(الصفحة 340)مسألة 8 : لو تبيّن فساد العقد بأن ظهر لها زوج أو كانت اُخت زوجته أو اُمّها مثلاً ولم يدخل بها فلا مهر لها ، ولو قبضته كان له استعادته ، بل لو تلف كان عليها بدله ، وكذا إن دخل بها وكانت عالمة بالفساد ، وأمّا إن كانت جاهلة فلها مهر المثل ، فإن كان ما أخذت أزيد منه استعاد الزائد ، وإن كان أقلّ أكمله1.
التمكين إلى انقضاء المدّة وإن لم يتحقّق الدخول ، ويستفاد من عبارة المسالك المتقدّمة أنّه يستفاد من الرواية أنّ الملاك في استحقاق النصف هو مجرّد حصول الفرقة قبل الدخول ، فلاحظ .1 ـ لا إشكال في أنّها لا تستحق مهراً إذا لم يدخل بها ، وتبيّن فساد عقد الانقطاع بمثل أحد الاُمور المذكورة في المتن ، ولو قبضته كان له استعادته لعدم كونها مستحقّة ، بل لو تحقّق الإتلاف كان عليها بدله مثلاً أو قيمة لقاعدة الإتلاف ، من دون فرق بين صورة العلم بالفساد أو الجهل به لفرض الفساد واقعاً ، وأمّا لو تحقّق الدخول ففي محكيّ جمع من الكتب الفقهيّة القديمة(1) كان لها ما أخذت وليس عليه تسليم ما بقي ، ولكن قال المحقّق في الشرائع : ولو قيل : لها المهر إن كانت جاهلة ويستعاد ما أخذت إن كانت عالمة كان حسناً(2) . وتبعه الماتن(قدس سره) .
والدليل عليه كون الوطء شبهة في الأوّل ، فيستحقّ مهر المثل بها ، وتحقّق الزنا في الثاني ولا مهر لبغيّ ، بل الظاهر ثبوت الضمان عليها مع الإتلاف في هذه الصورة ، والتسليط من الزوج إنّما كان بزعم الصحّة. بل ذكر في الجواهر : أنّه لا يبعد ذلك حتّى مع علم الزوج بالفساد، باعتبارأنّ دفعه له بعنوان كونه المسمّى في العقد، فكأنّه اشترط
- (1) النهاية : 491 ، المهذّب : 2/242 .
- (2) شرائع الإسلام : 2/305 .
(الصفحة 341)
في إباحته صحّة العقد على وجه لا ينافي علمه بالفساد ، الذي أقصاه حينئذ علمه بعدم حصول الشرط(1) . والتحقيق في محلّه من كتاب البيع في المقبوض بالعقد الفاسد.
والدليل على القول الآخر صحيحة حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : إذا بقي عليه شيء من المهر وعلم أنّ لها زوجاً فما أخذته فلها بما استحلّ من فرجها ، ويحبس عليها ما بقي عنده(2) .
ولكنّ الرواية ـ مضافاً إلى كونها مخالفة للقاعدة المستفادة من قول النبي (صلى الله عليه وآله)بعدم ثبوت المهر لبغيّ ، على ما حكي عنه بألفاظ مختلفة مذكورة في سنن البيهقي(3) . وإلى عدم ظهورها في العقد المنقطع . وإلى احتمال ثبوت الشبهة للمرأة باعتبار تخيّل صحّة الانقطاع مع ثبوت الزوج الدائمي لها . وإلى عدم الظهور في صورة تحقّق الدخول إلاّ أن يقال بظهور قوله : «بما استحلّ من فرجها» في ذلك ، فتدبّر . وإلى الظهور في صورة جهل الزوج ـ معارضة مع مكاتبة ريّان بن شبيب المتقدّمة آنفاً(4) ، المشتملة على قوله (عليه السلام); «لا يعطيها شيئاً لأنّها عصت الله تعالى» ، وموردها وإن كان صورة إعطاء بعض المهر وجواز حبس الباقي وعدمه ، إلاّ أنّ الظاهر خصوصاً بملاحظة العلّة عدم استحقاقها شيئاً من المهر ، فكأنّه أعرض عمّا دفع ، فانّه لو كان المهربعض الأعيان الخارجية وقدأعطاهابعضها فلا وجه للحكم بخروجهاعن ملكه بعد عدم تحقّق سبب شرعي للخروج ، فالصحيحة إمّا معرض عنها لدى المشهور ، وإمّا محمولة على بعض الوجوه غير المنافية للقاعدة ، فالحقّ مع ما في المتن .
