(الصفحة 393)
بعد كون الحج من البلد و لزوم الشروع منه تكليفا زائدا غير مرتبط بالواجب
الاصلى و منه يظهر الصحة في الصورة الثانية فهى كما لو اوصى ببذل مال معين الى
زيد فصرف الوصى نصفه ـ مثلا ـ و بذله الى الموصى له فانه لا يمكن الحكم ببطلان
هذا التصرف و عدم جوازه من الوصى و عدم جواز تصرف الموصى له فيه لانه خلاف
مقتضى الوصية فالظاهر ـ ح ـ صحة الاجارة.
الجهة الرابعة: في انه على تقدير الحكم
ببطلان الاجارة هل يكون ذلك قادحا في تحقق برائة ذمة الميت و سقوط وجوب الحج من
البلد اولا؟الظاهر هو الثانى لان بطلان الاجارة انما يؤثر في انتقال الاجرة
المسماة الى اجرة المثل فقط و اما صحة العمل و النيابة فهى باقية بحالها
فالاجير قد اتى بالحج نيابة عن الميت و الفرق بينه و بين المتبرع انما هو فى
استحقاق الاجرة و عدمه و الاّ فهما مشتركان في وقوع العمل صحيحا بعنوان النيابة
فلا مجال للاشكال في الاكتفاء به.
الفرع الثانى: ما لو عين الاستيجار من محل
غير بلده و غير الميقات و الكلام فيه تارة على تقدير القول بلزوم الحج البلدى و
كونه من اصل التركة و لو مع عدم الوصية و اخرى على تقدير القول بعدم لزومه و ان
ما زاد على الميقات لا بد من احتسابه من الثلث.
فعلى التقدير الاول ربما يستشكل في صحة الوصية بالحج من غير بلده باحد وجهين:
الاول: ان هذه الوصية على خلاف السنّة و على
خلاف ما هو الواجب شرعا لان اللازم في الشرع انما هو الحج من البلد على ما هو
المفروض.
الثانى: انه يعتبر في صحة الوصية ان يكون
متعلقها مما ثبت للموصى الولاية عليه فلا تصح في غير هذه الصورة كان يصلى زيد ـ
مثلا ـ في كل يوم في مسجد الكوفة ركعتين او يقضى شخص خاص ما على الموصى من
الصلوة و الصيام فان قضائهما
(الصفحة 394)
لا يكون تكليفا بعد الموت بل هو تكليف للورثة و ما نحن فيه من هذا القبيل فان
قضاء الحج عنه ليس تكليفا له بل تكليف للورثة فلا بد ان يحكم بعدم صحة الوصية
المذكورة.
و يرد على الوجه الاول ـ مضافا الى عدم جريانه فيما إذا كان البلد الذى اوصى
بالحج منه بنحو يكون بلد الموصى واقعا في مسيره الى الحج لان المراد من الحج من
البلد في مقابل الميقات اعتبار وقوع البلد في الارتباط بالحج لا لزوم كون
الشروع منه بحيث ينافى الشروع من بلد آخر مع وقوع بلد الموصى في المسير و عليه
فهذا الوجه لا يجرى في جميع فروض المسئلة ـ ان كون هذه الوصية على خلاف السنة
ممنوع لانك عرفت ان مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن الروايات الواردة في مورد
الوصية انما هو الحج من الميقات لان شروع الاعمال و المناسك انما هو منه غاية
الامر ان الروايات الواردة في الوصية بضميمة الاولوية و الغاء الخصوصية ـ على
تقدير القول به ـ اقتضت لزوم الحج من البلد فيما إذا اوصى بالحج البلدى و فيما
إذا لم يكن هناك وصية اصلا و عليه ففيما إذا اوصى بالحج من غير بلده لم يقم
دليل على ان الواجب هو الحج من البلد حتى تكون الوصية مخالفة له.
