(الصفحة 506)
النطفتين ، ويؤيّده علم اليوم .
4 ـ قوله (صلى الله عليه وآله) : الولد للفراش(1) بناءً على أنّ المراد به الافتراش فعلا لا ما يقوله العامّة(2) من الافتراش شرعاً ، بمعنى أنّه يحلّ له وطئها ، فلو ولدت وإن لم يفترشها فعلا أُلحِق به الولد . ويرد عليه أنّ الفراش الفعلي ملازم للإنزال أو لاحتمال سبق الماء .
5 ـ إيماء بعض الروايات إليه ، مثل :
رواية أبي البختري المرويّة في قرب الإسناد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن عليّ (عليهم السلام) قال : جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : كنت أعزل عن جارية لي فجاءت بولد فقال (صلى الله عليه وآله) : إنّ الوكاء قد ينفلت ، فألحَق به الولد(3) .
ورواية أبي طاهر البلالي ، المرويّة في كتاب كمال الدّين للصدوق(قدس سره) قال : كتب جعفر بن حمدان فخرجت إليه هذه المسائل : استحللت بجارية وشرطت عليها أن لا أطلب ولدها ولم ألزمها منزلي ، فلمّـا أتى لذلك مدّة قالت لي : قد حبلت . . . وقد أتت بولد ذكر فلم أنكره ـ إلى أن قال : ـ فخرج جوابها ـ يعني من صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف : ـ وأمّا الرجل الذي استحلّ بالجارية وشرط عليها أن لا يطلب ولدها فسبحان من لا شريك له في قدرته ، شرطه على الجارية شرط على الله عزّوجلّ ، هذا ما لايؤمن أن يكون ، وحيث عرض له في هذا الشكّ وليس يعرف الوقت الذي أتاها فليس ذلك بموجب للبراءة من ولده(4) .
- (1) الوسائل : 21/173 ـ 175 ، أبواب نكاح العبيد ب58 .
- (2) المغني لابن قدامة : 9/13 ، المجموع : 19/77 ، العزيز شرح الوجيز : 9/406 .
- (3) قرب الإسناد : 140 ح 500 ، الوسائل : 21/378 ، أبواب أحكام الأولاد ب15 ح1 .
- (4) كمال الدين : 500 ح25 ، الوسائل : 21/385 ، أبواب أحكام الأولاد ب19 ح1 .
(الصفحة 507)
وقد انقدح لك أنّه لا دليل يعتمد عليه على اللحوق بمجرّد الدخول مع القطع بعدم الإنزال في الفرج وحواليه ، وعدم دخول منيّ الرجل في فرج المرأة بوجه ، فالإشكال كما في المتن في محلّه لو لم نقل بعدم اللّحوق في هذه الصورة .
الأمر الثاني : مضيّ ستة أشهر من حين الوطء أو أزيد لا أقل ، قال في الجواهر : لأنّها ـ يعني ستة أشهر ـ أقلّ الحمل كتاباً(1) وسُنّة مستفيضة أو متواترة(2) وإجماعاً محكيّاً كذلك ، بل في المسالك نسبة ذلك إلى علماء الإسلام(3) . بل ومحصّلا ، فلا يلحق به إن وضعته حيّاً كاملا لأقلّ من ذلك . وما عن المفيد(4) بل والطوسي(5)أيضاً من التخيير بين النفي والإقرار به محجوج بما عرفت(6) .
وقد ورد في هذا المجال رواية أبان بن تغلب ، عن الصادق (عليه السلام) قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة فلم تلبث بعدما أُهديت إليه إلاّ أربعة أشهر حتى ولدت جارية ، فأنكر ولدها ، وزعمت هي أنّها حبلت منه؟ فقال : لا يُقبل ذلك منها ، وإن ترافعا إلى السلطان تلاعَنا وفُرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً(7) .
ولكنّ الرواية ضعيفة من حيث السند ، والحمل على عدم حياة الولد وتحقّق السقط وكون محطّ نظر السائل مؤونة التجهيز والتكفين خلاف ظاهر الرواية جدّاً;
- (1) سورة الأحقاف : 46/15 ، سورة لقمان : 31/14 .
- (2) الوسائل: 21/380 ـ 384، أبواب أحكام الأولاد ب17، و ج 22/223 ـ 225، أبواب العدد ب25.
- (3) مسالك الأفهام : 8/373 .
- (4) المُقنعة : 538 .
- (5) الوسيلة : 317 .
- (6) جواهر الكلام : 31/224 .
- (7) التهذيب : 8/167 ح580 ، الفقيه : 3/301 ح 1444 ، الوسائل : 21/382 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح10.
(الصفحة 508)
لأنّ ظاهرها عدم قبول ذلك منها مع أنّه لا وجه له في هذه الصّورة ، مع أنّ جريان الملاعنة في السقط محلّ كلام وإشكال ، فتدبّر جيّداً ، ومع الغضّ عن الجميع فالأخبار الدّالة على أنّ أقلّ الحمل ستة أشهر موافقة للشهرة المحقّقه وظاهر الكتاب(1) كما لا يخفى ، فلا ينبغي الارتياب في هذه الجهة .
الأمر الثالث : عدم التجاوز عن أقصى مدّة الحمل ، والأشهر بل المشهور(2) . بل عن المحكيّ عن ظاهر الاسكافي(3) والمبسوط(4) والخلاف(5) إجماعنا عليه أنّه تسعة أشهر ، ويدلّ عليه روايات كثيرة ، مثل :
مرسلة عبدالرحمن بن سيّابة ، عمّن حدّثه ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن غاية الحمل بالولد في بطن أمّه كم هو؟ فإنّ الناس يقولون : ربّما بقي في بطنها سنتين (سنين خ ل) فقال : كذبوا أقصى مدّة الحمل تسعة أشهر ، ولا يزيد لحظة ، ولو زاد ساعة (لحظة خ ل) لقَتلَ أمّه قبل أن يخرج(6) .