- (1) جواهر الكلام : 30/171 .
- (2) الكافي : 5/461 ح2 ، التهذيب : 7/261 ح 1129 ، الوسائل : 21/62 ، أبواب المتعة ب28 ح1 .
- (3) السنن الكبرى للبيهقي : 6/6 .
- (4) في ص336 .
(الصفحة 342)مسألة 9 : يشترط في النكاح المنقطع ذكر الأجل ، فلو لم يذكره متعمّداً أو نسياناً بطل متعة وانعقد دائماً ، وتقدير الأجل إليهما طال أو قصر ، ولابدّ أن يكون معيّناً بالزمان محروساً من الزيادة والنقصان ، ولو قدّره بالمرّة أو المرّتين من دون أن يقدّره بزمان بطل متعة وانعقد دائماً على إشكال ، والأحوط فيه إجراء الطلاق وتجديد النكاح لو أراد ، وأحوط منه مع ذلك الصبر إلى انقضاء المدّة المقدّر بالمرّة أو المرّتين أو هبتها1.
ثمّ إنّه لا ينبغي الإشكال في أنّ الثابت في صورة جهلها بالفساد إنّما هو مهر المثل لا المسمّى ، ولا ملاحظة التوزيع على المدّة لعدم الوجه لذلك مع تحقّق الفساد وتبيّنه ، لكنّ الكلام في أنّ المراد بمهر المثل هو مهر أمثالها بحسب حالها لتلك المدّة التي سلّمت نفسها فيها متعة ، أو أنّ المراد به مهر المثل في النكاح الدائم; لأنّ ذلك هو قيمة البضع عند وطء الشبهة من غير اعتبار لعقد الدوام والانقطاع؟ ذكر في الجواهر : لعلّ ثانيهما أقواهما(1) وهو بعيد ، فلا يترك الاحتياط بالمصالحة .1 ـ في هذه المسألة جهات من الكلام :
الجهة الاُولى : إعتبار ذكر الأجل في النكاح المنقطع ، ويدلّ عليه الروايات(2)الكثيرة التي منها ما تقدّم من النصوص الدالّة على اعتبار ذكر الأجل ، وكونه مفروغاً عنه حتى عند السائلين ، ولذا كانوا يسألون عن الخصوصيات الموجودة في هذا المجال ، كوضع المهر بالنسبة في صورة هبة البعض وأشباهه ، مع أنّه قد يعبّر عنه بالنكاح المؤجّل ، فيدلّ ذلك على أنّ الأجل مأخوذ في حقيقته وماهيّته ، وأنّه
- (1) جواهر الكلام : 30/172 .
- (2) الوسائل: 21 / 58 ـ 62، أبواب المتعة ب25، 27، 28.
(الصفحة 343)
لا معنى لتحقّق النكاح المؤجّل مع عدم اعتبار ذكر الأجل بخلاف غيره .
الجهة الثانية : أنّه لو لم يذكر الأجل في النكاح المنقطع إمّا عمداً أو نسياناً بطل متعة وانعقد دائماً . قال المحقّق في الشرائع : وأمّا الأجل فهو شرط في عقد المتعة ، ولو لم يذكره انعقد دائماً(1) . وفي الجواهر في المشهور(2) نقلاً وتحصيلاً ، بل لعلّه مجمع عليه(3) .
وعمدة الدليل على ذلك ـ مع كونه مخالفاً للقاعدة; لأنّ ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، والعقود تابعة للقصود ـ الروايات ، مثل :
رواية عبدالله بن بكير قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) في حديث : إن سمّى الأجل فهو متعة ، وإن لم يسمّ الأجل فهو نكاح بات(4) .
