(الصفحة 390)
والجذام ، والجنون ، والعفل ، الحديث(1) .
وخصوصاً صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبدالله ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : المرأة تردّ من أربعة أشياء : من البرص ، والجذام ، والجنون ، والقرن وهو العفل ما لم يقع عليها ، فإذا وقع عليها فلا(2) . بلحاظ عنوان الأربعة وعدم كون العرج منها .
ثمّ إنّ كلام الأصحاب بين عدم كون العرج عيباً مطلقاً ، كما ربما يظهر من الخلاف(3) والمبسوط(4) والمهذّب(5) وبين كونه عيباً مطلقاً كالمحكي عن الاسكافي(6) والشيخين في المقنعة(7) والنهاية(8) وسلاّر(9) وأبي الصلاح(10) وابني البراج(11) وحمزة(12) وبين التفصيل بين العرج البين وغيره كالمتن تبعاً لمثل المحقّق في الشرائع في العبارة المتقدّمة ، وإن لم يقع التقييد فيها بالبيّن بل بالبلوغ حدّ الإقعاد ، كما أنّه قد وقع الخلط في بعض الكلمات بين العرج الذي معناه عدم استطاعة التردّد
- (1) الفقيه : 3/273 ح1299 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 78 ح171 ، التهذيب : 7/426 ح 1701 ، الإستبصار : 3/247 ح 886 ، الوسائل : 21/209 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح6 .
- (2) الكافي : 5/409 ح16 ، الفقيه : 3/273 ح1296 ، التهذيب : 7/427 ح1703 ، الإستبصار : 3/248 ح889 ، الوسائل : 21/207 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح1 .
- (3) الخلاف : 4/346 .
- (4) المبسوط : 4/249 ـ 269 .
- (5) المهذّب : 2/231 ـ 239 .
- (6) حكى عنه في مختلف الشيعة : 7/198 مسألة 126 .
- (7) المقنعة : 519 .
- (8) النهاية : 485 .
- (9) المراسم : 152 .
- (10) الكافي في الفقه : 295 .
- (11) حكى عن كامله في مختلف الشيعة : 7/198 مسألة 126 .
- (12) الوسيلة : 311 .
(الصفحة 391)
في العادة إلاّ بالمشقّة الكثيرة ، وبين الزمانة التي هي أمر آخر ، فانّ المعهود من الزمانة ما تؤدّي إلى الاقعاد ، والعرج لا يبلغه كذلك ، ولذا جمع بين كونه بيّناً وبين عدم بلوغه حدّ الاقعاد .
وكيف كان فالمسألة مشكلة من تصريح بعض الروايات المتقدّمة بأنّها تردّ العرجاء ، ومن عدم عدّها عيباً من العيوب الموجبة للفسخ في البعض الآخر ، خصوصاً مع التصريح بأنّها أربعة ، ولا يكون العرج منها ، ومقتضى الأصل بقاء العقد وعدم انفساخه بالفسخ والردّ .
السادس : الزمانة ، وقد جعل في المتن أنّ الأظهر جواز الفسخ بها ، ويدلّ عليه مثل :
رواية أبي عبيدة المتقدّمة المشتملة على قوله (عليه السلام) : إذا دلّست العفلاء ، والبرصاء ، والمجنونة ، والمفضاة ، ومن كان بها زمانة ظاهرة فانّها تردّ على أهلها من غير طلاق ، الحديث(1) .
وفي رواية الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث ، أنّه قال في رجل تزوّج امرأة برصاء ، أو عمياء ، أو عرجاء ، قال : تردّ على وليّها ويردّ على زوجها مهرها الذي زوّجها عليه ، وإن كان بها ما لا يراه الرجال جازت شهادة النساء عليها(2) .
فإنّ قوله (عليه السلام) في الذيل : «وإن كان بها ما لا يراه الرجال» يشمل مثل الزمانة ، إلاّ أن يقال : بأنّ المراد ما لا يمكن أن يراه الرجال ، فيختصّ بمثل القرن والعفل غير المذكور في مورد الرواية .
- (1) الكافي : 5/408 ح14 ، التهذيب : 7/425 ح1699 ، الإستبصار : 3/247 ح885 ، الوسائل : 21/211 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 ح1 .
- (2) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 80 ح171 ، الوسائل : 21/216 ، أبواب العيوب والتدليس ب4 ح2 .
(الصفحة 392)
وكيف كان فالرواية الاُولى دالّة على أنّ الزمانة موجبة للخيار وجواز الردّ على الأهل من غير طلاق ، غاية الأمر مع توصيفها بالظهور .
ويمكن أن تكون صحيحة داود بن سرحان مبنيّة لمعنى الظهور ، حيث روى عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث ، قال : وإن كان بها ـ يعني بالمرأة ـ زمانة لا تراها الرجال أُجيزت شهادة النساء عليها(1) .
ولكن مقتضى الرواية أنّ الزمانة مطلقاً موجبة للخيار ، غاية الأمر أنّه في الزمانة الخفية يكتفى بشهادة النساء ، فإذا شهدن بذلك يثبت له الخيار .
وعلى أيّ حال فلا ينبغي الإشكال في أنّ الزمانة الظاهرة من أسباب جواز الفسخ ، وإن كان الأمر في الزمانة غير الظاهرة مشكلاً ، خصوصاً بعد كون مقتضى الأصل العدم .