ورواية وهب ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : يعيش الولد لستّة أشهر ، ولسبعة أشهر ، ولتسعة أشهر ، ولا يعيش لثمانية أشهر(7) .
- (1) سورة لقمان : 31/14 ، سورة الأحقاف : 46/15 .
- (2) المُقنعة : 539 ، النهاية : 505 ، المهذّب : 2/341 ، المراسم : 156 ، السرائر : 2/657 .
- (3) حكى عنه في مختلف الشيعة : 7/315 .
- (4) المبسوط : 5/290 .
- (5) الخلاف : 5/88 .
- (6) الكافي : 6/52 ح3 ، التهذيب : 8/115 ح 396 و ص 166 ح 578 ، الوسائل : 21/380 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح3 .
- (7) الكافي : 6/52 ح2 ، التهذيب : 8/115 ح398 وص 166 ح577 ، الوسائل : 21/380 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح2 .
(الصفحة 509)
ورواية أبان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إنّ مريم حملت بعيسى تسع ساعات ، كلّ ساعة شهراً(1) .
وصحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا إبراهيم (عليه السلام) يقول : إذا طلّق الرجل امرأته فادّعت حبلا انتظر بها تسعة أشهر ، فإن ولدت ، وإلاّ اعتدّت بثلاثة أشهر ثمّ قد بانت منه(2) . ولم يذكر في الرواية مبدأ تسعة أشهر ، ولابدّ من الحمل على الوطء الأخير ، كما أنّه لابدّ من الحمل على كون الطلاق في غير طهر المواقعة; لبطلان الطلاق فيه ، وعلى أيّ حال فظهور الرواية في أنّ أقصى الحمل تسعة أشهر غير قابل للإنكار كما لا يخفى ، وسيأتي بعض الكلام في مفاد الرواية إن شاء الله تعالى .
ورواية محمّد بن حكيم ، عن العبد الصّالح (عليه السلام) قال : قلت له : المرأة الشابّة الّتي تحيض مثلها يطلّقها زوجها ، فيرتفع طمثها ما عدّتها؟ قال : ثلاثة أشهر ، قلت : فإنّها تزوّجت بعد ثلاثة أشهر ، فتبيّن بها بعد ما دخلت على زوجها أنّها حامل ، قال : هيهات من ذلك يابن حكيم! رفع الطمث ضربان : إمّا فساد من حيضة ، فقد حلّ لها الأزواج وليس بحامل ، وإمّا حامل فهو يستبين في ثلاثة أشهر; لأنّ الله ـ عزّ وجل ـ قد جعله وقتاً يستبين فيه الحمل . قال : قلت : فإنّها ارتابت ، قال : عدّتها تسعة أشهر ، قال : قلت : فإنّها ارتابت بعد تسعة أشهر ، قال : إنّما الحمل تسعة أشهر ، قلت : فتزوّج؟ قال : تحتاط بثلاثة أشهر ، قلت : فإنّها ارتابت بعد
- (1) الكافي : 8/332 ح516 ، الوسائل : 21/382 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح7 .
- (2) الكافي : 6/101 ح1 ، التهذيب : 8/129 ح444 ، الفقيه : 3/330 ح 1599 ، الوسائل : 22/223 ، أبواب العدد ب25 ح1 .
(الصفحة 510)
ثلاثة أشهر ، قال : ليس عليها ريبة تزوّج(1) .
ويظهر من الوسائل والجواهر(2) أنّ لمحمّد بن حكيم خبراً آخر(3) والظاهر إتّحاده مع هذه الرواية كما نبّهنا عليه مراراً .
وبعض الروايات الأُخر(4) الدّالة على ذلك ، ولكن ذكر المحقّق في الشرائع : وقيل : عشرة أشهر ، وهو حسن يعضده الوجدان(5) . والقائل بهذا القول الشيخ في المحكي عن مبسوطه(6) . وقد ذكر صاحب الجواهر : إنّا لم نقف على ما يدلّ عليه بالخصوص فيما وصل إلينا من النصوص ، وإن حكي عن جماعة أنّ به رواية(7) ،(8) . وقد أورد على الوجدان المذكور في عبارة المحقّق بما في المسالك(9) ونهاية المرام(10)بوجدان الوضع إلى سنة ، فقصره عليه حينئذ دونه ليس في محلّه .
وهنا قول ثالث منسوب إلى المرتضى في الانتصار(11) وابن سعيد(12) وأبي
- (1) الكافي : 6/102 ح4 ، التهذيب : 8/129 ح 447 ، الوسائل : 22/224 ، أبواب العدد ب25 ح4 .
- (2) جواهر الكلام : 31/225 .
- (3) الكافي : 6/102 ح5 ، الوسائل : 22/224 ، أبواب العدد ب25 ح5 .
- (4) الوسائل : 22/223 ـ 225 ، أبواب العدد ب25 ، والوسائل : 21/380 ـ 384 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 .
- (5) شرائع الإسلام : 2/340 .
- (6) حكى عنه في مسالك الأفهام : 8/377 ، والتنقيح الرائع : 3/263 ، ولم نعثر عليه في المبسوط .
- (7) الوسيلة : 318 ، إيضاح الفوائد : 3/259 .
- (8) جواهر الكلام : 31/226 .
- (9) مسالك الأفهام : 8/376.
- (10) نهاية المرام: 1/433 ـ 434 .
- (11) الإنتصار : 154 .
- (12) الجامع للشرائع : 461 .