(الصفحة 511)
الصّلاح(1) وهو أنّ أقصاه سنة ، ومالَ إليه العلاّمة في المختلف(2) . وفي محكي المسالك أنّه أقرب إلى الصواب(3) . ولكن قال في الشرائع : إنّه متروك(4) . ويدلّ عليه رواية غياث ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (عليهما السلام) قال : أدنى ما تحمل المرأة لستّة أشهر ، وأكثر ما تحمل لسنتين(5) .
هذا على نقل الوسائل ، ولذا قال : هذا محمول على التقيّة ، لكن نقل في محكي الوافي بدل سنتين سنة(6) .
وفي مرسل حُريز ، عمّن ذكره ، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عزّ وجل :
{يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ}(7) قال : الغيض : كلّ حمل دون تسعة أشهر ، وما تزداد : كلّ شيء يزداد على تسعة أشهر ، فلمّا رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنّها تزداد بعد الأيّام الّتي رأت في حملها من الدّم(8) .
وفي المرفوعة المرويّة عن نوادر المعجزات للرّاوندي ، عن سيّدة النساء فاطمة (عليها السلام) أنّها ولدت الحسين (عليه السلام) عند تمام ستّة من حملها به(9) .
- (1) الكافي في الفقه : 314 .
- (2) مختلف الشيعة : 7/315 ـ 316 .
- (3) مسالك الأفهام : 8/376 .
- (4) شرائع الإسلام : 2/340 .
- (5) الفقيه : 3/330 ح1600 ، الوسائل : 21/384 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح15 .
- (6) الوافي 23/1425 ح23567 ، وكذا في المصدر .
- (7) سورة الرعد : 13/8 .
- (8) الكافي : 6/12 ح2 ، الوسائل : 21/381 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح6 .
- (9) الخرائج والجرائح : 2/841 ـ 845 باب نوادر المعجزات ح60 .
(الصفحة 512)
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا أنّ الأرجح في النظر هو كون الأقصى تسعة أشهر; لدلالة بعض الروايات الصحيحة عليه ، وموافقته للشهرة المحقّقة الّتي هي أوّل المرجّحات في الخبرين المتعارضين على ما ذكرنا في محلّه . نعم يبقى الإشكال في أُمور :
الأوّل : مخالفته للوجدان كما أشار إليه المحقّق في عبارته المتقدّمة ، ويدفعه أنّ التسعة تلاحظ من حين انعقاد النطفة الّتي هي مبدأ نشؤ آدمي ، ولو كان هناك وطء واحد فرضاً ، إلاّ أنّه لابدّ من ملاحظة حال الانعقاد وموارد الوجدان على فرض تحقّقها لا يعلم فيها المبدأ أصلا ، مع أنّه من الممكن أن يكون هناك وطء من غير الزوج ولو بشبهة محلّلة ، ويُؤيّد هذا الوجه تردّد النساء في المبدأ نوعاً وعدم العلم به كذلك .
الثاني : دلالة الرواية الصحيحة المتقدّمة(1) على الاعتداد بعد التسعة بثلاثة أشهر ، مع أنّه لا مجال لهذا الاعتداد بعد مضيّ أقصى الحمل ، ويظهر من بعض الأخبار(2) أنّ هذا الاعتداد إنّما يكون على سبيل الاحتياط المأمور به ، حيث قال : فيه بعد قوله : إنّما الحمل تسعة أشهر ، والسؤال عن أنّها تزوّج «تحتاط بثلاثة أشهر» وفي نقل آخر(3) لهذه الرواية قال الإمام (عليه السلام) : إنّما يرتفع الطمث من ضربين : إمّا حمل بيّن ، وإمّا فساد في الطمث ، ولكنّها تحتاط بثلاثة أشهر بعد .
والمستفاد من المجموع أنّ هذا الاحتياط اللاّزم إنّما هو بملاحظة أنّ رفع الطمث
- (1) في ص506 ـ 507 .
- (2) الكافي : 6/101 ح2 ، التهذيب : 8/129 ح445 ، الوسائل : 22/223 ، أبواب العدد ب25 ح2 .
- (3) الكافي : 6/102 ح5 ، الوسائل : 22/224 ، أبواب العدد ب25 ح5 .
(الصفحة 513)
لعلّه لا يكون لأجل الحمل ، بل لأجل فساد في الطمث ، والاحتياط إنّما هو بملاحظته .
الثالث : إنّه لا مجال مع دلالة الرواية الصحيحة(1) على أنّ أقصى مدّة الحمل تسعة أشهر للتمسّك بذيل الاستصحاب; لأنّه لا تصل النوبة إلى الأصل مع وجود الأمارة المعتبرة ، مع أنّ الاستناد إلى الاستصحاب في جواز نفي النسبة فيما دون في غاية الإشكال .
وينبغي في الختام التنبيه على أمر ، وهو أنّ الأمور الثلاثة المذكورة معتبرة في لحوق الولد الكامل الحيّ ، وأمّا في السقط فلا يُعتبر في لحوقه بلوغ أقلّ الحمل ولا عدم التجاوز عن أقصاه . نعم لا شكّ في اعتبار الإنزال بالنحو المذكور ، ويترتّب على اللّحوق وعدمه إرث الديّة وعدمها فيما لو أسقطه مسقط ، وقد ذكر مراتب الديّة في كتاب الديّات(2) .
