(الصفحة 324)
وكذا لو وقع التزويج الأوّل بلا مهر بعد عدم لزوم ذكر المهر في النكاح الدائم ، كما سيأتي(1) إن شاء الله تعالى ، فانّ العقد الأوّل يقع صحيحاً والمهر فيه مهر المثل ، وكذا العقد الثاني المشروط كما لايخفى .
(الصفحة 325)
القول في النكاح المنقطع
ويقال له : المتعة والنكاح المؤجّل1.
1 ـ قد عرفت(1) أنّ من امتيازات الإسلام النكاح المنقطع ، وتنويع النكاح إلى نوعين : دائم ومنقطع ، ولولا جعله فيه يلزم وقوع كثير من الناس في الزنا والسفاح; لعدم وجود شرائط النكاح الدائم بالإضافة إلى الجميع في جميع الحالات ، فإنّ المشتغلين في الجامعات من البنين والبنات لا يكون الازدواج الدائم لهم بميسور نوعاً ، فيلزم الالتجاء إلى الزنا بمقتضى الغريزة الجنسية والشهوة الحيوانية وطغيانها في ذلك الزمان ، فجعل النكاح المنقطع خصوصاً في مثل هذه الأحوال تحصين لهم ولهنّ عن الورود في مهلكة الزنا ، خصوصاً مع ملاحظة الخصوصيات الموجودة فيه من إمكان اشتراط عدم الدخول وعدم ثبوت النفقة ، بل التوارث على قول ، وانتفاء الولد بمجرّده بلا لعان ، وسائر الأحكام المخصوصة به ،
- (1) في أوّل «فصل في عقد النكاح وأحكامه» .
(الصفحة 326)
وخصوصاً مع ما ذكرنا(1) من عدم ثبوت الولاية للأب والجدّ أصلاً ، ومنه يظهر أنّ من منع من إجراء هذا الأمر ، بل في المحكي عاقب عليه ، كيف نقص الإسلام ومنع عن شيوعه وسريانه .
قال المحقّق في الشرائع : وهو سائغ في دين الإسلام لتحقّق شرعيته ، وعدم ما يدلّ على رفعه(2) .
وقال صاحب الجواهر : إنّ المسلمين كانوا يفعلونه من غير نكير ، وكذا في خلافة أبي بكر ومدّة من خلافة عمر .
نعم هو حرّمه في المدّة الاُخرى من تلقاء نفسه بعد أن روى شرعيته عن صاحب الشرع ، فانّه فيما اشتهر عنه بين الفريقين صعد المنبر وقال :
أيّها الناس متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا أنهي عنهما واُحرّمهنّ واُعاقب عليهن : متعة الحج ، ومتعة النساء(3) (4) . وفي هذا المجال كلمات ، مثل أنّ التحريم والتحليل لا يكونان من شؤون النبي (صلى الله عليه وآله) أيضاً ، فضلاً عن مثله ،فانّ النبيّ لم يكن إلاّ رسولاً في هذه الجهة .
وقد قال مراراً كما في الكتاب العزيز :
{ إِن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ}(5) . وفي الكتاب أيضاً قوله تعالى :
{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ
- (1) في «فصل في أولياء العقد» مسألة 2 .
- (2) شرائع الإسلام : 2/302 .
- (3) السنن الكبرى للبيهقي : 7/206 .
- (4) جواهر الكلام : 30/139 ـ 140 .
- (5) سورة يونس : 10/15 .
(الصفحة 327)مسألة 1 : النكاح المنقطع كالدائم في أنّه يحتاج إلى عقد مشتمل على إيجاب وقبول لفظيين ، وأنّه لا يكفي فيه مجرّد الرضا القلبي من الطرفين ولا المعاطاة ولا الكتابة ولا الإشارة ، وفي غير ذلك كما فصّل ذلك كلّه1.مسألة 2 : ألفاظ الإيجاب في هذا العقد «متّعت» و«زوّجت» و«أنكحت» أيّها حصلت وقع الإيجاب به ، ولا ينعقد بمثل التمليك والهبة والإجارة ، والقبول كلّ لفظ دالّ على إنشاء الرضا بذلك ، كقوله : «قبلت المتعة» أو « . . .التزويج» وكفى «قبلت» و«رضيت» ولو بدأ بالقبول فقال : «تزوجتك»
يُوحَى}(1).
وعليه فكيف أجاز لنفسه أن يحرّم ما حلّله الرسول من قبل الله ، ولا معنى لثبوت النسخ بعد انقطاع الوحي ، مع أنّه قد خالف متعة الحج بعد ورودها في حجّة الوداع ، وصدور الأمر بأنّ من لم يسق الهدي يتبدّل حجة الافراد إلى حجّ التمتع . وقال له النبي (صلى الله عليه وآله) : إنّك لن تؤمن بهذا أبداً(2) . وهو يدلّ على عدم الايمان بمتعة الحجّ حتى في عهد الرسول .
والظاهر جريان مثله بالإضافة إلى متعة النساء ، نعوذ بالله من مخالفة الرسول التي هي مخالفة محضة لله ، ومن أراد تحقيق الحال فليراجع إلى كتاب الغدير للعلاّمة المرحوم الأميني(3) .1 ـ لا إشكال في اعتبار الخصوصيات المعتبرة في العقد الدائم في النكاح المنقطع ،
- (1) سورة النجم : 53/3 و 4 .
- (2) الوسائل : 11/213 ـ 236 ، أبواب أقسام الحجّ ب2 و14 و25 و33 .
- (3) الغدير : 6/198 ـ 240 .
(الصفحة 328)فقالت : «زوّجتك نفسي» صحّ1.مسألة 3 : لا يجوز تمتّع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه ، وكذا لا يجوز تمتّع المسلم بغير الكتابية من أصناف الكفّار ولا بالمرتدّة ولا بالناصبة المعلنة بالعداوة كالخارجية2
وعدم كفاية مجرّد الرضا والمعاطاة والكتابة والإشارة ، كما فصّل .1 ـ العمدة توهّم وقوع إيجاب ألفاظ هذا العقد بمثل التمليك أو الهبة أو الإجارة ، خصوصاً مع التعبير عنهنّ بكونها مستأجرات ، مع أنّك عرفت(1) أنّ النكاح المؤجّل قسم من مطلق النكاح ، وهو يغاير مفاهيم تلك الألفاظ ومعاني تلك الكلمات .2 ـ أمّا عدم جواز تمتّع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه فلما عرفت(2) من أنّه لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً(3) .
والنكاح بنوعيه سبيل ، وإطلاق كثير من الروايات(4) الواردة في هذا المجال يشمل النكاح المنقطع ، وأمّا الزوج المسلم فقد قال المحقّق في الشرائع : يشترط أن تكون الزوجة مسلمة أو كتابية ، كاليهودية والنصرانية والمجوسية على أشهر الروايتين(5) .
- (1) في «فصل في عقد النكاح وأحكامه» .
- (2) في ص : 307 .
- (3) إقتباس من سورة النساء : 4/141 .
- (4) الوسائل : 20/544 و 546 ـ 549 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب7 و 9 .
- (5) شرائع الإسلام : 2/303 .