(الصفحة 265)
الخلاف ـ ما هو المرتكز بين المتشرعة و المتفاهم عندهم من آية الحج و غيرها من
ادلة وجوب الحج و عليه فيكون الاستقرار على وفق القاعدة فالحكم في المقام ما في
المتن من الاستقرار.
الفرع السابع ما لو اعتقد عدم كفاية ماله عن
حجة الاسلام فترك الحج ثم بان الخلاف و انه كان مستطيعا مالا و المفروض وجود
باقى الشرائط ايضا و الحكم فيه ما تقدم في الفرع السادس من دون فرق اصلا و قد
مرّ ان الاقوى هو الاستقرار.
الفرع الثامن ما لو اعتقد المانع من العدو
او الحرج او الضرر المستلزم له فترك الحج فبان الخلاف و قد استظهر الماتن (قدس
سره) الاستقرار في هذا الفرع ايضا و لكن السيد (قدس سره) فى العروة بعد ان ذكر
ان فيه وجهين قد قوى عدم الاستقرار قال لان المناط من الضرر الخوف و هو حاصل
الا إذا كان اعتقاده على خلاف روية العقلاء و بدون الفحص و التفتيش.
و عليه فالفرق بين هذا الفرع و الفرعين السابقين ـ بنظر السيد ـ يرجع الى ان
الاعتقاد بالخلاف كان محققا فيهما دونه لان الشرط ليس هو عدم الضرر واقعا و عدم
العدو كذلك بل الشرط هو عدم خوف الضرر و المفروض تحققه بمجرد الاعتقاد و عليه
فلا يكون ترك الحج مستندا الا الى عدم تحقق شرط الوجوب واقعا لا الى الاعتقاد
بالخلاف مع وجوده كذلك.
و لذا اورد عليه بعض الاعلام بانه لا يتم على مسلكه من شرطية هذه الامور واقعا
فان الخوف بوجود العدو او الضرر و ان كان طريقا عقلائيا الى وجوده و لكن الحكم
بعدم الوجوب في ظرف الجهل بتحقق الشرط حكم ظاهرى لا واقعى فيكون المقام نظير ما
إذا اعتقد عدم المال و ترك الحج ثم بان الخلاف.
اقول قد مر في المسئلة الثانية و الاربعين
ما يتعلق ببحث الخوف فراجع.
الفرع التاسع ما لو اعتقد وجود مزاحم شرعى
اهم فترك الحج لاجله فبان
(الصفحة 266)
مسئلة 45 ـ لو ترك الحج مع تحقق الشرائط متعمدا استقر عليه مع بقائها الى
تمام الاعمال و لو حج مع فقد بعضها فان كان البلوغ فلا يجزيه الا إذا بلغ قبل
احد الموقفين فانه مجز على الاقوى، و كذا لو حج مع فقد الاستطاعة المالية، و ان
حج مع عدم امن الطريق او عدم صحة البدن و حصول الحرج فان صار قبل الاحرام
مستطيعا و ارتفع العذر صح و اجزأ، بخلاف ما لو فقد شرط في حال الاحرام الى تمام
الاعمال، فلو كان نفس الحج و لو ببعض اجزائه حرجيا او ضرريا على النفس فالظاهر
عدم الاجزاء1.
الخلاف بعد الحج و الحكم فيه ما في الفرعين المتقدمين ـ السادس و السابع ـ من
دون فرق و عليه فالحكم فيه هو الاستقرار ايضا.
1 ـ فى هذه المسئلة ايضا فروع يكون الجامع لغير الفرع الاول الحج مع فقد بعض
الشرائط فنقول:
الاول: لو كانت الشرائط المعتبرة في وجوب
الحج متحققة باجمعها و المكلف عالم بها و بوجوب الحج عليه و مع ذلك تركه عامدا
اختيارا فهذا هو القدر المسلم من مورد استقرار الحج عليه و لزوم الاتيان به في
القابل و لو متسكعا مع بقاء الشرائط الى تمام الاعمال الذى يمكن تحققه في اليوم
الثانى عشر من ذى الحجة و قد مر ان الحبث فيما به يتحقق الاستقرار من جهة بقاء
الشرائط يأتى في بعض المسائل الآتية و اما اصل الاستقرار و ثبوته في المقام فلا
مجال للاشكال فيه و هذا هو المورد الذى نفى الاشكال فيه نصا و فتوى في عبارته
المتقدمة لان الاهمال فيها بمعنى ترك الحج متعمدا و متساهلا و لا فرق فيه بين
القول بكون اصل الاستقرار على وفق القاعدة او على خلافها غاية الامر انه على
التقدير الثانى يدل عليه الروايات الكثيرة الواردة في التسويف الذامة له الدالة
على انه تضييع شريعة من شرايع الاسلام و انه يوجب ان يموت يهوديا او نصرانيا و
لا فرق في مفادها بين كون التسويف الى العام القابل او الى الاعوام المتعددة بل
الى آخر
(الصفحة 267)
العمر فاصل الاستقرار لا مجال للمناقشة فيه.
