(الصفحة 156)
مسئلة 25 ـ لو اعتقد انه غير مستطيع فحج ندبا فان امكن فيه الاشتباه في
التطبيق صح و اجزأ عن حجة الاسلام، لكن حصوله مع العلم و الالتفات بالحكم و
الموضوع مشكل، و ان قصد الامر الندبى على وجه التقييد لم يجز عنه و في صحة حجة
تأمل، و كذا لو علم باستطاعته ثم غفل عنها، و لو تخيل عدم فوريته فقصد الندب لا
يجزى و في صحته تأمل1.
العالى ـ ان الخطابات العامة المتضمنة للتكاليف و الاحكام بنحو العموم لا تكاد
تنحلّ الى خطابات متكثرة حسب تكثر افراد المكلفين و تعدد آحادهم بل انما هى
خطاب واحد متضمن لحكم عام و تكليف كلى و مقتضاه ثبوت مقتضاه بالاضافة الى
الجميع غاية الامر كون بعض الامور عذرا بالنسبة الى المخالفة و موجبا لعدم ترتب
استحقاق العقوبة عليها كالعجز و الجهل و الغفلة في الجملة و لا ملازمة بين
كونها عذرا و بين عدم ثبوت التكليف الذى يتضمنه الخطاب العام فقوله و للّه على
الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا يدل على ثبوت هذا التكليف و تحقق هذا
الدين في جميع موارد تحقق الاستطاعة الواقعية و عليه فالتكليف ثابت بنحو العموم
فاذا انكشف للجاهل انه مستطيع و للغافل انه كان يجب عليه الحج و لم يؤت به بعد
فاللازم الحكم بالاستقرار و لزوم الاتيان به و لو بنحو التسكع و لا فرق من هذه
الجهة بين فرضى الغفلة و كذا فرضى الجهل و ان كان بينهما فرق احيانا من جهة
المعذورية و عدمها و عليه لا مجال لدعوى خروج الجاهل بالجهل المركب عن الاحكام
المشتركة بين العالم و الجاهل و التفصيل المذكور مبتن على القول بالانحلال و
اختصاص كل مكلف بخطاب خاص و قد انقدح مما ذكرنا ان الاقوى ما عليه المتن.
1 ـ وجه الاجزاء عن حجة الاسلام في صورة الاشتباه في التطبيق على تقدير امكانه
هو انه في هذه الصورة قصد الامر الواقعى المتعلق بالحج بالاضافة اليه غاية
الامر تخيله باعتبار اعتقاده عدم الاستطاعة انه هو الامر الندبى فقصده و لو كان
عالما بالاستطاعة لكان يقصد الامر الوجوبى المتوجه اليه ففى الحقيقة كان قصده
امتثال الامر
(الصفحة 157)
الواقعى ايّاما كان و لكنه يتخيل انه الامر الندبى فلا مجال للحكم بعدم الاجزاء
في هذه الصورة و اما في صورة التقييد فتارة يقع البحث فيها عن الاجزاء عن حجة
الاسلام و عدمه و اخرى بعد الفراغ عن عدم الاجزاء في صحته في نفسه فنقول:
اما الجهة الاولى ففى المتن و العروة الحكم
بعدم الاجزاء نظرا الى انه لم يقصد امتثال الامر الواقعى ايّاما كان بل انما
قصد امتثاله على تقدير كونه هو الامر الندبى بحيث لو كان عالما بالاستطاعة لما
كان يقصد امتثال الامر الوجوبى بوجه فلم يتعلق قصده باتيان حجة الاسلام اصلا بل
انما تعلق باتيان خصوص الحج الندبى و عليه فكيف يمكن الحكم بالاجزاء عنه مع ما
عرفت من تعدد حقائق الحج و مغايرة حجة الاسلام لغيرها من حيث المهية.