و يرد على الوجه الثانى انه لو كان مصرف الحج من غير بلده زائدا على الحج
البلدى لا مانع من الحكم بصحة وصيته لان له الولاية على الثلث و الزائد يخرج
منه فبهذا اللحاظ تثبت له الولاية نعم لو لم يكن مصرفه زائدا على الحج من البلد
يمكن القول بعدم صحة الوصية ـ ح ـ للزوم خروج مصرف الحج على اى حال من اصل
التركة فلا ولاية له عليه الا ان يقال بخروج الزائد من الميقات من الثلث في هذه
الصورة ايضا فتدبر.
الفرع الثالث: ما هو المذكور في المتن في
آخر المسئلة و هو ما لو استأجر الوصى او الوارث من البلد مع عدم الايصاء بالحج
منه بتخيل عدم كفاية الميقاتية و هو يبتنى على كفاية الميقاتية في صورة الوصية
المطلقة على ما هو مختار المتن و اما على ما هو
(الصفحة 395)
مسئلة 60 ـ لو لم تف التركة بالاستيجار من الميقات الا الاضطرارى منه
كمكة او ادنى الحل وجب، و لو دار الامر بينه و بين الاستيجار من البلد قدم
الثانى و يخرج من اصل التركة، و لو لم يمكن الا من البلد وجب، و ان كان عليه
دين او خمس او زكوة يوزع بالنسبة لو لم تكف التركة1.
المختار من لزوم الحج من البلد في الوصية المطلقة فاللازم فرض هذا الفرع
بالاضافة الى الوارث فقط مع عدم الوصية رأسا.
و كيف كان فالوجه في الضمان بالاضافة الى ما زاد على الميقاتية انما هى قاعدة
الاتلاف المقتضية للضمان من دون فرق بين صورة العلم و صورة الجهل فاذا اكل طعام
الغير بتخيل انه طعام نفسه و ملكه يكون ضامنا لمالكه فتخيل عدم كفاية الميقاتية
لا يوجب ارتفاع الضمان.
ثم ان ضمان الوصى غير الوارث انما يكون بالاضافة الى جميع ما زاد على الميقاتية
و اما ضمان الوارث فانما يكون بالنسبة الى مقدار سهام سائر الورثة لا جميع ما
زاد عليها كما لا يخفى.
1 - فى هذه المسئلة فروع اربعة و قد وقع التعرض للاخيرين منها في المسائل
المتقدمة ايضا فلا حاجة الى البحث عنها.
و اما الفرع الاول فهو ما إذا لم تف التركة
الا بالاستيجار من الميقات الاضطرارى كمكة او ادنى الحل ففى المتن: «وجب» و
وجهه عموم دليل البدلية عند الاضطرار كما في «المستمسك» و لكنه ربما يناقش فيه
بان مورد النصوص الواردة في هذا الباب صورة التجاوز عن الميقات بلا احرام جهلا
او نسيانا و يمكن الحاق صورة العلم و الالتفات به ايضا و مقتضاها انه لو امكنه
الرجوع الى الميقات وجب و لو لم يمكنه فان لم يدخل الحرم يحرم من مكانه و ان
دخل الحرم فان امكنه الرجوع الى ادنى الحل وجب و الا فيحرم من مكانه و بالجملة
لا اطلاق لتلك النصوص
(الصفحة 396)
مسئلة ـ 61 يجب الاستيجار عن الميت في سنة الفوت و لا يجوز التأخير عنها
خصوصا إذا كان الفوت عن تقصير، و لو لم يمكن الا من البلد وجب و خرج من الاصل و
ان امكن من الميقات في السنين الاخر، و كذا لو امكن من الميقات بازيد من الاجرة
المتعارفة في سنة الفوت وجب و لا يؤخر، و لو اهمل الوصى او الوارث فتلفت التركة
ضمن، و لو لم يكن للميت تركة لم يجب على الورثة حجه و ان استحب على وليه.2 .
يشمل المقام الذى لم يتحقق فيه التجاوز عن الميقات بلا احرام اصلا و التحقيق
موكول الى محله.