والظّاهر أنّه لا دليل على اللّحوق إلاّ مثل قوله (صلى الله عليه وآله) : الولد للفراش بالمعنى المتقدّم(3) . غاية الأمر عدم اعتبار الشرطين الأخيرين فيه لفرض كونه سقطاً ، ويمكن الفرق بين عدم البلوغ أقلّ الحمل وبين التجاوز عن أقصاه بكونه سقطاً في الأوّل وميّتاً في الثاني ، والثاني يصدق عليه الولد وإن كان غير حيّ بخلاف الأوّل ، وفي بعض الروايات المتقدّمة إشارة إليه ، اللّهم إلاّ أن يُقال : إنّ اللّحوق في الولد الحيّ الكامل لابدّ و أن يكون مستنداً إلى مثل ذلك القول ، وإلاّ فوجود الشرائط المتقدّمة لا يترتّب عليه إلاّ إمكان اللحوق لا اللحوق الفعلي; لإمكان الاستناد إلى
- (1) الكافي : 6/101 ح1 ، التهذيب : 8/129 ح444 ، الوسائل : 22/223 ، أبواب العدد ب25 ح1 .
- (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الديّات : 273 وما بعدها .
- (3) في ص506 .
(الصفحة 514)مسألة 2 : إذا تحقّقت الشروط المتقدّمة لحق الولد به ، ولا يجوز له نفيه وإن وطأها واطئ فجوراً فضلا عمّا لو اتّهمها به ، ولا ينتفى عنه لو نفاه إن كان العقد دائماً إلاّ باللّعان ، بخلاف ما إذا كان العقد منقطعاً وجاءت بولد أمكن إلحاقه به ، فإنّه وإن لم يجز له نفيه لكن لو نفاه ينتفى منه ظاهراً من غير لعان ، لكن عليه اليمين مع دعواها أو دعوى الولد النسب1.
وطء غير الزوج شبهة أو زناً ، فالدّليل على اللحوق في الموردين واحد ، فتدبّر جيّداً .1 ـ لا ينبغي الإشكال في أنّ من آثار لحوق الولد بالزوج مع تحقّق الشرائط المتقدّمة عدم جواز نفيه ، ولزوم الالتزام بالولديّة من دون فرق بين أن يطأها واطىء آخر فجوراً فضلا عمّا لو اتّهمها به; لِما عرفت من قوله (صلى الله عليه وآله) : الولد للفراش وللعاهر الحجر(1) وكذا من دون فرق بين صورة المشابهة له في الخَلق والخُلق وبين صورة عدمها .
نعم ، قد ورد في مرسلة ابن فرقد ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : أتى رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله إنّي خرجت وامرأتي حائض ، فرجعت وهي حبلى ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من تتّهم؟ قال : أتّهم رجلين فجاء بهما ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن يك ابن هذا فسيخرج قططاً كذا وكذا ، فخرج كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فجعل معقلته على قوم أُمّه ، وميراثه لهم ، ولو أنّ إنساناً قال له : يابن الزانية لجلد الحد(2) .
- (1) الوسائل : 21/173 ـ 157 ، أبواب نكاح العبيد ب58 .
- (2) الكافي : 5/490 ح1 ، التهذيب : 8/182 ح 636 ، الوسائل : 21/497 ، أبواب أحكام الأولاد ب100 ح2 .
(الصفحة 515)مسألة 3 : لا يجوز نفي الولد لأجل العزل ، فلو نفاه لم ينتف إلاّ باللّعان1.مسألة 4 : الموطوءة بشبهة كما إذا وطىء أجنبيّة بظنّ أنّها زوجته يلحق ولدها بالواطىء بشرط أن تكون ولادته لستّة أشهر من حين الوطء أو أكثر ، وأن لا يتجاوز عن أقصى الحمل ، وبشرط أن لا تكون تحت زوج مع إمكان التولّد منه بشروطه2
ولكن الرواية مرسلة لا اعتبار بها ، نعم بين النكاحين الدائم والمنقطع فرق ، كما يأتي في كتاب اللّعان ، الذي له عبارة خاصّة وأحكام مخصوصة ، وهو أنّه بعد اشتراكهما في عدم جواز النفي إذا كانت شروط اللحوق المذكورة في المسألة السّابقة موجودة ـ لعدم جواز النفي في النكاح المنقطع أيضاً ـ يفترقان في أنّه في ولد الدائمة لا ينتفى الولد إلاّ باللّعان ، وأمّا في ولد المنقطعة إذا نفاه ينتفى عنه بحسب الظّاهر ، من دون افتقار إلى اللّعان ، لكن لو كان في مقابل الزوج دعوى الزوجة أو دعوى الولد النسب يجب عليه اليمين; لإثبات دعواه في مقابل دعواهما بعد عدم إمكان إقامتهما البيّنة كما لا يخفى ، وسيأتي مزيد التحقيق في ذلك الكتاب إن شاء الله تعالى .1 ـ قد عرفت(1) أنّه لا إشكال في اللّحوق بمجرّد الدخول بلا إنزال قطعاً ، بل عدم اللحوق ظاهراً ، والمفروض في هذه المسألة صورة العزل مع عدم العلم بعدم الإنزال ولو بدون الاختيار ، وفي هذه الصورة مع وجود شروط اللحوق يلحق به الولد ، فلا يجوز النفي ولا ينتفى إلاّ باللّعان; لِما عرفت من دليله كما لا يخفى .2 ـ الموطوءة بشبهة إذا لم تكن تحت زوج يمكن لحوق الولد به ، يلحق ولدها