الثانى: لو حج مع فقد البلوغ فان وقع تمام
الحج معه فالحج و ان كان صحيحا بناء على مشروعية عبادات الصبى و رجحانها و
استحبابها كما هو مقتضى التحقيق الا انه لا يكون مجزيا عن حجة الاسلام لدلالة
الروايات المتعددة عليه و في بعضها انه لو حج عشر حجج لا يجزيه عن حجة الاسلام.
و ان وقع بعضه معه فقد اختار الماتن (قدس سره) انه لو بلغ قبل احد الموقفين فهو
يجزى عن حجة الاسلام و الوجه فيه الغاء الخصوصية من الروايات الواردة في العبد
الذى انعتق قبل احد الموقفين الدالة على اجزاء حجه عن حجة الاسلام و قد مرّ
تفصيل البحث في ذلك فى شرح المسئلة السادسة من كتاب الحج فراجع
الثالث: لو حج مع فقد الاستطاعة المالية
فتارة يقع تمام الحج معه و اخرى يرتفع ذلك قبل احد الموقفين و مقتضى المتن
الاجزاء في الفرض الثانى و منشأه ايضا الغاء الخصوصية من روايات العبد كما في
الصغير و عليه يكون المستفاد منه ان ما جعله السيد فى العروة مادة النقض
بالاضافة الى الغاء الخصوصية و هو ان مقتضاه الالتزام به في الاستطاعة إذا حصلت
قبل احد الموقفين و انهم لا يقولون به قد التزم به الماتن (قدس سره)لعدم الدليل
على عدم الاجزاء في هذه الصورة و كيف كان فمقتضى الغاء الخصوصية الحكم بالاجزاء
في هذا الفرض.
و اما الفرض الاول الذى هو عبارة عن وقوع الحج باجمعه او الموقفين معا مع فقد
الاستطاعة المالية فمقتضى المتن فيه عدم الاجزاء و قال السيد (قدس سره) في
العروة: «و ان حج مع عدم الاستطاعة المالية فالظاهر مسلمية عدم الاجزاء و لا
دليل عليه الا الاجماع و الاّ فالظاهر ان حجة الاسلام هو الحج الاول و إذا اتى
به كفى و لو كان ندبا كما إذا اتى الصبى صلوة الظهر مستحبا ـ بناء على شرعية
عباداته ـ فبلغ في اثناء الوقت فان الاقوى عدم وجوب اعادتها، و دعوى ان المستحب
لا يجزى عن الواجب
(الصفحة 268)
ممنوعة بعد اتحاد ماهية الواجب و المستحب نعم لو ثبت تعدد ماهية حج المتسكع و
المستطيع تم ما ذكر لا لعدم اجزاء المستحب عن الواجب».
