(الصفحة 380)
نعم إن شاءت . قال ابن مسكان ـ الراوي عن أبي بصير ـ وفي رواية اُخرى : ينتظر سنة ، فإن أتاها وإلاّ فارقته ، فإن أحبّت أن تقيم معه فلتقم(1) .
وصحيحة أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر على الجماع أبداً أتفارقه؟ قال : نعم إن شاءت(2) .
وفي مضمرته الاُخرى قال : إذا تزوّج الرجل المرأة وهو لا يقدر على النساء أجّل سنة حتى يعالج نفسه(3) .
والحكم بالانتظار والتأجيل سنة حتّى يعالج نفسه قرينة على عدم كون المراد هو المجبوب ، لأنّ احتمال البرء إنّما يجري في غيره ، إلاّ أنّ قوله في سؤال أبي الصباح في روايته الاُولى تفريعاً على الابتلاء : «فلا يقدر على الجماع أبداً» يوجب الظهور في الإطلاق أو في خصوص المقام ، كما لايخفى .
لكن هذا كلّه لو كان الجبّ بمقدار لا يتمكّن معه من الجماع ، كما يدلّ عليه التعبير عنه بهذا العنوان في الروايات المتقدّمة ، وفيما إذا كان سابقاً على العقد ، وأمّا إذا كان لاحقاً عليه وحادثاً بعده قبل الوطء أو بعده فعن جماعة منهم: ابن إدريس(4) والفاضلان(5) والشيخ في الخلاف(6) وموضع من المبسوط(7) أنّه لا يفسخ به ،
- (1) الكافي : 5/411 ح5 ، الوسائل : 21/229 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح1 .
- (2) التهذيب : 7/431 ح1717 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 81 ح181 ، الوسائل : 21/231 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح6 .
- (3) التهذيب : 7/431 ح1718 ، الإستبصار : 3/249 ح893 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 81 ح180 ، الوسائل : 21/231 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح7 .
- (4) السرائر: 2 / 612.
- (5) شرائع الإسلام : 2/319 ، إرشاد الأذهان : 2/28 .
- (6) الخلاف : 4/349 .
- (7) المبسوط : 4/252 .
(الصفحة 381)
والمحكي عن القاضي(1) والعلاّمة في بعض كتبه(2) أنّها تتسلّط به ، بل في محكيّ المبسوط(3) نفي الخلاف فيه بيننا وبين غيرنا ، وربّما قيل بالتفصيل بين ما قبل الوطء وبعده ، ودليل الأوّل إطلاق ما تقدّم من الروايات ، وعدم الدليل على الملازمة بين الجبّ وبين الاخصاء والعنن ، وإن كان التعبير بعدم القدرة على الجماع أبداً ربّما يؤيّدها ، كما لايخفى .
وأمّا دليل التفصيل فهو اقتضاء تقييد المطلقات بدليل التقييد ذلك ، أمّا المطلقات ، فمنها :
رواية أبي بصير المتقدّمة . ومنها رواية أبي الصباح الكناني المتقدّمة أيضاً ، ومنها غير ذلك(4) . وامّا المقيّد ، فمثل :
رواية السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : من أتى امرأة (امرأته خل) مرّة واحدة ثم أخذ عنها فلا خيار لها(5) .
ورواية إسحاق بن عمّار ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) ، أنّ عليّاً (عليه السلام) كان يقول : إذا زوّج الرجل امرأة فوقع عليها (وقعة واحدة خل) ثم أعرض عنها فليس لها الخيار ، لتصبر فقد ابتليت ، وليس لاُمّهات الأولاد ولا الإماء ما لم يمسّها من الدهر
- (1) المهذّب : 2/235 .
- (2) مختلف الشيعة : 7/204 مسألة 130 .
- (3) المبسوط : 4/264 .
- (4) الوسائل : 21/229 ـ 232 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 .
- (5) الكافي : 5/412 ح10 ، الفقيه : 3/358 ح 1709 ، الإستبصار : 3/250 ح 895 ، التهذيب : 7/430 ح 1712 ، الوسائل : 21/230 ، أبواب العيوب والتدليس ب13 ح4 .
(الصفحة 382)
إلاّ مرّة واحدة خيار(1) .
هذا ، وقد نفى البعد عن عدم الخيار في اللاحق مطلقاً ولو كان قبل الوطءوالوجه فيه اقتضاء الاستصحاب ذلك بعد عدم وضوح الإطلاق لدليل الخيار ، واستبعاد الفرق بينه وبين الخصاء والعنن .
وثالثها : العنن ، وهو مرض تضعف معه القوّة عن نشر العضو بحيث يعجز عن الإيلاج ، وفي الجواهر : بل لا يبعد اندراج ما كان عن سحر موضوعاً أو حكماً كما في كشف اللثام(2) وغيره(3) . ولعلّه المراد من بعض النصوص الآتية المشتملة على أُخذة الزوج بالضمّ التي هي على ما قيل : رقية كالسّحر(4) .
