(الصفحة 314)مسئلة 51 ـ لو حج المخالف ثم استبصر لا تجب عليه الاعادة بشرط ان يكون
صحيحا في مذهبه و ان لم يكن صحيحا في مذهبنا من غير فرق بين الفرق1.
و الثانى من الصفات و الحالات و لا يجتمع الفعل القار مع الارتداد بخلاف الصفات
هذا في الحج.
و اما الصلوة فظاهر الجواهر بطلانها بالارتداد في الاثناء و المراد منه هو
الارتداد في السكوتات و السكونات المتخللة بين الافعال و الحركات و قوى السيد
(قدس سره) في العروة عدم البطلان استنادا الى عدم كون الهيئة الاتصالية جزء في
الصلوة و الظاهر عدم تمامية مستند السيد لان اعتبار الهيئة الاتصالية فيها
تستفاد من عد امور بعنوان القواطع كالضحك و البكاء و التكلم و نحوها فان
التعبير بالقطع دليل على اعتبار هيئة مستمرة اتصالية مع ان نظر المتشرعة انما
هو ان المصلى إذا دخل في الصلوة تكون الصلاة ظرفا له الى آخر الصلوة و لا يكون
السكوت او السكون المتخلل موجبا لعدم كونه في الصلوة و عليه فالارتداد في
اثنائها يكون ارتدادا في بعض اجزاء الصلوة فيكون مبطلا لها و التفصيل موكول الى
كتاب الصلوة:
1 ـ فى هذه المسئلة جهات من الكلام.
الاولى في اصل وجوب الاعادة و عدمه بنحو
الاجمال فيما لو حج المخالف ثم استبصر فالمشهور شهرة عظيمة هو عدم الوجوب و حكى
الخلاف عن ابن الجنيد و ابن البراج و يدل على المشهور روايات معتبرة مستفيضة
جمعها في الوسائل في الباب الثلاثين من ابواب المستحقين للزكوة و احسنها سندا و
متنا و من جهة الاشتمال على التعليل صحيحة بريد العجلى عن ابى عبد اللّه (عليه
السلام): كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم من اللّه تعالى عليه و عرفه
الولاية فانه يوجر عليه الا الزكوة فانه يعيدها لانه وضعها في غير مواضعها
لانها لاهل الولاية و اما الصلوة و الحج و الصيام فليس عليه قضاء.
(الصفحة 315)
و استدل القائل بالوجوب برواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) في
حديث قال: و كذلك الناصب إذا عرف فعليه الحج و ان كان قد حج.(1)
و رواية على بن مهزيار قال كتب ابراهيم بن محمد بن عمران الهمدانى الى ابى جعفر
(عليه السلام) انى حججت و انا مخالف و كنت صرورة فدخلت متمتعا بالعمرة الى الحج
قال فكتب اليه: اعد حجك.(2)
و ربما يحكم بضعف الروايتين لوجود سهل بن زياد في سندهما و لكن في سند الاولى
كان احمد بن محمد مع سهل معا لكن الجمع بين الروايتين و بين روايات المشهور من
حيث الدلالة على تقدير صحة سندهما يقتضى حملهما على الاستحباب لصراحة تلك
الروايات فى عدم وجوب الاعادة و ظهورهما في الوجوب و مقتضى القاعدة حمل الظاهر
على النص و الحكم باستحباب الاعادة.