و اما الفرع الثانى و هو دوران الامر بين
الاستيجار من الميقات الاضطرارى و بين الاستيجار من البلد فالحكم فيه لزوم
تقديم الثانى و الاخراج من اصل التركة و الوجه فيه عدم تحقق موضوع الاضطرار مع
امكان الاستيجار من البلد الذى لازمه وقوع الحج من الميقات الاختيارى كما لا
يخفى فلا يكون هناك اضطرار حتى ينتقل الى الميقات الاضطرارى.
2 ـ فى هذه المسئلة احكام:
الاول: لزوم الاستيجار عن الميت في سنة
الفوت و عدم جواز التأخير عنها و ليس الوجه فيه ما افاده بعض الاعلام من ان مال
الميت امانة شرعية بيد الورثة او الوصى و لا يجوز فيه التصرف او الابقاء الا
بدليل فالواجب صرفه في الحج في اول ازمنة الامكان و ذلك لان مقتضاه جواز
التأخير على المبنى الاخر و هو انتقال جميع التركة الى الوارث غاية الامر تعلق
حق الميت به كتعلق حق المرتهن بالعين المرهونة مع ان الظاهر عدم الجواز على هذا
المبنى ايضا.
بل الوجه فيه ان ظاهر ادلة وجوب قضاء حجة الاسلام عن الميت وجوب قضائها عنه
بالنحو الذى كان واجبا عليه و من المعلوم ان الواجب عليه هو بنحو
(الصفحة 397)
الفور فالفور فاللازم في القضاء مراعات ذلك من دون فرق بين المبنيين.
و اما وجه الخصوصية فيما إذا كان الفوت عن الميت بعد الاستقرار عن تقصير فانما
هو مدخلية الاتيان بالحج في رفع العقاب عنه لانه بتقصيره يكون معاقبا و بالحج
ترتفع العقوبة الا ان يقال ان ارتفاع العقوبة عن الميت لا يؤثر في الالزام على
الورثة بالاضافة الى الفورية فتدبر.
الثانى: لزوم الاستيجار من البلد لو لم يمكن
الا منه و لو امكن من الميقات في السنين الاخر و الوجه فيه انه مع فرض عدم جواز
التأخير كما عرفت يكون اللازم القضاء عنه في سنة الفوت و لو كان متوقفا على
الاستيجار من البلد المستلزم لصرف مقدار زائد من التركة و لا يكون ذلك مستلزما
للضرر على الورثة بعد تأخر الارث عن قضاء الحج الذى هو بمنزلة الدين الواجب
غايته تفويت منفعة لهم و لا دليل على عدم جوازه و مثل ذلك وجوب الاستيجار من
الميقات في سنة الفوت و لو كان بازيد من الاجرة المتعارفة.
الثالث: ضمان الوصى او الوارث لو اهمل فتلفت
التركة و الوجه في الحكم بالضمان ان يد كل منهما على المال يد امانة شرعية و
مرجعها الى ثبوت الاذن من الشارع في اثبات اليد عليه و من الواضح عدم ثبوت
الاذن منه في الاهمال و التأخير فتكون اليد ـ ح ـ يدا عادية مستلزمة للضمان
بمقتضى «على اليد ما اخذت حتى تؤدى».
ثم ان السيد (قدس سره) في العروة عطف على التلف المترتب عليه الضمان صورة نقصان
القيمة بحيث لم تف بالاستيجار لقضاء الحج و هذا انما يتم فيما لو كان النقصان
مستندا الى زوال بعض التركة و تلفه او زوال بعض الصفات الموجبة لارتفاع القيمة
كالسمن و نحوه و اما لو كان مستندا الى السوق و نقصان القيمة السوقية فالحكم
بالضمان فيه مشكل بعد عدم كون الواقع تحت اليد الا العين ـ بالذات ـ و الصفات
المذكورة ـ بالتبع ـ و اما القيمة السوقية فلا تقع تحت اليد فلا مجال للضمان
بالنسبة اليها و التحقيق
|