ورواية أبان بن تغلب في حديث صيغة المتعة ، أنّه قال لأبي عبدالله (عليه السلام) : فانّي أستحيي أن أذكر شرط الأيّام ، قال : هو أضرّ عليك ، قلت : وكيف؟ قال : لأنّك إن لم تشرط كان تزويج مقام ولزمتك النفقة في العدّة وكانت وارثاً ، ولم تقدر على أن تطلّقها إلاّ طلاق السنّة(5) .
ورواية هشام بن سالم قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أتزوّج المرأة متعة مرّة مبهمة؟ قال : فقال : ذاك أشدّ عليك ترثها وترثك ، ولا يجوز لك أن تطلّقها إلاّ على
- (1) شرائع الإسلام : 2/305 .
- (2) الكافي في الفقه : 298 ، النهاية : 489 ، المهذّب : 2/241 ، الروضة البهية : 5/286 ، مسالك الأفهام : 7/447 ـ 448 .
- (3) جواهر الكلام : 30/172 .
- (4) الكافي : 5/456 ح1 ، التهذيب : 7/262 ح1134 ، الوسائل : 21/47 ، أبواب المتعة ب20 ح1 .
- (5) الكافي : 5/455 ح5 ، التهذيب : 7/265 ح 1145 ،الإستبصار : 3/150 ح 551 ، الوسائل : 21/47 ، أبواب المتعة ب20 ح2 .
(الصفحة 344)
طهر وشاهدين ، قلت : أصلحك الله فكيف أتزوّجها؟ قال : أيّاماً معدودة بشيء مسمّى مقدار ما تراضيتم به ، فإذا مضت أيّامها كان طلاقها في شرطها ، ولا نفقة ولا عدّة لها عليك ، الحديث(1) . فإنّه إذا كان الحكم في المرّة المبهمة كذلك ففي صورة عدم ذكر الأجل مطلقاً بطريق أولى .
هذا ، ولكن ربّما قيل كما عن المسالك : بأنّ الأقوى القول بالبطلان مطلقاً(2) نظراً إلى اقتضاء القاعدة ذلك ، وإلى مضمرة سماعة قال : سألته عن رجل أدخل جارية يتمتّع بها ثمّ نسي أن يشترط حتّى واقعها يجب عليه حدّ الزاني؟ قال : لا ، ولكن يتمتّع بها بعد ويستغفر الله ممّا أتى(3) بناء على إرادة نسيان الأجل من الاشتراط فيه ، وهو محلّ تأمّل .
ولكنّ الروايات الدالّة على الأوّل ـ مضافاً إلى كون بعضها حجّة في نفسها; لكونها من قسم الموثّق بل الصحيح ، كالرواية الاُولى ـ تكون منجبرة بالشهرة ، ومجرّد المخالفة للقواعد لا يقضي بعدم الاعتبار بعد كون حجيّة خبر الواحد يُراد به الخبر المخالف للقاعدة ، ضرورة أنّ الخبر الموافق لها لا حاجة إليه بعد كون مفاده مقتضى القاعدة كما لايخفى ، خصوصاً بعد إرادة طبيعة النكاح التي هي بمنزلة الجنس في المقام ، وبعد عدم اعتبار قصد الدوام في النكاح الدائم .
ثمّ إنّه حكى في المسالك عن ابن إدريس التفصيل : بأنّه إن كان الإيجاب بلفظ التزويج أو النكاح إنقلب دائماً ، وإن كان بلفظ التمتّع بطل العقد(4); لأنّ اللفظين
- (1) التهذيب : 7/267 ح1151 ، الإستبصار : 3/152 ح552 ، الوسائل : 21/48 ، أبواب المتعة ب20 ح3 .
- (2) مسالك الأفهام : 7/448 .
- (3) الكافي : 5/466 ح3 ، الوسائل : 21/74 ، أبواب المتعة ب39 ح1 .
- (4) السرائر : 2/550 و 620 .