(الصفحة 291)
قال : لا يصلح له أن يتزوّج ثلاث إماء ، فان تزوّج عليهما حرّة مسلمة ولم تعلم أنّ له امرأة نصرانية ويهودية ثم دخل بها فانّ لها ما أخذت من المهر ، فإن شاءت أن تقيم بعد معه أقامت ، وإن شاءت أن تذهب إلى أهلها ذهبت ، وإذا حاضت ثلاثة حيض أو مرّت لها ثلاثة أشهر حلّت للأزواج ، قلت : فإن طلّق عليها اليهودية والنصرانية قبل أن تنقضي عدّة المسلمة له عليها سبيل أن يردّها إلى منزله؟ قال : نعم(1) .
ورواية منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن رجل تزوّج ذمية على مسلمة ولم يستأمرها؟ قال : يفرّق بينهما ، قال : قلت : فعليه أدب؟ قال : نعم اثنى عشر سوطاً ونصف ، ثمن حدّ الزاني وهو صاغر ، قلت : فإن رضيت المرأة الحرّة المسلمة بفعله بعدما كان فعل؟ قال : لا يضرب ولا يفرّق بينهما ويبقيان على النكاح الأوّل(2) .
وخبر هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل تزوّج ذمّية على مسلمة ، قال : يفرّق بينهما ويضرب ثمن حدّ الزاني اثنى عشر سوطاً ونصفاً ، فإن رضيت المسلمة ضرب ثمن الحدّ ولم يفرّق بينهما ، قلت : كيف يضرب النصف؟ قال : يؤخذ السوط بالنصف فيضرب به(3) .
وخبر أبي مريم الأنصاري قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن طعام أهل الكتاب ونكاحهم حلال هو؟ قال : نعم ، قد كانت تحت طلحة يهودية(4) .
- (1) الكافي : 5/358 ح11 ، التهذيب : 7/449 ح 1797 ، الوسائل : 20/545 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب8 ح1 .
- (2) الكافي : 7/241 ح8 ، التهذيب : 10/144 ح 572 ، الوسائل : 28/151 ، أبواب حدّ الزنا ب49 ح1 .
- (3) الفقيه : 3/269 ح1279 ، الوسائل : 20/544 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب7 ح4 .
- (4) التهذيب: 7/298 ح1246، الإستبصار:3/179 ح650، الوسائل: 20/541، أبواب ما يحرم بالكفر ب5 ح3.
(الصفحة 292)
ومثلها صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية؟ فقال : لا بأس به ، أما علمت أنّه كانت تحت طلحة بن عبيد الله يهوديّة على عهد النبيّ (صلى الله عليه وآله)(1) .
وغير ذلك من الروايات(2) غير ما ورد في خصوص المتعة ، مثل :
رواية أبان بن عثمان ، عن زرارة قال : سمعته يقول : لا بأس أن يتزوّج اليهودية والنصرانية متعة وعنده امرأة(3) .
ورواية الحسن التفليسي أنّه سأل الرضا (عليه السلام) يتمتّع الرجل اليهودية والنصرانية؟ فقال الرضا (عليه السلام) : يتمتّع من الحرّة المؤمنة وهي أعظم حرمة منها(4) .
ومرسلة ابن فضال ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا بأس أن يتمتّع الرجل باليهودية والنصرانية وعنده حرّة(5) .
وفي صحيحة زرارة الواردة في مطلق النكاح قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن نكاح اليهودية والنصرانية؟ فقال : لا يصلح للمسلم أن ينكح يهودية ولا نصرانية ، إنّما يحلّ منهنّ نكاح البله(6) .
وقد ورد تفسير البله في صحيحته الاُخرى قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : إنّي
- (1) التهذيب: 7/298 ح1247، الإستبصار: 3/179 ح651، الوسائل: 20/541، أبواب مايحرم بالكفر ب5 ح4.
- (2) الوسائل : 20/536 ـ 549 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب2 ح9 .
- (3) التهذيب : 7/256 ح1104 وص 299 ح1252 ، الإستبصار : 3/144 ح519 وص181 ح656 ، الوسائل : 20/540 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب4 ح2 .
- (4) الفقيه : 3/293 ح1390 ، الوسائل : 20/540 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب4 ح3 .
- (5) التهذيب: 7/256 ح1103، الإستبصار: 3/144 ح518، الوسائل: 20/539، أبواب مايحرم بالكفر ب4 ح1.
- (6) الكافي : 5/356 ح2 ، التهذيب : 7/299 ح 1249 ، الإستبصار : 3/180 ح 653 ، الوسائل : 20/538 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب3 ح1 .
(الصفحة 293)
أخشى أن لا يحلّ لي أن أتزوّج ممّن لم يكن على أمري ، فقال : وما يمنعك من البلُه؟ قلت : وما البله؟ قال : هنّ المستضعفات من اللاتي لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه(1) . وذكر صاحب الجواهر : إنّي لم أجد عاملاً بروايته الاُولى(2) مع أنّ قوله : «لا يصلح» لا يكون ظاهراً في عدم الجواز ، وإرادة ذلك منه بقرينة قوله (عليه السلام) : «إنّما يحلّ» ليس بأولى من إرادة ضعف الكراهة من الذيل بقرينة «لا يصلح» فتدبّر .
