(الصفحة 86)
بينهما وسلّمت الزوجة إلى الرجل المدّعي ، ومع عدم البيّنة ووصول النوبة إلى يمين الزوج الأوّل والزوجة ، فإن حلفا معاً على عدم زوجيّة الآخر سقطت دعوى الثاني عليهما ويبقيا على الزوجية بلا إشكال ، كما أنّه لو نكلا جميعاً عن اليمين فردّ الحاكم اليمين على الثاني أو ردّاها عليه وحلف ثبت مدّعاه ، وهي زوجيّتها للرجل المدّعي .
إنّما الكلام فيما لو حلف أحدهما دون الآخر ، بأن نكل عن اليمين فردّها الحاكم عليه أو ردّ هو عليه فحلف عقيب الردّ ، فبالنسبة إلى الحالف تسقط دعواه وبالنسبة إلى الآخر تثبت لكن لا يكون لهذا الثبوت أثر بالإضافة إلى الحالف ، لأنّه إن كان الحالف هو الزوج الأوّل والناكل هي الزوجة لا يكون لنكولها أثر بالإضافة إلى الزوج ، بل لو طلّقها أو مات عنها تردّ إلى المدّعي ، وإن كان العكس بأن كان الحالف هي الزوجة والناكل هو الزوج تسقط دعوى المدّعي بالنسبة إليها لحلفها ، وليس له سبيل إليها على كلّ حال ، فتأمّل في الفرق بين الصورتين لكي لا يختلط عليك الأمر .
ثمّ إنّه ورد في أصل المسألة مضمرة يونس قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة في بلد من البلدان فسألها لكِ زوج؟ فقالت : لا ، فتزوّجها ثمّ إنّ رجلاً أتاه فقال : هي امرأتي ، فأنكرت المرأة ذلك ما يلزم الزوج؟ فقال : هي امرأته إلاّ أن يُقيم البيّنة(1) . وخبر عبد العزيز بن المهتدي قال : سألت الرضا (عليه السلام) قلت : جعلت فداك إنّ أخي مات وتزوّجت امرأته ، فجاء عمّي فادّعى أنّه كان تزوّجها سرّاً ، فسألتها عن ذلك فأنكرت أشد الإنكار وقالت : ما كان بيني وبينه شيء قط ، فقال : يلزمك إقرارها
- (1) التهذيب : 7/468 ح1874 ، وص477 ح 1914 ، الوسائل : 20/300 ، أبواب عقد النكاح ب23 ح3 .
(الصفحة 87)مسألة 24 : إذا ادّعت امرأة أنّها خليّة فتزوّجها رجل ثم ادّعت بعد ذلك أنّها كانت ذات بعل لم تسمع دعواها . نعم لو أقامت البيّنة على ذلك فرّق بينهما ، ويكفي في ذلك بأن تشهد بأنّها كانت ذات بعل فتزوّجت حين كونها كذلك من الثاني من غير لزوم تعيين زوج معيّن1.مسألة 25 : يشترط في صحّة العقد الاختيار أعني اختيار الزوجين ، فلو اُكرها أو اُكره أحدهما على الزواج لم يصحّ. نعم لو لحقه الرّضا صحّ على الأقوى2.
ويلزمه إنكارها(1) .
قال صاحب الجواهر(قدس سره) : ولا ينافي ذلك مضمر سماعة قال : سألته عن رجل تزوّج جارية أو تمتّع بها ، فحدّثه رجل ثقة أو غير ثقة فقال : إنّ هذه امرأتي وليست لي بيّنة ، فقال : إن كان ثقة فلا يقربها وإن كان غير ثقة فلا تقبل منه(2) بعد أن كان محمولاً على ضرب من الاستحباب للاحتياط إذ لم نجد عاملاً به(3) انتهى .1 ـ في الصورة المفروضة إذا أقامت المرأة المزوّجة المدّعية البيّنة الشرعيّة على كونها ذات بعل في حال التزويج مع الأوّل تسمع دعواها وإن كانت واقعة بعده ، ويفرّق بينهما لوقوع عقدها في حال كونها ذات بعل شرعاً وهو باطل ، ولا يلزم تعيّن البعل بنظر الشاهدين ، بل تكفي الشهادة بمجرّد كونها ذات بعل حين الزواج مع الأوّل وإن لم يكن متعيّناً ، كما لا يخفى .2 ـ من الواضح اعتبار اختيار الزوجين في مقابل كراهتهما أو كراهة أحدهمافي
- (1) الكافي : 5/563 ح 27 ، الفقيه : 3/303 ح 1452 ، الوسائل : 20/299 ، أبواب عقد النكاح ب23 ح1 .
- (2) التهذيب : 7/461 ح1845 ، الوسائل : 20/300 ، أبواب عقد النكاح ب23 ح2 .