ثمّ إنّه مع أنّه قد ذكر في المتن أنّ عيوب المرأة المختصّة ستّة ، لكنّه عدّها سبعاً وجعل السابع العمى ، وهو ذهاب البصر عن العينين وان كانتا مفتوحتين ، وقد نفى وجدان خلاف صريح فيه في الجواهر ، بل حكى عن المرتضى(2) وابن زهرة(3)الإجماع عليه(4) .
ويدلّ عليه صحيحة داود بن سرحان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يتزوّج المرأه فيؤتى بها عمياء ، أو برصاء ، أو عرجاء ، قال : تردّ على وليّها ويكون لها المهر
- (1) التهذيب : 7/424 ح1694 ، الإستبصار : 3/246 ح884 ، الوسائل : 21/216 ، أبواب العيوب والتدليس ب4 ح1 .
- (2) الناصريات : 337 .
- (3) غنية النزوع: 354.
- (4) جواهر الكلام : 30/338 .
(الصفحة 393)
على وليّها ، الحديث(1) .
ومقتضى الإطلاق أنّه لا فرق بين كونهما مفتوحتين وغيره ، وإن كان قد يقال : إنّ أصل العمى يدلّ على الستر والتغطية .
نعم ، لا اعتبار بالعور لخروجه عن المتفاهم العرفي من العمى ، مضافاً إلى صحيحة الحلبي المتقدّمة ـ الدالّة على أنّها لا تردّ ـ الواردة في المرأة العوراء مع عدم التبيين للزوج .
ولا اعتبار أيضاً بالعمشاء ، والأعمش ، والمراد بالأوّل ثبوت علّة في العين لا يبصر بالليل بل يبصر بالنهار ، وبالثاني هو ضعف الرؤية مع سيلان الدمع في غالب الأوقات; لعدم الدليل على اقتضاء جواز الفسخ بهما بوجه ، وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا اعتبار بسائر الاُمور ، كزنا المرأة قبل دخول الزوج بها ، الذي حكي عن الصدوق ثبوت الخيار به(2) . أو مطلق الزنا من الرجل أو المرأة قبل العقد وبعده ، الذي حكي عن الاسكافي ثبوت الخيار به(3) . أو الحدّ بالزنا الذي حكي ثبوت الخيار به عن أكثر القدماء(4) . وكوجدان الزوجة مستأجرة إجارة عين الذي حكي ثبوت الخيار بسببه عن بعض العامّة(5) . ومستندهم في ذلك وإن كان بعض الروايات إلاّ أنّها بين فاقدة للحجّية والاعتبار في نفسها، وبين ما أعرض عنها
- (1) التهذيب: 7/424 ح1694، الإستبصار: 3/246 ح884، الوسائل: 21/213، أبواب العيوب والتدليس ب2 ح6.
- (2) المقنع : 326 .
- (3) حكى عنه في مختلف الشيعة : 7/215 مسألة 143 .
- (4) المقنعة : 519 ، الكافي في الفقه : 295 ، المراسم : 152 ، المهذّب : 2/231 .
- (5) حكاه عن الماوردي في جواهر الكلام : 30/340 ، ولم نعثر عليه في كتب العامة ، مثل المغني لابن قدامة والشرح الكبير والعزيز شرح الوجيز والحاوي الكبير والانصاف والمجموع والأمّ .
(الصفحة 394)مسألة 1 : إنّما يفسخ العقد بعيوب المرأة إذا تبيّن وجودها قبل العقد ، وأمّا ما يتجدّد بعده فلا اعتبار به سواء كان قبل الوطء أو بعده1.
معظم الأصحاب ومشهورهم. مضافاً إلى ثبوت المعارض لها ، فالاُمور الموجبة للفسخ ما قدّمناه ، فتدبّر .1 ـ قال المحقّق في الشرائع : العيوب الحادثة للمرأة قبل العقد مبيحة للفسخ ، وما يتجدّد بعد العقد والوطء لا يفسخ به ، وفي المتجدّد بعد العقد وقبل الدخول تردّد ، أظهره أنّه لا يبيح الفسخ ، تمسّكاً بمقتضى العقد السليم عن معارض(1) .
فهنا مقامان :
المقام الأوّل : في المتجدّد بعد العقد والوطء ، وقد نفى وجدان الخلاف في عدم ثبوت الخيار به بين العامّة والخاصّة صاحب الجواهر إلاّ من شاذّ ، أو في العيب المشترك وهو الجنون(2) . وقد مرّ(3) التصريح في صحيحة عبد الرحمن بأنّه إذا وقع عليها فلا خيار ، ويظهر من غيرها أيضاً(4) . ومثله صالح لتقييد بعض المطلقات الموجودة إن كانت واجدة لشرائط التمسك بالإطلاق ، وإلاّ فالمناقشة في أصل الإطلاق موجودة ، كما لايخفى .
المقام الثاني : في المتجدّد بعد العقد وقبل الوطء ، وقد عرفت(5) في ذيل بحث الجنون جملة ممّا يتعلّق بهذا المقام ، وذكر في الجواهر : أنّ عدم إباحة الفسخ به هو
- (1) شرائع الإسلام : 2/320 .
- (2) جواهر الكلام : 30/341 .
- (3) في ص390 .
- (4) الوسائل : 21/210 و215 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح14 وب3 .
- (5) في ص372 ـ 376 .