(الصفحة 469)
رواية إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما حقّ المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسناً؟
قال : يُشبعها ويكسوها وإن جهلت غفر لها(1) .
ورواية شهاب بن عبد ربّه قال قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما حقّ المرأة على زوجها؟ قال : يسدّ جوعتها ويستر عورتها ولا يقبِّح لها وجهاً ، فإذا فعل ذلك فقد والله أدّى إليها حقّها(2) .
ورواية العزرمي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : جاءت إمرأة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فسألته عن حقّ الزوج على المرأة ، فخبّرها ثمّ قالت : فما حقّها عليه؟ قال : يكسوها من العرى ، ويُطعمها من الجوع ، وإذا أذنبت غفر لها ، قالت : فليس لها عليه شيء غير هذا؟ قال : لا ، قالت : لا والله لا تزوّجت أبداً ، ثمّ ولّت ، الحديث(3) .
ورواية يونس بن عمّار قال : زوّجني أبو عبدالله (عليه السلام) جارية كانت لإسماعيل إبنه فقال : أحسِن إليها ، قلت : وما الإحسان إليها؟ قال : أشبع بطنها ، واكس جثّتها ، واغفر ذنبها(4) . وغير ذلك من الروايات(5) الدّالة عليه ، ولا دلالة لأدّلة القسمة على وجوبها في هذا الفرض حتى مثل قوله تعالى
{ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ}(6)الذي لابدّ من الحمل على الاستحباب لو اُريد بالمعروف كلّ معروف ، فالأقوى في
- (1) الكافي : 5/510 ح1 ، الوسائل : 21/511 ، أبواب النفقات ب1 ح5 .
- (2) الكافي : 5/511 ح5 ، الوسائل : 21/513 ، أبواب النفقات ب2 ح1 .
- (3) الكافي : 5/511 ح2 ، الوسائل : 20/166 ، أبواب مقدّمات النكاح ب84 ح3 .
- (4) الكافي : 5/511 ح4 ، الوسائل : 21/511 ، أبواب النفقات ب1 ح8 .
- (5) الوسائل 21/507 ـ 516 ، أبواب النفقات ب1 ـ 5 ، وج 20/169 ـ 171 ، أبواب مقدّمات النكاح ب88 .
- (6) سورة النساء: 4/19.
(الصفحة 470)
هذا الفرض ما عليه المتن .
الفرض الثاني : ما إذا كانت عنده أكثر من واحدة ، ومقتضى ما ذكرنا في الفرض الأوّل عدم وجوب المبيت عند واحدة منهنّ أصلا ، بل لكلّ منهنّ في كلّ أربعة أشهر حقّ المواقعة ، وأمّا البيتوتة فلا . نعم لو بات عند واحدة منهنّ يجب عليه المبيت عند غيرها أيضاً ، فإن كانت له أربع لا يجوز له التفضيل ، بل في كلّ أربع ليال يطوف عليهنّ ويدور من دون تفضيل ، وأمّا إن لم تكن له أربع بل ثلاث أو إثنتان يجوز له التفضيل ، كما أنّه يجوز له أن يجعل الزائد من الأربع .
ويدلّ على ما ذكرنا مضافاً إلى التأسّي بالنبي (صلى الله عليه وآله) ، حيث إنّه كان يقسّم بينهنّ دائماً ، حتّى كان يُطاف به في مرضه محمولا ، وكان يقول : اللّهم هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك(1) يعني من جهة الميل القلبي .
وخبر البصري ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل تكون عنده المرأة فيتزوّج أُخرى ، كم يجعل للّتي يدخل بها؟ قال : ثلاثة أيّام ثمّ يقسّم(2) .
ورواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : سألته عن رجل له امرأتان قالت إحداهما : ليلتي ويومي لك ، يوماً أو شهراً أو ما كان أيجوز ذلك؟ قال : إذا طابت نفسها واشترى ذلك منها فلا بأس(3) .
ورواية الحسن بن زياد ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث ، قال : سألته عن الرجل تكون له المرأتان وإحداهما أحبّ إليه من الاُخرى أله أن يفضّلها بشيء؟ قال :
- (1) مجمع البيان : 3/200 ذيل الآية 129 من سورة النساء ، الوسائل : 21/343 ، أبواب القسم ب5 ح2 ، السنن الكبرى للبيهقي : 7/298 ، الأمّ : 5/203 .
- (2) الكافي : 5/565 ح40 ، الوسائل : 21/339 ، أبواب القسم ب2 ح4 .
- (3) التهذيب: 7/474 ح1902، مسائل عليّ بن جعفر: 174 ح307، الوسائل : 21/344 ، أبواب القسم ب6 ح2.
(الصفحة 471)
نعم ، له أن يأتيها ثلاث ليال والاُخرى ليلة; لأنّ له أن يتزوّج أربع نسوة فليلتيه يجعلهما حيث شاء ، قلت : فتكون عنده المرأة فيتزوّج جارية بكراً؟ قال : فليفضّلها حين يدخل بها بثلاث ليال ، وللرجل أن يفضّل نسائه بعضهنّ على بعض ما لم يكنّ أربعاً(1) .
وصحيحة محمد بن مسلم قال : سألته عن الرجل تكون عنده امرأتان وإحداهما أحبّ إليه من الأُخرى؟ قال : له أن يأتيها ثلاث ليال والاُخرى ليلة ، فإن شاء أن يتزوّج أربع نسوة كان لكلّ إمرأة ليلة ، فلذلك كان له أن يفضّل بعضهنّ على بعض ما لم يكنّ أربعاً(2) .
