(الصفحة 255)
مسئلة 43 ـ لو استلزم الذهاب الى الحج تلف مال له معتد به بحيث يكون
تحمله حرجا عليه لم يجب، و لو استلزم ترك واجب اهم منه او فعل حرام كذلك يقدم
الاهم لكن إذا خالف و حج صح و اجزئه عن حجة الاسلام و لو كان في الطريق ظالم لا
يندفع الا بالمال فان كان مانعا عن العبور و لم يكن السرب مخلى عرفا و لكن يمكن
تخليته بالمال لا يجب، و ان لم يكن كذلك لكن يأخذ من كل عابر شيئا يجب الا إذا
كان دفعه حرجيا1.
الحج حينئذ و الاستدلال له بعدم صدق تخلية السرب كما في العروة غير صحيح لان
المفروض عدم وجود المانع في العبور بهذا النحو و الدوران في بلاد بعيدة و مجرد
البعد لا يقتضى انتفاء تخلية السرب كما لا يخفى و اما مع القيد المذكور في
المتن فلا موقع للاشكال اصلا لان المفروض انه ليس في البين طريق عرفا حتى يكون
مخلى ام لا فالحكم مع هذا القيد ظاهر.
1 ـ فى هذه المسئلة فروع:
الاول ما لو استلزم الذهاب الى الحج تلف مال
له معتد به بحيث يكون تحمله حرجا عليه و الحكم فيه عدم الوجوب كما في جميع
الموارد التى يستلزم الحج الحرج فان وجوبه منفى بقاعدة نفى الحرج هذا على مبنى
الماتن (قدس سره) من ان دليل نفى الضرر غير مرتبط بالحكم الفقهى بل هو حكم
مولوى ناش عن مقام حكومة النبى (صلى الله عليه وآله) و اما على مبنى المشهور من
ان الدليل المذكور رافع للاحكام الضررية في رديف دليل نفى الحرج فلا يحتاج الى
القيد الاخير و هو كون تحمله حرجا عليه بل يكفى كون المال معتدا به يكون تلفه
مضرا بحاله و ان لم يكن حرجا كما عنونه في العروة كذلك و ان اورد عليه بان الحج
من الاحكام الضررية التى لا يجرى فيها دليل نفى الضرر لانه من التكاليف المبنية
على الضرر كالزكوة و الخمس و الجهاد و نحوها تكون ادلتها مخصصة لدليل نفى
الضرر.
و لكنه اجيب عن الايراد المذكور بان الحج و ان كان حكما ضرريا في نفسه
(الصفحة 256)
لكن بالنسبة الى المقدار اللازم مما يقتضيه طبع الحج و اما الضرر الزائد عن ذلك
الذى ليس من شؤون الحج و لا من مقتضيات طبعه فلا مخصص له و لا مانع من شمول
دليل نفى الضرر له.
الثانى ما لو استلزم الحج ترك واجب او فعل
حرام و قد مر ان الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج هى الاستطاعة الجامعة
للااستطاعات الاربعة المتقدمة التى هى امور واقعية و ليست الاستطاعة الشرعية
معتبرة فيه زائدة على الاستطاعة الجامعة المذكورة و ـ ح ـ فمع تحقق هذه
الاستطاعة يتنجز التكليف بالحج فان كان الحج مستلزما لتركب واجب او فعل حرام
فاللازم اجراء قواعد باب التزاحم بينهما من ترجيح ما هو الاهم قطعا او محتمل
الاهمية و التخيير في غير الصورتين فاذا استلزم الحج لتلف نفس محترمة فلا اشكال
في تقدم وجوب حفظ النفس على وجوب الحج و إذا استلزم ترك صلة الرحم ـ مثلا ـ فلا
شبهة في تقدم وجوب الحج على وجوبها و هكذا لا بد من ملاحظة ما هو الاهم و
ترجيحه على غيره و التخيير في صورة التساوى المطلق.
ثم انه قد حقق في الاصول انه لو خالف الامر بالاهم و اشتغل بالمهم و كان عبادة
كما فى المثال المعروف و هى الصلوة و الازالة تكون العبادة صحيحة اما لوجود
ملاك الامر فيها و اما لاجل صحة الترتب و امكانه المقتضى لصحة العبادة و لو على
القول بافتقارها الى الامر الفعلى او بنحو ثالث حققه الماتن (قدس سره) في علم
الاصول.