هذا و لكن ذكر بعض الاعلام ـ على ما في شرح العروة ـ ان الظاهر هو الاجزاء في
هذه الصورة ايضا نظرا الى ان التقييد انما يتصور في الامور الكلية التى لها سعة
و قابلة للتقسيم الى الانواع و الاصناف و اما الامر الخارجى الذى لا يقبل
التقسيم فلا يتصور فيه التقييد نظير ما ذكروه من التفصيل في باب الايتمام الى
زيد فبان انه عمرو فانه غير قابل للتقييد لان الايتمام قد تعلق بهذا الشخص
المعين و هو لا يكون فيه سعة حتى يتصور فيه التقييد و في المقام يكون الامر
بالحج المتوجه اليه في هذه السنة امر شخصى ثابت في ذمته و ليس فيه سعة و
المفروض ان الثابت في ذمته ليس الا حجة الاسلام و قد اتى بها فان حج الاسلام
ليس الا الاعمال الصادرة من البالغ الحر المستطيع الواجد لجميع الشرائط و لا
يعتبر قصد هذا العنوان في صحة الحج غاية الامر تخيل جواز الترك و هو غير ضائر
كما لو فرضنا انه صام في شهر رمضان ندبا بنية القربة و كان جاهلا بوجوب الصوم
فيه فانه لا ريب في الاكتفاء به بل لو فرضنا انه لو علم بالوجوب لم يأت به في
هذه السنة نلتزم بالصحة ايضا لانه من باب تخلف الداعى و ليس من التقييد بشىء.
(الصفحة 158)
اقول يرد عليه اولا انه لا مجال للاشكال في
ثبوت فرضين في هذا المقام و مثله لان المكلف تارة يكون بصدد امتثال الامر
الواقعى ايّاما كان و في مثال الاقتداء المذكور بصدد الايتمام بالامام الحاضر
ايّا من كان و اخرى بصدد امتثال الامر الواقعى على تقدير كونه هو الندب و بصدد
الايتمام بالامام الحاضر على تقدير كونه زيدا بحيث لم يتعلق غرضه بامتثال الامر
الوجوبى و بالاقتداء بعمرو اصلا و ان كان معتقدا بعدالته و صحة الاقتداء به و
التعبير عن الفرض الاول بالاشتباه في التطبيق و عن الفرض الثانى بالتقييد انما
هو للاشارة الى الفرضين و ليس البحث في نفس العنوانين حتى يقال باختصاص دائرة
التقييد بما إذا كان هناك سعة و عموم قابل للتضييق و التقييد.
و ثانيا انه لا اختصاص للتقييد بما إذا كان في الامور الكلية بل يجرى في الامور
الجزئية بنحو يكون وجودها متحققا مقيدا لاما إذا عرض لها التقييد بعد وجودها
نظير ما ذكروه في باب الواجب المشروط من ان رجوع القيد في مثل «اكرم زيدا ان
جائك» الى الهيئة كما عليه المشهور في مقابل الشيخ (قدس سره) مع كون مفاد
الهيئة امرا جزئيا لانه كالحروف يكون من باب الوضع العام و الموضوع له الخاص لا
مانع منه لانه ينشأ الوجوب بنحو التقييد من اول الامر لا انه ينشأ ثم يعرض له
التقييد.
و ثالثا انه لو سلمنا اختصاص التقييد بما إذا كان في الامور الكلية نقول بثبوت
الامر الكلى في المقام و مثله كالاقتداء في المثال المذكور ضرورة انه لا بد من
ملاحظة الامر قبل تحققه في الخارج لان التقييد انما يتحقق في هذه المرحلة و من
المعلوم ان الايتمام الذى يتعلق به القصد يكون قبل التحقق كليا له سعة من حيث
الزمان و المكان و من حيث من يقتدى به و إذا كان كذلك فله التقييد و التضييق و
عليه فالتقييد بالمقتدى الخاص يكون قبل مرحلة الوجود و كذلك المقام فانه قبل ان
يشرع في الحج يتصف عمله بالسعة و الكلية و له التقييد من جهة الداعى بامر خاص و
كون الامر المتعلق بالحج في هذه السنة امرا خاصا لا يوجب عدم امكان التقييد في
الحج الذى
(الصفحة 159)
يريد الشروع فيه.
و العجب منه انه مع التزامه بتعدد حقايق الحج و تكثر مهياته كيف جعل الحج في
صورة التقييد مجزيا عن حجة الاسلام مع انه لم يقصدها بوجه بل قصد غيرها لا لاجل
الجهل بوجوبها عليه لاعتقاد عدم الاستطاعة بل لانه لا يريد الاتيان بها على
تقدير العلم ايضا كما هو المفروض و من هنا يمكن ان يقال بالفرق بين الحج و بين
الصوم الذى اورده بعنوان التأييد نظرا الى احتمال ان لا يكون للصوم حقائق
مختلفة و مهيات متعددة بخلاف الحج.