و يدل على الاستحباب ايضا صحيحة بريد بن معاوية العجلى قال سئلت ابا عبد اللّه
(عليه السلام) عن رجل حج و هو لا يعرف هذا الامر ثم من اللّه عليه بمعرفته و
الدينونة به أعليه حجة الاسلام او قد قضى فريضته؟فقال قد قضى فريضته و لو حج
لكان احب الى، قال و سئلته عن رجل حج و هو في بعض هذه الاصناف من اهل القبلة
ناصب متدين ثم من اللّه عليه فعرف هذا الامر يقضى حجة الاسلام؟ فقال: يقضى احب
الى الحديث(3) و صحيحة عمر بن اذينة قال كتبت الى ابى عبد اللّه
(عليه السلام) اسئله عن رجل حج و لا يدرى و لا يعرف هذا الامر ثم من اللّه عليه
بمعرفته و الدينونة به اعليه حجة الاسلام قال قد قضى فريضة اللّه و الحج احب
الى.(4) و صحيحته الاخرى مع زيادة انه سئله عن رجل هو فى بعض هذه
الاصناف من
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثالث و العشرون ح ـ 5
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثالث و العشرون ح ـ 6
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثالث و العشرون ح ـ 1
-
4 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثالث و العشرون ح ـ 2
(الصفحة 316)
اهل القبلة ناصب متدين ثم من اللّه عليه فعرف هذا الامر ايقضى عنه حجة الاسلام
او عليه ان يحج من قابل قال يحج احب الى.(1)
هذا و الظاهر عدم كون الاخيرة رواية مستقلة و ان جعلها في الوسائل كذلك بل هى
متحدة مع ما قبلها و يغلب على الظن اتحادهما مع الاولى ايضا لان الراوى عن بريد
فيها هو ابن اذينة و لان عبارة الاخيرة قريبة من الاولى.
و كيف كان فلا اشكال بملاحظتها في ثبوت الاستحباب و عدم الوجوب.
الثانية في مورد هذا الحكم الذى يكون على خلاف القاعدة لان مقتضاها هو وجوب
الاعادة لان الحج الصادر من المخالف و ان كان صحيحا باعتقاده و على حسب مذهبه
الا انه باطل نوعا و لا اقل من بطلان وضوئه من جهة غسل الرأس مكان المسح و من
بعض الجهات الاخرى و هو يستلزم بطلان الطواف و صلوته المستلزم لبطلان الحج و من
المعلوم اقتضاء البطلان للزوم الاعادة فمقتضى القاعدة اللزوم الا ان الروايات
المعتبرة المستفيضة دلت على عدم الوجوب فلا بد من تحقيق موردها و ملاحظة
موضوعها فنقول ان هنا صورتين.
الصورة الاولى: ما إذا كان الحج الذى اتى به
في زمن الخلاف صحيحا باعتقاده مبرءا للذمة مسقطا للتكليف بحيث لو بقى على خلافه
و لم يعرف هذا الامر لما كان مكلفا بالاعادة بحسب نظره و الظاهر ان المنسبق الى
الذهن من مورد الروايات هى هذه الصورة فان قوله في بعض الروايات المتقدمة انى
حججت و انا مخالف ظاهر على ما هو المتفاهم عند العرف في وقوع الحج الصحيح بنظره
غاية الامر ان معرفته بالولاية صارت موجبة للشك من جهة التفاته الى كون العمل
خاليا عن الولاية و مقرونا بالنصب و الخلاف فمحط السؤال انما هى هذه الحيثية
فقط من دون ان يكون في العمل خلل من غير هذه الناحية.
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثالث و العشرون ح ـ 3
(الصفحة 317)
و لا مجال لاحتمال كون العمل المأتى به متصفا بالصحة عندنا ايضا بدعوى كون
الروايات ناظرة الى التصحيح من ناحية فقدان الولاية لا من النواحى الاخرى و ذلك
لاقتضائه حمل الروايات مع كثرتها على الفرد النادر او ما لا يتفق في الخارج
اصلا لما عرفت من بطلان وضوئه لا اقل فهذا الاحتمال غير تام.
نعم ذكر المحقق في الشرايع و العلامة في القواعد و الشهيد في الدروس على ما حكى
عنهم في مقام الاستثناء من اصل الحكم بعدم وجوب الاعادة ما لو اخل بركن منه فان
كان المراد الاخلال بما هو الركن عندنا كما لعله الظاهر يدل ذلك على اعتبار كون
المأتى به في حال الخلاف صحيحا عندنا و قد عرفت انه لا مجال لحمل الروايات
الكثيرة على المورد النادر او اسوء منه.و ان كان المراد الاخلال بما هو الركن
عنده يكون مقتضاه عدم شمول الروايات لما هو الفاسد عنده و هو الحق كما سيأتى.