وقد أفاد في المتن أنّ العمل بهذه الروايات الواردة في أكثر من واحدة أحوط ، وإن كان الأقوى العدم; لعدم الدليل على لزوم أصل المبيت معهنّ ، ويمكن له الهجرة وترك المضاجعة بالنحو المذكور; ولكن حيث إنّ المشهور أفتوا بذلك يكون الاحتياط في رعايته ، كما أنّك عرفت أنّ الأقوى في الواحدة جواز ترك المبيت معها مطلقاً لعدم الدّليل على المنع ، إلاّ أنّ المشهور ذهبوا إلى ما ذكرنا ، فتدبّر جيّداً .
نعم ، حكى صاحب الجواهر(قدس سره) : أنّ المتحصّل أنّ الأقوال في المسألة ثلاثة : منها ما حكاه عن صريح ابن حمزة(3) وظاهر المحكي عن المُقنعة(4) والنهاية(5) والغُنية(6)
- (1) التهذيب : 7/419 ح1679 ، الإستبصار : 3/242 ح866 ، الوسائل : 21/337 ، أبواب القسم ب1 ح2 .
- (2) الفقيه : 3/270 ح 1283 ، الوسائل : 21/338 ، أبواب القسم ب1 ح3 .
- (3) الوسيلة : 312 .
- (4) المُقنعة : 516 .
- (5) النهاية : 483 .
- (6) غنية النزوع: 350.
(الصفحة 472)مسألة 2 : يختصّ وجوب المبيت والمضاجعة فيما قلنا به بالدائمة ، فليس للمتمتّع بها هذا الحقّ واحدة كانت أو متعدّدة1.
والمهذّب(1) والجامع(2) . واختاره بعض المتأخّرين(3) ومتأخّريهم(4) من وجوب القسمة مع التعدّد دون الواحدة ، وأفاد نفسه أنّ القول بوجوب القسمة إبتداء ولو في المتعدّدات يستلزم أحكاماً عديدة يصعب إلتزامها ، بل لعلّها مخالفة للمعلوم من سيرة أهل الشرع وطريقتهم ، كعدم جواز الإشتغال في العبادات والاستئجار في الليل لبعض الأعمال وغير ذلك إلاّ برضا صاحبة الليلة(5) .1 ـ أمّا عدم ثبوت هذا الحقّ للزوجة المتمتّع بها فلظهور ما ورد في هذا الباب من الكتاب(6) والسنّة(7) العمليّة أو القوليّة في النكاح الدائم ، مضافاً إلى أنّ بناء النكاح المنقطع الذي قد عرفت(8) أنّه من مزايا الإسلام ، ورعاية للفِرار عن الزنا ، وعن عدم رعاية أحكام الزوجيّة الدائمة على خفاء هذا الأمر ، وهو لا يكاد يجتمع مع المبيت ، ولزومه بالنحو المذكور في الزوجة الدائمة ، كما لا يخفى .
- (1) المهذّب : 2/225 .
- (2) الجامع للشرائع : 456 .
- (3) الروضة البهية : 5/411 ، نهاية المرام : 1/417 .
- (4) الحدائق الناضرة : 24/591 ، رياض المسائل : 7/190 .
- (5) جواهر الكلام : 31/154 ـ 155 .
- (6) سورة البقرة : 2/228 ، سورة النساء : 4/19 و34 .
- (7) الوسائل : 21/337 ـ 348 ، أبواب القسم ب1 ـ 9 .
- (8) في أوّل «فصل في عقد النكاح وأحكامه» وفي أوّل «القول في النكاح المنقطع» .
(الصفحة 473)مسألة 3 : في كلّ ليلة كان للمرأة حقّ المبيت يجوز لها أن ترفع اليد عنه وتهبه للزوج ليصرف ليله فيما شاء ، وأن تهبه للضرّة فيصير الحقّ لها1.مسألة 4 : تختصّ البكر أوّل عرسها بسبع ليال والثيّب بثلاث يجوز تفضيلهما بذلك على غيرهما ، ولا يجب عليه أن يقضي تلك الليالي لنسائه القديمة2
1 ـ من الواضح أنّ ثبوت حقّ المضاجعة والمبيت للمرأة إنّما هو بنحو ثبوت الحقّ له لا الواجب التكليفي المحض ، وعليه فيجوز للمرأة رفع اليد عن حقّها والهبة للزوج ليصرفه فيما يشاء ليلتها ، كما أنّه يجوز لها الهبة لبعض الضرّات فتصير الضرّة ذات حقّ آخر بسبب الهبة ، فيجوز أن تهب للزوج أو لبعض الضرّات الأخرى ، كما لا يخفى .2 ـ الدليل على التفضيل المذكور المشهور(1) . مضافاً إلى النبويّ : للبكر سبعة أيّام وللثيّب ثلاثة(2) صحيحة ابن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت له : الرجل تكون عنده المرأة يتزوّج أُخرى أله أن يفضّلها؟ قال : نعم ، إن كانت بكراً فسبعة أيّام ، وإن كانت ثيّباً فثلاثة أيّام(3) وحكي له خبر آخر بهذا المضمون(4) ولكنّ الظاهر عدم كونها رواية أخرى بل اتّحادها مع الأولى .
ورواية هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يتزوّج البكر ، قال : يقيم
- (1) شرائع الإسلام : 2/336 ، الروضة البهية : 5/420 ـ 421 ، مسالك الأفهام : 8/328 ، الحدائق الناضرة : 24/602 .
- (2) السنن الكبرى للبيهقي : 7/301 ، سنن ابن ماجة : 1/617 ح1916 ، سنن الدارمي : 2/101 ح2205 .
- (3) الفقيه : 3/269 ح1281 ، الوسائل : 21/339 ، أبواب القسم ب2 ح1 .
- (4) التهذيب : 7/420 ح1682 ، الإستبصار : 3/241 ح864 ، الوسائل : 21/340 ، أبواب القسم ب2 ح5 .