وكيف كان لا إشكال في أنّه تسلّط المرأة على الفسخ بسببه ، ويدلّ عليه نصوص كثيرة :
منها : رواية عباد (غياث يب صا يه) الضبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال في العنّين إذا علم أنّه عنّين لا يأتي النساء : فرّق بينهما ، وإذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرّق بينهما ، والرجل لا يردّ من عيب(5) .
قال صاحب الوسائل بعد نقل الرواية عن المشايخ الثلاثة قوله : «لا يردّ من عيب» إمّا أن يقرأ بالبناء للمجهول ، ويكون مخصوصاً بما عدا العيب المنصوص ، أو
- (1) التهذيب : 7/430 ح1715 ، الإستبصار : 3/250 ح897 ، الوسائل : 21/231 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح8 .
- (2) كشف اللثام : 7/363 .
- (3) جامع المقاصد : 13/229 .
- (4) جواهر الكلام : 30/324 .
- (5) الكافي : 5/410 ح4 ، التهذيب : 7/430 ح 1714 ، الإستبصار : 3/250 ح 896 ، الفقيه : 3/357 ح 1707 ، الوسائل : 21/229 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح2 .
(الصفحة 383)
بالمتجدّد بعد العقد ، أو يقرأ بالبناء للمعلوم ، ويحمل على استحباب الطلاق ستراً لعيب المرأة .
أقول : الاحتمال الثاني هو الظاهر بعد كون هذه الكلام مسبوقاً بجواز الافتراق في العنن الذي هو عيب الرجل المخصوص به .
ومنها : الروايات المتعدّدة المتقدّمة الواردة فيمن لا يقدر على الجماع مطلقاً أو مقيّداً بقيد الأبد ، وإن كان هذا التقييد ربّما يومىء بكون المراد منها غير العنن; لاحتمال حصول البرء معه بخلاف المجبوب على ما عرفت .
ومنها : الروايات المتعدّدة الدالّة على أنّ العنّين يؤجّل سنة ، مثل :
رواية أبي البختري ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) : إنّ عليّاً (عليه السلام) كان يقول : يؤخّر العنّين سنة من يوم ترافعه امرأته ، فإن خلص إليها وإلاّ فرّق بينهما ، فإن رضيت أن تقيم معه ثم طلبت الخيار بعد ذلك فقد سقط الخيار ولا خيار لها(1) .
ومثلها ما رواه في قرب الاسناد ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام)(2) .
ثمّ إنّ مقتضى إطلاق الأدلّة خصوصاً الروايات أنّه لا فرق في هذا العيب بين السابق على العقد واللاحق به . وفي الجواهر : أنّه المعروف بين الأصحاب ، بل نفى وجدان الخلاف فيه بين الإمامية بل ثبوت الإجماع(3) عليه(4) . لكن يشترط في
- (1) التهذيب : 7/431 ح1719 ، الإستبصار : 3/249 ح894 ، الوسائل : 21/232 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح9 .
- (2) قرب الإسناد : 105 ح 357 ، الوسائل : 21/232 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح12 .
- (3) جامع المقاصد : 13/230 ، مسالك الأفهام : 8/104 ، الحدائق الناضرة : 24/384 .
- (4) جواهر الكلام : 30/326 .
(الصفحة 384)
ثبوت الخيار معه أن لا يطأ زوجته ولا غيرها ، فلو وطأها ولو مرّة ثمّ عنّ أو أمكنه وطء غيرها مع عننه عنها لم يثبت لها الخيار على الأظهر ، كما في الشرائع(1) خلافاً للمحكي عن ابن زهرة(2) وظاهر المفيد(3) من التخيير مطلقاً ، وللمختلف من التوقّف(4) .
أمّا إذا وطء زوجته ولو مرّة واحدة ثمّ عرض له العنن ، فيدلّ على عدم ثبوت الخيار لها حينئذ الروايات المتقدّمة ، الدالّة على أنّه إذا واقعها ولو دفعة واحدة لا يكون لها الخيار .
وأمّا إذا أمكنه وطء غيرها مع عننه عنها ، فالدليل على عدم ثبوت الخيار معه التعبير في بعض روايات العنن بأنّه إذا علم أنّه لا يأتي النساء ، وفي بعضها بأنّه لا يقدر على الجماع ، ومثل ذلك من التعبيرات(5) .
وفي الشرائع : وكذا ـ أي يسقط خيارها ـ لو وطأها دبراً وعنّ قبلاً(6) معلّلاً له في الجواهر لارتفاع العنن حينئذ ولاندراجه في النصوص السابقة حينئذ ، بناء على ما سمعته من جواز الوطء في الدبر فانّه أحد المأتيين ، وأضاف قوله(قدس سره) : أمّا بناء على عدم جوازه فيشكل اندراجه فيها ، فتبقى الإطلاقات المقتضية للخيار حينئذ سالمة عن المعارض(7) .
- (1) شرائع الإسلام : 2/319 .
- (2) غنية النزوع : 354 .
- (3) المقنعة : 520 .
- (4) مختلف الشيعة : 7/204 ـ 206 مسألة 131 .
- (5) الوسائل : 21/229 ـ 233 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح1 ـ 3 و6 و13 .
- (6) شرائع الإسلام : 2/319 .
- (7) جواهر الكلام : 30/327 .