(الصفحة 455)
وهو صغير فدخل الإبن بامرأته ، على مَن المهر؟ على الأب أو على الإبن؟ قال : المهر على الغلام ، وإن لم يكن له شيء فعلى الأب ، ضمن ذلك عن ابنه أو لم يضمن إذا كان هو أنكحه وهو صغير(1) .
وهذه الروايات المفصّلة مقيّدة لإطلاق صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن رجل كان له ولد فزوّج منهم إثنين وفرض الصِداق ثمّ مات ، من أين يجيب الصِّداق من جملة المال أو من حصّتهما؟ قال : من جميع المال ، إنّما هو بمنزلة الدّين(2) . فإنّ الصحيحة تُحمل على صورة عدم المال للزوج الصّغير ، ومع هذه الروايات لا حاجة إلى الاستدلال ببعض الوجوه الاعتباريّة ، مثل ما عن السرائر(3) والتذكرة(4) من الاستدلال عليه بأنّه لمّا قَبِل النكاح لولده مع علمه بإعساره ، وعمله بلزوم الصِّداق علمنا بالعرف والعادة أنّه دخل على أن يضمنه مع عدم وضوح الملازمة .
بقى الكلام في الفرع المذكور في الذّيل ، وهو أنّه لو تبرّأ الولي من ضمان العهدة في ضمن العقد برأ منه وإن لم يكن له مال ، وقد قيّده في محكي القواعد بما إذا علمت المرأة بالإعسار(5) وعلّله في الجواهر بأنّ المؤمنين عند شروطهم(6) . وبدخول المرأة على ذلك ، وبالإقتصار في خلاف الأصل على المتيقّن ، بل قال :
- (1) مسائل علي بن جعفر : 197 ح418 ، الوسائل : 21/288 ، أبواب المهور ب28 ح4 .
- (2) الكافي : 5/400 ح3 ، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى : 136 ح354 ، التهذيب : 7/386 ح 1493 و ص 389 ح 1557 و ج 9/169 ح 687 ، الوسائل : 21/288 ، أبواب المهور ب28 ح3 .
- (3) السرائر : 2/569 ـ 570 .
- (4) تذكرة الفقهاء : 2/609 .
- (5) قواعد الأحكام : 2/44 .
- (6) التهذيب : 7/371 ح1503 ، الإستبصار : 3/232 ح853 ، الوسائل : 21/276 ، أبواب المهور ب20 ح4 .
(الصفحة 456)مسألة 24 : لو دفع الوالد المهر الّذي كان عليه من جهة إعسار الولد ثمّ بلغ
ولو لم تعلم بالإعسار ، فكذلك أيضاً لِما عرفت ، وإن قيل : إنّ لها حينئذ خيار الفسخ(1) .
وفي محكيّ كشف اللثام احتمال عدم اعتبار التبرّي حينئذ; لإمكان كون رضاها بذلك لظنِّها الإيسار ، وأنَّ التبرّىء قد كان ممّا ليس عليه ضمانه ، ولو علمت كون الضمان عليه لم ترضَ بالتبرّىء منه(2) .
وفي محكي المسالك(3) الإشكال في أصل صحّة ذلك ، نظراً إلى إطلاق النصّ والفتوى بلا معارض على الصبي غير محتاج إلى النكاح ، فلا حظَّ له في التزام المهر في ذمّته مع الإعسار ، وتزويج الولي له غير متوقّف أوّلا على وجود المصلحة ، بل على إنتفاء المفسدة ، وثانياً يُمكن أن يُقال : باقتضاء المصلحة ذلك إلاّ أنّ تخصيص النصوص الصحيحة بذلك لا يخلو عن إشكال .
