(الصفحة 513)
مقتضى الاحتياط اللزومى هو الاول بل قال في المتن: «انه لا يخلو عن قوة» و هو
الظاهر، و لا حاجة في الاستدلال له بقاعدة «الميسور» بل يدل عليه بعض الروايات
المتقدمة مثل صحيحة رفاعة التى وقع فيها السؤال عن رجل نذر ان يمشى الى بيت
اللّه و مقتضى الجواب لزوم المشى ما لم يقع في تعب و ان الانتقال الى الركوب
انما هو بعد التعب و عليه فتدل على لزوم رعاية المشى بالمقدار الميسور و هذا من
دون فرق بين ان يكون العجز في الابتداء او في الوسط او في الآخر و كذا بين ان
يكون منشأ العجز اختلاف الطريق من جهة السهل و الجبل او يكون منشأه عدم القدرة
له و يؤيد ما ذكرنا رواية عنبسة المتقدمة الواردة في طى ما عدى العقبة الواقعة
في وسط الطريق ماشيا فتدبر
الثانى ان المراد من العجز المأخوذ في موضوع
الحكم في الروايات و ان كان هو العجز العرفى لا العجز العقلى في مقابل القدرة
العقلية المعتبرة في متعلق النذر و انعقاده و ذلك لان المرجع في العناوين
المأخوذة في الموضوعات في الكتاب و السنة هو العرف الاّ انه مع ذلك لا يختص
الحكم به بل يشمل التعب و المشقة ايضا و ذلك لانه و ان وقع التعبير بالعجز في
كثير من الروايات المتقدمة الاّ انه علق الانتقال الى الركوب في صحيحة رفاعة
على مجرد التعب فالمراد من العجز اعم منه هذا بالنظر الى الروايات.
و اما بالنظر الى القاعدة التى مرّ البحث عن مقتضاها فلا اشكال في ان اقتضائها
للبطلان و الكشف عنه انما هو في خصوص فقدان شرطه و هى القدرة العقلية لان
القدرة المعتبرة انما هى هذه القدرة و اما العجز العرفى ـ فضلا عن التعب و
المشقة و الحرج ـ فلا يكشف عن البطلان باعتبار فقدان الشرط و ـ ح ـ يشكل الامر
بناء على حكومة قاعدة نفى الحرج على مثل دليل وجوب الوفاء بالنذر من الاحكام
التى يكون لالتزام المكلف و الجعل على نفسه مدخلية في ثبوتها كحكومتها على ادلة
الاحكام التى ليست كذلك كاكثر الاحكام مثل وجوب الوضوء و الغسل و نحوهما.
(الصفحة 514)
وجه الاشكال ان عروض التعب لا يكشف عن كون النذر فاقدا للشرط المعتبر فيها
فاللازم الالتزام بانعقاد النذر و صحته و الحكم بعدم وجوب الوفاء بالنذر لاجل
حكومة دليل نفى الحرج مع انه لا يكاد يتحقق الجمع بين الصحة و الانعقاد و بين
عدم وجوب الوفاء بالنذر كما هو ظاهر نعم لو منعنا الحكومة بالاضافة الى هذه
الادلة لا يتحقق اشكال.
الثالث انه هل يلحق بالعجز عن المشى و التعب
المرض او خوفه او العدوّ او نحوها ام لا؟نفى في المتن ـ تبعا للسيد (قدس سره)
في العروة البعد عن التفصيل بين المرض و نحوه و بين العدو و نحوه باختيار الاول
في الاول و الثانى في الثانى و اضاف السيد قوله: «و ان كان الاحوط الالحاق
مطلقا».
اما وجه التفصيل فهو ان الموانع الراجعة الى الناذر سواء كانت راجعة الى الضعف
في البدن او الكسر او الجرح او الوجع او المرض و حتى خوفه مما يشملها التعبير
بالعجز الواقع في كثير من الروايات لانه لا فرق في تحققه بين الاسباب المذكورة
و مثلها و اما الموانع الخارجية مثل العدوّ و الثلج الموجود في الطريق فالتعبير
بالعجز لا يشمله و لكن ربما يقال بشمول رواية عنبسة المتقدمة له ايضا بالنظر
الى قوله (عليه السلام) فيها: «فبلغ فيه مجهوده» نظرا الى ان مفاده ان الملاك
بلوغ هذا المقدار من الجهد فيشمل جميع الموانع.
و لكن الظاهر انه ليس بظاهر في الشمول خصوصا مع ملاحظة مورد الرواية فالحق ـ
حينئذ ـ ما في المتن من التفصيل.
و اما ما جعله السيد مقتضى الاحتياط من الالحاق مطلقا فقد اورد عليه الماتن
(قدس سره) في التعليقة على العروة بعدم كون الالحاق مقتضى الاحتياط الا في بعض
الصور و مراده ما إذا كان النذر مقيدا بهذه السنة و اما في صورة الاطلاق فمقتضى
الاحتياط توقع المكنة فيما بعد كما لا يخفى.
(الصفحة 515)
هذا تمام الكلام فيما يتعلق بمباحث الحج بالنذر او العهد او اليمين و به يتم
الجزء الاول من مباحث الحج من هذا الكتاب الذى هو شرح تحرير الوسيلة للامام
الخمينى (قدس سره) و قد وقع الفراغ من تحريره بيد العبد المفتاق محمد الموحدى
المعروف بالفاضل اللنكرانى ابن العلامة الفقيه آية اللّه المرحوم الفاضل
اللنكرانى حشره اللّه مع من يحبه و يتولاه من النبى و الائمة المعصومين ـ صلوات
اللّه عليه و عليهم اجمعين ـ و اسئل اللّه الكريم ان يجعله خالصا لوجهه و ان
ينفعنى به يوم لا ينفع مال و لا بنون و المرجو من الفضلاء و المشتغلين الاغماض
عما يجدونه فيه من النقص و الاشتباه كما ان المرجو من جميع المراجعين طلب
المغفرة و الرضوان للوالد الفقيد و للوالدة العلوية التى لم يمض من ارتحالها
الاّ ما يقرب من خمسة عشر شهرا فانّ لهما علىّ حقا عظيما لا اقدر على ادائه و
كان ذلك ليلة الاثنين ثالث عشر من شهر جمادى الاخرة من شهور سنة ـ 1411 من
الهجرة النبوية على هاجرها آلاف الثناء و التحية و السلام على من اتبع الهدى.
(و الحمد للّه اولا و اخرا)
|