية الرضاع فيكفي في حصول علاقته مدخلية الرضاع فيها في الجملة ، ولو كان غيرها نسبيّاً كعلاقة الأخوّة الحاصلة بين أولاد الفحل النسبيّين والمرتضع ، أو بين أولاد المرضعة كذلك والمرتضع ، فمن هذه الجهة الراجعة إلى العرف يفترق الرضاع عن النسب ، كما لا يخفى .
(الصفحة 186)يأتي ـ علاقة بين أحد الزوجين وبعض أقرباء الآخر ، فهي تتوقّف على أمرين : مزاوجة وقرابة ، والرضاع إنّما يقوم مقام الثاني دون الأوّل ، فمرضعة ولدك لا تكون بمنزلة زوجتك حتى تحرم أُمّها عليك ، لكنّ الأُمّ والبنت الرضاعيتين لزوجتك تكونان كالأُمّ والبنت النسبيّين لها ، فتحرمان عليك ، وكذلك حليلة الإبن الرضاعي كحليلة الإبن النسبي ، وحليلة الأب الرضاعي كحليلة الأب النسبي ، تحرم الأُولى على أبيه الرضاعي والثانية على ابنه الرضاعي1.
1 ـ المصاهرة الّتي تأتي أنّها أيضاً كالرضاع من أحد أسباب تحريم النكاح متحقّقة بأمرين : أوّلهما حصول المزاوجة ، إذ لا تحصل بدونها أصلا ، وثانيهما : تحقّق القرابة ، ولا تحصل بدونها كما لا يخفى ، وعليه فالرضاع المبحوث عنه في المقام يقوم مقام الثاني ، ولا معنى لقيامه مقام الأوّل كما لا يخفى ، وعليه فمرضعة الولد الحقيقي والنسبي للإنسان لا تكون بمنزلة الزوجة حتى تحرم أُمّها عليه ، إذ ليس عنوانها إلاّ كونها مرضعة للولد .
وأمّا رضاعيّاً بالاضافة إلى الولد ، وليس هناك مزاوجة أصلاً ، وأمّا مرضعة الزوجة فهي أمّ لها ، غاية الأمر من حيث الرضاع ، والأمّ الرضاعية كالأُمّ النسبيّة على ما عرفت من أنّه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، وكذا البنت الرضاعية للزوجة تكون ربيبة محرّمة كالبنت النسبيّة; وهكذا بالإضافة إلى حليلة الإبن الرضاعي أو حليلة الأب الرضاعي ، فإنّها أيضاً كحليلة الابن والأب النسبيّين .
نعم ، المذكور في الآية الشريفة قوله تعالى :
{وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِيْنَ مِنْ أَصْلاَبِكُم}(1) . ولكنّ الظاهر أنّ المراد من الصلب فيه ما يقابل التبنّي الذي كان
(الصفحة 187)مسألة 10 : قد تبيّن ممّا سبق أنّ العلاقة الرضاعيّة المحضة قد تحصل برضاع واحد كالحاصلة بين المرتضع وبين المرضعة وصاحب اللّبن ، وقد تحصل برضاعين كالحاصلة بين المرتضع وبين أبوي الفحل والمرضعة الرّضاعيين ، وقد تحصل برضاعات متعدّدة ، فإذا كان لصاحب اللّبن مثلا أب من جهة الرضاع وكان لذلك الأب الرضاعي أيضاً أب من الرضاع وكان للأخير أيضاً أب من الرضاع ، وهكذا إلى عشرة آباء مثلا كان الجميع أجداداً رضاعيين للمرتضع الأخير ، وجميع المرضعات جدّات له ، فإن كانت اُنثى حرمت على جميع الأجداد ، وإن كان ذكراً حرمت عليه جميع الجدّات ، بل لو كانت للجدّ الرضاعي الأعلى اُخت رضاعية حرمت على المرتضع الأخير; لكونها عمّته العليا من الرضاع ، ولو كانت للمرضعة الأبعد الّتي هي الجدّة العُليا للمرتضع أُخت حرمت عليه لكونها خالته العُليا من الرضاع1.
معمولا في تلك الأزمنة لا ما يُقابل الرضاع ، فحليلة الابن الرضاعي محرّمة أيضاً كما في المتن .1 ـ قد عرفت أنّ العلاّمة اعتبر في القواعد اتّحاد الفحل في نشر الرضاع للحرمة بما بين الرضيعين الأجنبيين من امرأة ، بل اعتبره في كلمّا كان الرضاع من الطرفين منشأ للحرمة ، وحكم بأنّه لأجله لا تحرم اُمّ المرضعة من الرضاع على المرتضع ، ولا أُختها منه ، ولا عمّتها منه ولا خالتها ، ولا بنات أخيها ولا بنات أختها ، وإن حرمن بالنسب لعدم اتّحاد الفحل(1) . وحكي عن المحقّق الثاني صاحب جامع