والمتحصّل من المجموع مع الدقّة في مفاده أنّه لا دليل على المنع في النكاح المنقطع بوجه ، وأمّا النكاح الدائم فلا دليل على المنع بالإضافة إليه في حدّ نفسه ـ مع قطع النظر عن الخصوصيات الاُخر ـ لا من الآية ولا من الرواية . غاية الأمر أنّه على كراهية تختلف مرتبتها شدّةً وضعفاً بالنسبة إلى من يستطيع نكاح المسلمة وعدمه ، وبالنسبة إلى من يكون عنده المسلمة وغيره ، وبالنسبة إلى البله منهنّ وغيرها لدلالة ما عرفت من الروايات ، ولا مجال لحمل الدليل على الجواز على التقية بعد كون جملة من رواة تلك النصوص ممّن لا يعطون من جراب النورة وبعد كون الحمل على التقية ، إنّما هو في مورد عدم إمكان الجمع الدلالي بوجه ، وبعد اشتمال بعض أدلّة الجواز على ما ينافي التقية ، كالخبر المشتمل على كونهنّ بأجمعهنّ مماليك للإمام (عليه السلام) ، وكالخبر المشتمل على أنّ طلحة كانت تحته يهودية في عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
فالإنصاف أنّه لا مجال لاحتمال المنع بالإضافة إلى المنقطعة ، وأمّا الدائمة فلا دليل على النهي بالإضافة إليها في نفسها مع قطع النظر عن الخصوصيات الاُخرى . نعم لا ينبغي ترك الاحتياط بالإضافة إليها . نعم في المشركات منهنّ لا يجوز بوجه
- (1) الكافي : 5/349 ح7 ، الوسائل : 20/539 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب3 ح2 .
- (2) جواهر الكلام : 30/42 .
(الصفحة 294)
كالمشركات من غيرهنّ على ما عرفت فتدبّر جيّداً .
وقد اخترنا في باب الطهارة والنجاسة التفصيل بين المشرك وغيره من الكفّار ، فراجع كتاب الطهارة(1) .
بقي الكلام في المسألة بالإضافة إلى موردين :
المورد الأوّل : المجوسية ، وقد فصّل المحقّق في الشرائع بين الدائم والمؤجّل كالكتابية ، ونسبه إلى أشهر الروايتين(2) مثل :
صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل المسلم يتزوّج المجوسية؟ فقال : لا ، ولكن إذا كانت له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها ويعزل عنها ولا يطلب ولدها(3) .
وخبر منصور الصيقل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا بأس بالرجل أن يتمتّع بالمجوسية(4) .
ومثله خبرا محمد بن سنان ، عن الرّضا (عليه السلام) (5) وحمّاد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) (6) .
هذا ، ومقتضى قاعدة الإطلاق والتقييد الجواز في التمتّع .
- (1) تفصيل الشريعة في تحرير الوسيلة ، النجاسات وأحكامها : 233 ـ 239 .
- (2) شرائع الإسلام : 2/294 .
- (3) الفقيه : 3/258 ح1223 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 120 ح305 ، التهذيب : 8/212 ح 757 ، الوسائل : 20/543 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب6 ح1 .
- (4) التهذيب : 7/256 ح1107 ، الإستبصار : 3/144 ح522 ، الوسائل : 21/38 ، أبواب المتعة ب13 ح5 .
- (5) التهذيب : 7/256 ح1106 ، الإستبصار : 3/144 ح521 ، الوسائل : 21/38 ، أبواب المتعة ب13 ح4 .
- (6) التهذيب : 7/258 ح1108 ، الإستبصار : 3/144 ح523 ، الوسائل : 21/38 ، أبواب المتعة ب13 ذ ح 5 .
(الصفحة 295)
وهنا بعض ما يدلّ على أنّ المجوس كتابيّون .
كمرسلة الواسطي ، عن الصادق (عليه السلام)قال : سئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن المجوس أكان لهم نبيّ؟ فقال : نعم ، أما بلغك كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أهل مكّة أسلموا وإلاّ نابذتكم بحرب ، فكتبوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) : أن خذ منّا الجزية ودعنا على عبادة الأوثان .
فكتب إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) : إنّي لست آخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب ، فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه : زعمت أنّك لا تأخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب ثم أخذت الجزية من مجوس هجر ، فكتب إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ المجوس كان لهم نبيّ فقتلوه وكتاب أحرقوه ، أتاهم نبيّهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور(1) .
ونحوه المحكيّ في العلل عن أمير المؤمنين (عليه السلام)(2) والنبويّ : سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب(3) .
ورواية الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث : أنّ الأشعث قال له : كيف يؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبيّ؟ فقال : بلى يا أشعث قد أنزل الله عليهم كتاباً وبعث إليهم نبيّاً ، وكان لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها ، فلمّا أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه
- (1) الكافي : 3/567 ح4 ، التهذيب : 4/113 ح 332 ، الوسائل : 15/126 ، أبواب جهاد العدو ب49 ح1 .
- (2) لم نعثر عليه في العلل، والحاكي هو صاحب الجواهر : 30/44.
- (3) الفقيه : 2/29 ح105 ، الوسائل : 15/127 ، أبواب جهاد العدو ، ب 49 ح1 ، الموطّأ : 1/278 ح 42 ، السنن الكبرى للبيهقي : 9/189 ـ 190 .