- (3) جواهر الكلام : 29/164 .
(الصفحة 88)
صحّة العقد ، وأنّه لا يصحّ مع الإكراه ، ويدلّ على اعتبار الرضا في العقد ـ مضافاً إلى وضوحه سيّما بين المتشرّعة ، وإلى التعبير عنه في بعض الروايات(1) المتقدّمة بالاشتراء الذي يتوقّف الصحة فيه مطلقاً على الرضا وطيب النفس ـ أنّ العقود مطلقاً كذلك ، كما أنّ الايقاعات الصادرة من شخص واحد كالعتق والطلاق أيضاً كذلك ، وتكون صحّته مرفوعة بحديث الرفع(2) في صورة الاكراه .
نعم ، لا دليل في مثل المقام ممّا تجري فيه الفضولية على اعتبار مقارنة الرضا في صحّة العقد ، ولا يستفاد من حديث الرفع ذلك ، فإذا لحقه الرضا وطيب النفس يصحّ على الأقوى بعد عدم اعتبار المقارنة ، لعدم الدليل خصوصاً مع الحكم بالصحة في الفضولي ، فتدبّر .
- (1) الوسائل : 20/87 ـ 90 ، أبواب مقدّمات النكاح ب36 ح1 ، 7 ، 11 .
- (2) الوسائل : 15/329 ـ 370 ، أبواب جهاد النفس ب56 .
(الصفحة 89)فصل في أولياء العقد
مسألة 1 : للأب والجدّ من طرف الأب بمعنى أب الأب فصاعداً ولاية على الصغير والصغيرة والمجنون المتّصل جنونه بالبلوغ ، وكذا المنفصل عنه على الظاهر ، ولا ولاية للاُمّ عليهم وللجدّ من طرف الاُمّ ولو من قبل اُمّ الأب بأن كان أباً لاُمّ الأب مثلاً ، ولا للأخ والعمّ والخال وأولادهم 1.
1 ـ ثبوت الولاية بالقرابة في الأب والجدّ من طرف الأب بالمعنى المذكور في المتن بالإضافة إلى المذكورين في الجملة ممّا يدلّ عليه مضافاً إلى الاجماع(1)الروايات الواردة في هذا الباب .
منها : صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في الصبي يتزوّج الصبية يتوارثان؟ فقال : إذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم ، قلت : فهل يجوز طلاق
- (1) الخلاف: 4 / 265 ـ 266 ، التذكرة الفقهاء : 2/587 .
(الصفحة 90)
الأب؟ قال : لا(1) .
ومنها : صحيحته الاُخرى عن أحدهما (عليهما السلام) قال : إذا زوّج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه ، ولابنه أيضاً أن يزوّجها ، فقلت : فإن هوى أبوها رجلاً وجدّها رجلاً؟ فقال : الجدّ أولى بنكاحها(2) .
ومنها : صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الصبّية يزوّجها أبوها ثم يموت وهي صغيرة فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها ، يجوز عليها التزويج أو الأمر إليها؟ قال : يجوز عليها تزويج أبيها(3) .
ومنها : رواية عبدالله بن الصّلت قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الجارية الصغيرة يزوّجها أبوها ، لها أمر إذا بلغت؟ قال : لا ليس لها مع أبيها أمر ، قال : وسألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر؟ قال : ليس لها مع أبيها أمر ما لم تكبر(4) .
ومنها : غير ذلك من الروايات(5) الكثيرة الواردة في هذا المجال أو التي يستفاد منها ذلك ، وأنّ الولاية بالقرابة حاصلة للأب ولأبيه ، والظاهر أنّها هي مستند المجمعين وأنّه لا أصالة للاجماع في هذه المسألة بوجه .
وأمّا عدم ثبوت الولاية للأخ ولا للعمّ ولا للخال ولا لأودلادهم فيدلّ
- (1) التهذيب : 7/388 ح1556 ، الوسائل : 20/292 ، أبواب عقد النكاح ب12 ح1 .
- (2) الكافي : 5/395 ح2 ، التهذيب : 7/390 ح 1561 ، الوسائل : 20/289 ، أبواب عقد النكاح ب11 ح1 .
- (3) الكافي : 5/394 ح 9 ، الفقيه : 3/250 ح 1191 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : 2/18 ح 44 ، التهذيب : 7/381 ح1541 ، الإستبصار : 3/236 ح 852 ، الوسائل : 20/275 ، أبواب عقد النكاح ب6 ح1 .
- (4) الكافي : 5/394 ح 6 ، التهذيب : 7/381 ح 1540 ، الإستبصار : 3/236 ح 851 ، الوسائل : 20/276 ، أبواب عقد النكاح ب6 ح3 .
- (5) الوسائل : 20/276 ـ 277 ، أبواب عقد النكاح ب6 ح4 ـ 7 .