و كيف كان فمع المخالفة و الاشتغال بالحج لا
موقع للاشكال في صحته بل يصح و يجزى عن حجة الاسلام كما لا يخفى.
الثالث ما إذا كان في الطريق ظالم لا يندفع
الا بالمال و قد فرض فيه فرضين:
احدهما ما إذا كان غرض الظالم و هدفه مجرد
المنع عن العبور و عليه فلا يكون السرب مخلى لوجود الظالم المانع من العبور و
لكن يمكن تخليته بالمال و الحكم فيه عدم دفع المال لتحقق التخلية لان تحصيل
التخلية كتحصيل الاستطاعة المالية و مثلها
(الصفحة 257)
مسئلة 44 ـ لو اعتقد كونه بالغا فحج ثم بان خلافه لم يجز عن حجة الاسلام،
و كذا لو اعتقد كونه مستطيعا مالا فبان الخلاف، و لو اعتقد عدم الضرر او الحرج
فبان الخلاف فان كان الضرر نفسيا او ماليا بيغ حد الحرج او كان الحج حرجيا ففى
كفايته اشكال بل عدمها لا يخلو من وجه، و اما الضرر المالى غير البالغ حد الحرج
فغير مانع عن وجوب الحج، نعم لو تحمل الضرر و الحرج حتى بلغ الميقات فارتفع
الضرر و الحرج و صار مستطيعا فالاقوى كفايته.و لو اعتقد عدم المزاحم الشرعى
الاهم فحج فبان الخلاف صح، و لو اعتقد كونه غير بالغ فحج ندبا فبان خلافه ففيه
تفصيل مر نظيره و لو تركه مع بقاء الشرائط الى تمام الاعمال استقر عليه و يحتمل
اشتراط بقائها الى زمان امكان العود الى محله على اشكال.و ان اعتقد عدم كفاية
ماله عن حجة الاسلام فتركها فبان الخلاف استقر عليه مع وجود سائر الشرائط، و ان
اعتقد المانع من العدو او الحرج او الضرر المستلزم له فترك فبان الخلاف فالظاهر
استقراره عليه سيما في الحرج، و ان اعتقد وجود مزاحم شرعى اهم فترك فبان الخلاف
استقر عليه1.
لا يكون واجبا لانه لا يجب تحصيل شرط التكليف.
ثانيهما ما إذا كان السرب مخلى و لكن غرض
الظالم و هدفه اخذ المال من دون ان يكون المنع عن العبور مقصودا فيأخذ من كل
عابر شيئا و الحكم فيه وجوب دفع المال فيما إذا لم يكن حرجا و موجبا لوقوعه في
المشقة و العسر.
و الفرق بين الفرضين واضح فان الغرض في الاول عبارة عن المنع عن العبور و في
الثانى عبارة عن اخذ المال و لذا لو لم يدفع اليه مال و رجع العابر عن الطريق
يتحقق الغرض في الاول دون الثانى فلا مجال لتوهم انه لا فرق بين الفرضين لتوقف
العبور على دفع المال في كليهما.
1 ـ قد وقع التعرض في هذه المسئلة لفروع كثيرة تجمعها احدى الضابطتين:
(الصفحة 258)
اعتقاد وجود بعض الشرائط مع كونه مفقودا في الواقع و الانكشاف بعد الحج، و
اعتقاد فقد بعض الشرائط مع كونه موجودا في الواقع كذلك.
الاول: ما لو اعتقد كونه بالغا فحج ثم بان
الخلاف و الحكم فيه عدم كونه مجزيا عن حجة الاسلام لان المفروض ان ما اتى به لم
يكن واجدا لشرائطها لعدم وقوعه في حال البلوغ فلا محالة يقع ندبا ـ بناء على
مشروعية عبادات الصبى كما هو مقتضى التحقيق ـ و الحج الندبى لا يجزى عن حجة
الاسلام التى هى حج واجب باصل الشرع و بعبارة اخرى بعد ما صار بالغا و كان سائر
الشرائط موجودا يكون مقتضى اطلاق الكتاب و السنة وجوب الحج عليه و ليس في
مقابله ما يدل على العدم فاللازم حينئذ الحكم بعدم الاجزاء.