و يظهر منه الترديد في تعدد ماهية الحج بالاضافة الى المتسكع و المستطيع بل
الميل الى العدم اما الكبرى و هو عدم الاجزاء على فرض التعدد فلا ريب فيه هنا و
شبهه كصلوتى الظهر و العصر فانهما ماهيتان متغايرتان ضرورة ان عنوانى الظهر و
العصر من العناوين القصدية التى يتقوم تحقق المأمور به بهما فان صلوة الظهر
ليست مجرد اربع ركعات يؤتى بها بعد الزوال بل ما كانت مقرونة بقصد الظهرية و
عليه فمن اتى بصلوة العصر قبل صلوة الظهر باعتقاد انه اتى بها اولا ثم انكشف
الخلاف بعد الصلوة لا مجال لدعوى وقوع ما اتى به ظهرا و الاتيان بالعصر بعدها
نعم اختار ذلك السيد (قدس سره) في العروة في مباحث النية استنادا الى رواية
صحيحة دالة على قيام الاربع مكان الاربع و اعترض عليه اكثر المحشين و الشارحين
بان الرواية غير معمول بها فلا بد من المشى على طبق القاعدة و هى تقتضى عدم
الاجزاء و كيف كان فلا مناقشة في الكبرى و اما الصغرى فالدليل على تعدد ماهية
الحج بالاضافة الى الفاقد لشرائط الوجوب و الواجد لها اما في مورد الصغير فما
عرفت من ورود روايات متعددة دالة على ان الصبى لو حج عشر حجج لا يكون حجه مجزيا
عن حجة الاسلام فيظهر منها ثبوت الاختلاف بين الصلوة و الحج الصادرين من الصبى
و ان اشتركا في المشروعية و الصحة و اما في المقام فالدليل على التغاير و
التعدد اطلاق ادلة وجوب الحج على المستطيع من الاية و الرواية فان مقتضاه وجوبه
على المستطيع و ان حج قبله في حال عدم الاستطاعة و لازمه عدم الاجزاء و هو يدل
على تعدد الماهية و بالجملة اطلاق مثل الاية يقتضى حدوث الوجوب على المستطيع و
ان حج سابقا ندبا و هذا الاطلاق و ان كان قابلا للتقييد الاّ انه مع عدم نهوض
دليل عليه لا بد من الاخذ به و الحكم بعدم الاجزاء و عليه فالحكم الاجماعى
موافق للقاعدة و ـ ح ـ لا يبقى للاجماع اصالة بل يكون مستندا اليها ـ قطعا او
احتمالا ـ
(الصفحة 269)
لا يقال ان مثل ذلك يجرى في صلوة الصبى في المثال المفروض في كلام السيد (قدس
سره)لان الوجوب انما يتحقق بالبلوغ فكيف يحكم فيه بالاجزاء لانا نقول ليس الامر
كذلك فان مثل اقيموا الصلوة مطلق شامل للصبى و لا يكون مقيدا بالبالغين و لو لم
يكن فى البين مثل حديث رفع القلم عن الصبى لقلنا بلزوم الاتيان بالصلوة على
الصبى ايضا و من المعلوم ان الحديث لا يرفع الا قلم التكليف و الالزام و ما
يتبعه من استحقاق العقاب و المؤاخذة و عليه فالمقدار الخارج عن اقيموا الصلوة
هو اللزوم على الصبى و اما الخطاب و اصل الحكم فهما باقيان ضرورة ان الصبى انما
يتمثل اقيموا الصلوة لا شيئا آخر و بعد امتثاله في اول الوقت لا يبقى مجال
لامتثاله ثانيا بعد تحقق البلوغ و صيرورته مكلفا.
و هذا بخلاف من يحج ندبا فانه لا يتمثل الآية و مثلها من الادلة الدالة على
الوجوب على المستطيع بل يتمثل الامر الاستحبابى المتوجه اليه المتعلق بعمله و
بعد صيرورته مستطيعا يتوجه اليه الآية لتحقق عنوان المستطيع فاللازم امتثاله و
الاتيان بالحج ثانيا و بالجملة الفرق انما هو في مدخلية عنوان المستطيع في
الدليل الدال على وجوب الحج و اخذه فيه و عدم مدخلية البلوغ بحيث كان المفاد
ايها البالغون اقيموا الصلوة فعمل الصبى موجب لامتثال «اقيموا» و حج المتسكع لا
يكون امتثالا للاية و شبهها و عليه فعدم الاجزاء فى باب الحج ثابت على طبق
القاعدة.
الرابع: لو حج مع عدم أمن الطريق او مع عدم
صحة البدن و حصول الحرج فهل يكفى حجه عن حجة الاسلام ام لا فالمحكى عن المشهور
عدم الاجزاء عن الواجب و ذهب الشهيد في الدروس الى الاجزاء حيث انه بعد ذكر
الشروط الثمانية لوجوب الحج و جعل السادس الصحة من المرض و العضب و السابع
تخلية السرب و الثامن التمكن من المسير بسعة الوقت قال: «و لو حج فاقد هذه
الشرايط لم يجزه و عندى لو تكلف المريض و المعضوب و الممنوع بالعدو و تضيق
الوقت اجزأه لان ذلك من
|