الصورة الثانية: ما إذا كان ما اتى به من
الحج فاسدا عنده و بنظره و قد عرفت ان المنسبق الى الذهن من مورد الروايات
الدالة على عدم وجوب الاعادة على خلاف القاعدة هو ما إذا لم يكن الحج فاسدا
بنظره لتمحض السؤال في الروايات في جهة الايمان و الاستبصار و فساد العقيدة و
لا دلالة له على الفساد من جهة اخرى بنظره.
هذا و لكن في «المستمسك» بعد الاعتراف بان المنسبق الى الذهن هى الصورة الاولى
قال: لكن التفصيل بين الزكاة و غيرها معللا بما ذكر ـ اى في مثل صحيحة بريد
المتقدمة ـ مع غلبة الفساد في الاعمال غير الزكاة يوجب ظهورها في عموم الحكم
لما كان فاسدا في نفسه و يكون وجه التعليل ان الزكاة لما كانت من حقوق الناس لم
تجز بخلاف غيرها فانها من حقوق اللّه تعالى فاجتزأ بها تعالى و حينئذ لا فرق في
العمل بين ان يكون فاسدا عندنا و عندهم و ان يكون صحيحا عندنا لا عندهم
(الصفحة 318)
و بين العكس إذا كان اتيانه على وجه العبادة».
و يرد عليه: ان التعليل المذكور في صحيحة
بريد المتقدمة راجع الى خصوص المستثنى و هو وجوب الاعادة في الزكوة فمقتضاه ان
وجوب اعادة الزكاة انما هو لاجل كونها من حقوق الناس و لم يضعها المخالف في
موضعها الذى هو اهل الولاية و هذا لا يقتضى ان لا يكون وجوب الاعادة في بعض
العبادات الاخر مستندا الى جهة اخرى مثل الفساد و عدم وقوعها صحيحة بنظر العامل
المخالف نعم لو كان الحكم بعدم الوجوب في المستثنى منه معللا بكونه من حقوق
اللّه لكان اللازم تعميم الحكم لهذه الصورة ايضا و لكن لم يقع هذا التعليل في
الصحيحة و غيرها و بالجملة: التعليل الواقع في الرواية انما وقع في جانب
الاثبات و اما جانب النفى فخال عن التعليل و من الواضح انه لا اطلاق فيها يشمل
صورة الفساد فاللازم الرجوع في هذه الصورة الى القاعدة و هى تقتضى وجوب الاعادة
كما مر.
ثم: انه مما ذكرنا ظهر انه لو اتى المخالف
بما هو الصحيح عند الامامية و المطابق لفتوى فقهائهم فان كان ذلك فاسدا بنظره
بلحاظ عدم جواز الرجوع الى فقهاء الشيعة لاخذ الفتوى و العمل على طبقها فلا
يتمشى منه قصد القربة المعتبر في العبادة باتفاق الفريقين فالظاهر انه داخل في
الصورة الثانية و لا دلالة لروايات عدم وجوب الاعادة على حكمه بل اللازم الرجوع
فيه الى القاعدة المقتضية للبطلان لفرض فقد قصد القربة.
و ان لم يكن ذلك فاسدا بنظره بلحاظ جواز الرجوع الى فقهاء الشيعة كما افتى بذلك
شيخ جامعة الازهر الشيخ شلتوت بعد تمهيد مقدمات من ناحية سيدنا المحقق الاستاذ
آية اللّه العظمى البروجردى قدس سره الشريف و لعمرى انه كان منه خدمة عظيمة
للتشيع و خطوة مهمة في ترويجه و تأييده جزاه اللّه عن الاسلام و اهله خير
الجزاء و حشره مع سيد الانبياء عليه الآف التحية و الثناء فاللازم الحكم بالصحة