الثانى: ما لو اعتقد كونه مستطيعا مالا فبان
الخلاف و قد سوى الماتن (قدس سره) بينه و بين الفرع الاول في الحكم بعدم
الاجزاء و لكن السيد (قدس سره) في العروة بعد الحكم في الفرع الاول بان الظاهر
بل المقطوع عدم اجزائه عن حجة الاسلام ذكر في هذا الفرع ان في اجزائه عن حجة
الاسلام و عدمه وجهين: من فقد الشرائط واقعا و من ان القدر المسلم من عدم اجزاء
حج غير المستطيع عن حجة الاسلام غير هذه الصورة.
و كانه (قدس سره) تخيل ان الحكم بعدم الاجزاء حكم مخالف للقاعدة يقتصر فيه على
المقدار الذى دل الدليل عليه و حيث ان الدليل في المقام هو الاجماع و هو دليل
لبى يقتصر فيه على القدر المسلم و هو ما إذا كان الحج المأتى به متصفا بعنوان
الاستحباب واقعا و اعتقادا و اما المقام الذى يكون الاعتقاد على خلاف الواقع
فلا يعلم بشمول الاجماع له فيحكم بالاجزاء على وفق القاعدة.
مع انك عرفت ان الحكم بعدم الاجزاء حكم موافق للقاعدة و منشأه اطلاق الكتاب و
السنة الحاكم بلزوم الحج على المستطيع و ان تحقق منه الحج قبل الاستطاعة
(الصفحة 259)
فالحكم بالاجزاء يحتاج الى دليل في مقابل القاعدة و المفروض انتفائه في المقام
فاللازم هو الحكم بالعدم كما في المتن.
الثالث: ما لو اعتقد عدم الضرر او الحرج
فبان الخلاف و الكلام في هذا الفرع تارة فى الحرج سواء كان من جهة المال او من
جهة غيره و اخرى في الضرر اما من جهة الحرج فاذا كان الحج مستلزما للحرج واقعا
و ان كان اعتقاده على خلافه فقد رجح في المتن عدم الكفاية بعد الاستشكال فيها و
الوجه فيه ان دليل نفى الحرج هل يكون رافعا لمجرد الوجوب و الالزام مع بقاء
الفعل على اصل المحبوبية و الرجحان او انه يرفع المجعول الشرعى الذى هو امر
بسيط لا تركيب فيه و يدل على عدم كون الوجوب مجعولا اصلا فاذا ارتفع بلسان عدم
الجعل لا دليل على ثبوت الرجحان و المحبوبية اصلا؟فان قلنا بالاول كما هو
المشهور بينهم من ان دليل نفى الحرج رخصة لا عزيمة فالظاهر هو الحكم بالاجزاء
عن حجة الاسلام كما استظهره السيد (قدس سره) في العروة و ان قلنا بالثانى كما
هو مختار الماتن (قدس سره) ظاهرا و قد اخترناه في كتابنا في القواعد الفقهية
فالظاهر هو الحكم بعدم الاجزاء.
ثم ان بعض الاعلام بعد ان استشكل على العروة بناء على المبنى الثانى اختار
الاجزاء و الكفاية نظرا الى عدم شمول مثل دليل نفى الضرر للمقام لانه امتنانى و
لا امتنان في الحكم بالبطلان بعد العمل قال: فما ذكره (قدس سره) من الاجزاء
صحيح لا لاجل ان دليل نفى الضرر لا ينفى المحبوبية بل لاجل عدم جريان دليل نفى
الضرر لكونه امتنانيا لا يشمل مثل الحكم بالبطلان و لا يعم ما إذا انكشف الخلاف
بعد العمل و يرد عليه ـ مضافا الى ان الجمع بين كون دليل نفى الحرج و كذا دليل
نفى الضرر رافعا لاصل المحبوبية و كون النفى فيهما بنحو العزيمة لا الرخصة و
بين كونهما في مقام الامتنان مما لا يتم فان الامتنان انما يناسب رفع الالزام و
الوجوب و لا يلائم رفع المحبوبية من رأس ـ اولا ان البطلان لا يكون مفاد
القاعدة بنحو
|