أقول : الموضوع في الأخبار المتقدّمة وإن كان هو التزويج الجامع لشرائط الصحّة ، الّتي منها انتفاء المفسدة أو وجود المصلحة ، إلاّ أنّ دعوى الإطلاق لها بحيث يشمل صورة تبرّء الولي من الضمان في ضمن العقد مشكلة جدّاً; لعدم ثبوت الإطلاق لها من هذه الجهة ، فاللاّزم الرجوع في حكمها إلى القواعد الّتي منها عموم «المؤمنون عند شروطهم» خصوصاً مع ملاحظة أنّ المهر عوض البضع ، ويشكل دخول البضع في ملك الزوج وخروج المهر عن ملك الولي ، فالقاعدة تقتضي ما أفاده في المتن ، فتدبّر جيّداً .
- (1) جواهر الكلام : 31/126 .
- (2) كشف اللثام : 7/479 .
- (3) مسالك الأفهام : 8/285 .
(الصفحة 457)الصبيّ فطلّق قبل الدخول استعاد الولد نصف المهر وكان له دون الوالد1.
1 ـ قال المحقّق في الشرائع : فلو دفع الأب المهر ، وبلغ الصبي فطلّق قبل الدخول ، استعاد الولد النصف دون الوالد; لأنّ ذلك يجري مجرى الهبة له(1) . ولأنّ الطلاق سبب مملّك جديد للنصف لا فاسخ لسبب الملك ، ويرد على دليل المحقّق أنّ جريانه مجرى الهبة أي من الوالد إلى الامرأة يقتضي جواز الرجوع ما دام كونه باقياً; لأنّ الحكم في مطلق الهبة ذلك إلاّ في بعض الموارد ، كالهبة بذي رحم على ما عرفت(2) . فالدّليل الصحيح ما ذكرناه من أنّ الطلاق سبب مملّك جديد للزوج المطلِّق قبل الدخول ، وقال في الجواهر : بل هو كذلك لو دفعه عن الصبي الموسر تبرّعاً أو ضمنه عنه كذلك ، بل لا فرق بين الولد والأجنبي في ذلك فضلا عن الكبير ، كما لا فرق بين الولد والأجنبي(3) .
وهل الحكم يختصّ بما إذا دفع الوالد المهر الّذي كان عليه من جهة إعسار الولد ، أو يشمل صورة عدم الدفع أيضاً وإن كان عليه؟ الظّاهر هو الثاني; لأنّ ظاهر الروايات المتقدّمة ثبوت المهر على الولي في هذه الصورة كسائر ديونه ، فإذا بلغ الصبي وطلّق قبل الدخول يرجع كلّ من الزوجين إلى الولي بنصف المهر ، الزوجة لأجل تحقّق الطلاق قبل الدخول ، والزوج لأجل كونه ديناً عليه ، فما يوهمه مثل ظاهر العبارة من اختصاص الحكم بصورة الدفع في غير محلّه ، كما لا يخفى .
- (1) شرائع الإسلام : 2/332 .
- (2) في ص 445 .
- (3) جواهر الكلام : 31/129 .
(الصفحة 458)
(الصفحة 459)
خاتمة
في
الشروط المذكورة في عقد النكاح
مسألة 1 : يجوز أن يُشترط في ضمن عقد النكاح كلّ شرط سائغ ، ويجب على المشروط عليه الوفاء به كما في سائر العقود ، لكن تخلّفه أو تعذّره لا يُوجب الخيار في عقد النكاح بخلاف سائر العقود . نعم لو كان الشرط الالتزام بوجود صفة في أحد الزوجين مثل كون الزوجة باكرة أو كون الزوج مؤمناً غير مخالف فتبيّن خلافه أوجب الخيار كما مرّت(1) الإشارة إليه1.
1 ـ أما جواز الاشتراط في ضمن عقد النكاح كلّ شرط سائغ ووجوب الوفاء على المشروط عليه فواضح لا ينبغي الارتياب فيه ، وأمّا عدم كون تخلّفه أو تعذّره موجباً للخيار بخلاف سائر العقود ، حيث يكون خيار تخلّف الشرط ثابتاً فيها ، فلما ذكره صاحب الجواهر(قدس سره) من الوجه لعدم جواز اشتراط الخيار في عقد النكاح ،
- (1) تحرير الوسيلة : 2/265 مسألة 13 .