و قد انقدح من جميع ما ذكرنا ان الظاهر هو عدم الاجزاء عن حجة الاسلام في فرض
التقييد.
و اما الجهة الثانية فقد حكم السيد في
العروة بصحة ما اتى به من الحج في نفسه و ان لم يكن مجزيا عن حجة الاسلام و
تأمل فيها في المتن و الوجه فيه انه سيأتى انشاء اللّه تعالى ان من كان عليه
حجة الاسلام لا يجوز ان يأتى بالحج نيابة عن الغير او تطوعا عن نفسه و لكنه لا
يعلم انه هل يختص الحكم بما إذا كان عالما بثبوت حجة الاسلام عليه او يعمّه و
ما إذا كان جاهلا به ايضا كما في المقام فاللازم ملاحظة تلك المسئلة.
بقى الكلام في الفرع الاخير الذى تعرض له في
المتن و هو ما لو كان عالما بالاستطاعة و بوجوب الحج عليه لكنه تخيل عدم كون
الوجوب فوريا فحج ندبا و قد حكم فيه بثبوت حكم التقييد عليه من عدم الاجزاء و
التامل في صحته في نفسه و الوجه فيه انه مع العلم بالوجوب و قصد الامر الندبى
لاجل تخيل عدم الفورية لا محيص عن كونه تقييدا لانه لا يريد امتثال الامر
الوجوبى بوجه فلا مجال للاجزاء و الوجه في التأمل فى الصحة ما عرفت.
و لكن بعض الاعلام مع حكمه بالاجزاء في التقييد حكم بعدم الاجزاء في خصوص
المقام نظرا الى ثبوت امرين هنا احدهما وجوبى و الاخر ندبى مترتب على
(الصفحة 160)
مسئلة 26 ـ لا يكفى في وجوب الحج الملك المتزلزل كما لو صالحه شخص بشرط
الخيار الى مدة معينة الا إذا كان واثقا بعدم فسخه لكن لو فرض فسخه يكشف عن عدم
استطاعته1.
الاول و في طوله و لا استحالة في الامر بالضدين إذا كان بنحو الترتب لان الامر
الثانى مترتب على عدم الاتيان بالاول و لو كان عن عصيان و عليه فما اتى به صحيح
في نفسه الا انه لا يجزى عن حجة الاسلام لان الامر الفعلى لم يقصد و انما قصد
الامر الندبى المترتب على مخالفة الامر الفعلى بخلاف التقييد الذى لا يكون فيه
الا امر واحد.
اقول لم يظهر لى الفرق بثبوت امرين هنا دون التقييد الذى لا يكون فيه الا امر
واحد و لا محالة يكون هو الامر المتعلق بحج الاسلام و ثبوت العلم في المقام
باصل الوجوب لا يكون فارقا فانه على اى تقدير لم يقصد امتثال الامر المتعلق بحج
الاسلام و عليه فلو فرض ثبوت الفرق المذكور لا يكون فارقا من حيث الاجزاء و
عدمه اصلا.
1 ـ قد استدل السيد (قدس سره) في العروة لعدم كفاية الملك المتزلزل في وجوب
الحج بانها في معرض الزوال و يرد عليه اولاّ ان المعرضية للزوال شأن جميع
الاموال الموجودة في الخارج فانها باجمعها مشتركة في المعرضية غاية الامر
اختلاف طرق الزوال من جهة الفسخ و الاحتراق و المرض و التلف و غيرها كالاختلاف
من جهة قوة الاحتمال و ضعفه بحيث لا يبلغ مرحلة لا يعتنى به العقلاء.
و ثانيا على تقدير اختصاص المعرضية بمثل المقام لم يقم دليل على اعتبار عدمها
في تحقق الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج فانها كما عرفت عبارة عن ان يكون عنده
ما يحج به و قد عرفت انه يستفاد من الحكم بعدم وجوب الحج في مثل مورد السرقة
اعتبار البقاء بنحو ينافيه عدمه غير الاختيارى فيجب حفظ البقاء و لا يجوز
التصرف المخرج له عن الاستطاعة و اما اعتبار عدم المعرضية للزوال زائدا على ما
ذكر فلم يقم دليل عليه و بناء عليه فالظاهر تحقق الاستطاعة في المثال المذكور
|